نبض القلوب
05-20-2013, 04:16 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقواْ اللهَ حقَّ تُقَاتِهِ وَ لَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُم مُسْلِمُونَ ﴾ [آلعمران : 102].
﴿يَآ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَ بَثَّ مِنْهُمَـا رِجَالًا كَثِيرًا وَ نِسَآءً وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾[النساء : 1]
﴿ يَآ أَيُّهَا الَّذِي ءَامَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَ قُولُواْ قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ مَنْ يُطِعِ اللهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:70– 71]
المؤمنون يكونون على قسمين , كما هم في الدنيا قبل ذلك , المؤمنون اتَّبعواْ و المؤمنون ابتدعواْ , و المؤمنون تمسَّكُواْ , و المؤمنون تهتَّكُواْ , و المؤمنون سمعواْ وَ أطاعواْ , و المؤمنون سمعواْ و عصواْ , و المؤمنون غيّرواْ و بدَّلُواْ , و المؤمنون ثبتواْ على الحق , و المؤمنون صالحون , و المؤمنون طالحون , و المؤمنون شاكرون لله ذاكرون لله, و المؤمنون غافلون ناسون لله ربِّ العالمين , فسنذكر في مقامنا هذا حالَ المؤمنين عند الإرتحال مِنْ هذه الحياة إلى الحياة الأخروية , المؤمنون الذين تمسَّكُواْ بدينهم حتى لاقَوْاْ ربَّهم , فإِنَّ هذا الصنف مِنَ المؤمنين , قد جعل اللهُ له كلَّ خيرٍ منه , و برٍ و إحسانٍ و إكرام و إنعامٍ و قَبُولٍ , و مُلكٍ و أعطاءٍ و تفضُّلٍ وَ كرم , فلقائُهم بِرَبِّهم , وانْتقالهم مِنْ هذه الحياة , إنما يُعتبر إنتقالاً مِنْ كلِّ ما يُؤذِي إلى كلِّ خيرٍ و ساعدةٍ و نعيمٍ , فحالُ هذه الصنف عند سكرةِ الموت أنَّه يُبَشَّرُ , بماذا ؟ قال ربُّنا في كتابه الكريم : ﴿ يَآ أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْـمُطْمَئِنَّةُ * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جنتي﴾[الفجر: 27 - 30], هذه البشارةُ مِنَ اللهِ للعبد و هو مُفارِقٌ لهذه الحياة , يُبَشَّرُ بأن أمامَه الجنة تَنْتَظِرُهُ و بأنه ممن أُعِدَّ له الرضوان , و إذا كان هذا الصنف يُـحْمَلُ إلى القبور , فقد جاء في البخاري و غيرِه مِنْ حديث سعيد الخذري أن الرسول – عليه الصلاة و السلام – قال : ((إنَّ الرجالَ إذا احتملواْ الجنازةَ و وضعُوها على أعناقهم , إنْ كانتْ صالحةً قالتْ : قدّموني ! قدّموني )) تريد التعجيلَ بها إلى رضوان اللهِ , لأنَّها قد بُشِّرتْ فاطمأنتْ على مُستقبلها , و مِنْ حديث أبي هريرةَ أيضاً عند النسائي : (( إن كانتْ صالحةً , قالتْ : قدّموني , قدّموني )) يعني إلى القبر , إلى ما أُعِدَّ لها مِنَ النعيم , فإذا سكن المؤمنُ قبرَه , فبَعْدَ أَنْ تأتيه أو يأتيهُ الملكان يُثبِّته اللهُ عند ذلك , فيُجِيبُ يُفْلِحُ , فيُمدُّ له في قبره , فيُوَسِّعُ له في قبره مدةَ البصر , كما جاء في حديث البراء عند الإمام أحمد و غيرٍه , (( و يأتيه مِنْ نعيم الجنة , و مِنْ يأتيه مِنْ نعيم الجنة )).
فهذه حياته في الحياة البرزخية , و بعد هذه الحياة , يُبْعَثُ الناسُ إلى ربِّهم , يُبْعَثُ الناسُ إلى عرصة القيامة مِن أجل العرض على الله , و من أجل الحساب , و من أجل الميزان , و من أجل الصراط , و ما يأتي بعد ذلك , و حال المؤمنين الصالحين المتمسكين في هذا الإنتقال مِنَ القبور إلى عرصة القيامة , حالةُ الإكرام و الإنعام , قال ربُّنا في كتابه الكريم :﴿يَوْمَ نَحْشُرُ الْـمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا ﴾[مريم: 85], فَهُمْ وُفودُ اللهِ , لا أكرم على اللهِ من هذا الصنف الذين وَفَدُواْ عليه بعد أن عبدواْهُ حقاً العبادة , و تستقبلهم الملائكة , فربُّنا يُبيّنُ في كتابه الكريم , قال : ﴿لا يَـحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَ تَتَلَقَّاهُمُ الْـمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْـتُـمْ تُوعَدُونَ﴾ [الأنبياء: 103]
و إِذَا وَصَلُواْ إِلَى عرصة القيامة , كانواْ في ظلِّ عرشِ الرحمن , فقد جاء بالبخاري و مسلمٍ من حديث أبي هريرة أن الرسول – عليه الصلاة و السلام – قال : (( سبعة يظلهم الله في ظلّه يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادةالله، ورجل قلبه معلق بالمساجد ورجلان تحابا في الله اجتمعاعليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله رب العالمين , ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه،، ورجل تصدق بصدقة فأخفاهاحتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه))
و جاء من حديث عُقبة عند الإمام أحمد و غيره , أن الرسول – عليه الصلاة و السلام - قال : ((كل امرئٍ في ظل صدقته يوم القيامة )), و جاء عند مسلم و غيره حديث أبي يسر أن الرسول – عليه الصلاة و السلام – قال : (( مَنْ أَنْذَرَ مُعْسِرَ أَوْ وَضَعَ عنه أَظَلَّهُ اللهُ في ظلِّه يومَ القيامة )) , فهذا الصنف في ذلك اليوم العصيب , في ذلك اليومِ العصيبِ , في ظلِّ عرش الرحمن مُكرَّمٌ عند الله , مَقْبولٌ عِنْدَ الله في ضيافة الله سبحانه و تعالى , و هذا الصنف يُعْرَضُ على الله ِ , و يُحاسبُ , و لكن حِساباً خفيفةٌ , مَنْ حُشِدَ مِنْ هذا الصنف , فيُحَاسَبُ حِساباً خفيفة , و يُحاسَبُ سريةٌ و لا حساب خزي , فضيحةٍ و جهرٍ و إعلانٍ , لأنه مَقبولٌ عند الله , يَعْفُو اللهُ عنه و يُكفِّرُ عنه سيئاته , و يقبله , و يغفر له سبحانه و تعالى.
كذلك أيضاً هذا الصنف في عرصة القيامة , و بعد حسابه إنه ينال مُرافقةَ النبي – عليه الصلاة و السلام – في يوم القيامة , , فيشرب مِنْ حوض النبي – عليه الصلاة و السلام – يكون وَفْداً على النبي – عليه الصلاة و السلام – و لهذا جاء مما يصلح اليمن مِنْ حديث ثوبان عند مسلمٍ , أن الرسول – عليه الصلاة و السلام – قال : (( ألا و إني لَبْعُقْر حوضي , أذود الناسِ عن الحوض حتَّى يرفض عن أهل اليمن)) أي : يُوَسِّعُ لأهل اليمن ليشربواْ قبلَ كثيرٍ من الواردين عن الحوض , قبل كثير مِنَ الواردين عن الحوض.
كذلك أيضاً – هذا الصنف يأتي لِـيَمُرَّ على الصراط , يقول ربنا في كتابه الكريم : ﴿يَوْمَ تَرَى الْـمُؤْمِنِينَ وَ الْـمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾ [الحديد: 12] , فيكون معهم النورُ الذي به واصلٌ السير على الصراط حتى ينجواْ مما يَحْدث لكثيرٍ من المؤمنين عند الصراط , و على الصراط , فينجون مِنَ الصَّراط ثم بعد ذلك يَقِفُون بين قنطرةٍ في الجنة و النار , يقفون عند قنطرةٍ بين الجنة و النار , ليتقاصواْ المظالمَ كان بينهم كما جاء مِنْ حديث أبي سعيد الخذري عند البخاري.
ثم بعد ذلك يتوجَّهون إلى جنة الرحمن , إلى جنة الرحمن , إلى دار الكرامة , إلى دار المتقين , قال الله في كتابه الكريم : ﴿وَ سِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَآءُوهَا وَ فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَ قَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ﴾ [الزمر: 73] , في استقبالهم عند دخول الجنة ملائكةُ اللهِ , انظرواْ الكراماتِ ما أكثرها و ما أجلها و ما أعظمها , المؤمنُ الصالح في الدنيا قد يُهان عند أهل الهوان , و عند أهل الإنحراف و الذِّل و لكنه يوم القيامة له صولة و جولة , له قبولٌ و إكرام تستقبلهم الملائكة , تُبشِّرهم و تَدْعُونهم و تقول : ﴿طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ﴾ [الزمر: 73] , ادخلِ الجنةَ لتتنعَّمُواْ فيها , و يقول ربنا في كتابه الكريم : ﴿وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ ءَابَآئِهِمْ وَ أَزْوَاجِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْـمَلآئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد: 23 – 24]
تُهَنِّئُهم الملائكةُ و تُسلِّمُ عليهم و تُبيّنُ لهم أن مِن أعظمِ أسبابِ وُصولِـهم إلى دار الكرامة و إلى دار النعيم أنَّهم صبرواْ في الدنيا , صبرواْ حتى أقامواْ الدين , و صبرواْ حتى تجتنبواْ المنكراتِ و السيئاتِ , صبرواْ حتى لاقوْ ربَّ العالمين و هم على الثباتِ على دين الله رب العالمين سبحانه و تعالى , فهنالك يأتون إلى الجنة و يُسْتَقبلون كما سمعتَ و و يَدْخُلُونَ الجنةَ مِنْ كُلِّ بابٍ حسب أعمالهم , الكثيرة الصالحة , فقد جاء في البخاري و مسلمٍ من حديث أبي هريرة أن الرسول – عليه الصلاة و السلام – قال : (( من أنفق زوجين من الجنةِ يُقال له : يا فلانُ ادخلْ مِنْ هذا البابِ )) قال – عليه الصلاة و السلام - : (( إن كان من أهل الصلاة , فيدخلُ من باب الصلاة , و إنْ كان من أهل الصيام فيدخلُ من باب الصيام , و إنْ كان مِنْ أهل الصدقة , فيدخلُ مِنْ باب الصدقة , و إنْ مِنْ أهل الجهاد , فيدخلُ مِنْ أهل الجهاد )).
ما معنى هذا الحديث ؟
يقول الحافظ بن حجر – رحمه اللهُ –(( هذه الأبوابُ التي يخصُّ بالدخول منها أفرادٌ أو المؤمنون دون غيرهم )) قال : (( هؤلاء المؤمنون هم الذين أكثرواْ من الطاعات )) يعني من كان مُكثِّراً مِنَ الصيام النافل , إنهُ يدخلُ مِنْ باب الصائمين , الخاص بالصائمين , و مَنْ كان مُكثِّراً مِنَ الصلوات المستحبة و المشروعة , يدخلُ مِنْ بابِ الصَّلاة , و مَنْ كان مُجاهداً فِي سبيلِ الله , يدخلُ مِنْ بابِ الـجهاد , و مَنْ كان مُكثِّراً مِنَ الصَّدقة في أفعال الخيري , يدخل مِنْ باب الصدقة.
و هذه الأبواب كلُّ بابٍ يُبلّغ الداخل أن يُوَصِّلُواْ الداخل إلى نعيم مِنْ نعيم الجنة , و إلى درجة مِنْ درجات الجنة , فها هم المؤمنون على أبوابِ الجنة يدخلون , و فيها يسكونون و يتمتَّعُون و ينالون الإكرام الإلآهي الأبدي , و النعيم الرباني , النعيم المقيم , فإذا دخلَ المؤمنونَ الجنةَ..
فماذا يحصل ؟
فقد جاء في صحيح مسلم أن الرسول – عليه الصلاة و السلام – قال : ((إذا دخل أهلُ الجنةِ الجنةَ نادى مُنادٍ : يا أهل الجنة لكم أن تنعَّمُواْ فلا تبئسواْ أبداً , و أن تشبِّعُواْ فلا تحرمواْ أبداً , و أن تحيوْ فلا تموتواْ أبداً , و أن تقيمواْ فلا تبعواْ أبداً )) , يا أهلَ الجنة – نعيم !! نعيم!! هذا إكرام الله و أعطاء الله الذي وعد به المؤمنين , فيدخلون الجنةَ , و ما أدراك ما الجنة ؟
قال سيّدُ الأولين و الآخرين كما في البخاري و مسلمٍ عن ربه سبحانه و تعالى : (( أعدتُ لعبادي الصالحين , ما لا عين رأيتْ , و لا أُذن سمعتْ و لا خطر على القلب بشر )) روى الإمام البخاري و مسلمٌ مِنْ حديث سعد بن سعد أن الرسول – عليه الصلاة و السلام – قال : (( لَـمَوْضِعُ صوتِ أحدكم في الجنة خيرٌ مِنَ الدنيا و ما فيها ))موضع الصوت , يُعْطَى لك في الجنة خيرٌ مِنَ الدنيا و ما فيما , ما بالُكَ إذا كان يُعْطَى للمؤمنين الجنات , إذا كانتِ الجناتُ , الجنات مِنْ ذهبٍ , و الجنات مِنْ فضّةٍ , إذا كانت قُصوراً , إذا كانتْ قُصوراً , و إذا كانت حوراً , و إذا كانت أنهاراً , و نعيماً ليس له , لم يخطر لنا هذا النعيم على بالٍ , هذا كلُّهُ أعدَّه اللهُ لعباده المؤمنين , هذا هو الـمُلْكُ , هذا هو الـمُلْكُ على ترضى لنفسك بأنْ تكونَ مِنْ مُلُوكِ الآخرة , مِنْ ملوك الآخرة !! عندك كلُّ نعيمٍ , يأتيك كلُّ نعيمٍ , تدخل جنةُ اللهِ , دار الكرامة , دار المتقين , و تُجاوِرُ أكرمَ الأكرمين و أرحمَ الراحمين , و تُرافق سيّدَ الأولين و الآخرين , قال ربنا :﴿إِنَّ الْـمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ نَهَرٍ﴾[القمر: 54]
انظرْ – يا مسلم – هذه الطاعات التي تُؤديها , ماذا أثمرتْ لك ؟ ماذا أثمرتْ لك ؟ انظرِ الآخرة , ماذا عند اللهِ مِن النعيم , و الإكرام لعباده المؤمنين , يقول ربُّنا في كتابه الكريم : ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْـمُتَّقُونَ فِيهَآ أَنْهَارٌ مِنْ مَآءٍ غَيْرِ ءَاسِنٍ وَ أَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَ أَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَ أَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفَّى وَ لَـهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ ﴾[محمد: 15]
أَبْشِرْ – يا مسلم – بكل النعيم المُقيم في تلك الدارِ التي جعلها اللهُ دارَ الإكرام , و الإنعامِ لعباده المؤمنين , ألا ترضى بهذا الأعطاء ؟ ألا ترضى بهذا الإكرام ؟ , إِنَّ اللهَ عز وجلَّ قال في كتابه الكريم : ﴿إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوَالَـهُمْ بِأَنَّ لَـهُمُ الْجَنَّـةَ ﴾[التوبة: 111], رَبِحْتَ – يا مسلم – و اللهِ , رَبِحْتَ و اللهِ !! رَبِحْتَ , واللهِ !! رَبِحْتَ , واللهِ !! إذا صدّقْتَ مع اللهِ و أَخْلَصْتَ لله , و أَدَيْتَ عبادة اللهِ و شَكَرْتَ اللهَ , واجتنبْتَ ما يُعْذِبُ و ما يُسْخِطُ ,
أَسْتَغْفِرُ اللهَ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
﴿يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقواْ اللهَ حقَّ تُقَاتِهِ وَ لَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُم مُسْلِمُونَ ﴾ [آلعمران : 102].
﴿يَآ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَ بَثَّ مِنْهُمَـا رِجَالًا كَثِيرًا وَ نِسَآءً وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾[النساء : 1]
﴿ يَآ أَيُّهَا الَّذِي ءَامَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَ قُولُواْ قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ مَنْ يُطِعِ اللهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:70– 71]
المؤمنون يكونون على قسمين , كما هم في الدنيا قبل ذلك , المؤمنون اتَّبعواْ و المؤمنون ابتدعواْ , و المؤمنون تمسَّكُواْ , و المؤمنون تهتَّكُواْ , و المؤمنون سمعواْ وَ أطاعواْ , و المؤمنون سمعواْ و عصواْ , و المؤمنون غيّرواْ و بدَّلُواْ , و المؤمنون ثبتواْ على الحق , و المؤمنون صالحون , و المؤمنون طالحون , و المؤمنون شاكرون لله ذاكرون لله, و المؤمنون غافلون ناسون لله ربِّ العالمين , فسنذكر في مقامنا هذا حالَ المؤمنين عند الإرتحال مِنْ هذه الحياة إلى الحياة الأخروية , المؤمنون الذين تمسَّكُواْ بدينهم حتى لاقَوْاْ ربَّهم , فإِنَّ هذا الصنف مِنَ المؤمنين , قد جعل اللهُ له كلَّ خيرٍ منه , و برٍ و إحسانٍ و إكرام و إنعامٍ و قَبُولٍ , و مُلكٍ و أعطاءٍ و تفضُّلٍ وَ كرم , فلقائُهم بِرَبِّهم , وانْتقالهم مِنْ هذه الحياة , إنما يُعتبر إنتقالاً مِنْ كلِّ ما يُؤذِي إلى كلِّ خيرٍ و ساعدةٍ و نعيمٍ , فحالُ هذه الصنف عند سكرةِ الموت أنَّه يُبَشَّرُ , بماذا ؟ قال ربُّنا في كتابه الكريم : ﴿ يَآ أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْـمُطْمَئِنَّةُ * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جنتي﴾[الفجر: 27 - 30], هذه البشارةُ مِنَ اللهِ للعبد و هو مُفارِقٌ لهذه الحياة , يُبَشَّرُ بأن أمامَه الجنة تَنْتَظِرُهُ و بأنه ممن أُعِدَّ له الرضوان , و إذا كان هذا الصنف يُـحْمَلُ إلى القبور , فقد جاء في البخاري و غيرِه مِنْ حديث سعيد الخذري أن الرسول – عليه الصلاة و السلام – قال : ((إنَّ الرجالَ إذا احتملواْ الجنازةَ و وضعُوها على أعناقهم , إنْ كانتْ صالحةً قالتْ : قدّموني ! قدّموني )) تريد التعجيلَ بها إلى رضوان اللهِ , لأنَّها قد بُشِّرتْ فاطمأنتْ على مُستقبلها , و مِنْ حديث أبي هريرةَ أيضاً عند النسائي : (( إن كانتْ صالحةً , قالتْ : قدّموني , قدّموني )) يعني إلى القبر , إلى ما أُعِدَّ لها مِنَ النعيم , فإذا سكن المؤمنُ قبرَه , فبَعْدَ أَنْ تأتيه أو يأتيهُ الملكان يُثبِّته اللهُ عند ذلك , فيُجِيبُ يُفْلِحُ , فيُمدُّ له في قبره , فيُوَسِّعُ له في قبره مدةَ البصر , كما جاء في حديث البراء عند الإمام أحمد و غيرٍه , (( و يأتيه مِنْ نعيم الجنة , و مِنْ يأتيه مِنْ نعيم الجنة )).
فهذه حياته في الحياة البرزخية , و بعد هذه الحياة , يُبْعَثُ الناسُ إلى ربِّهم , يُبْعَثُ الناسُ إلى عرصة القيامة مِن أجل العرض على الله , و من أجل الحساب , و من أجل الميزان , و من أجل الصراط , و ما يأتي بعد ذلك , و حال المؤمنين الصالحين المتمسكين في هذا الإنتقال مِنَ القبور إلى عرصة القيامة , حالةُ الإكرام و الإنعام , قال ربُّنا في كتابه الكريم :﴿يَوْمَ نَحْشُرُ الْـمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا ﴾[مريم: 85], فَهُمْ وُفودُ اللهِ , لا أكرم على اللهِ من هذا الصنف الذين وَفَدُواْ عليه بعد أن عبدواْهُ حقاً العبادة , و تستقبلهم الملائكة , فربُّنا يُبيّنُ في كتابه الكريم , قال : ﴿لا يَـحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَ تَتَلَقَّاهُمُ الْـمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْـتُـمْ تُوعَدُونَ﴾ [الأنبياء: 103]
و إِذَا وَصَلُواْ إِلَى عرصة القيامة , كانواْ في ظلِّ عرشِ الرحمن , فقد جاء بالبخاري و مسلمٍ من حديث أبي هريرة أن الرسول – عليه الصلاة و السلام – قال : (( سبعة يظلهم الله في ظلّه يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادةالله، ورجل قلبه معلق بالمساجد ورجلان تحابا في الله اجتمعاعليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله رب العالمين , ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه،، ورجل تصدق بصدقة فأخفاهاحتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه))
و جاء من حديث عُقبة عند الإمام أحمد و غيره , أن الرسول – عليه الصلاة و السلام - قال : ((كل امرئٍ في ظل صدقته يوم القيامة )), و جاء عند مسلم و غيره حديث أبي يسر أن الرسول – عليه الصلاة و السلام – قال : (( مَنْ أَنْذَرَ مُعْسِرَ أَوْ وَضَعَ عنه أَظَلَّهُ اللهُ في ظلِّه يومَ القيامة )) , فهذا الصنف في ذلك اليوم العصيب , في ذلك اليومِ العصيبِ , في ظلِّ عرش الرحمن مُكرَّمٌ عند الله , مَقْبولٌ عِنْدَ الله في ضيافة الله سبحانه و تعالى , و هذا الصنف يُعْرَضُ على الله ِ , و يُحاسبُ , و لكن حِساباً خفيفةٌ , مَنْ حُشِدَ مِنْ هذا الصنف , فيُحَاسَبُ حِساباً خفيفة , و يُحاسَبُ سريةٌ و لا حساب خزي , فضيحةٍ و جهرٍ و إعلانٍ , لأنه مَقبولٌ عند الله , يَعْفُو اللهُ عنه و يُكفِّرُ عنه سيئاته , و يقبله , و يغفر له سبحانه و تعالى.
كذلك أيضاً هذا الصنف في عرصة القيامة , و بعد حسابه إنه ينال مُرافقةَ النبي – عليه الصلاة و السلام – في يوم القيامة , , فيشرب مِنْ حوض النبي – عليه الصلاة و السلام – يكون وَفْداً على النبي – عليه الصلاة و السلام – و لهذا جاء مما يصلح اليمن مِنْ حديث ثوبان عند مسلمٍ , أن الرسول – عليه الصلاة و السلام – قال : (( ألا و إني لَبْعُقْر حوضي , أذود الناسِ عن الحوض حتَّى يرفض عن أهل اليمن)) أي : يُوَسِّعُ لأهل اليمن ليشربواْ قبلَ كثيرٍ من الواردين عن الحوض , قبل كثير مِنَ الواردين عن الحوض.
كذلك أيضاً – هذا الصنف يأتي لِـيَمُرَّ على الصراط , يقول ربنا في كتابه الكريم : ﴿يَوْمَ تَرَى الْـمُؤْمِنِينَ وَ الْـمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾ [الحديد: 12] , فيكون معهم النورُ الذي به واصلٌ السير على الصراط حتى ينجواْ مما يَحْدث لكثيرٍ من المؤمنين عند الصراط , و على الصراط , فينجون مِنَ الصَّراط ثم بعد ذلك يَقِفُون بين قنطرةٍ في الجنة و النار , يقفون عند قنطرةٍ بين الجنة و النار , ليتقاصواْ المظالمَ كان بينهم كما جاء مِنْ حديث أبي سعيد الخذري عند البخاري.
ثم بعد ذلك يتوجَّهون إلى جنة الرحمن , إلى جنة الرحمن , إلى دار الكرامة , إلى دار المتقين , قال الله في كتابه الكريم : ﴿وَ سِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَآءُوهَا وَ فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَ قَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ﴾ [الزمر: 73] , في استقبالهم عند دخول الجنة ملائكةُ اللهِ , انظرواْ الكراماتِ ما أكثرها و ما أجلها و ما أعظمها , المؤمنُ الصالح في الدنيا قد يُهان عند أهل الهوان , و عند أهل الإنحراف و الذِّل و لكنه يوم القيامة له صولة و جولة , له قبولٌ و إكرام تستقبلهم الملائكة , تُبشِّرهم و تَدْعُونهم و تقول : ﴿طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ﴾ [الزمر: 73] , ادخلِ الجنةَ لتتنعَّمُواْ فيها , و يقول ربنا في كتابه الكريم : ﴿وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ ءَابَآئِهِمْ وَ أَزْوَاجِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْـمَلآئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد: 23 – 24]
تُهَنِّئُهم الملائكةُ و تُسلِّمُ عليهم و تُبيّنُ لهم أن مِن أعظمِ أسبابِ وُصولِـهم إلى دار الكرامة و إلى دار النعيم أنَّهم صبرواْ في الدنيا , صبرواْ حتى أقامواْ الدين , و صبرواْ حتى تجتنبواْ المنكراتِ و السيئاتِ , صبرواْ حتى لاقوْ ربَّ العالمين و هم على الثباتِ على دين الله رب العالمين سبحانه و تعالى , فهنالك يأتون إلى الجنة و يُسْتَقبلون كما سمعتَ و و يَدْخُلُونَ الجنةَ مِنْ كُلِّ بابٍ حسب أعمالهم , الكثيرة الصالحة , فقد جاء في البخاري و مسلمٍ من حديث أبي هريرة أن الرسول – عليه الصلاة و السلام – قال : (( من أنفق زوجين من الجنةِ يُقال له : يا فلانُ ادخلْ مِنْ هذا البابِ )) قال – عليه الصلاة و السلام - : (( إن كان من أهل الصلاة , فيدخلُ من باب الصلاة , و إنْ كان من أهل الصيام فيدخلُ من باب الصيام , و إنْ كان مِنْ أهل الصدقة , فيدخلُ مِنْ باب الصدقة , و إنْ مِنْ أهل الجهاد , فيدخلُ مِنْ أهل الجهاد )).
ما معنى هذا الحديث ؟
يقول الحافظ بن حجر – رحمه اللهُ –(( هذه الأبوابُ التي يخصُّ بالدخول منها أفرادٌ أو المؤمنون دون غيرهم )) قال : (( هؤلاء المؤمنون هم الذين أكثرواْ من الطاعات )) يعني من كان مُكثِّراً مِنَ الصيام النافل , إنهُ يدخلُ مِنْ باب الصائمين , الخاص بالصائمين , و مَنْ كان مُكثِّراً مِنَ الصلوات المستحبة و المشروعة , يدخلُ مِنْ بابِ الصَّلاة , و مَنْ كان مُجاهداً فِي سبيلِ الله , يدخلُ مِنْ بابِ الـجهاد , و مَنْ كان مُكثِّراً مِنَ الصَّدقة في أفعال الخيري , يدخل مِنْ باب الصدقة.
و هذه الأبواب كلُّ بابٍ يُبلّغ الداخل أن يُوَصِّلُواْ الداخل إلى نعيم مِنْ نعيم الجنة , و إلى درجة مِنْ درجات الجنة , فها هم المؤمنون على أبوابِ الجنة يدخلون , و فيها يسكونون و يتمتَّعُون و ينالون الإكرام الإلآهي الأبدي , و النعيم الرباني , النعيم المقيم , فإذا دخلَ المؤمنونَ الجنةَ..
فماذا يحصل ؟
فقد جاء في صحيح مسلم أن الرسول – عليه الصلاة و السلام – قال : ((إذا دخل أهلُ الجنةِ الجنةَ نادى مُنادٍ : يا أهل الجنة لكم أن تنعَّمُواْ فلا تبئسواْ أبداً , و أن تشبِّعُواْ فلا تحرمواْ أبداً , و أن تحيوْ فلا تموتواْ أبداً , و أن تقيمواْ فلا تبعواْ أبداً )) , يا أهلَ الجنة – نعيم !! نعيم!! هذا إكرام الله و أعطاء الله الذي وعد به المؤمنين , فيدخلون الجنةَ , و ما أدراك ما الجنة ؟
قال سيّدُ الأولين و الآخرين كما في البخاري و مسلمٍ عن ربه سبحانه و تعالى : (( أعدتُ لعبادي الصالحين , ما لا عين رأيتْ , و لا أُذن سمعتْ و لا خطر على القلب بشر )) روى الإمام البخاري و مسلمٌ مِنْ حديث سعد بن سعد أن الرسول – عليه الصلاة و السلام – قال : (( لَـمَوْضِعُ صوتِ أحدكم في الجنة خيرٌ مِنَ الدنيا و ما فيها ))موضع الصوت , يُعْطَى لك في الجنة خيرٌ مِنَ الدنيا و ما فيما , ما بالُكَ إذا كان يُعْطَى للمؤمنين الجنات , إذا كانتِ الجناتُ , الجنات مِنْ ذهبٍ , و الجنات مِنْ فضّةٍ , إذا كانت قُصوراً , إذا كانتْ قُصوراً , و إذا كانت حوراً , و إذا كانت أنهاراً , و نعيماً ليس له , لم يخطر لنا هذا النعيم على بالٍ , هذا كلُّهُ أعدَّه اللهُ لعباده المؤمنين , هذا هو الـمُلْكُ , هذا هو الـمُلْكُ على ترضى لنفسك بأنْ تكونَ مِنْ مُلُوكِ الآخرة , مِنْ ملوك الآخرة !! عندك كلُّ نعيمٍ , يأتيك كلُّ نعيمٍ , تدخل جنةُ اللهِ , دار الكرامة , دار المتقين , و تُجاوِرُ أكرمَ الأكرمين و أرحمَ الراحمين , و تُرافق سيّدَ الأولين و الآخرين , قال ربنا :﴿إِنَّ الْـمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ نَهَرٍ﴾[القمر: 54]
انظرْ – يا مسلم – هذه الطاعات التي تُؤديها , ماذا أثمرتْ لك ؟ ماذا أثمرتْ لك ؟ انظرِ الآخرة , ماذا عند اللهِ مِن النعيم , و الإكرام لعباده المؤمنين , يقول ربُّنا في كتابه الكريم : ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْـمُتَّقُونَ فِيهَآ أَنْهَارٌ مِنْ مَآءٍ غَيْرِ ءَاسِنٍ وَ أَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَ أَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَ أَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفَّى وَ لَـهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ ﴾[محمد: 15]
أَبْشِرْ – يا مسلم – بكل النعيم المُقيم في تلك الدارِ التي جعلها اللهُ دارَ الإكرام , و الإنعامِ لعباده المؤمنين , ألا ترضى بهذا الأعطاء ؟ ألا ترضى بهذا الإكرام ؟ , إِنَّ اللهَ عز وجلَّ قال في كتابه الكريم : ﴿إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوَالَـهُمْ بِأَنَّ لَـهُمُ الْجَنَّـةَ ﴾[التوبة: 111], رَبِحْتَ – يا مسلم – و اللهِ , رَبِحْتَ و اللهِ !! رَبِحْتَ , واللهِ !! رَبِحْتَ , واللهِ !! إذا صدّقْتَ مع اللهِ و أَخْلَصْتَ لله , و أَدَيْتَ عبادة اللهِ و شَكَرْتَ اللهَ , واجتنبْتَ ما يُعْذِبُ و ما يُسْخِطُ ,
أَسْتَغْفِرُ اللهَ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.