عطر الزنبق
11-15-2023, 02:38 AM
ستارة الضمير.
لم يشعر يوما بأنه وحيد ومهمل وفي حالة تدعو إلى الرياء ,
مثلما شعر عندما أصيب بنزلة صدرية شديدة قبل أيام , وكانت هناك طبول تدق في رأسه , وبخار يتصاعد من رئتيه , ودموع حارقة تشوي جفنيه , وسعال جاف لا يتوقف ويشق صدره شقا .
قال لي انه شعر بالخوف , رغم علمه إنها وعكة طارئة ,
ورغم ثقته بصحته وسبابه وصلابة عوده , شعر بالخوف
لأنه لم يكن في حاجة إلى الطبيب , والى الدواء فحسب ,
فهذان موجودان حسب الطلب , لكنه احتاج إلى كف حانية تمسح جبينه , والى عينين تدللانه مثل طفل صغير .
والحقيقة انه لم يكن وحيدا , فقد كانت والدته العجوز تجلسعند رأسه , وشقيقاته يلبين طلباته وينفذن أوامر الطبيب ,ويسقينه الدواء في مواعيده و(الشوربة ) في أوقاتها , لكنه كان يحتاج إلى امرأة أخرى , تندس إلى جواره في فراش المرض , وتأخذ رأسه المحموم إلى صدرها , وتقول له( روحي فداك ) .
طافت في باله كل وجوه الفتيات اللواتي تعلق بهن ,
ثم هرب منهن , لم يكن يحب الارتباط , وكان حريصا
على حريته , يظن أن كل واحدة من عازبات العالم
تنصب له فخا , ولكي توقع به وتسحب قديمه إلى
بيت الطاعة , كان يعلم أنه سيتزوج يوما ما , لا محالة ,
ولكنه كان يؤجل تلك الخطوة , ففي العمر متسع , وفي الحياة متع ولذائذ كثيرة , تنتظر أن تُقطف , وهو لم يشبع منها بعد .
لكنه حزين ووحيد مثل جورب مستعمل , على فراش المرض ,مثل طفل لا حول له ولا قوة , هدت الأنفلونزا حيله ووضعته وجها لوجه أمام الحقيقة , أمام كونه أنسانا هشا , يريد كيانا أخر حميما يستند إليه .
لم تشفع له النزوات ولا أصدقاء الليالي السعيدة , لم تشفع له عضلاته التي يربيها ثلاث مرات في الأسبوع , في نادي اللياقة الصحية , لم تشفع له عبارات التودد والمجاملة , التي يحفظها بالأطنان عن ظهر قلب , ويرددها صباحا ومساء , إن لسانه عاجز عن الحركة ,
وكل ما فيه عاجز عن الحركة , وهو يريدها ,
تلك المرأة التي كان يهرب منها ويتصورها قفصا جميلا متحركا .
أعلم انه سيقوم من فراش المرض كحصان بري , وسيرمي علب الأدوية والمسكنات في سلة المهملات , وستستعيد عيناه شقاوتهما ,وسيعدو إلى سابق عهده في الذلاقة والتودد والتقرب من الحسناوات , لكن هل سينسى هذه
( الوقعة ) التي هزت أركان قناعاته ؟؟
طرحتُ عليه السؤال , فسكت ولم يجب , واعتبرت سكوته علامة ايجابية على انه استوعب أمورا جديدة , وانه أدرك إن عليه اللحاق بالزمن قبل فوات الأوان , وان الأربعين ليست قمة الشباب , بل بداية الانحدار إلى الجانب الأخر من الهضبة , ورغم أن صديقا
في مثل حالته يحتاج إلى التفهم والتشجيع , فقد وجدت
نفسي أطلق , فجأة , قهقهة مرتاحة , على سبيل السخرية
منه , والتشفي , هاهو الطود الشامخ يجلس محبطا أمامي
مثل جرذ حقير.
أعدت تذكيره بآلاف المرات التي كان يسخر فيها من عباد اله , الساعين إلى الزواج , وبملايين النكات التي كان يرددها في هجاء الزواج , كلما ألمحت له إلى اؤلئك المسكينات , اللواتي كان يستميلهن ثم يغدر بهن , كان مرتاعا وأزيد من خوفه , إن حرك ستارة ضميره ,
المسدلة على الكثير من المباذل , ان استغل لحظة ضعه خير استغلال , فهل أنت شخص تنتقم من نفسك في شخصه ؟؟.
لم يشعر يوما بأنه وحيد ومهمل وفي حالة تدعو إلى الرياء ,
مثلما شعر عندما أصيب بنزلة صدرية شديدة قبل أيام , وكانت هناك طبول تدق في رأسه , وبخار يتصاعد من رئتيه , ودموع حارقة تشوي جفنيه , وسعال جاف لا يتوقف ويشق صدره شقا .
قال لي انه شعر بالخوف , رغم علمه إنها وعكة طارئة ,
ورغم ثقته بصحته وسبابه وصلابة عوده , شعر بالخوف
لأنه لم يكن في حاجة إلى الطبيب , والى الدواء فحسب ,
فهذان موجودان حسب الطلب , لكنه احتاج إلى كف حانية تمسح جبينه , والى عينين تدللانه مثل طفل صغير .
والحقيقة انه لم يكن وحيدا , فقد كانت والدته العجوز تجلسعند رأسه , وشقيقاته يلبين طلباته وينفذن أوامر الطبيب ,ويسقينه الدواء في مواعيده و(الشوربة ) في أوقاتها , لكنه كان يحتاج إلى امرأة أخرى , تندس إلى جواره في فراش المرض , وتأخذ رأسه المحموم إلى صدرها , وتقول له( روحي فداك ) .
طافت في باله كل وجوه الفتيات اللواتي تعلق بهن ,
ثم هرب منهن , لم يكن يحب الارتباط , وكان حريصا
على حريته , يظن أن كل واحدة من عازبات العالم
تنصب له فخا , ولكي توقع به وتسحب قديمه إلى
بيت الطاعة , كان يعلم أنه سيتزوج يوما ما , لا محالة ,
ولكنه كان يؤجل تلك الخطوة , ففي العمر متسع , وفي الحياة متع ولذائذ كثيرة , تنتظر أن تُقطف , وهو لم يشبع منها بعد .
لكنه حزين ووحيد مثل جورب مستعمل , على فراش المرض ,مثل طفل لا حول له ولا قوة , هدت الأنفلونزا حيله ووضعته وجها لوجه أمام الحقيقة , أمام كونه أنسانا هشا , يريد كيانا أخر حميما يستند إليه .
لم تشفع له النزوات ولا أصدقاء الليالي السعيدة , لم تشفع له عضلاته التي يربيها ثلاث مرات في الأسبوع , في نادي اللياقة الصحية , لم تشفع له عبارات التودد والمجاملة , التي يحفظها بالأطنان عن ظهر قلب , ويرددها صباحا ومساء , إن لسانه عاجز عن الحركة ,
وكل ما فيه عاجز عن الحركة , وهو يريدها ,
تلك المرأة التي كان يهرب منها ويتصورها قفصا جميلا متحركا .
أعلم انه سيقوم من فراش المرض كحصان بري , وسيرمي علب الأدوية والمسكنات في سلة المهملات , وستستعيد عيناه شقاوتهما ,وسيعدو إلى سابق عهده في الذلاقة والتودد والتقرب من الحسناوات , لكن هل سينسى هذه
( الوقعة ) التي هزت أركان قناعاته ؟؟
طرحتُ عليه السؤال , فسكت ولم يجب , واعتبرت سكوته علامة ايجابية على انه استوعب أمورا جديدة , وانه أدرك إن عليه اللحاق بالزمن قبل فوات الأوان , وان الأربعين ليست قمة الشباب , بل بداية الانحدار إلى الجانب الأخر من الهضبة , ورغم أن صديقا
في مثل حالته يحتاج إلى التفهم والتشجيع , فقد وجدت
نفسي أطلق , فجأة , قهقهة مرتاحة , على سبيل السخرية
منه , والتشفي , هاهو الطود الشامخ يجلس محبطا أمامي
مثل جرذ حقير.
أعدت تذكيره بآلاف المرات التي كان يسخر فيها من عباد اله , الساعين إلى الزواج , وبملايين النكات التي كان يرددها في هجاء الزواج , كلما ألمحت له إلى اؤلئك المسكينات , اللواتي كان يستميلهن ثم يغدر بهن , كان مرتاعا وأزيد من خوفه , إن حرك ستارة ضميره ,
المسدلة على الكثير من المباذل , ان استغل لحظة ضعه خير استغلال , فهل أنت شخص تنتقم من نفسك في شخصه ؟؟.