![]() |
استحالة خلق الإنسان عبثًا
لقد ظن قومٌ أن هذه الحياة فرصة للأكل والمتع والشهوات واللذائذ، فتنافسوا على الرغيف، وقضوا حياتهم في تلبية نزواتهم وشهواتهم ومتعهم ولذائذهم، وهذه الأهداف أهداف هزيلة وضئيلة لا قيمة لها؛ لأن الإنسان يشارك فيها الحيوان، والحيوانات لا تتجاوز أهدافها في هذه الحياة هذه الأهداف.
والله تبارك وتعالى يعيب على الكفار أن تكون تحليلاتهم لهذه الحياة عند هذا المستوى، فيقول جل ذكره: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ ﴾ [1] ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ ﴾ في الدنيا ﴿ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ ﴾ التي تأكل وهي غير عابئة بعاقبتها، ولا حاسبة لمآلها حساباً. ومآلها النحر والذبح والمهانة، ﴿ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ ﴾ أي منزل ومقام ومصير[2]. ويقول عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم: ﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ﴾ [الفرقان: 44] [3] أم تظن أن أكثرهم يسمعون آيات الله سماع تدبر، أو يفهمون ما فيها؟ ما هم إلا كالبهائم في عدم الانتفاع بما يسمعونه، بل هم أضل طريقًا منها[4]. ويقول سبحانه وهو يخبر أن هؤلاء هم الذين ذرأهم الله للنار: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الأعراف: 179] [5] ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا ﴾ أي خلقنا ﴿ لِجَهَنَّمَ ﴾ أي لدخولها والتعذيب بها ﴿ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ﴾ وهم الكفار من الفريقين، الموصوفون بقوله تعالى: ﴿ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا ﴾ أي آيات الله الهادية إلى الكمالات ﴿ وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا ﴾ أي دلائل وحدته، بصر اعتبار ﴿ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا ﴾ أي الآيات والمواعظ سماع تدبر واتعاظ، يعني أنهم لا ينتفعون بشيء من هذه الجوارح التي جعلها الله سببا للهداية[6]. إذاً: ليس الهدف من خلق الإنسان أن يأكل ويشرب، ويتمتع وينكح وينام؛ هذه أهداف البهائم إذاً ما الهدف؟ هل يعيش الإنسان من أجل أن يموت؟ لأن نهاية الحياة الموت، لقد كان عدماً قبل أن يأتي، فلو كان الغرض من خلق الإنسان أن يموت لتركه الله في الأصل؛ عدماً، إذ ما معنى أن يأتي عبر تلك المراحل الشديدة، تسعة أشهر في معاناة وحمل وكره من قبل الأم، ثم وضع في كره، ثم إرضاع سنتين في تعب، ثم تربية إلى أن يكبر، ثم مجاهدة في الحياة وتعب ومعاناة وأمراض، وكد وكدح. والله تعالى يقول: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ ﴾ [البلد: 4] [7] يكابد مصائب الدنيا، وشدائد الآخرة[8]، والكبد: هو المعاناة، ثم بعد ذلك يموت وتنتهي الرحلة ولا يكون أي غرض غير هذا؟! أيخلق الإنسان من أجل أن يعاني ويتعب، ويكد وينصب ثم يموت؟ لا والله! إن الله عز وجل منزه عن العبث، يقول عز وجل: ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ﴾ [ص: 27] [9] أي: عبثاً: ﴿ ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ أي: هذا زعم الكفار: ﴿ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ﴾ أي: ويل لهم يوم معادهم ونشورهم من النار المعدة لهم[10]. ويقول تبارك وتعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ * لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ ﴾ [الأنبياء: 16، 17] [11] وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما عبثًا وباطلا بل لإقامة الحجة عليكم- أيها الناس- ولتعتبروا بذلك كله، فتعلموا أن الذي خلق ذلك لا يشبهه شيء، ولا تصلح العبادة إلا له[12]. ونستدل من كل هذا أن الإنسان لا بد أن يصحح فكره ومعتقده وينظر ما يرضى ربه حتى يفوز بما أعده الله للمفلحين. |
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك وأسال الله لك التوفيق دائما وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة وأن يثبت الله أجرك |
جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض ..
بآرك الله فيك على الطَرح القيم وَ في ميزآن حسناتك .. آسأل الله أنْ يَرزقـك فسيح آلجنات !! دمت بحفظ الله ورعآيته .. لِ روحكك |
اقتباس:
شكرا لرقي المرور |
اقتباس:
شكرا لرقي المرور |
جزاك الله عنا بخير الجزاء والجنه
بارك الله فيك ونفع بك وجعله في موازين حسناتك |
اقتباس:
شكرا لرقي مرورك |
جزاك الله خير و بارك بعلمك و عملك |
جزاك الله خيراً
وجعله في ميزان حسناتك ورزقك جنةً عرضها السموات والأرض |
|
الساعة الآن 11:29 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by
Advanced User Tagging (Lite) -
vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.