منتديات سكون القمر

منتديات سكون القمر (https://www.skoon-elqmar.com/vb//index.php)
-   ۩۞۩{ الشريعة الإسلامية والحياة }۩۞۩ (https://www.skoon-elqmar.com/vb//forumdisplay.php?f=2)
-   -   العيش في الدنيا بأنفاس الآخرة. (https://www.skoon-elqmar.com/vb//showthread.php?t=201123)

عطر الزنبق 10-28-2022 11:57 PM

العيش في الدنيا بأنفاس الآخرة.
 

العيش في الدنيا بأنفاس الآخرة.

شاءت مشيئة الله تعالى أن نُولد نحن أبناء آدم عليه السلام على وجه هذه الأرض، وأن ننشأ ونَتربَّى فوق هذه الدنيا، وأن نعيش ونموت ونُدفَن تحت تُرابها، ونخرج منها إلى أرض المحشر، ثم منه إمَّا إلى الجنة دار الخلد والنعيم، أو إلى جهنم دار الخزي والعذاب الأليم والعياذ بالله من ذلك
تلك خطة مسير الحياة الإنسانية.
الدنيا التي نعيش فيها ليست لنا دار القرار؛ وإنما هي ممرٌّ لنا نمرُّ به إلى عالم الآخرة، ولقد كلَّفنا الله تعالى بشريعة غرَّاء تضمن لنا النجاح والفلاح في هذه الدنيا والآخرة معًا، فالدنيا لنا مزرعة للآخرة، كما أخبرنا رسولُنا صلى الله عليه وسلم بذلك، نزرع في الدنيا، ونحصد في الآخرة، ويجعل الدنيا دار يستقرُّ فيها من لا دارَ له في الآخرة، ولها يجمع مَن لا عقل له، كما يُفهَم من ضوء الحديث.
من علامات إيمان الإنسان بفناء الدنيا وخلود الآخرة: التجافي عن دار الغُرور، والإنابة إلى دار الخُلود، والاستعداد للموت قبل نزول الموت، الإنسان لا يستطيع أن يخرج من هذه الدنيا إلا بالموت، لا بدَّ له من العيش فيها، ويعمل لإسعاد حياته الأُخروية،الإنسان يعيش في هذه الدنيا بجسده وأعضائه؛ ولكن روحه وقلبه وتصوراته تسبح في خيال الآخرة، يجتهد في الدنيا لأجل أن يسعد في الآخرة، ويحرم نفسه في الدنيا من ملذَّاتها وشهواتها لأجل الحصول على رضوان الله تعالى في الآخرة، هو يرسم نتيجة عمله وعاقبته في الآخرة قبل أن يضع قدمه للإقدام على عمل ما؛ هذا ما نعنيه من قولنا: (العيش في الدنيا بأنفاس الآخرة).
الإنسان المؤمن الحقيقي يعيش في هذه الدنيا مع بني جنسه، يشارك أفراحه وأحزانه، ويساهم في نشاطاته؛ ولكنه لا ينغمس في أمواج الدنيا، ولا يغفل عن هدفه الأقصى، هو دائمًا يتذكَّر أن أمامه حياة خالدة ينعم فيها المتقون، ويشقى فيها الكافرون.
لقد صوَّرت لنا آياتُ القرآن الكريم حقيقةَ الحياة الدنيا أوضح تصوير، نقتبس منها على سبيل العبرة قولَ الله تعالى:
(إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ اية 24 [يونس: 24].
طبيعة هذه الدنيا أنها لا تستقرُّ على حال؛ وإنما هي سريعة الزوال والفناء؛ يجب على الإنسان عايش فيها أن يعتبر من هذه الدنيا، ويأخذ منها لآخرته.
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((يقول العبدُ: مالي مالي، إنما له من مالِه ثلاثٌ: ما أكَلَ فأفْنَى، أو لبِس فأبْلَى، أو أعطى فاقْتَنى، وما سوى ذلك فهو ذاهبٌ، وتاركُه للناس))؛ (رواه مسلم).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا: ((مَن أحبَّ دنياه أضرَّ بآخرته، ومَن أحبَّ آخرته أضرَّ بدنياه، فآثروا ما يبقى على ما يفنى))؛ رواه أحمد.
وقد اتَّخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الدنيا الفانية كظلِّ شجرةٍ جلس المسافر المرهَق تحتها، ثم تركها، وواصل مشوارها إلى منزله، فعن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نام على حصير، فقام وقد أثَّر في جسده، فقال ابن مسعود: يا رسول الله، لو أمرتنا أن نبسط لك ونعمل، فقال: ((ما لي وللدُّنْيا، وما أنا والدُّنْيا إلا كراكبٍ استظَلَّ تحت شجرةٍ، ثم راحَ وتركَها))؛ رواه أحمد والترمذي.
نجد في آيات القرآن الكريم أنها دائمًا تسترعي أنظار القرَّاء والتالين إلى التفكُّر في أحوال الدنيا، ثم التنقُّل منها إلى أحوال الآخرة، نذكر على سبيل المثال هذه الآية؛ حيث قال الله تعالى فيها: ( وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ 6
ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ 7 [الحج: 6- 7]؛ هذه الآية صوَّرت لنا من صورة كون الأرض هامدة، ثم اهتزازها، وإنباتها كل زوج كريم كون الله تعالى قادرًا على إحياء الموتى يوم يُنفخ في الصور؛ هذا لفت أنظار الناس من حال الدنيا إلى حال الآخرة.
والرسول صلى الله عليه وسلم ربَّى أصحابه على هذه التربية الأُخروية، أصحابه كانوا يعيشون على وجه هذه الأرض؛ ولكن كان نظرهم ملصقًا بالآخرة، عن أنس رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي رجلًا يُقال له حارثة في بعض سكك المدينة، قال: ((كيف أصبحت يا حارثة؟))، قال: أصبحت مؤمنًا حقًّا، قال: ((إنَّ لكُلِّ إيمانٍ حقيقةً، فما حقيقةُ إيمانِك؟))، قال: عزفَتْ نفسي عن الدنيا، فأظمأتُ نهاري، وأسهرتُ ليلي، وكأني بعرش ربي بارزًا، وكأني بأهل الجنة في الجنة يتنعَّمُون فيها، وكأني بأهل النار في النار يُعذَّبون، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أصبتَ فالْزَمْ، مؤمنٌ نوَّر اللهُ قلبَه)).
ولننظر إلى بعض أدعية الرسول صلى الله عليه وسلم المسنونة، نجد هذه المعنويات في نصوصها كثيرة، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((اللهمَّ بك أصبحنا، وبك أمسينا، وبك نحيا، وبك نموت، وإليك النشور))، ويقول بعدما يستيقظ من النوم: ((الحمدُ للهِ الذي أحيانا بعدما أماتنا، وإليه النشور)).
مثل هذه الأدعية تُذكَّرنا بالآخرة، وتسوقنا من ضيق الدنيا إلى رحب الآخرة وسعتها، وترسِّخ في نفوس المؤمنين أن هذه الحياة الدنيا ليست النهاية؛ وإنما هي همزة وصل بالحياة الأبدية.
تصوَّر معي هذه المعنويات -أعني بها: العيش في الدنيا بأنفاس الآخرة- في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((للصائمِ فرحتانِ: فرحةٌ عند فطره، وفرحةُ عند لقاءِ ربِّه))؛ حيث جعل هذا الحديث الشريف المؤمن الصائم ينتظر لقاء الله لأجل أن يحصل على أجر الآخرة كاملًا.
تصوَّر معي كذلك جمال قول رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما أفطر: ((ذهَبَ الظَّمَأُ، وابتلَّت العُرُوق، وثبَتَ الأجْرُ إنْ شاء اللهُ تعالى))؛ يعني: يشكر العبد الصائم بعدما أفطر برزق الله تعالى، فقال: ((ذهب الظمأ)) الذي كان يُعانيه طول نهاره، ((وابتلَّت العروق)) الجافَّة، ولم يكتفِ بهذا القدر من الدعاء؛ وإنما مال إلى الجانب الحقيقي من هذا الدعاء؛ وهو أن تعب هذا الصيام يرجو أن يكون قد كتبه الله تعالى في صحيفة أعماله.
يُقال عن السيدة عائشة الصدِّيقة رضي الله تعالى عنها أنها كانت تُزيِّن الفلوس وتُعطِّرها لما كانت تنفقها على الفقير، حيث كانت تقول: إن هذه الفلوس تقع في يد الله الشريفة قبل أن تقع في يد الفقير.
وقد سمَّى الله تعالى بيتًا في الجنة ببيت الحمد؛ وذلك حيث إنه لو مات لأحد ذريته الصغيرة، فصبر على تلك المصيبة، يقول الله سبحانه وتعالى لملائكته: ((قبضتم ثمرة فؤاد عبدي، فماذا صنع؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله للملائكة: ابنوا له بيتًا في الجنة، وسمُّوه ببيت الحمد)).
والمؤمن الصائم في الدنيا يكون له بابٌ في الجنة باسم الريان، ويقول العبد المؤمن: سبحان الله مرة، والحمد لله مرة؛ فيغرس له شجرة في الجنة، فهذا التصوُّر والخيال يسوق العبد من الدنيا إلى الآخرة، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((مَن بنى لله بيتًا بنى اللهُ له بيتًا في الجنة)).
المؤمن يبني في الدنيا مسجدًا، فيجب عليه أن يتصوَّر أن الله يبني له بيتًا في الجنة، فهذه التصوُّرات الرائعة والمعنوية تجعل الإنسان يقتنع بأنه لا شيء يضيع في حياة المؤمن، فكل اجتهادٍ اجتهده المؤمن في حياته، وكل مصيبة أصابته فصبر عليها، وكل فَقْدٍ ذاقَ مرارتَه، وكل حرمان نزل في حياته، مضمونٌ له أجره وثوابه عند الله في الآخرة، فلا شيء يضيع في حياة المؤمن؛ وإنما هي مسألة وقت وزمان فقط.
عِشْ أيها الإنسان المرهق في كَبَدِ الدُّنيا بأنفاس الآخرة؛ تجد الحياة مليئةً بالنعمة والروحانية، تذكَّر وعد الله تعالى: تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83 القصص).

ضي القمر 10-29-2022 06:20 PM

بارك الله فيك وفي طرحك الطيب
وجزاك عنا كل خير
ونفع بما طرحت وجعله بموازين اعمالك
دمت بطاعة الله

نهيان 10-29-2022 09:22 PM

جزاك الله بخير الجزاء
والدرجة الرفيعه من الجنه
بارك الله فيك ونفع بك
وجعله في ميزان حسناتك

انثى برائحة الورد 10-31-2022 12:08 PM

جزاك الله خيرا عالطرح العطر
وبورك بعطاءك

مستريح البال 10-31-2022 07:24 PM

طــرح قيم بارك الله فيك واثابك الجنه
وجعله في ميزان حسناتك

مٌهُرِة أًلًخُلَيّجٌ ♕ 10-31-2022 08:50 PM

http://www.karom.net/up/uploads/13343230531.gif

عطر الزنبق 11-01-2022 02:37 PM

اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ضي القمر https://www.skoon-elqmar.com/vb/SKOO...s/viewpost.gif
بارك الله فيك وفي طرحك الطيب
وجزاك عنا كل خير
ونفع بما طرحت وجعله بموازين اعمالك
دمت بطاعة الله


https://i.pinimg.com/564x/70/41/3e/7...e1f1d29d71.jpg

عطر الزنبق 11-01-2022 02:38 PM

اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نهيان https://www.skoon-elqmar.com/vb/SKOO...s/viewpost.gif
جزاك الله بخير الجزاء
والدرجة الرفيعه من الجنه
بارك الله فيك ونفع بك
وجعله في ميزان حسناتك


https://i.pinimg.com/564x/70/41/3e/7...e1f1d29d71.jpg

عطر الزنبق 11-01-2022 02:38 PM

اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة انثى برائحة الورد https://www.skoon-elqmar.com/vb/SKOO...s/viewpost.gif
جزاك الله خيرا عالطرح العطر
وبورك بعطاءك



https://i.pinimg.com/564x/70/41/3e/7...e1f1d29d71.jpg


عطر الزنبق 11-01-2022 02:39 PM

اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مستريح البال https://www.skoon-elqmar.com/vb/SKOO...s/viewpost.gif
طــرح قيم بارك الله فيك واثابك الجنه
وجعله في ميزان حسناتك



https://i.pinimg.com/564x/70/41/3e/7...e1f1d29d71.jpg


عطر الزنبق 11-01-2022 02:39 PM

اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مٌهُرِة أًلًخُلَيّجٌ ♕ https://www.skoon-elqmar.com/vb/SKOO...s/viewpost.gif
http://www.karom.net/up/uploads/13343230531.gif




https://i.pinimg.com/564x/70/41/3e/7...e1f1d29d71.jpg

منصور 11-03-2022 08:49 PM

جزاك الله خيـر
وبارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائماً
وأن يجمعنا الله وأياكم
على الود والإخاء والمحبة
تحياتي لك

شايان 11-08-2022 08:37 PM

جزيتم الخير
لما حملت لنا ذائقتكم من رقي
وجعلها في ميزان حسناتكم

فراشه ورديه 11-09-2022 09:23 PM

https://i.pinimg.com/originals/66/a2...85c63257b5.gif

عطر الزنبق 12-04-2022 12:06 AM

اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منصور https://www.skoon-elqmar.com/vb/SKOO...s/viewpost.gif
جزاك الله خيـر
وبارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائماً
وأن يجمعنا الله وأياكم
على الود والإخاء والمحبة
تحياتي لك
https://www.eqrae.com/wp-content/upl...1332268049.gif

عطر الزنبق 12-04-2022 12:06 AM

اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شايان https://www.skoon-elqmar.com/vb/SKOO...s/viewpost.gif
جزيتم الخير
لما حملت لنا ذائقتكم من رقي
وجعلها في ميزان حسناتكم
https://www.eqrae.com/wp-content/upl...1332268049.gif

عطر الزنبق 12-04-2022 12:07 AM

اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فراشه ورديه https://www.skoon-elqmar.com/vb/SKOO...s/viewpost.gif
https://i.pinimg.com/originals/66/a2...85c63257b5.gif
https://www.eqrae.com/wp-content/upl...1332268049.gif

أميرة بكلمتي 10-17-2023 09:49 PM

https://i.pinimg.com/550x/37/5b/71/3...343d608efd.jpg


الساعة الآن 03:30 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.

 ملاحظة: كل مايكتب في هذا المنتدى لا يعبر عن رأي إدارة الموقع أو الأعضاء بل يعبر عن رأي كاتبه فقط

دعم وتطوير نواف كلك غلا