انثى برائحة الورد
02-22-2023, 12:43 PM
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا استأذَنَ أحدُكمْ ثلاثًًا فلمْ يُؤذَنْ لهُ، فلْيرجِعْ"،
وعن أبي سعيد الخُدْرِيِّ قال كنت في حلْقة
من حِلَق الأنصار، فجاءنا أبو موسي كأنه مذعور،
فقال: إن عمر أمرني أن آتيه، فاستأذنت ثلاثًا
فلم يُؤذن لي، فرجعت وقد قال ذلك رسول الله
صلى الله عليه وسلم: "إذا استأذَنَ أحدُكمْ ثلاثًًا فلمْ يُؤذَنْ
لهُ فلْيرجِعْ"، فقال: لَتجِيئَن بِبَيِّنَةٍ على الذي تقول
وإلا أوجعتك، فقال: أسْتَشْهِدُكم، فقال أُبيَّ بن كعب:
والله لا يقوم معك إلا أصغر القوم، فكنتُ أصغر القوم،
فقمتُ معه فأخبرت عمر أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال ذلك"[1].
عن عبيد بن عمير أن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه
استأذن على عمر رضي الله عنه ثلاث مرات،
فلم يُؤذن له فرجع، فقال: ألم أسمع صوت عبدالله
بن قيس آنفًا قالوا: بلى، قال: فاطلبوه فدُعي، فقال:
ما حملك على ما صنعت؟ قال: استأذنت
ثلاثًا فلم يُؤذن لي فرجعت.... إلخ.
أبو سعيد الخُدْرِيِّ: هو سعد بن مالك بن سِنان،
الأنصاري الْخَزْرَجي، اشتَهر بكُنْيته ونسبته حتى غَلَبا
على اسمه، رَوَى عن النبي صلى الله عليه وسلم كثيرًا،
ورَوَى عنه من الصحابة ابنُ عباس وابنُ عمر
وجابر وكثيرٌ غيرهم، ومن التابعين سعيد
بن الْمُسَيِّبِ ونافع مولى ابن عمر وطارق
بن شهاب وغيرهم، وكان من أَفْقِه أحداث[2]
الصحابة وعلمائهم، بايع تحت الشجرة،
وغزا مع النبي صلى الله عليه وسلم اثنى عشرة
غزوة أولها الخندق، وكان ممن حفظ عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم عِلْمًا جَمًا وسُننًا كثيرة،
وكان من فُضلاء الصحابة وعلمائهم،
وتوفِّي رضي الله عنه بالمدينة سنة أربع وسبعين 74
عن بضع وثمانين سنة، وقيل: توفِّي سنة، أو 63 64 أو 65[3].
أبو موسى الأشعري:
هو عبدالله بن قيس بن سليمان (وفي الهامش سليم)
بن حضَّار الأشعري، أبو موسى هاجر إلى الحبشة
وعَمل على زبيد [4] وعَدَن، ووُلِي الكوفة والبصرة،
روى عنه ابن المسيب وأبو وائل وأبو عثمان النهدي،
وخَلْقٌ كثير، تُوفي سنة 42 على خلاف في ذلك كثير،
وآخِر قولٍ أنه توفي سنة 53[5].
أُبَي بن كعب: ابن قيس الأنصاريّ الخَزْرَجيّ
أبو المنذر المَدَني سيد القراء، كتَب الوحي،
وشهد بدرًا وما بعدها... وروى عنه ابن عباس
وأنس وسهل بن سعد، وسويد بن علقمة وخَلْقٌ كثير،
وقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقرأ عليه
رضي الله عنه، وكان ممن جمع القرآن وله مناقب جَمَّة،
قِيل: توفي سنة 20 أو 22 أو 30 أو 32 أو 33.
تقديم:
روى مسلم هذا الحديث برواياته المتعددة التي تزيد على العشر:
رواها كلها في مكان واحد على عادته،
هو باب الاستئذان، (وظاهر بعض الروايات
التعارض أو التغاير؛ انظر: الفتح في حـ 13ص 264)،
وفي أَولاها إِجْمالٌ فَصَّلته بقيةُ الروايات.
ورواه البخاري في باب الخروج في التجارة من كتاب البيوع،
وفي باب التسليم والاستئذان ثلاثًا من كتاب الاستئذان،
وفي باب الحُجة على من قال: إن أحكام النبي
صلى الله عليه وسلم كانت ظاهرة، وما كان يغيب
بعضهم من مشاهدته وأمور الإسلام.
وفي الحديث دليلٌ على جواز تأخير الإذن
لمن استأذن إذا كان المُستأذن عليه مشغولًا
بأمر من أمور المسلمين ومصالحهم،
ولا سيما الوالي العادل، وربما قصد عمر رضي الله
عنه بتأخير الإذن تأديب أبي موسى رضى الله
عنه ليذيقه مشقة احتباس المستأذِن بالباب؛
لما بلغه أن أبا موسى رضي الله عنه قد
وقع منه هذا الاحتباس لبعض من استأذن عليه،
وكان واليًا في عهد عمر على الكوفة، ومع ذلك
اعتذر له بأنه كان في شغل بأمر من أمور المسلمين،
وفي اعتذاره هذا تخفيف لحِدة
الاحتباس ومشقته على أبي موسى.
وفيه إشارة إلى بعض السنن قد تخفى على بعض
الأكابر من الصحابة رضي الله عنهم،
وإذا وقع هذا لعمر رضي الله عنه مع جلالة
وشدة ملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم،
فما بالك بغير عمر!وفيه أن المُسْتَبحر في العلم
لا ينقص من قدره أنَّ من هو دونه علمًا وفضلًا
قد علم من بعض المسائل ما لم يعلم.
وفيه طلب التَثَبُّت في خبر الراوي الواحد لما يجوز
عليه من السهو أو الخطأ؛ كما تثبَّت عمر في رواية
أبي موسى برواية أبي سعيد الخُدْرِي ورواية أُبَي،
وليس هذا ردًّا لرواية الراوي الواحد، ولا طعنًا فيه
إذا كان ثقة، وإنما هو زيادة في الحيطة
كما بين ذلك النووي وابن حجر في شرح هذا الحديث.
ويؤخذ من مجموع روايات الحديث في مسلم
وغيره أن عمر أرسل إلى أبي موسى أن يحضر،
فحضر وجمع بين السلام والاستئذان ثلاثًا،
وسمعه عمر ومن معه في مجلسه، إلا أنه كان
مشغولًا بأمر من أمور المسلمين، فلم يأذن له،
وظن أن أبا موسى سيزيد في الاستئذان والسلام
على الثلاث، أو ينتظر حتى يفرغ من شغله،
ولكن أبا موسى انصرف مكتفيًا بسُنة الاستئذان،
كما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ومعتذرًا عن عمر بما كان فيه من الشغل،
فلما فرغ عمر طلب أبا موسى فلم يجده،
فأرسل إليه فرُبَّما أدركه الرسول ورُبما لم يُدركه،
وأيًّا ما كان الأمر فلم يعد أبو موسى إلا في اليوم الثاني،
فلما دخل على عمر أخبره بأنه سمعه واعتذر
له بما كان فيه من الشغل بأمر المسلمين
، فأخبره أبو موسى بأنه أدى السنة في الاستئذان ثم انصرف.
فطلب عمر البَينة من أبي موسى على حديث الاستئذان
الذي حدثه به، ثم قال لمن معه إن وجد أبو موسى البَينة،
فستجدونه عشية هذا اليوم عند منبر رسول الله
صلى الله عليه وسلم، وصدقت فَرَاسة عمر،
فوجد أبا موسى في حلْقة من حِلَق الأنصار
بالمسجد يشكو عمر ويقص عليهم قصته،
وفي الحلقة أُبَي وأبو سعيد الخُدْرِي، وهو أصغرهم سنًّا،
فأمره أُبَي أن يذهب إلى عمر ليؤدي الشهادة في سُنة الاستئذان،
ثم أداها أُبَي بنفسه عند عمر، وأضاف إليها شِدَّته
في خطاب عمر ووصية بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم،
حتى قال عمر بعد اقتناعه وطَمْأَنته بحديث الاستئذان
الذي غاب عنه أو سَهَا: سبحان الله إنما سمعت شيئًا،
فأحببت أن أَتثبت بعد أن قال لأبي سعيد وهو آسف:
خَفِيَ عليَّ هذا من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ألهاني عنه الصفق بالأسواق[6]!
[1] المسند والفتح حـ 17 ص 345
(باب الاستئذان ثلاث مرات، فإن لم يؤذن له فليرجع).
[2] الأحداث: جمع (حدث) وهو صغير السِّنِّ.
[3] انظر الإصابة 85/ح 3، والخلاصة 115،
والرائد 63، والشهاوي 252.
[4] زبيد مدينه في اليمن.
[5] انظر الشهاوي والرائد.
[6] تصافق البائعُ والمشتري: أتمَّا البيعَ والشِّراءَ.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا استأذَنَ أحدُكمْ ثلاثًًا فلمْ يُؤذَنْ لهُ، فلْيرجِعْ"،
وعن أبي سعيد الخُدْرِيِّ قال كنت في حلْقة
من حِلَق الأنصار، فجاءنا أبو موسي كأنه مذعور،
فقال: إن عمر أمرني أن آتيه، فاستأذنت ثلاثًا
فلم يُؤذن لي، فرجعت وقد قال ذلك رسول الله
صلى الله عليه وسلم: "إذا استأذَنَ أحدُكمْ ثلاثًًا فلمْ يُؤذَنْ
لهُ فلْيرجِعْ"، فقال: لَتجِيئَن بِبَيِّنَةٍ على الذي تقول
وإلا أوجعتك، فقال: أسْتَشْهِدُكم، فقال أُبيَّ بن كعب:
والله لا يقوم معك إلا أصغر القوم، فكنتُ أصغر القوم،
فقمتُ معه فأخبرت عمر أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال ذلك"[1].
عن عبيد بن عمير أن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه
استأذن على عمر رضي الله عنه ثلاث مرات،
فلم يُؤذن له فرجع، فقال: ألم أسمع صوت عبدالله
بن قيس آنفًا قالوا: بلى، قال: فاطلبوه فدُعي، فقال:
ما حملك على ما صنعت؟ قال: استأذنت
ثلاثًا فلم يُؤذن لي فرجعت.... إلخ.
أبو سعيد الخُدْرِيِّ: هو سعد بن مالك بن سِنان،
الأنصاري الْخَزْرَجي، اشتَهر بكُنْيته ونسبته حتى غَلَبا
على اسمه، رَوَى عن النبي صلى الله عليه وسلم كثيرًا،
ورَوَى عنه من الصحابة ابنُ عباس وابنُ عمر
وجابر وكثيرٌ غيرهم، ومن التابعين سعيد
بن الْمُسَيِّبِ ونافع مولى ابن عمر وطارق
بن شهاب وغيرهم، وكان من أَفْقِه أحداث[2]
الصحابة وعلمائهم، بايع تحت الشجرة،
وغزا مع النبي صلى الله عليه وسلم اثنى عشرة
غزوة أولها الخندق، وكان ممن حفظ عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم عِلْمًا جَمًا وسُننًا كثيرة،
وكان من فُضلاء الصحابة وعلمائهم،
وتوفِّي رضي الله عنه بالمدينة سنة أربع وسبعين 74
عن بضع وثمانين سنة، وقيل: توفِّي سنة، أو 63 64 أو 65[3].
أبو موسى الأشعري:
هو عبدالله بن قيس بن سليمان (وفي الهامش سليم)
بن حضَّار الأشعري، أبو موسى هاجر إلى الحبشة
وعَمل على زبيد [4] وعَدَن، ووُلِي الكوفة والبصرة،
روى عنه ابن المسيب وأبو وائل وأبو عثمان النهدي،
وخَلْقٌ كثير، تُوفي سنة 42 على خلاف في ذلك كثير،
وآخِر قولٍ أنه توفي سنة 53[5].
أُبَي بن كعب: ابن قيس الأنصاريّ الخَزْرَجيّ
أبو المنذر المَدَني سيد القراء، كتَب الوحي،
وشهد بدرًا وما بعدها... وروى عنه ابن عباس
وأنس وسهل بن سعد، وسويد بن علقمة وخَلْقٌ كثير،
وقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقرأ عليه
رضي الله عنه، وكان ممن جمع القرآن وله مناقب جَمَّة،
قِيل: توفي سنة 20 أو 22 أو 30 أو 32 أو 33.
تقديم:
روى مسلم هذا الحديث برواياته المتعددة التي تزيد على العشر:
رواها كلها في مكان واحد على عادته،
هو باب الاستئذان، (وظاهر بعض الروايات
التعارض أو التغاير؛ انظر: الفتح في حـ 13ص 264)،
وفي أَولاها إِجْمالٌ فَصَّلته بقيةُ الروايات.
ورواه البخاري في باب الخروج في التجارة من كتاب البيوع،
وفي باب التسليم والاستئذان ثلاثًا من كتاب الاستئذان،
وفي باب الحُجة على من قال: إن أحكام النبي
صلى الله عليه وسلم كانت ظاهرة، وما كان يغيب
بعضهم من مشاهدته وأمور الإسلام.
وفي الحديث دليلٌ على جواز تأخير الإذن
لمن استأذن إذا كان المُستأذن عليه مشغولًا
بأمر من أمور المسلمين ومصالحهم،
ولا سيما الوالي العادل، وربما قصد عمر رضي الله
عنه بتأخير الإذن تأديب أبي موسى رضى الله
عنه ليذيقه مشقة احتباس المستأذِن بالباب؛
لما بلغه أن أبا موسى رضي الله عنه قد
وقع منه هذا الاحتباس لبعض من استأذن عليه،
وكان واليًا في عهد عمر على الكوفة، ومع ذلك
اعتذر له بأنه كان في شغل بأمر من أمور المسلمين،
وفي اعتذاره هذا تخفيف لحِدة
الاحتباس ومشقته على أبي موسى.
وفيه إشارة إلى بعض السنن قد تخفى على بعض
الأكابر من الصحابة رضي الله عنهم،
وإذا وقع هذا لعمر رضي الله عنه مع جلالة
وشدة ملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم،
فما بالك بغير عمر!وفيه أن المُسْتَبحر في العلم
لا ينقص من قدره أنَّ من هو دونه علمًا وفضلًا
قد علم من بعض المسائل ما لم يعلم.
وفيه طلب التَثَبُّت في خبر الراوي الواحد لما يجوز
عليه من السهو أو الخطأ؛ كما تثبَّت عمر في رواية
أبي موسى برواية أبي سعيد الخُدْرِي ورواية أُبَي،
وليس هذا ردًّا لرواية الراوي الواحد، ولا طعنًا فيه
إذا كان ثقة، وإنما هو زيادة في الحيطة
كما بين ذلك النووي وابن حجر في شرح هذا الحديث.
ويؤخذ من مجموع روايات الحديث في مسلم
وغيره أن عمر أرسل إلى أبي موسى أن يحضر،
فحضر وجمع بين السلام والاستئذان ثلاثًا،
وسمعه عمر ومن معه في مجلسه، إلا أنه كان
مشغولًا بأمر من أمور المسلمين، فلم يأذن له،
وظن أن أبا موسى سيزيد في الاستئذان والسلام
على الثلاث، أو ينتظر حتى يفرغ من شغله،
ولكن أبا موسى انصرف مكتفيًا بسُنة الاستئذان،
كما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ومعتذرًا عن عمر بما كان فيه من الشغل،
فلما فرغ عمر طلب أبا موسى فلم يجده،
فأرسل إليه فرُبَّما أدركه الرسول ورُبما لم يُدركه،
وأيًّا ما كان الأمر فلم يعد أبو موسى إلا في اليوم الثاني،
فلما دخل على عمر أخبره بأنه سمعه واعتذر
له بما كان فيه من الشغل بأمر المسلمين
، فأخبره أبو موسى بأنه أدى السنة في الاستئذان ثم انصرف.
فطلب عمر البَينة من أبي موسى على حديث الاستئذان
الذي حدثه به، ثم قال لمن معه إن وجد أبو موسى البَينة،
فستجدونه عشية هذا اليوم عند منبر رسول الله
صلى الله عليه وسلم، وصدقت فَرَاسة عمر،
فوجد أبا موسى في حلْقة من حِلَق الأنصار
بالمسجد يشكو عمر ويقص عليهم قصته،
وفي الحلقة أُبَي وأبو سعيد الخُدْرِي، وهو أصغرهم سنًّا،
فأمره أُبَي أن يذهب إلى عمر ليؤدي الشهادة في سُنة الاستئذان،
ثم أداها أُبَي بنفسه عند عمر، وأضاف إليها شِدَّته
في خطاب عمر ووصية بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم،
حتى قال عمر بعد اقتناعه وطَمْأَنته بحديث الاستئذان
الذي غاب عنه أو سَهَا: سبحان الله إنما سمعت شيئًا،
فأحببت أن أَتثبت بعد أن قال لأبي سعيد وهو آسف:
خَفِيَ عليَّ هذا من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ألهاني عنه الصفق بالأسواق[6]!
[1] المسند والفتح حـ 17 ص 345
(باب الاستئذان ثلاث مرات، فإن لم يؤذن له فليرجع).
[2] الأحداث: جمع (حدث) وهو صغير السِّنِّ.
[3] انظر الإصابة 85/ح 3، والخلاصة 115،
والرائد 63، والشهاوي 252.
[4] زبيد مدينه في اليمن.
[5] انظر الشهاوي والرائد.
[6] تصافق البائعُ والمشتري: أتمَّا البيعَ والشِّراءَ.