المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صِــدْقُــه صلى الله عليه و سلم وَأَمَانَـتُه


مستريح البال
03-15-2023, 07:59 PM
اشْتُهِر النَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم قَبلَ الْبَعثَةِ فِي قَوْمِه بِالصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ، وَكَان يُعْرَفُ بَينهُم بِالْأَمِين، وَهُو لَقَبٌ لَا يتَّصِف بِه إِلَّا مَنْ بَلَغَ الغَايَةَ فِي الصِّدقِ وَالْأَمَانَةِ وَغَيْرِهما مِنْ خِصَال الخَيْرِ.

وَقَدْ شَهِدَ لَهُ صلى الله عليه و سلم أَعداؤُه بِذَلِك. فَهَذَا أَبُو جَهْلٍ كَانَ مَعَ بُغْضِه للنَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم وَتَكْذِيبه لَهُ يَعْلَم أَنَّه صَادِقٌ، وَلِذَلِكَ لَـما سَأَلَهُ رَجُلٌ: هَلْ مُحَمَّدٌ صَادِقٌ أَمْ كَاذِبٌ؟ قَالَ لَهُ: وَيْحَكَ! وَاللهِ إِنَّ مُحَمَّدًا لَصَادِقٌ، وَمَا كَذبَ مُحَمَّدٌ قَطُّ، وَلَكِنْ إِذَا ذَهبتْ بَنُو قُصَيّ بِالِّلوَاءِ وَالسِّقَايَةِ، وَالحجَابَةِ وَالنُّبُوَّةِ، فَمَاذا يَكُونُ لِسَائِر قُرَيْشٍ؟!

وَهَذَا أَبُو سُفْيَانَ وَكَانَ –قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ - مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَدَاوةً لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم لَما سَأَلهُ هِرَقْلُ فَقَالَ لَهُ: هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَه بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُول مَا قَالَ؟

فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: لَا.

فَقَالَ هِرَقْلُ: وَسَألتُكَ هَلْ كُنتُمْ تَتَّهِمُونَه بِالْكَذِب قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ فَذَكْرتَ أَنْ لَا. فَقَدْ عَرَفتُ أَنَّه لَمْ يَكُنْ لِيَذَرَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ، وَيَكْذِبَ عَلَى اللهِ.

وَهَذِه خَدِيجةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا لَـما جَاءَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم يَرْتَجفُ وَيقُولُ: "زَمِّلُونِي دَثِّرُونِي"، وَذَلِك إِثْرَ نُزُولِ الْوَحْيِ عَلَيْهِ بِغَارِ حِرَاءٍ، قَالَتْ لَه: أَبْشِر كَلَّا وَاللهِ، لَا يُخْزِيكَ اللهُ أَبدًا؛ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُق الحدِيثَ..."[متفق عليه].

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسِ رَضِي اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَـمَّا نَزَلَتْ: وَأَنذِرۡ عَشِيرَتَكَ ٱلۡأَقۡرَبِينَ [الشعراء: 214]خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه و سلم حَتَّى صَعِد الصَّفَا، فَهَتفَ: "يَا صَبَاحاهُ"فَقَالُوا: مَنْ هَذَا؟ فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، فَقَالَ: "أَرَأَيْتُم إِنْ أَخْبَرتُكمْ أَنَّ خَيْلاً بِالوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيّ؟"قَالُوا: نَعَمْ مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلَّا صِدْقًا. قَالَ: "فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدِي عَذَابٍ شَدِيدٍ"[متفق عليه].

إِنَّ صِدْقَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم وَأَمَانتَه قَدْ جَعلَتِ المشْرِكِينَ يَتَخبَّطُونَ فِي الحُكْمِ عَلَيْهِ، فَمَرَّةً يَقُولُون: سَاحِرٌ كَذَّابٌ، وَمَرَّةً يقُولونَ شَاعِرٌ، وَمَرَّةً يقُولونَ كَاهِنٌ, ومَرَّةً يقُولونَ مَجْنُونٌ, وَكَانوا يَتَلَاوَمُون فِي ذَلِك، لأنَّهمْ يَعلَمُون جَمِيعًا بَراءَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم مِنْ هَذِه الْأَوْصَافِ وَالْأَلْقَابِ الذَّمِيمَةِ.

فَهذَا النَّضْرُ بْنُ الحارِثِ الَّذِي بَالَغَ فِي إِيذَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم قَالَ لِقُريشٍ: يَا مَعْشرَ قُرَيشٍ! إِنَّه –وَاللهِ –قَدْ نَزَلَ بِكُمْ أَمرٌ مَا ابتُلِيتُم بِمثلِه؛ لَقدْ كَانَ مُحمدٌ فِيكُمْ غلامًا حَدَثًا، أَرْضَاكم عَقْلاً، وَأَصْدَقَكُم حَدِيثًا، وَأَعْظَمَكُم أَمَانَةً، حَتّى إِذَا رأيتُمْ فِي صِدْغَيهِ الشِّيبَ، وَجَاءكُمْ بِمَا جَاءَكُمْ بِه قُلتُم سَاحِرٌ، لَا –واللهِ –مَا هُوَ بِسَاحِرٍ. وَقُلْتُمْ كَاهِنٌ، لَا وَاللهِ مَا هُوَ بِكاهنٍ. وَقُلْتُمْ شَاعِرٌ, وقلتُمْ مَجنونٌ, ثُمَّ قَالَ: يَا مَعْشَر قُرَيشٍ! انْظُرُوا فِي شأنِكُم, فَإِنَّه –واللهِ –لَقَدْ نَزَلَ بِكُمْ أَمْرٌ عَظِيمٌ.

وَأَمَّا أمانةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم فَإِنَّهَا كانَتْ سَببًا مُبَاشِرًا فِي رَغْبَةِ خَدِيجةَ رَضِي اللهُ عَنْها أَنْ تَكُونَ زَوْجةً للنَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم حَيْثُ كَانَ يُشْرِفُ عَلى تَجَارَتِهَا بالشَّامِ، وَقَدْ عَلِمتْ مِنْ غُلَامِها مَيْسَرةَ مَا بَهَرهَا مِن أَمانَتِه وَكَرِيمِ أَخْلَاقِه صلى الله عليه و سلم.

وَمِنْ أَمَانَتِه صلى الله عليه و سلم أَنَّ مُشْرِكي قُرَيشٍ –مَعَ كُفْرِهِمْ بِه وتكْذِيبِهمْ لَهُ –كَانُوا يَضعُون عِنْدَه أَمْوالَهم، وَيَستأْمِنُونَه عَلَيْهَا، وَلمّا أَذِنَ اللهُ تَعالى لَهُ بالهجْرَةِ إِلَى المدِينَةِ خَلَّف النَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم عَليًّا رضي الله عنه فِي مَكَّة لِتَسْلِيم الْأَمَانَاتِ إِلَى أهلِها.

إِنَّ أَعْظَم الأَمَانَاتِ الَّتِي تحمَّلَها النبيُّ صلى الله عليه و سلم وَأَدَّاهَا أَحْسَن الْأَدَاءِ وَأكملَه هِي أمانةُ الوَحْيِ وَالرِّسَالةِ الَّتِي كَلَّفَهُ اللهُ تَعَالَى بِتَبلِيغِها للنَّاسِ, فَبلَّغَ النبيُّ صلى الله عليه و سلم الرِّسَالةَ أعْظَم البَلاغِ، وَأَدَّى الأمَانَةَ أعْظَمَ الأَداءِ، وَجَاهَدَ أَعْدَاء اللهِ تَعالى بالحُجَّةِ والبَيَانِ، وَالسَّيفِ والسِّنانِ, فَفَتحَ اللهُ بِه الفُتوحَ، وَشرحَ لدعْوَتِه صُدورَ المؤمِنينَ, فَآمَنُوا بِه وَصَدَّقُوهُ ونَصرُوهُ وآزَرُوهُ، حَتَّى علتْ كَلِمةُ التَّوْحِيدِ، وانْتَشرَ الْإِسلامُ فِي مَشَارِق الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا، فَلَمْ يَبْقَ بَيتُ مَدَرٍ ولا وَبَرٍ إِلَّا أَدخلَه اللهُ تَعالى هَذَا الدينَ. فَصلواتُ اللهِ وسلامُه عَلى الصَّادِق الأمِينِ الَّذِي جَاهَدَ في اللهِ حقَّ جِهادِه حَتّى أَتاهُ الْيقِينُ.

نهيان
03-16-2023, 07:50 AM
جزاكـ الله بخيـــــر الجزاء
والدرجة الرفيعه من الجنه
باركـ الله فيكـ ونفع بكـ
وجعله في ميزان حسناتكـ

انثى برائحة الورد
03-16-2023, 12:05 PM
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما

عطر الزنبق
03-18-2023, 09:27 PM
بارك الله فيك
وجزاك كل الخير
على طرحك القيم
وجعله بموازين حسناتك
وأظلك الله يوم لا ظل الا ظله
حفظك الرحمن

عاشق الغاليه
03-20-2023, 02:05 PM
هناك إناس يمتلكون آقلام فريده ومميزه
يبهروننا بكل جديد لهم
ويسعدون العين قبل القلب بطرحهم
من المواضيع والكتابات الراقيه
يجعلون آقلامهم تنثر درر على وريقاتهم
هنيئاً لنا فيكم وفي ابداعاتكم الرائعه والمميزه
هنيئاً لنا بشخصكِم الكريم
دوم طرحكِم راقي ومبدع يالغالين
دام قلمكِم يخط ويبهرنا ويسعدنا بجديدكِم
تقبلو مروري المتواضع

كنت هنا

عاشق الغاليه

جولار
03-28-2023, 10:55 PM
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما

شايان
03-29-2023, 02:27 AM
جزاك الْلَّه خَيْر الْجَزَاء
وَشُكْرَا لَطـــرَحُك الْهَادَف وَإِخْتِيارِك الْقَيِّم
رِزْقِك الْمَوْلَى الْجِنـــــــــــــة وَنَعِيْمَهَا
وَجَعَلـ مَا كُتِب فِي مَوَازِيّن حَســــنَاتك
وَرَفَع الْلَّه قَدْرَك فِي الْدُنَيــا وَالْآخــــرَّة وَأَجْزَل لَك الْعَطـــاء
الْلَّه يُعْطِيـــــك الْعــافِيَّة

كُـيرازْ
12-17-2023, 01:21 PM
جزاگ اللهُ خَيرَ الجَزاءْ..
جَعَلَهُا آلله في مُيزانَ آعمآلَگ
دَآمَ لَنآ عَطآئُگ