عطر الزنبق
08-23-2024, 09:15 PM
الوشاح الازرق .
وقف صالح وحيدا على قارعة الطريق ينتظر وصول الحافلة ...حائرا متوثر الأعصاب بسبب مشادة كلامية مع اخيه الأكبر حول الإرث...أخرج من محفظته قلما وانهمك في دراسة دالّة رياضية بمجهولين...
وقفت هي الأخرى وعلى ظهرها محفظة جلدية وخمارها الأزرق يغطي خصلات شعرها ...نظرة خاطفة بريئة..رفرف القلب لكن لا مناص من كبح جماح المشاعر الآن...
بعد حوالي ساعة توقفت سيارة مرقمة بالخارج،نزل منها شاب وتوجه مباشرة نحو الشابة ،لم يكترث لذلك وتابع رسم مُنحنيات الدالة التي تشبه مُنعرجات حياته ،وبعد هنيهة ، صاحت التلميذة بقوة بعد أن بدأ الشاب يسحبها نحو السيارة وقالت :ابتعد عنّي....
قام صالح من مكانه وكأنه مِرجل يغلي وتوجه الى الشاب :
ألم تقل لك ابتعد ؟وبدأ العراك بينهما ...اخرج صاحب السيارة سكينا ووجه ضربة الى غريمه غير أن هذا الأخير كان سريع الحركة ...جرح غائر على مستوى العضد لليد اليسرى...
هرب الجاني وبقي صالح ينظر الى الأرض والدم ينزف...اقتربت الشابة منه في خجل وهي ترتجف وضمّدت الجرح بوشاحها الأزرق فلاحظت بجوار الجرح شامة كبيرة سوداء ...شاع الخبر وانتقل صالح الى المستشفي عوض الثانوية ...وتمرّ الأيام والسنين بحلوها ومرّها ويتعين صالح أستاذا بالجنوب المغربي ....لم ينس صالح ذاك اليوم العصيب وتلك الشابة صاحبة الوشاح الأزرق ...
اليوم أول يوم العطلة الربيعية -النظام القديم-عزم صالح أن يعود الى بلدته ضواحي مراكش لزيارة أقاربه .لاحظ بأن الجو أصبح مكفهرّا ومع ذلك تابع السير ...وبعد هنيهة احسّ باهتزاز في السيارة ....انفصلت العجلة وانحرفت السيارة واستقرّت في قعر الواد ...
استفاق صالح من غيبوبته ذات صباح والممرض يتفحص جراحة ...آلام مبرحة ..كدمات وكسور وضمادات ورجل معلّقة ويد مربوطة ...نزلت دمعة ساخنة على خذ صالح ولم يستطع كبحها..
_الحمد لله على سلامتك يا أستاذ ..!
-الحمد لله شكرا...أين أنا؟
-انت بالمستشفى.....منذ ثلاثة أيام ...!
-ثلاثة أيام ...؟
أي نعم ..انتبه لرأسك ولا تتحرك كثيرا فإنك مصاب بارتجاج في المخ ...
-آمنت بالله ...
كيف حالك اليوم :يقول الطبيب المعالج مبتسما ؟
-الحمد لله يا دكتور .
صالح لم يسأل عن السيارة أو عن أغراضه ولكن سأل فقط عن محفظته الجلدية التي كانت لا تفارقه .محفظتك بجانبك يا صالح يقول الممرض مغادرا الغرفة وراء الطبيب ...
وبعد هنيهة عاد اليه الطبيب بنفسة وأخبره بأن لجنة طبية من جميع التخصصات آتية من الرباط لزيارة المستشفى وسوف يفحصه أحد الأطباء المتخصصين في العظام لإطمئنان عليه ..
حسنا يا دكتور لا مانع عندي ...
دخلت اللجنة الطبية على حين غرة وصالح يدوّن في مذكرته ما تعرّض له كعادته ....
-عينان تنظران إليه بإستغراب ..طأطأ رأسه خجلا..واستغفر ربّه ..الطبيبة تتفحّص بطاقة المريض ثم تعيد قراءة البيانات والملاحظات ..ظنون ...شكوك ...غير ممكن ...اقتربت من صالح قائلة: الحمد لله على سلامتك ..ستكون بخير ..أخذت بيد المريض لتفحص الكسر ......
الشامة...الشامة ...اليد اليسرى ...ارتبكت وصالح ينظر اليها باستغراب .
-أين مسقط رأسك يا أستاذ ؟
- سؤال غريب ...
-أجابها بدون تردد من .....
-حسنا أيها الرجل الشهم ...
-شهم...هشّمت أطرافي من فرط شهامتي وضحك..
- أخذت كرسيا وجلست بجانبه ..
-عجبا أشمّ راحة العطر ...عطر الوشاح ..حاول صالح الوقوف فقالت له : على رسلك يا صالح.
-سلمت أيها الشهم ...لم أنس صنيعك النبيل ذلك اليوم الذي أنقدتني فيه ...
- لم أفرط يوما في وشاحك الأزرق ثم أخرجه من محفظته والعطر يفوح منه....
بقلم :أحمد خوية.
وقف صالح وحيدا على قارعة الطريق ينتظر وصول الحافلة ...حائرا متوثر الأعصاب بسبب مشادة كلامية مع اخيه الأكبر حول الإرث...أخرج من محفظته قلما وانهمك في دراسة دالّة رياضية بمجهولين...
وقفت هي الأخرى وعلى ظهرها محفظة جلدية وخمارها الأزرق يغطي خصلات شعرها ...نظرة خاطفة بريئة..رفرف القلب لكن لا مناص من كبح جماح المشاعر الآن...
بعد حوالي ساعة توقفت سيارة مرقمة بالخارج،نزل منها شاب وتوجه مباشرة نحو الشابة ،لم يكترث لذلك وتابع رسم مُنحنيات الدالة التي تشبه مُنعرجات حياته ،وبعد هنيهة ، صاحت التلميذة بقوة بعد أن بدأ الشاب يسحبها نحو السيارة وقالت :ابتعد عنّي....
قام صالح من مكانه وكأنه مِرجل يغلي وتوجه الى الشاب :
ألم تقل لك ابتعد ؟وبدأ العراك بينهما ...اخرج صاحب السيارة سكينا ووجه ضربة الى غريمه غير أن هذا الأخير كان سريع الحركة ...جرح غائر على مستوى العضد لليد اليسرى...
هرب الجاني وبقي صالح ينظر الى الأرض والدم ينزف...اقتربت الشابة منه في خجل وهي ترتجف وضمّدت الجرح بوشاحها الأزرق فلاحظت بجوار الجرح شامة كبيرة سوداء ...شاع الخبر وانتقل صالح الى المستشفي عوض الثانوية ...وتمرّ الأيام والسنين بحلوها ومرّها ويتعين صالح أستاذا بالجنوب المغربي ....لم ينس صالح ذاك اليوم العصيب وتلك الشابة صاحبة الوشاح الأزرق ...
اليوم أول يوم العطلة الربيعية -النظام القديم-عزم صالح أن يعود الى بلدته ضواحي مراكش لزيارة أقاربه .لاحظ بأن الجو أصبح مكفهرّا ومع ذلك تابع السير ...وبعد هنيهة احسّ باهتزاز في السيارة ....انفصلت العجلة وانحرفت السيارة واستقرّت في قعر الواد ...
استفاق صالح من غيبوبته ذات صباح والممرض يتفحص جراحة ...آلام مبرحة ..كدمات وكسور وضمادات ورجل معلّقة ويد مربوطة ...نزلت دمعة ساخنة على خذ صالح ولم يستطع كبحها..
_الحمد لله على سلامتك يا أستاذ ..!
-الحمد لله شكرا...أين أنا؟
-انت بالمستشفى.....منذ ثلاثة أيام ...!
-ثلاثة أيام ...؟
أي نعم ..انتبه لرأسك ولا تتحرك كثيرا فإنك مصاب بارتجاج في المخ ...
-آمنت بالله ...
كيف حالك اليوم :يقول الطبيب المعالج مبتسما ؟
-الحمد لله يا دكتور .
صالح لم يسأل عن السيارة أو عن أغراضه ولكن سأل فقط عن محفظته الجلدية التي كانت لا تفارقه .محفظتك بجانبك يا صالح يقول الممرض مغادرا الغرفة وراء الطبيب ...
وبعد هنيهة عاد اليه الطبيب بنفسة وأخبره بأن لجنة طبية من جميع التخصصات آتية من الرباط لزيارة المستشفى وسوف يفحصه أحد الأطباء المتخصصين في العظام لإطمئنان عليه ..
حسنا يا دكتور لا مانع عندي ...
دخلت اللجنة الطبية على حين غرة وصالح يدوّن في مذكرته ما تعرّض له كعادته ....
-عينان تنظران إليه بإستغراب ..طأطأ رأسه خجلا..واستغفر ربّه ..الطبيبة تتفحّص بطاقة المريض ثم تعيد قراءة البيانات والملاحظات ..ظنون ...شكوك ...غير ممكن ...اقتربت من صالح قائلة: الحمد لله على سلامتك ..ستكون بخير ..أخذت بيد المريض لتفحص الكسر ......
الشامة...الشامة ...اليد اليسرى ...ارتبكت وصالح ينظر اليها باستغراب .
-أين مسقط رأسك يا أستاذ ؟
- سؤال غريب ...
-أجابها بدون تردد من .....
-حسنا أيها الرجل الشهم ...
-شهم...هشّمت أطرافي من فرط شهامتي وضحك..
- أخذت كرسيا وجلست بجانبه ..
-عجبا أشمّ راحة العطر ...عطر الوشاح ..حاول صالح الوقوف فقالت له : على رسلك يا صالح.
-سلمت أيها الشهم ...لم أنس صنيعك النبيل ذلك اليوم الذي أنقدتني فيه ...
- لم أفرط يوما في وشاحك الأزرق ثم أخرجه من محفظته والعطر يفوح منه....
بقلم :أحمد خوية.