المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاسلام دين العدل


ملكة الحنان
04-15-2025, 02:55 AM
الإسلامُ دينُ العَدْلِ


الحمد لله الذي جعل العدلَ أساسَ المُلْكِ والسُّلْطَانِ، وحُكْمُهُ العادلُ يوم القيامة بين العباد بالقِسْطِ والميزانِ، سبحانه.. هو مالك يوم الدين وصاحب الفصل بين الخلق أجمعين.

يا أخا الإسلام:
العدلُ من أسْمَى القِيَمْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
يسْمُو بِنَا إلى القِمَمْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

فهو أساسُ مُلْكِنَا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
يرفَعُنَا فوقَ الأُمَمْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

والعادِلُونَ بيننَا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
مثلَ النُّجُومِ في الظُّلَمْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

فاعْدِلْ ولوْ معَ الذي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
جارَ عليْكَ أَوْ ظَلَمْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وكنْ تَقِيّاً مُخْلِصاً https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
يَرْعى الحقُوقَ والذِّمَمْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

ولتحذَرِ الظُّلْمَ فإنَّ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
الظُّلْمَ يُفْضِي لِلنَّدَمْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

يا ويل َكلِّ ظالمٍ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
منْ دعوةِ الذِي ظَلَمْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif




وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، أقام السماوات والأرض بعدله، وقسم الأرزاق بين خلقه بكرمه وفضله.

وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه، جَسَّدَ العدل في أبهى حُلَلِهِ وأعْلَى ذُرَاهُ، وكان في الإنصافِ أعلى مثالٍ وأوْفى مقالٍ.
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:
فالناسُ في مراتع الظلم تسيرُ، كثُرَتْ مظَالِمُهُم وزادَ تَظَالُمُهُم، لا يكاد يمرُّ من عمر الزمن لحظاتٌ إلا وتَجْتَاحُ من الدهشة والنكير ما يغرقُ العاقلَ في التفكير والتأمُّلِ والتعجب من جودة سبكِ الاتهام ومن حسن تدوير الكلام وإشاعة الفتن والباطل الصُّراح!!.

حِيَلٌ، ومَكْرٌ، وتخطيطٌ كسِحْرِ الحُواةِ، تعجزُ عتاةُ الشياطين أن يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً.

مع أنَّ العدلَ في ديننا العظيم عبادةٌ نؤجر عليها بهذا الخُلُقِ القَويمِ، ولازمةُ حضارةٍ تعلي شأن الأمة في العالمين، ومنهجُ ضبطٍ للمجتمع ووقايةٌ للمظلوم من الظالم، به قامت السماوات والأرض وربنا هو أحكم الحاكمين.

[والعدل هو القصد في الأمور، وهو الإنصاف والمساواة بين الناس وهو تحري المساواة والمماثلة بين الخصمين] (الدكتور أحمد الشرباصي / موسوعة أخلاق القرآن ص22 ج1 ط3 1987م دار الرائد العربي - بيروت).

والعدل من أسماء الله الحسنى ومن تجليات الجلال والكمال لرب الأكوان، أمر الله تعالى به عباده فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90]، وقال الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [النساء: 58].


ويوم القيامة تنتهي ضلالات الظلم والإغراق فيه وتنتهي المظالم التي كانت حيةً في الدنيا حيث العدل المطلق في يوم يبعثون، قال الله تعالى: ﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ [الأنبياء:47]، وقال الله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ [غافر: 17]، ويرفع لواء العدل ويتجلى الله تعالى به على جميع مخلوقاته حتى الدوابّ العجماوات، فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لتُؤدُّنَّ الحقوقَ إلى أهلِها يومَ القيامةِ. حتَّى يُقادَ للشَّاةِ الجلْحاءِ من الشَّاةِ القرْناءِ) (صحيح مسلم 2582)، ويقول الله تعالى: ﴿ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 49].

وما بغَّضَ اللهُ تعالى عباده المؤمنين في شئٍ كالظلم وأهله، يقول الله تعالى في الحديث القدسي: (... يا عبادي إني حرَّمتُ الظلمَ على نفسي وجعلتُه بينكم محرَّمًا فلا تظَّالموا...) [صحيح مسلم 2577 عن أبي ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه].

ومن ثم فإن الله تعالى يحبُّ العدلَ وأهله في الدنيا، ولذا فقد منح الخلقَ هداية الكتب والرسل ليعيش الناس تحت لواء العدل والإنصاف، قال الله تعالى: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ﴾ [الحديد: 25].

والعدلُ من أهم خصائص سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أمره مولاه الأعلى: ﴿ ... وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [المائدة من الآية 42]، وعلى هذا سار النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أبداً، حتى كان العدلُ عنوانَهُ، وقد صبر على تجرؤ البعض عليه في مواقف تختص بعدله السابغ صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك ما رواه عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: (لمَّا كان يومُ حنينٍ، آثرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أُناسًا في القِسْمَةِ، فأعطى الأقرعَ بنَ حابسٍ مائةً من الإبلِ، وأعطى عيينةَ مثلَ ذلك، وأعطى أُناسًا من أشرافِ العربِ، فآثرهم يومئذٍ في القِسْمَةِ، قال رجلٌ: واللهِ إنَّ هذهِ القِسْمَةُ ما عُدِلَ فيها، وما أُريدَ بها وجهُ اللهِ. فقلتُ: واللهِ لأُخبرَنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فأتيتُهُ فأخبرتُهُ، فقال: فمن يَعْدِلْ إذا لم يعدلِ اللهُ ورسولُهُ، رحم اللهُ موسى، قد أُوذِيَ بأكثرَ من هذا فصبرَ) (صحيح البخاري 3150).


بل كان صلى الله عليه وسلم رمز العدل البشريِّ الكامِلِ حتى فيما يتعلق بحياته الخاصة، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقسِمُ فيَعدِلُ، ويقولُ: اللَّهمَّ هذا قَسْمي فيما أملِكُ فلا تلُمْني فيما تملِكُ ولا أملِكُ) (ابن كثير في إرشاد الفقيه 2/185 وقال: إسناده صحيحٌ).

وقد أقام النبي الكريم صلى الله عليه وسلم موازين العدلِ في جميع أحكامه وشئونه حتى لو خالف الناس ولوْ على نفسِه أو أحبِّ الناس إليه، فعن أمِّ المؤمنين عائشةَ رضي الله تعالى عنها قالت: (أنَّ قريشًا أهمَّهم شأنُ المرأةِ المَخزومِيَّةِ التي سرقَتْ، فقالوا: ومَن يُكَلِّمُ فيها رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟ فقالوا: ومَن يَجتَرِئُ عليه إلا أسامةُ بنُ زيدٍ، حِبُّ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فكلَّمه أسامةُ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "أتَشفَعُ في حَدٍّ من حُدودِ اللهِ". ثم قام فاختَطَب ثم قال: "إنما أَهلَك الذين قبلَكم، أنهم كانوا إذا سرَق فيهمُ الشريفُ ترَكوه، وإذا سرَق فيهمُ الضعيفُ أقاموا عليه الحَدَّ، وايمُ اللهِ لو أنَّ فاطمةَ بنتَ محمدٍ سَرقَتْ لقطَعتُ يدَها") (صحيح البخاري 3475).

قيمة العدل في الإسلام:
ومن بين قيم الإسلام الإنسانية السمحة يقف العدلُ شامخاً مُعَبِّراً عن عظمة هذا الدين، ويُلْزِمُ الفرد والمجتمع بالتمسك به بدءً من أولي الأمر إلى آحاد الناس كُلٍّ في مسئوليته صَغُرَتْ أو كَبُرَتْ، ويرصد الجوائز والمنحَ العظام من أهل الإسلام وخصوصاً حُمَّالُ المسؤوليات الضخمة ووجهاء المجتمع على عدلهم، فقد قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: (إن المقسطينَ، عند اللِه، على منابرَ من نورٍ عن يمينِ الرحمنِ عز وجل. وكلتَا يديهِ يمينٌ؛ الذين يعدلونَ في حُكمهِم وأهليهِم وما وُلّوا) (صحيح مسلم 1827 عن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما).

وعلى ذلك فصاحب المسئولية العامة وجب عليه أن يسوي بين مرؤوسيه ولا يدني منه أهل الأهواء والفتن على حساب العدل بين الأقران، وكذلك الآباء والأمهات عليهم أن يعاملوا أبناءهم وبناتهم بالعدل على قدر طاقتهم ولا يميزون أحداً ويهملون الآخرين في المعاملة أو العطاء، فقد قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: (سوُّوا بين أولادِكم في العطيَّةِ فلو كنتُ مفضِّلًا أحدًا لفضَّلتُ النِّساءَ) (الصنعاني في سبل السلام 3/140 وقال: إسناده حسنٌ عن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما)، نقول هذا لمن افتقد الصواب في معاملة أبنائه وبناته وترنحت خطاه بغير اتزان ولا رعاية للعدل بينهم فأعطى البعض وحرم الآخرين بسبب الذكورة أو الأنوثة أو شطحات الهوى، وعن النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما: (أنَّ أمَّه بنتَ رواحةَ سألتْ أباه بعضَ الموهوبةِ من مالٍ لابنِها. فالتوى بها سنةً. ثم بدا له. فقالت: لا أرضى حتى تُشهِدَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على ما وهبتَ لابني. فأخذ أبي بيدي. وأنا يومئذٍ غلامٌ. فأتى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقال: يا رسولَ الله ِ! إنَّ أمَّ هذا، بنتَ رواحةَ، أعجبَها أن أُشهدَك على الذي وهبتُ لابنِها. فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: " يا بشيرُ! ألك ولدٌ سوى هذا؟ " قال: نعم. فقال: " أكلَّهم وهبتَ لهم مثلَ هذا؟ " قال: لا. قال: " فلا تُشهِدْني إذًا. فإني لا أشهدُ على جَورٍ") (صحيح مسلم 1623).

وفي غمار موقف الذل يوم القيامة يتميز الحاكم العادل في الدنيا بظل الله وكنفه ورعايته في المحشر العظيم، قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: (سبعةٌ يُظِلُّهمُ اللهُ في ظِلِّه يومَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّه الإمامُ العادلُ، وشابٌّ نشأ في عبادةِ ربِّه، ورجلٌ قلبُه مُعَلَّقٌ في المساجدِ... ) (صحيح البخاري 660 عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه).

ومن بشائر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم لأهل الإقساط والعدل أنه يبشرهم بالجنة، فعن عياض بن حمار رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (... وأهلُ الجنةَ ثلاثةٌ: ذو سلطانٍ مقسطٍ متصدقٍ موفَّقٍ. ورجلٌ رحيمٌ رقيقُ القلبِ لكل ذي قربى، ومسلمٌ. وعفيفٌ متعففٌ ذو عيالٍ...) (صحيح مسلم 2856)، وقال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: (... ثلاثةٌ لا تُرَدُّ دعوتُهُم:الإمامُ العادلُ، والصَّائمُ حتَّى يُفْطِرَ، ودعوةُ المظلومِ تُحمَلُ على الغمامِ، وتُفتَحُ لَها أبوابُ السَّماءِ، ويقولُ الرَّبُّ عزَّ وجلَّ: وعزَّتي لأنصرنَّكَ ولَو بعدَ حينٍ ) (أحمد شاكر في مسند أحمد 15/189 وقال: إستاده صحيحٌ عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه).


وأمة الإسلام مسؤولة في باب القيم الحسان أن ترفع لواء العدل في قضائها وحمايتها للحق الذي يصرح به القرآن والسنة المطهرة لا على مدار رؤيا البشر ونزغات الهوى، قال الله تعالى: ﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الحجرات: 9]، هذه خطوات واضحةٌ مندرجةٌ في طِلْبَةِ العدل وحماية أهله ومساندتهم، والعدل مطلوبٌ حتى عند وجود الشنآن والكراهية – وذلك ضد مراد النفس وهو ثقيلٌ عليها -، قال الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾ [النساء: 135]، وقال الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 8].

والعدلُ بابُ النَّجَاةِ من الفتن في الدنيا ومن العذاب في الآخرة، فعن أنس بن مالكٍ رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاثٌ مُنجِياتٌ: خَشيةُ اللهِ تعالَى في السِّرِّ والعلانِيَةِ، والعدلُ في الرِّضا والغضَبِ، والقصْدُ في الفقْرِ والغِنَى، وثلاثٌ مُهلِكاتٌ: هوًى مُتَّبَعٌ، وشُحٌّ مُطاعٌ، وإِعجابُ المرْءِ بنفْسِهِ ) (الألباني في صحيح الجامع 3039 وقال: حديثٌ حسنٌ).

وحذَّرَ الإسلام من السير خلف الظالمين المعتدين على أحكام دين الله رب العالمين، بل أمرَ بالوقوف في وجوههم بقول الحق وبيانه ولكل فردٍ مسئوليةٌ محددةٌ في ذلك، يقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: (إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا بيده، أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه) (الألباني في السلسلة الصحيحة 1564).

وفي الأمم السابقة قَبْلَ الإسلام كانَ للعدلِ قيمته الكبرى في التشريع، قال الله تعالى: ﴿ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [المائدة: 45].

ميزان العدل في الإسلام:
لقد أرسى الله تعالى ميزان العدل والقسطاس بين الناس واضحاً جليّاً حتى لا يتبعوا موازين وأهواء البشر، بينما الناس يتصورون العدلَ في أوهامهم على صورٍ شتى، ومن أهم ما يجب فهمه والوقوف عليه هو تحريه على ميزان الكتاب والسنة فقط، وهو ميزان لا يخطؤه العدل أينما سار، قال الله تعالى: ﴿... فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة من الآية 194]، وذكر الإمام القرطبي في بيان هذا الميزان: [الاعتداء هو التجاوز، قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 229] أي يتجاوزها، فمن ظلمك فخذ حقك منه بقدر مظلمتك، ومن شتمك فردَّ عليه مثل قوله، ومن أخذ عرضك فخذ عرضه، لا تتعدى إلى أبويه ولا إلى ابنه أو قريبه، وليس لك أن تكذب عليه وإن كذب عليك، فإن المعصية لا تقابل بالمعصية ](الإمام القرطبي / الجامع لأحكام القرآن ص 360 ج1 بتحقيق هشام سمير البخاري ط1 2003م دار عالم الكتب – الرياض).

وقال الله تعالى: ﴿ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ [الشورى: 40]، وقال الله تعالى: ﴿ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ﴾ [النحل: 126]، وهكذا يقيمُ الإسلام العظيم الموازين المنصفة في قلوب أتباعه حتى ولو خالفت مرادهم لأن العدل هو العدل وبه قامت السماوات والأرض، ويتجلى ذلك في الموقف الشديد على قلب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وفرط حزنه على عمه حمزة رضي الله عنه، فعن أبي هريرة: (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ وقفَ على حَمزةَ بنِ عبدِ المطلبِ رضيَ اللهُ عنهُ حين استُشهِدَ، فنظر إلى منظرٍ لَم ينظُر أوجَع للقَلبِ منهُ. أو قال: لقلبِهِ، فنظرَ إليه وقد مُثِّلَ بهِ فقال: رحمةُ اللهِ عليكَ، إن كنتَ لما علِمتُ لوَصُولًا للرَّحِمِ، فعولًا للخَيراتِ، واللهِ لولا حُزنُ مَن بعدَك عليكَ، لسرَّني أن أترُكَك حيًّا يحشرُك اللهُ مِن بُطونِ السباعِ أو كلمةٍ نحوَها أما واللهِ على ذلكَ، لأمَثِّلُهُنَّ بِسبعينَ كمُثْلَتِكَ. فنزل جبريلُ عليهِ السَّلامُ على محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ بهذه السُّورةِ، وقرأ: ﴿ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ... ﴾ [النحل: 126] إلى آخرِ الآيةِ، فكفَّرَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ يعني عن يمينِه وأمسَكَ عَن ذلك) ( أورده ابن كثير في تفسير القرآن العظيم 4/ 533 وقال: إسناده ضعيف فيه صالح هو ابن بشير المري ضعيف عند الأئمة، قال البخاري: منكر الحديث، وأخرجه ابن سعد والبزار وابن المنذر وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل).

ومن أسباب نزولها ما جاء عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: (لمَّا كانَ يومُ أُحُدٍ قُتِلَ منَ الأنصارِ أربعةٌ وستُّونَ رجلًا ومنَ المُهاجرينَ ستَّةٌ فقالَ أصحابُ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ لئِن كانَ لَنا يومٌ مثلُ هذا منَ المشرِكينَ لنُرْبيَنَّ علَيهم فلمَّا كانَ يومُ الفتحِ قالَ رجلٌ لا يُعرَفُ لا قُرَيشَ بعدَ اليومِ فَنادَى مُنادي رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ أمِنَ الأسوَدُ والأبيضُ إلَّا فلانًا وفلانًا ناسًا سمَّاهم فأنزلَ اللَّهُ تبارَكَ وتعالى "وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ" فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ: نصبِرُ ولا نعاقِبُ) (الألباني في السلسلة الصحيحة 5/491وقال: إسناده حسن).

وعلى هذا فالتماس العدل بميزانه القرآني يجيرُ ويَعْصِمُ من زَيْغِ الأهواء بغير تحريفٍ ولا تلوينٍ ولا محاولةِ انتهاب المعاني لإثارة القبولِ أو التعاطفِ عند الناس بينما العدل المنشود الحقيقي بعيد عن تصورات كثير ممن يتشدقون به.

ويبقى بعد ذلك الاختيار الدال على سُمُوِّ هذا الدين وحسن تربيته لأتباعه في بذل العفو عند المقدرة بعد بيان الحق والعدل، قال الله تعالى: ﴿ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ﴾ [النحل: 126]، وقال له تعالى: ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾ [الشورى: 40]، وقال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: (... ولا عَفَا رجلٌ عن مَظلمةٍ ظُلِمَها إلا زادَهُ اللهُ تعالَى بِها عِزًّا، فاعفُوا يزِدْكمُ اللهُ عِزًّا...) (الألباني في صحيح الجامع 3025 عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه).

نماذج مضيئة في باب العَدْلِ:
ومن تاريخنا الإسلامي نقفُ على هذه النماذج المباركة التي تُشَابِهُ الملائكة في التمسك بالعدل والإنصاف:
• فها هو سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه يُرسي قواعد العدل في أول أيام خلافته قائلاً: (أما بعد أيها الناسُ: فإني قد وُلِّيتُ عليكم ولستُ بخيرِكم فإن أحسنتُ فأَعِينوني وإن أسأتُ فقوِّموني الصدقُ أمانةٌ والكذبُ خيانةٌ والضعيفُ منكم قويٌّ عندي حتى أزيحَ عِلَّتَه إن شاء اللهُ والقويُّ فيكم ضعيفٌ حتى آخذَ منه الحقَّ إن شاء اللهُ لا يدعُ قومٌ الجهادَ في سبيل اللهِ إلا ضربَهم اللهُ بالذُّلِّ ولا يشيعُ قومٌ قطُّ الفاحشةَ إلا عمَّهم اللهُ بالبلاء أَطيعوني ما أَطعتُ اللهَ ورسولَه فإذا عصيتُ اللهَ ورسولَه فلا طاعةَ لي عليكم قوموا إلى صلاتِكم يرحمْكم اللهُ) (ابن كثير في البداية والنهاية 3/218 وقال: إسناده صحيحٌ عن أنس بن مالكٍ رضي الله تعالى عنه).

• ويحكي التاريخ عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه هذه المواقف الرائدة في سياق العدل:
• من بدائع الإنصاف والعدل عند أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ما رواه عبد الرازق عن زيد بن أسلم قال: [كان للعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه دارٌ إلى جنب مسجد المدينة فقال له عمر رضي الله عنه: بعنيها، فأراد عمر أن يزيدها في المسجد فأبى العباس أن يبيعها إياه فقال عمر: فهبها لي فأبى فقال: فوسعها أنت في المسجد فأبى، فقال عمر: لا بد لك من إحداهن فأبى عليه، فقال: خذ بيني وبينك رجلاً فأخذ أبي بن كعب رضي الله عنه فاختصما إليه فقال أبيٌّ لعمر: ما أرى أن تخرجه من داره حتى ترضيه فقال له عمر: أرأيت قضاءك هذا في كتاب الله وجدته أم سنةٌ من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال أبي: بل سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر: وما ذاك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام لما بنى بيت المقدس جعل كلما بنى حائطاً أصبح منهدماً، فأوحى الله إليه أن لا تبني في حق رجلٍ حتى ترضيه "، فتركه عمر فوسعها العباس بعد ذلك في المسجد] (محمد بن يوسف الكاندهلوي / حياة الصحابة ص58 ج1 ط1 2003م دار الحديث – القاهرة).


• ومن أشهر مواقف العدل عند أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ما أخرجه [ابن عساكر والواقدي عن عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي رضي الله عنه قال: لما قدمنا مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه الجابية إذا بشيخٍ من أهل الذمة يستطعم "يسأل الطعام" فسأل عنه فقال: هذا رجلٌ من أهل الذمة كبر وضعف فوضع رضي الله عنه الجزية التي في رقبته وقال: كلفتموه الجزية حتى إذا ضعف تركتموه يستطعم؟ فأجرى عليه من بيت المال عشرة دراهم وكان له عيال، وعند أبي عبيد والعقيلي عن عمر رضي الله عنه أنه مر بشيخ من أهل الذمة يسأل على أبواب المساجد فقال: ما أنصفناك، كنا أخذنا منك الجزية في شبيبتك ثم ضيعناك في كبرك ثم أجرى عليه من بيت المال ما يصلحه] (حياة الصحابة 65ص "سابق").


• وعن إياس بن سلمة رضي الله عنه قال: [مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه في السوق ومعه الدرة فخفقني بها خفقة فأصاب رَفَّ ثوبي فقال: أَمِطْ عن الطريق، فلما كان في العام المقبل لقيني فقال: يا سلمة تريد الحج؟ فقلت نعم فاخذ بيدي فانطلق بي إلى منزله فأعطاني ستمائةَ درهم وقال: استعن بها على حجك واعلم أنها بالخفقة التي خفقتك، فقلت: يا أمير المؤمنين ما ذكرتها، فقال: وأن ما نسيتها] (السابق – نفس الصفحة.


• ومما يروى في بيان عدل سيدنا عمر – والحق ما شهدت به الأعداء – أن ملك الفرس أرسل رسولا إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فلما دخل المدينة سأل أهلها:أين ملككم؟ فأجابوه: ليس لدينا ملك بل لنا أمير وقد ذهب إلى ظاهر المدينة،فذهب الرسول في طلب عمر رضي الله عنه فرآه نائما في الشمس على الأرض فوق الرمل وقد وضع عصاه كالوسادة والعرق يتصبب من جبينه.فلما رآه على هذه الحالة وقع الخشوع في قلبه وقال:رجل تهابه جميع الملوك وتكون هذه حاله؟!!ولكنك عَدَلت فأمِنْت فنِمْت يا عمر.. وقدأسلم رسولُ ملك الفرس بعد ذلك.


ويصور شاعر النيل "حافظ إبراهيم" رحمه الله تعالى هذه الصورة بألوانها الطبيعية فيقول:
ورَاعَ صَاحِبَ كِسْرَى أَنْ رَأَى عُمَراً https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
بَيْنَ الرَّعِيَّةِ عُطْلاً وَهْوَ رَاعِيْهَا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وَعَهْدُهُ بِمُلُوكِ الفُرْسِ أَنَّ لَهَا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
سُوْراً مِنْ الجُنْدِ وَالحُرَّاسِ يَحْمِيْهَا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

رَآهُ مُسْتَغْرِقاً فِي نَوْمِهِ فَرَأَى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فِيْهِ الجَلاَلَةَ فِي أَسْمَى مَعَانِيْهَا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

فَوْقَ الثَّرَى تَحْتَ ظِلِّ الدَّوْحِ مُشْتَمِلاً https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
بِبُرْدَةٍ كَادَ طُوْلِ العَهْدِ يُبْلِيْهَا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

فَهَانَ فِي عَيْنِهِ مَا كَانَ يُكْبِرُهُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
مِنَ الأَكَاسِرَ وَالدُّنْيَا بِأيْدِيْهَا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وَقَالَ قَوْلَةَ حَقٍّ أَصْبَحَتْ مَثَلاً https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وَأَصْبَحَ الجِيْلُ بَعْدَ الجِيْلِ يَرْوِيْهَا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

أَمِنْتَ لَمَّا أَقَمْتَ العَدْلَ بَيْنَهُمُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فَنِمْتَ نَوْمَ قَرِيْرِ العَيْنِ هَانِيْهَا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif




وما أكثر المواقف التي تُجَسِّدُ العدلَ في حياة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد صار للعدل عنواناً، وأهم ما سجله التاريخ في خلافته الراشدة هو تميزه بهذه الصفة الجليلة التي قطعَ بها أطماع البغاة والظلمة والطامعين في المكاسب الرخيصة:
سلامٌ على الفاروقِ يومَ أن اهتدى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وسَارَ على نَهْجِ النُّبوةِ واقْتَدَى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

أذلَّ رؤوسَ الطَّامِعينَ بعدلِهِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فعَزَّ به الإسْلامُ وانتشرَ الهُدَى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

أَتَتْهُ كُنوزُ الأرضِ مَالاً وعِزةً https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فكانَ أعَفَّ النَّاسِ عنها وأزهدَ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

فموعدهُ الحُسْنى إِماماً وصَاحباً https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وأَكْرِمْ بِهِ يومَ القِيامَةِ مَوعِدا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif



وفي الختام:
فإنَّا نوقن بأن الجوعَ موجِعٌ وقاتِلٌ، والمرضَ ابتلاء، والغربةَ كربة، والديْنَ همٌ بالليلِ وذلٌ بالنهارِ، وفقدَ الأحبة يكسر القلوب، لكنَّ الظلمَ.. أدهى وأمرّ.

والناسُ هي التي تُرَخِّصُ العدلَ بإشاعة الظلم الذي هو من جنى أيديهم ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [يونس: 44].

ولو كانت الأمة تسير بالمسميات لكان كل من اسمه "عادلٌ" أهلاً للعدلِ على الحقيقة لكَثُرَ الخيْرُ وفاضَ الوِئامُ وعمَّ السلامُ رُبوعَ البلادِ وسَعدَ العِباد.

ومهما حاول الجنس البشري الارتقاء بالعدلَ في أحكامهم فإن العدل في الدنيا عزيزٌ لأنها دُنيا، فلنتقاسم الرضا في معاملاتنا اليومية والاجتماعية، فهو أروحُ للنفس وأطيبُ للقلبِ وأرخصُ في السَّعْيِ، وربما نقدرُ على الرضا ونُؤْجَرُ عليه بَيْدَ أننا لا نستطيع الوصول إلى العدلِ بقانون السماء لأنه يُعْجِزُ البشرَ، والعدلُ المطلقُ يوم القيامة أمَّا في الدنيا فهو نسبيٌّ ومتغيرٌ.

نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل العدل وحراسِهِ وأن يثيبنا عليه خير الجزاء.
والحمد لله في المبدأ والمنتهى.

عاشق العميد
04-15-2025, 05:44 AM
يعطيك العافية على هذا الطرح المميز والجميل
معلومات قيمة ومفيدة

نهيان
04-15-2025, 06:39 PM
جزاكـ الله بخير الجزاء والجنه
باركـ الله فيكـ ونفع بكـ
وجعله في موازين حسناتك

ملكة الحنان
04-15-2025, 08:02 PM
عاشق
اسعدني تواجدك بمتصفحي ومرورك العطر

ملكة الحنان
04-15-2025, 08:03 PM
نهيان
اسعدني تواجدك بمتصفحي ومرورك العطر

عازفة
04-16-2025, 07:08 PM
جزاك الله كل خير
طرح رائع
يعطيك العافية على هذا الابداع
سلمت يمناك ولاعدمنا جديدك المميز

ملكة الحنان
04-18-2025, 09:23 PM
عازفة
اسعدني مرورك بمتصفحي

شٌهقـہٌ عًشـقٌ
04-20-2025, 07:11 PM
جزاك الله خير واثابك الجنه

عطر الزنبق
04-24-2025, 02:48 AM
https://i.pinimg.com/736x/44/cf/d4/44cfd4e0d6202d104c5cc95a61876dcf.jpg