المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سيرة الصحابية الجليلة/10/خولة بنت ثلعبة


ناطق العبيدي
09-14-2024, 01:48 PM
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
خولة بنت ثعلبة - رضى الله تعالى عنها
نسبها وقبيلته :
خولة بنت ثعلبة ، ويقال خويلة ، و خولة أكثر .وقيل : خولة بنت حكيم ، و قيل خولة بنت مالك بن ثعلبة بن أصرم بن فهر بن ثعلبة .
أهم ملامح شخصيتها :
1- التقوى والخوف من الله وتحري الأحكام الشرعية
ويظهر ذلك من موقفها مع زوجها عندما أراد أن يجامعها ؛
ففي ذات يوم حدث حادث بين الزوجين السعيدين شجار بينهما
لم يستطع أي أحد منهما تداركه، فقال لها أوس : أنت عليَّ كظهر أمي .
فقالت : والله لقد تكلمت بكلام عظيم ، ما أدري مبلغه .
ومظاهرة الزوج لزوجته تعني أن يحرمها على نفسه ،
وبذلك القسم يكون قد تهدم البيت الذي جمعهما سنين طويلة ،
وتشتت الحب والرضا اللذين كانا ينعمان بهما .
وسلم كل منهما للواقع بالقسم الجاهلي الذي تلفظ به الزوج لزوجته ،
ولكن بعد التفكير العميق الذي دار في رأس خولة ،
قررت أن تذهب إلى رسول الله ، وكيف لا وهي تعيش في مدينته ،
وهي قريبة منه وبجواره . وعندما ذهبت إليه وروت المأساة التي حلت بعش الزوجية السعيد،
طلبت منه أن يفتيها كي ترجع إلى زوجها ، ويعود البيت الهانئ
لما كان عليه دومًا في السابق ، و يلتم شمل الأسرة السعيدة .
2- الجرأة في الحق
ونرى ذلك في حوارها مع عمر بن الخطاب ، فقد خرج عمر من المسجد ومعه الجارود العبدي ،
فإذا بامرأة برزت على ظهر الطريق ، فسلم عليها عمر فردت عليه السلام ،
وقالت : هيهات يا عمر ، عهدتك وأنت تسمى عميرًا في سوق عكاظ ترعى الضأن بعصاك ،فلم تذهب الأيام حتى سميت عمر ، ثم لم تذهب الأيام حتى سميت أمير المؤمنين ،فاتق الله في الرعية ، واعلم أنه من خاف الوعيد قرب عليه البعيد ،ومن خاف الموت خشي عليه الفوت .
فقال الجارود : قد أكثرت أيتها المرأة على أمير المؤمنين .
فقال عمر : دعها ، أما تعرفها ، فهذه خولة بنت حكيم امرأة عبادة بن الصامت ،
التي سمع الله قولها من فوق سبع سموات ، فعمر والله أحق أن يسمع لها [1] .
3- بلاغة خولة بنت ثعلبة وفصاحة لسانهاتبين ذلك من خلال موقفها مع رسول الله عندما جادلته بعد أن ظنت أنها ستفترق عن زوجها ،وتبيينها سلبيات هذا التفريق على الأولاد والبيت .
من مواقفها مع الرسول :
لخولة بنت ثعلبة - رضي الله عنها - حوار قد تجلى فيه قمة التأدب
مع الرسول والمراقبة والخوف من الله ؛
وهو ما كان يهدف الوصول إليه رسول الله ؛ وهو حوار الظهار .
عن خولة بنت ثعلبة قالت : فيَّ والله وفي أوس بن الصامت أنزل الله صدر سورة المجادلة .
قالت : كنت عنده وكان شيخًا كبيرًا قد ساء خلقه .
قالت : فدخل عليَّ يومًا ، فراجعته بشيء فغضب فقال : أنت عليَّ كظهر أمي .
قالت : ثم خرج فجلس في نادي قومه ساعة ،ثم دخل عليَّ فإذا هو يريدني عن نفسي . قالت : قلت : كلا والذي نفس خولة بيده،لا تخلص إليَّ وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه .
قالت : فواثبني فامتنعت منه ، فغلبته بما تغلب به المرأة الشيخ الضعيف ،
فألقيته عني . قالت : ثم خرجت إلى بعض جاراتي فاستعرت منها ثيابًا ،
ثم خرجت حتى جئت إلى رسول الله ، فجلست بين يديه فذكرت له ما لقيت منه ،وجعلت أشكو إليه ما ألقى من سوء خلقه .
قالت: فجعل رسول الله يقول :
( يا خويلة ، ابن عمك شيخ كبير ، فاتقي الله فيه )
قالت : فوالله ما برحت حتى نزل فيَّ قرآن ،
فتغشى رسول الله ما كان يتغشاه ثم سري عنه، فقال لي :( يا خويلة ، قد أنزل الله فيك وفي صاحبك قرآنًا. ثم قرأ عليَّ{ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ *
الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ
إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ *
وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ
مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ *
فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ
فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ }[المجادلة: 1-4] .
قالت: فقال لي رسول الله :( مريه فليعتق رقبة )
قالت : فقلت يا رسول الله ، ما عنده ما يعتق .
قال :( فليصم شهرين متتابعين )
قالت : فقلت : والله إنه لشيخ كبير، ما به من صيام.
قال:( فليطعم ستين مسكينًا وسقًا من تمر )

قالت : فقلت : والله يا رسول الله ، ما ذاك عنده .
قالت : فقال رسول الله :
( فإنا سنعينه بعرق من تمر )

قالت: فقلت يا رسول الله ، وأنا سأعينه بعرق آخر .
قال :( قد أصبت وأحسنت ، فاذهبي فتصدقي به عنه ، ثم استوصي بابن عمك خيرًا )
قالت : ففعلت [2] .
ونخرج من قصة تلك الصحابية المباركة بعدة فوائد ، منها :
أولاً : رأيها السديد في الامتناع عن معاشرة زوجها بعد أن قال :أنتِ عليَّ كظهر أمي ؛ وضرورة معرفة حكم الدين في هذه القضية .
ثانيًا: رأيها السديد في الحرص على مستقبل وتماسك أسرتها ،يتجلى ذلك في قولها : " إن أوْسًا ظَاهَرَ مني ،وإنا إن افترقنا هلكنا ، وقد نثرت بطني منه ، وقدمت صحبته " .
ثالثًا : رأيها السديد في رفع الأمر إلى النبي والذي بيده الأمر، ولولا رجاحة عقل خولة ،وحكمة تصرفها ، وقوة رأيها لقعدت في بيتها تجتر الهموم حتى تهلك هي وأسرتها ،ولما كانت سببًا في نزول تشريع عظيم يشملها ويشمل المسلمين والمسلمات جميعًا إلى يوم القيامة .
وهذا التشريع العظيم هو : حل مشكلة الظهار .
من كلماتها يوم اليرموك :
استقبل النساء من انهزم من سرعان الناس يضربنهم بالخشب والحجارة ،
وجعلت خولة بنت ثعلبة تقول : يا هاربًا عن نسوة تقيات.. فعن قليل ما ترى سبيات ..
ولا حصيات ولا رضيات [3] .
مراجعة وتقديم ناطق ابراهيم العبيدي

المصادر :
[1] ابن عبد البر : الاستيعاب 4/1831 .
[2] ابن كثير : البداية والنهاية 8/36 .
[3] المصدر السابق 7/15

نهيان
09-14-2024, 01:53 PM
جزاكـ الله بخير الجزاء والجنه
باركـ الله فيكـ ونفع بكـ
وجعله في موازين حسناتك
اضعاف مضاعفه لاتعد ولا تحصى

أسد الأطلس
09-18-2024, 04:12 PM
https://www.raed.net/img?id=706896





https://i.pinimg.com/564x/11/c2/ef/11c2efdbabee3c32350b3bc862b34e73.jpg

شغف
09-19-2024, 04:27 AM
جزاك الله خير
وبارك بعلمك وعملك

ملكة الحنان
09-28-2024, 04:50 AM
سلمت يمناك على روعة الانتقاء
وشكرا لمجهودك وعطائك
لاعدمنا القادم من جديدك الشيق

شايان
09-28-2024, 01:29 PM
بارك الله فيك ونفع بك

ناطق العبيدي
10-07-2024, 09:55 AM
جزاكم ألله خيرا...ولكم من الحسنات العدد الأوفر لطهارة حبركم...ونبل قلوبكم
عطرتم المكان...وزاد بكم إبداعا آخر
لكم سلامي و تحيتي

عطر الزنبق
11-13-2024, 02:11 PM
https://i.pinimg.com/564x/45/6f/a7/456fa7e9a1047b10286721e7e2eeceab.jpg