منتديات سكون القمر

منتديات سكون القمر (https://www.skoon-elqmar.com/vb//index.php)
-   ۩۞۩{دواووين شعراء الشعر الحديث والجاهلي }۩۞۩ (https://www.skoon-elqmar.com/vb//forumdisplay.php?f=166)
-   -   موسوعة شاملة لقصائد وأشعار أمير الشعراء أحمد شوقي.. (https://www.skoon-elqmar.com/vb//showthread.php?t=182194)

عطر الزنبق 04-20-2019 12:23 AM

موسوعة شاملة لقصائد وأشعار أمير الشعراء أحمد شوقي..
 




نبذة عن حياة الشاعر أحمد شوقي، سنقف عند شاعر وصفه النقاد بأنه أعظم شاعر في العربية بعد أبي الطيب المتنبي .رجل حكيم ، رقيق المشاعر ، محب لدينه ولوطنه ، صفات اجتمعت لتشكل شاعرا قلما يجود الزمان بمثله ، فانعقدت له بيعة الإمارة في هذا الفن ، وجاءته هذه البيعة من مختلف الأقطار العربية ، فدعونا نتعرف عن قرب ، على حياة أمير الشعراء أحمد شوقي .
من هو أحمد شوقي ؟


ولد أحمد شوقي بالقاهرة سنة 1868 من أسرة امتزجت عناصرها من الكرد والترك والشركس واليونان ، تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي بمسقط رأسه ، واستمر حتى نال إجازته في الحقوق والترجمة .
نال عطف حاكم مصر الخديوي توفيق ، فعينه موظفا في قصره لمدة عام ، ليرسله بعدها إلى فرنسا حيث تضلع في اللغة الفرنسية ، وتقوى في الدراسات القانونية والأدبية ، الشيء الذي مكّنه من ترجمة عدة قصص وأعمال أدبية فرنسية ، وألف أول مسرحية له وهي : ( ماهي دولة المماليك ) .
أحمد شوقي ورحلة العودة

تزامنت عودة شاعرنا أحمد شوقي مع وفاة الخديوي توفيق ، تاركا الإمارة لابنه الخديوي عباس ، فقربه إليه وتوطت صداقتهما ، فأصبح شاعر القصر بامتياز ، ينظم الشعر باسمه ، وينوه بسياسته ، الشيء الذي خلق له بعد المشاكل والتوترات مع القوى الوطنية ، التي كانت ترفض مهادنة الانكليز ، وتطالب بتحقيق الجلاء والاستقلال .
أحمد شوقي ورحلة المنفى

مع نشوب الحرب العالمية الأولى سنة 1914 ، تغيرت خارطة العالم وموازين القوى ، ومن مخلفات ذلك نظام الحماية الاستعماري ، والذي طال مصر في نفس السنة ، فأقال الإنكليز الخديوي عن الحكم ، وتولى السلطان حسين كامل زمامه ، الشيء الذي لم يتقبله أمير الشعراء ، فعبر عن سخطه ومعارضته للإنكليز ، فتم نفيه إلى الأندلس .

لماذا سمي أحمد شوقي بأمير الشعراء ؟


عاد أحمد شوقي إلى وطنه بعد أن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها ، لكنه عاد هذه المرة ليقف بجانب الشعب يتغنى بآماله ، ويعبر عن همومه وآلامه .
ويبدوا أن رحلة المنفى قد شكلت تغيرا كبيرا وفارقا في حياة وشخصية الشاعر ، وفي ذلك يقول الأديب والمفكر أنور الجندي : لست أدري هل كان سيصل شوقي إلى ذروة الكمال الفني لو لم يتح له أن ينفى ويقضي في الأندلس خمس سنوات ثم يعود خلقا جديدا وقد بعد عن القصر أو كاد …والحق أن نفي شوقي هو أخطر حادث في تاريخ حياته كله . أثر في مجرى أدبه وفنه وشخصيته جميعا .
في عام 1927 بايعه شعراء الأقطار العربية كلها بإمارة الشعر في حفل كبير أقيم بدار الأوبرا في القاهرة ، حيث وقف شاعر النيل حافظ إبراهيم ليقول :
أمير القوافي قد أتيت مبايعا * وهذي وفود الشرق قد بايعت معي
مؤلفات أحمد شوقي


– ديوان ضخم يعرف بالشوقيات ، وقد تنوعت أغراضه بين السياسة والاجتماع ، والوصف والرثاء ، والشعر التعليمي .
– لطلب ديوان أحمد شوقي ما عليك سوى الضغط على الزر أسفله أو على صورة الكتاب :
https://analbahr.com/wp-content/uplo...-أحمد-شوقي.jpg
اطلب ديوان الشوقيات الآن
– كتاب ( دول العرب وعظماء الإسلام ) ، يتناول التاريخ الإسلامي وعظماءه .
https://analbahr.com/wp-content/uplo...اء-الاسلام.jpg
اطلب كتاب دول العرب وعظماء الإسلام الآن
– مجموعة من الروايات والمسرحيات الشعرية والنثرية ، منها : مصرع كليوباترا ، ومجنون ليلى ، وعنترة ، وعذراء الهند ، ولادياس .
https://analbahr.com/wp-content/uplo...-أحمد-شوقي.jpg
اطلب كتاب الأعمال المسرحية الكاملة الآن
– مقالات اجتماعية جمعت سنة 1932 تحت عنوان ‘ أسواق الذهب ‘ .
https://analbahr.com/wp-content/uplo...سواق-الذهب.jpg
اطلب كتاب أسواق الذهب الآن
خصائص شعر أحمد شوقي


العرق المتنوع الذي شكل شخصية شوقي ، جعل منه شاعرا حساسا عطوفا ، انفعاليا ، متأملا ..صفات قلما تميز بها شاعر آخر ..وبالتالي شكلت هذه الخلطة العجيبة ميلاد شاعر سطر اسمه بقوة ، فصار علما في تاريخ الأدب العربي .
ولقد عرف شعر شوقي مراحل وتحولات تزامنا مع الأحداث التي طبعت المرحلة ، فهو شاعر البلاط الذي سخر شعره لمدح القصر وحاكمه الخديوي ، بل يعترف بذلك ويقول :
شاعر العزيز وما * بالقليل ذا اللقب
لكن بعد أن هاجر إلى فرنسا ، تغيرت رؤيته الضيقة تماما ، واكتشف أنه كان محصورا في زاوية قيدت شعره ومواهبه بشكل لم يتخيله إطلاقا ، فقد انفتح على عوالم من التجديد والفن والإبداع ، صقلت تجربته ، وكوّنت شخصيته الشعرية .
أما رحلة المنفى فكما سبق وذكرنا ، فهي الفارق الذي بعث روح الوطنية والدين والقومية في وجدان أمير الشعراء ، فعاد بفكر جديد ، وعقلية أجدد ، عنوانها حب الوطن والشعب .
اقرأ : تحليل قصيدة نهج البردة لأحمد شوقي في مدح الرسول الكريم

شعر أحمد شوقي عن الوطن


كان أحمد شوقي مسالما بطبعه ، يميل إلى الهدنة وضبط النفس ، وبالرغم من مواقفه في موالاة الأتراك ( لاعتبارهم مركز الخلافة الإسلامية ) ، ومهادنة الإنكليز إبان خدمته في قصر الخديوي ، إلا أنه لا يشكك أي شخص في وطنيته وحبه لمصر ، والذي تجلى في عدة مناسبات ، منها :
– قصيدة طويلة ألقاها بإحدى المؤتمرات الدولية بجنيف ، يعرض فيها أمجاد الحضارة المصرية ، وتأثيرها على تراث الإنسانية ، ويقول فيها :
همت الفلك واحتواها الماء * وحداها بمن تقل الرجاء
لجة عند لجة عند أخرى * كهضاب ماجت بها البيداء
قل لبان بنى فشاد فغالى * لم يجز مصر في الزمان بناء
– أما مرحلة المنفى ، فقد أبان الشاعر على حقيقة حبه لوطنه واشتياقه له ، ونعرض في هذا الإطار نونيته الشهيرة :
يا نائح الطلح أشباه عوادينا * نشجى لواديك ، أم نأسى لوادينا
– وسينيته التي مطلعها :
اختلاف النهار والليل ينسي * فاذكرا لي الصبا وأيام أنسي
وسلا مصر هل سلا القلب عنها * أو أسا جرحه الزمان المؤسي
وطني لو شغلت بالخلد عنه * نازعتني إليه في الخلد نفسي

الشعر التمثيلي عند أحمد شوقي


أحب الشاعر أحمد شوقي فن المسرح طوال حياته ، هذا الحب أذكته مرحلة تواجده بفرنسا ، وتأثره بالأدب الفرنسي ، فحاول أن يحاكي ذلك في مؤلفاته وقصصه المترجمة ، وقد كان يتردد كثيرا على المسارح ، ودائم الإشادة بالملحمات المسرحية الخالدة التي يفتخر بها الفرنسيون ، وتشكل ارتباطا وثيقا بتاريخهم القديم .
فسار أحمد شوقي على نفس المنوال ، فجعل من تاريخه القومي ( المصري – العربي ) ، مرآة لمسرحياته الشعرية ، وكانت أولى تجاربه مع مسرحية ( ما هي دولة المماليك ) ، أو ( علي بك الكبير ) ، حيث صور فيها تاريخ مصر ، وفترة الظلم والغدر التي طبعتها في فترة حكم المماليك .
هذا الشغف الكبير بفن المسرح ، جعل أحمد شوقي يفكر في خلق فن تمثيلي درامي جديد في الأدب العربي ، فتوالت مسرحياته تباعا ، مسرحية كليوباتره ، ثم أتبعها بمسرحيات : مجنون ليلى ، و عنترة ، و قمبيز .
وكانت له بصمة في فن الكوميديا ، فكتب كوميديا ( الست هدى ) شعرا ، وذلك بلغة شعبية محلية . على أن الطابع الغنائي الأخلاقي كان غالبا على الطابع الدرامي في مسرحياته ، إذ كان يلجأ إلى توزيع أبيات قصائده على مشاهد مسرحياته ، ويهمل أي حوار .
وهذا ما أكده الدكتور شوقي ضيف ، حينما نشر في كتابه ( شوقي شاعر العصر الحديث ) ، صفحات بخط يد شوقي من مسرحية مجنون ليلى ، ومن هذه الصفحات يتضح أن أحمد شوقي لم يكن يكتب حوارا عند تأليفه هذه المسرحيات ، بل كان يكتب قصائد ثم يوزع هذه القصائد بين المواقف التي تتضمنها المسرحية .
اقرأ : باقة من أجمل أشعار أحمد شوقي في الغزل و الحب

الشعر القصصي لأحمد شوقي


على غرار فن المسرح ، فقد اهتم أمير الشعراء بالفن القصصي ، وشرع في محاكاة الأدب الفرنسي فكتب مجموعة من الأقاصيص الشعرية القصيرة على ألسنة الحيوانات وللأطفال على غرار أقاصيص لافونتين الشهيرة . كما أن الجزء الرابع من شوقياته يضم مجموعة من القصص الجميلة .
كما كانت له محاولات نثرية في كتابة القصص التاريخية ، كلادياس ، وعذراء الهند ، وورقة الآس ، ومحاورات بينتاؤور .

قالوا عن أحمد شوقي


– قال طه حسين : ” …كنت شديد الإعجاب بشعر شوقي أقرؤه في لذة تكاد تشبه الفتنة ، وأثني عليه كلما لقيته ، فمازال شوقي يكسل ويقصر في تعهد شعره حتى ساء ظني بشعره أخيرا ” .
– قال الكاتب اللبناني انطوان الجميل : ” إنه لم يشد إلى قيثارة الشعر وترا جديدا ، ولكنه عرف كيف ينطق الأوتار القديمة بنغمات جديدة مستعذبة ” .
– وقال الشاعر خليل مطران : ” إن شوقي لا يكاد فكره في معنى أو مبنى ، وكثيرا ما يعارض المتقدمين ولا يعسر عليه أن يبزهم . وشعره هو شعر التفوق والعبقرية ” .
وقد وصف أحمد عبد الوهاب سكرتيره الخاص طريقة نظمه للشعر فقال : ” لقد لازمته في ليلة في بوفيه ( دي لابرد ) على كوبري قصر النيل وكان ذلك قبل الحرب ، فشرع يعمل في قصيدة النيل التي مطلعها :
من أي عهد في القرى تتدفق * وبأي كف في المدائن تغدق
وكان كل نصف ساعة يركب مركبة خيل ويسير في الجزيرة بضع دقائق ثم يعود إلى المنضدة التي كان يجلس عليها فيكتب عشرة أو اثنى عشر بيتا . وهكذا انتهت القصيدة في ليلة إلا بيتا استعصى عليه ولم يتمكن منه إلا بعد يومين ” .

من أشعار أحمد شوقي


أُنادي الرَسمَ لَو مَلَكَ الجَوابا * وَأُجزيهِ بِدَمعِيَ لَو أَثابا
وَقَلَّ لِحَقِّهِ العَبَراتُ تَجري * وَإِن كانَت سَوادَ القَلبِ ذابا
ويا وطني لقيتك بعد يأس * كأني قد لقيت بك الشبابا
***
على قدرِ الهوى يأْتي العِتابُ * ومَنْ عاتبتُ يَفْديِه الصِّحابُ
ألوم معذِّبي ، فألومُ نفسي * فأُغضِبها ويرضيها العذاب
ولو أنَي استطعتُ لتبتُ عنه * ولكنْ كيف عن روحي المتاب؟
***
اِختِلافُ النَهارِ وَاللَيلِ يُنسي * اُذكُرا لِيَ الصِبا وَأَيّامَ أُنسي
وَصِفا لي مُلاوَةً مِن شَبابٍ * صُوِّرَت مِن تَصَوُّراتٍ وَمَسِّ
عصفتْ كالصَّبا اللعوبِ ومرّت * سِنة ً حُلوة ً، ولذَّة ُ خَلْس
وسلا مصرَ : هل سلا القلبُ عنها * أَو أَسا جُرحَه الزمان المؤسّي؟
***
عادَت أَغاني العُرسِ رَجعَ نُواحِ * وَنُعيتِ بَينَ مَعالِمِ الأَفراحِ
كُفِّنتِ في لَيلِ الزَفافِ بِثَوبِهِ * وَدُفِنتِ عِندَ تَبَلُّجِ الإِصباحِ
شُيِّعتِ مِن هَلَعٍ بِعَبرَةِ ضاحِكٍ * في كُلِّ ناحِيَةٍ وَسَكرَةِ صاحِ
ضَجَّت عَلَيكِ مَآذِنٌ وَمَنابِرٌ * وَبَكَت عَلَيكَ مَمالِكٌ وَنَواحِ

وفاة الشاعر أحمد شوقي


لقد اجتمعت ظروف العيش الرغيد لشاعرنا أحمد شوقي ، فظل يسافر إلى فرنسا منشغلا بهوايته المفضلة التأليف المسرحي ، وتارة يقضي عطلة مفتوحة بلبنان ، وظل كذلك إلى أن توفاه الله في 13 أكتوبر سنة 1932 ، بقصره المعروف باسم ( كرمة بن هانئ ) على ضفاف النيل بالجيزة .
وطبع شعره بعد وفاته باسم الشوقيات ، كما طبعت مسرحياته وقصصه النثرية ومقالاته ، وكذا أرجوزته المطولة عن تاريخ العرب والإسلام .

عطر الزنبق 04-20-2019 12:25 AM

قصائده وأشعاره
نبدأ على بركة الله
لكن رجاء لا ردود حتى أكمل الموسوعة رجاء
ولكم جزيل الشكر

عطر الزنبق 06-12-2019 03:04 AM


http://img1.picmix.com/output/stamp/...8317_42a40.gif


( شيعت أحلامي بقلب باك )


شَيّعـتُ أَحْـلامـي بقلـبٍ بـاكِ

ولَمَحتُ من طُرُق المِـلاحِ شِباكـي

ورجـعـتُ أَدراجَ الشبـاب ووِرْدَه

أَمشي مكانَهمـا علـى الأَشـواكِ

وبجـانبِـي واهٍ كـأَن خُفـوقَـه

لَمـا تلفَّـتَ جَهْشَـةُ المُتبـاكـي

شاكِي السلاحِ إذا خـلا بضلوعـه

فإذا أُهيـبَ بـه فليـس بـشـاكِ

قد راعـه أَنـي طوَيْـتُ حبائلـي

من بعـد طـول تنـاولٍ وفكـاكِ

وَيْحَ ابنِ جَنْبـي ؟ كلُّ غايـةِ لـذَّةٍ

بعـدَ الشبـابِ عـزيـزةُ الإدراكِ

لـم تَبـقَ منَّا ، يا فـؤادُ ، بقيّـةٌ

لـفـتـوّةٍ ، أَو فَضلـةٌ لـعِـراكِ

كنا إذا صفَّقْـتَ نستبـق الـهوى

ونَشُـدُّ شَـدَّ العُصبـةِ الـفُتَّـاكِ

واليومَ تبعـث فـيّ حيـن تَهُزُّنـي

مـا يبعـث الناقـوسُ فِي النُّسّـاكِ

يا جارةَ الوادي ، طَرِبْـتُ وعادنـي

ما يشبـهُ الأَحـلامَ مـن ذكـراكِ

مَثَّلْتُ فِي الذِكْرَى هَواكِ وفِي الكَرَى

والذِّكرياتُ صَدَى السّنينَ الحَاكـي

ولقد مررتُ على الريـاض برَبْـوَةٍ

غَـنَّـاءَ كنـتُ حِيالَهـا أَلقـاكِ

ضحِكَتْ إلـيَّ وجُوهها وعيونُهـا

ووجـدْتُ فِـي أَنفاسهـا ريّـاكِ

فذهبتُ فِي الأَيـام أَذكـر رَفْرَفـاً

بيـن الجـداولِ والعيـونِ حَـواكِ

أَذكَرْتِ هَرْوَلَةَ الصبابـةِ والـهوى

لـما خَطَـرْتِ يُقبِّـلان خُطـاكِ ؟

لم أَدر ما طِيبُ العِناقِ على الـهوى

حتـى ترفَّـق ساعـدي فطـواكِ

وتأَوَّدَتْ أَعطـافُ بانِك فِي يـدي

واحـمرّ مـن خَفَرَيْهمـا خـدّاكِ

ودخَلْتُ فِي ليلين: فَرْعِك والدُّجـى

ولثمـتُ كالصّبـح المنـوِّرِ فـاكِ

ووجدْتُ فِي كُنْهِ الجوانـحِ نَشْـوَةً

من طيب فيك ، ومن سُلاف لَمَـاكِ

وتعطَّلَتْ لغـةُ الكـلامِ وخاطبَـتْ

عَيْنَـيَّ فِي لُغَـة الـهَوى عينـاكِ

ومَحَوْتُ كلَّ لُبانـةٍ من خاطـري

ونَسِيـتُ كلَّ تَعاتُـبٍ وتَشاكـي

لا أَمسِ من عمرِ الزمـان ولا غَـد

جُمِع الزمانُ فكـان يـومَ رِضـاكِ

لُبنانُ ، ردّتنـي إليكَ مـن النـوى

أَقـدارُ سَـيْـرٍ للـحـيـاةِ دَرَاكِ

جمعَتْ نزيلَيْ ظَهرِهـا مـن فُرقـةٍ

كُـرَةٌ وراءَ صَـوالـجِ الأَفــلاكِ

نـمشي عليها فوقَ كـلِّ فجـاءَة

كالطير فـوقَ مَكامِـنِ الأَشـراكِ

ولو أَنّ بالشوق الـمزارُ وجدتنـي

مُلْقي الرحالِ على ثَـراك الذاكـي

بِنْـتَ البِقـاع وأُمَّ بَـرَ دُونِـيِّـها

طِيبي كجِلَّـقَ ، واسكنـي بَـرداكِ

ودِمَشْقُ جَنَّـاتُ النعيـم ،وإنـما

أَلفَيْـتُ سُـدَّةَ عَـدْنِهِـنَّ رُبـاكِ

قَسَماً لو انتمت الـجداول والرُّبـا

لتهلَّـل الفـردوسُ ، ثـمَّ نَمـاكِ

مَـرْآكِ مَـرْآه وَعَيْنُـكِ عَيْـنُـه

لِـمْ يا زُحَيْلـةُ لا يكـون أَبـاكِ ؟

تلـك الكُـرومُ بقيَّـةٌ مـن بابـلٍ

هَيْهَـاتَ! نَسَّـى البابلـيَّ جَنـاكِ

تُبْدِي كَوَشْيِ الفُرْسِ أَفْتَـنَ صِبْغـةٍ

للناظـريـن إلـى أَلَـذِّ حِـيـاكِ

خَرَزاتِ مِسْكٍ ، أَو عُقودَ الكهربـا

أُودِعْـنَ كافـوراً مـن الأَسـلاكِ

فكَّرْتُ فِي لَبَـنِ الجِنـانِ وخمرِهـا

لـما رأَيْتُ الـماءَ مَـسَّ طِـلاكِ

لـم أَنْسَ من هِبَةِ الزمـانِ عَشِيَّـةً

سَلَفَتْ بظلِّـكِ وانقضَـتْ بِـذَراكِ

كُنتِ العروسَ على مِنصَّة جِنْحِـها

لُبنانُ فِي الوَشْـيِ الكريـم جَـلاكِ

يـمشي إليكِ اللّحظُ فِي الديباج أَو

فِي العاج من أَي الشِّعـابِ أَتـاكِ

ضَمَّـتْ ذراعيْـها الطبيعـةُ رِقَّـةً

صِنِّيـنَ والحَـرَمُـونَ فاحتضنـاكِ

والبـدرُ فِي ثَبَـج السمـاءِ مُنَـوِّرٌ

سالت حُلاه على الثـرى وحُـلاكِ

والنيِّـرات مـن السحـاب مُطِلَّـةٌ

كالغِيـد من سِتْـرٍ ومـن شُبّـاكِ

وكأَنَّ كـلَّ ذُؤابـةٍ مـن شاهِـقٍ

كنُ الـمجرَّةِ أَو جـدارُ سِمـاكِ

سكنَتْ نواحـي الليـلِ ، إلا أَنَّـةً

فِي الأَيْكِ، أَو وَتَر اًشَجِـيَّ حَـراكِ

شرفاً ، عروسَ الأَرْز ، كلُّ خريـدةٍ

تـحتَ السماءِ من البـلاد فِـداكِ

رَكَـز البيـانُ علـى ذراك لـواءَه

ومشى ملـوكُ الشعـر فِي مَغنـاكِ

أُدباؤكِ الزُّهرُ الشمـوسُ ، ولا أَرى

أَرضاً تَمَخَّضُ بالشمـوس سِـواكِ

من كـلّ أَرْوَعَ علْمُـه فِي شعـره

ويراعـه مـن خُلْقـه بـمِـلاكِ

جمع القصائـدَ من رُبـاكِ ، وربّمـا

سرق الشمائلَ مـن نسيـم صَبـاكِ

موسى ببابكِ فِي الـمكارم والعـلا

وعَصاه فِي سحـر البيـانِ عَصـاكِ

أَحْلَلْتِ شعري منكِ فِي عُليا الـذُّرا

وجَمـعْـتِـه بـروايـة الأَمـلاكِ

إن تُكرمي يا زَحْلُ شعـري إننـي

أَنكـرْتُ كـلَّ قَـصـيـدَةٍ إلاَّكِ

أَنتِ الخيـالُ : بديعُـهُ ، وغريبُـه


اللهُ صـاغـك ، والـزمـانُ رَواكِ


http://img1.picmix.com/output/stamp/...8317_42a40.gif

عطر الزنبق 06-12-2019 03:06 AM

http://img1.picmix.com/output/stamp/...8317_42a40.gif


سَلامٌ مِن صَبا بَرَدى أَرَقُّ

وَدَمعٌ لا يُكَفكَفُ يا دِمَشقُ

وَمَعذِرَةُ اليَراعَةِ وَالقَوافي

جَلالُ الرُزءِ عَن وَصفٍ يَدِقُّ

وَذِكرى عَن خَواطِرِها لِقَلبي

إِلَيكِ تَلَفُّتٌ أَبَدًا وَخَفقُ

وَبي مِمّا رَمَتكِ بِهِ اللَيالي

جِراحاتٌ لَها في القَلبِ عُمقُ

دَخَلتُكِ وَالأَصيلُ لَهُ اِئتِلاقٌ

وَوَجهُكِ ضاحِكُ القَسَماتِ طَلقُ

وَتَحتَ جِنانِكِ الأَنهارُ تَجري

وَمِلءُ رُباكِ أَوراقٌ وَوُرْقُ

وَحَولي فِتيَةٌ غُرٌّ صِباحٌ

لَهُم في الفَضلِ غاياتٌ وَسَبقُ

عَلى لَهَواتِهِم شُعَراءُ لُسنٌ

وَفي أَعطافِهِم خُطَباءُ شُدقُ

رُواةُ قَصائِدي فَاعجَب لِشِعرٍ

بِكُلِّ مَحَلَّةٍ يَرويهِ خَلقُ

غَمَزتُ إِباءَهُمْ حَتّى تَلَظَّتْ

أُنوفُ الأُسدِ وَاضطَرَمَ المَدَقُّ

وَضَجَّ مِنَ الشَكيمَةِ كُلُّ حُرٍّ

أَبِيٍّ مِن أُمَيَّةَ فيهِ عِتقُ

لَحاها اللهُ أَنباءً تَوالَتْ

عَلى سَمعِ الوَلِيِّ بِما يَشُقُّ

يُفَصِّلُها إِلى الدُنيا بَريدٌ

وَيُجمِلُها إِلى الآفاقِ بَرقُ

تَكادُ لِرَوعَةِ الأَحداثِ فيها

تُخالُ مِنَ الخُرافَةِ وَهيَ صِدقُ

وَقيلَ مَعالِمُ التاريخِ دُكَّتْ

وَقيلَ أَصابَها تَلَفٌ وَحَرقُ

أَلَستِ دِمَشقُ لِلإِسلامِ ظِئرًا

وَمُرضِعَةُ الأُبُوَّةِ لا تُعَقُّ

صَلاحُ الدينِ تاجُكَ لَم يُجَمَّلْ

وَلَمْ يوسَمْ بِأَزيَنَ مِنهُ فَرقُ

وَكُلُّ حَضارَةٍ في الأَرضِ طالَتْ

لَها مِن سَرحِكِ العُلوِيِّ عِرقُ

سَماؤُكِ مِن حُلى الماضي كِتابٌ

وَأَرضُكِ مِن حُلى التاريخِ رَقُّ

بَنَيتِ الدَولَةَ الكُبرى وَمُلكًا

غُبارُ حَضارَتَيهِ لا يُشَقُّ

لَهُ بِالشامِ أَعلامٌ وَعُرسٌ

بَشائِرُهُ بِأَندَلُسٍ تَدُقُّ

رُباعُ الخلدِ وَيحَكِ ما دَهاها

أَحَقٌّ أَنَّها دَرَسَت أَحَقُّ

وَهَل غُرَفُ الجِنانِ مُنَضَّداتٌ

وَهَل لِنَعيمِهِنَّ كَأَمسِ نَسقُ

وَأَينَ دُمى المَقاصِرِ مِن حِجالٍ

مُهَتَّكَةٍ وَأَستارٍ تُشَقُّ

بَرَزنَ وَفي نَواحي الأَيكِ نارٌ

وَخَلفَ الأَيكِ أَفراخٌ تُزَقُّ

إِذا رُمنَ السَلامَةَ مِن طَريقٍ

أَتَت مِن دونِهِ لِلمَوتِ طُرقُ

بِلَيلٍ لِلقَذائِفِ وَالمَنايا

وَراءَ سَمائِهِ خَطفٌ وَصَعقُ

إِذا عَصَفَ الحَديدُ احمَرَّ أُفقٌ

عَلى جَنَباتِهِ وَاسوَدَّ أُفقُ

سَلي مَن راعَ غيدَكِ بَعدَ وَهنٍ

أَبَينَ فُؤادِهِ وَالصَخرِ فَرقُ

وَلِلمُستَعمِرينَ وَإِن أَلانوا

قُلوبٌ كَالحِجارَةِ لا تَرِقُّ

رَماكِ بِطَيشِهِ وَرَمى فَرَنسا

أَخو حَربٍ بِهِ صَلَفٌ وَحُمقُ

إِذاما جاءَهُ طُلّابُ حَقٍّ

يَقولُ عِصابَةٌ خَرَجوا وَشَقّوا

دَمُ الثُوّارِ تَعرِفُهُ فَرَنسا

وَتَعلَمُ أَنَّهُ نورٌ وَحَقُّ

جَرى في أَرضِها فيهِ حَياةٌ

كَمُنهَلِّ السَماءِ وَفيهِ رِزقُ

بِلادٌ ماتَ فِتيَتُها لِتَحيا

وَزالوا دونَ قَومِهِمُ لِيَبقوا

وَحُرِّرَتِ الشُعوبُ عَلى قَناها

فَكَيفَ عَلى قَناها تُستَرَقُّ

بَني سورِيَّةَ اطَّرِحوا الأَماني

وَأَلقوا عَنكُمُ الأَحلامَ أَلقوا

فَمِن خِدَعِ السِياسَةِ أَن تُغَرّوا

بِأَلقابِ الإِمارَةِ وَهيَ رِقُّ

وَكَمْ صَيَدٍ بَدا لَكَ مِن ذَليلٍ

كَما مالَتْ مِنَ المَصلوبِ عُنقُ

فُتوقُ المُلكِ تَحدُثُ ثُمَّ تَمضي

وَلا يَمضي لِمُختَلِفينَ فَتقُ

نَصَحتُ وَنَحنُ مُختَلِفونَ دارًا

وَلَكِن كُلُّنا في الهَمِّ شَرقُ

وَيَجمَعُنا إِذا اختَلَفَت بِلادٌ

بَيانٌ غَيرُ مُختَلِفٍ وَنُطقُ

وَقَفتُمْ بَينَ مَوتٍ أَو حَياةٍ

فَإِن رُمتُمْ نَعيمَ الدَهرِ فَاشْقَوا

وَلِلأَوطانِ في دَمِ كُلِّ حُرٍّ

يَدٌ سَلَفَت وَدَينٌ مُستَحِقُّ

وَمَن يَسقى وَيَشرَبُ بِالمَنايا

إِذا الأَحرارُ لَم يُسقوا وَيَسقوا

وَلا يَبني المَمالِكَ كَالضَحايا

وَلا يُدني الحُقوقَ وَلا يُحِقُّ

فَفي القَتلى لِأَجيالٍ حَياةٌ

وَفي الأَسرى فِدًى لَهُمُ وَعِتقُ

وَلِلحُرِّيَّةِ الحَمراءِ بابٌ

بِكُلِّ يَدٍ مُضَرَّجَةٍ يُدَقُّ

جَزاكُمْ ذو الجَلالِ بَني دِمَشقٍ

وَعِزُّ الشَرقِ أَوَّلُهُ دِمَشقُ

نَصَرتُمْ يَومَ مِحنَتِهِ أَخاكُمْ

وَكُلُّ أَخٍ بِنَصرِ أَخيهِ حَقُّ

وَما كانَ الدُروزُ قَبيلَ شَرٍّ

وَإِن أُخِذوا بِما لَم يَستَحِقّوا

وَلَكِن ذادَةٌ وَقُراةُ ضَيفٍ

كَيَنبوعِ الصَفا خَشُنوا وَرَقُّوا

لَهُم جَبَلٌ أَشَمُّ لَهُ شَعافٌ

مَوارِدُ في السَحابِ الجُونِ بُلقُ

لِكُلِّ لَبوءَةٍ وَلِكُلِّ شِبلٍ

نِضالٌ دونَ غايَتِهِ وَرَشقُ

كَأَنَّ مِنَ السَمَوأَلِ فيهِ شَيئًا

فَكُلُّ جِهاتِهِ شَرَفٌ وَخَلقُ






http://img1.picmix.com/output/stamp/...8317_42a40.gif

عطر الزنبق 06-12-2019 03:07 AM

http://img1.picmix.com/output/stamp/...8317_42a40.gif




عادت أَغاني العرسِ رَجْعَ نُواح

ونُعيتِ بين معالم الأَفراحِ

كُفِّنتِ في ليلِ الزفاف بثوبه

ودُفنتِ عند تبلُّج الإِصباح

شُيِّعتِ من هَلَعٍ بعَبْرةِ ضاحكٍ

في كلّ ناحيةٍ وسكرةِ صاح

ضجَّتْ عليكِ مآذنٌ ومنابر

وبكت عليك ممالكٌ ونواح

الهندُ والهةٌ ومصرُ حزينةٌ

تبكي عليك بمدمعٍ سَحّاحِ

والشامُ تسأَلُ والعراق وفارسٌ

أَمَحَا من الأَرض الخلافةَ ماح؟

وأَتت لك الجُمَعُ الجلائلُ مأْتماً

فقعدن فيه مَقاعدَ الأَنواح

يا لَلرّجال لحُرة مَوءُودة

قُتلت بغير جريرة وجُناح

إِنَّ الَّذين أَسَتْ جراحَكِ حربُهم

قتلتْكِ سلهمُ بغير جِراح

هتكوا بأَيديهم مُلاءَةَ فخرهِم

مَوْشِيَّةً بمواهب الفتاح

نزعوا عن الأَعناق خيرَ قِلادة

ونَضَوْا عن الأَعطاف خير وِشاح

حَسَبٌ أَتى طولُ الليالي دونَه

قد طاح بين عشيةٍ وصباح

وعَلاقَةٌ فُصِمَت عُرَى أَسبابها

كانت أَبرَّ علائقِ الأَرواح

جَمَعَت على البرِّ الحُضورَ وربما

جمَعتْ عليه سرائرَ النُّزَّاح

نظمت صفوفَ المسلمين وخَطْوَهم

في كلِّ غُدوةِ جُمعة ورواح

بكت الصلاةُ وتلك فتنةُ عابثٍ

بالشرع عِرْبيدِ القضاءِ وَقاح

أَفتى خُزَعْبِلَةً وقال ضلالةً

وأَتى بكفر في البلاد بواح

إِنَّ الذين جرى عليهم فقهُهُ

خُلقوا لِفقه كتيبة وسلاح

إِن حدّثوا نطقوا بخُرْسِ كتائبٍ

أَو خوطبوا سمِعوا بصُمِّ رِماح

استغفرُ الخلاقَ لستُ بجاحدٍ

من كنتُ أَدفعُ دونَه وألاحي

ما لي أُطوّقُهُ الملامَ وطالما

قلَّدتُه المأْثورَ من أَمداحي

هو ركنُ مملكة وحائطُ دُولةٍ

وقريعُ شهباءٍ وكبشُ نِطاح

أَأَقولُ مَن أَحيا الجماعةَ مُلحِدٌ

وأَقول مَن رد الحقوقَ إباحي

الحقُّ أَولى من وليِّك حرمةً

وأَحقُّ منك بنصرةٍ وكِفاح

فامدح على الحقِّ الرجالَ ولُمْهُم

أَو خَلِّ عنك مَواقفَ النصاح

ومِن الرجالِ إِذا انبريتَ لهدمهم

هرمٌ غليظُ مناكِبِ الصُّفّاحِ

فإِذا قذفتَ الحق في أَجلاده

ترك الصراعَ مُضعْضَعَ الألواح

أَدُّوا إِلى الغازي النصيحةَ يَنتصحْ

إِن الجوادَ يثوبُ بعد جِماح

إِن الغرورَ سقى الرئيسَ بِراحِه

كيف احتيالُك في صريع الراح

نقل الشرائعَ والعقائدَ والقرى

والناسَ نقلَ كتائبٍ في الساح

تركتْه كالشبح المؤلَّهِ أُمَّةٌ

لم تَسْلُ بعدُ عباد الأشباح

هُم أَطلقوا يده كقيصرَ فيهم

حتى تناول كلَّ غيرِ مباح

غرَّته طاعاتُ الجُموعِ ودولةٌ

وجد السوادُ لها هَوَى المُرتاح

وإِذا أَخذتَ المجدَ من أُمِّيةٍ

لم تُعطَ غيرَ سَرابِه اللّماح

منْ قائِلٌ للمسلمين مقالةً

لم يوحها غيرَ النصيحة واح؟

عهدُ الخلافةِ فِيَّ أَوّلُ ذائدٍ

عن حوضها ببراعةٍ نضَّاح

حبٌّ لذاتِ اللَّهِ كان ولم يزل

وهوىً لذاتِ الحقِّ والأصل

إِني أَنا المِصباحُ لست بضائع

حتى أَكونَ فراشةَ المصباح

غزواتُ أَدهم كُلِّلَت بذوابِلٍ

وفتوحُ أَنورَ فُصِّلت ِصفاح

ولَّتْ سيوفُهما وبان قناهُما

وشبا يَراعي غيرُ ذاتِ بَراح

لا تَبذلوا بُرَدَ النبي لِعاجزٍ

عُزُلٍ يدافَعُ دونَه بالراح

بالأَمس أَوهى المسلمين جراحةً

واليوم مدّ لهم يَدَ الجرّاح

فلتَسمَعُنّ بكل أَرضٍ داعياً

يدعو إِلى الكذّابِ أَو لسَجاح

ولتشهدُنّ بكل أَرض فِتنةً

فيها يباعُ الدِّين بيعَ سَماح

يُفتَى على ذهبِ المُعزِّ وسيفِه

وهوى النفوس وحِقْدِها المحاح






http://img1.picmix.com/output/stamp/...8317_42a40.gif

عطر الزنبق 06-12-2019 03:08 AM

رجاء عدم الردود حتى أنهي الموسوعة وشكرا

عطر الزنبق 06-12-2019 03:10 AM

http://img1.picmix.com/output/stamp/...8317_42a40.gif


وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ


وَفَـمُ الـزَمـانِ تَـبَـسُّـمٌ وَثَناءُ

الـروحُ وَالـمَـلَأُ الـمَلائِكُ حَولَهُ

لِـلـديـنِ وَالـدُنـيـا بِهِ بُشَراءُ

وَالـعَـرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي

وَالـمُـنـتَـهى وَالسِدرَةُ العَصماءُ

وَحَـديـقَـةُ الفُرقانِ ضاحِكَةُ الرُبا

بِـالـتُـرجُـمـ انِ شَـذِيَّةٌ غَنّاءُ

وَالـوَحيُ يَقطُرُ سَلسَلاً مِن سَلسَلٍ

وَالـلَـوحُ وَالـقَـلَـمُ البَديعُ رُواءُ

نُـظِمَت أَسامي الرُسلِ فَهيَ صَحيفَةٌ

فـي الـلَـوحِ وَاِسمُ مُحَمَّدٍ طُغَراءُ

اِسـمُ الـجَـلالَةِ في بَديعِ حُروفِهِ

أَلِـفٌ هُـنـالِـكَ وَاِسمُ طَهَ الباءُ

يـا خَـيـرَ مَن جاءَ الوُجودَ تَحِيَّةً

مِـن مُرسَلينَ إِلى الهُدى بِكَ جاؤوا

بَـيـتُ الـنَـبِـيّينَ الَّذي لا يَلتَقي

إِلّا الـحَـنـائِـفُ فـيهِ وَالحُنَفاءُ

خَـيـرُ الأُبُـوَّةِ حـازَهُـم لَكَ آدَمٌ

دونَ الأَنــامِ وَأَحــرَزَت حَـوّاءُ

هُـم أَدرَكـوا عِـزَّ النُبُوَّةِ وَاِنتَهَت

فـيـهـا إِلَـيـكَ الـعِزَّةُ القَعساءُ

خُـلِـقَـت لِبَيتِكَ وَهوَ مَخلوقٌ لَها

إِنَّ الـعَـظـائِـمَ كُفؤُها العُظَماءُ

بِـكَ بَـشَّـرَ الـلَهُ السَماءَ فَزُيِّنَت

وَتَـضَـوَّعَـت مِـسكاً بِكَ الغَبراءُ

وَبَـدا مُـحَـيّـاكَ الَّـذي قَسَماتُهُ

حَـقٌّ وَغُـرَّتُـهُ هُـدىً وَحَـيـاءُ

وَعَـلَـيـهِ مِـن نورِ النُبُوَّةِ رَونَقٌ

وَمِـنَ الـخَـلـيلِ وَهَديِهِ سيماءُ

أَثـنـى المَسيحُ عَلَيهِ خَلفَ سَمائِهِ

وَتَـهَـلَّـلَـ ت وَاِهـتَـزَّتِ العَذراءُ

يَـومٌ يَـتـيهُ عَلى الزَمانِ صَباحُهُ

وَمَـسـاؤُهُ بِـمُـحَـمَّـدٍ وَضّاءُ

الـحَـقُّ عـالي الرُكنِ فيهِ مُظَفَّرٌ

فـي الـمُـلـكِ لا يَعلو عَلَيهِ لِواءُ

ذُعِـرَت عُروشُ الظالِمينَ فَزُلزِلَت

وَعَـلَـت عَـلـى تيجانِهِم أَصداءُ

وَالـنـارُ خـاوِيَةُ الجَوانِبِ حَولَهُم

خَـمَـدَت ذَوائِـبُها وَغاضَ الماءُ

وَالآيُ تَـتـرى وَالـخَـوارِقُ جَمَّةٌ

جِــبـريـلُ رَوّاحٌ بِـهـا غَـدّاءُ

نِـعـمَ الـيَـتيمُ بَدَت مَخايِلُ فَضلِهِ

وَالـيُـتـمُ رِزقٌ بَـعـضُهُ وَذَكاءُ

فـي الـمَهدِ يُستَسقى الحَيا بِرَجائِهِ

وَبِـقَـصـدِهِ تُـسـتَـدفَعُ البَأساءُ

بِسِوى الأَمانَةِ في الصِبا وَالصِدقِ لَم

يَـعـرِفـهُ أَهـلُ الصِدقِ وَالأُمَناءُ

يـا مَن لَهُ الأَخلاقُ ما تَهوى العُلا

مِـنـهـا وَمـا يَـتَعَشَّقُ الكُبَراءُ

لَـو لَـم تُـقِـم ديناً لَقامَت وَحدَها

ديـنـاً تُـضـيءُ بِـنـورِهِ الآناءُ

زانَـتـكَ في الخُلُقِ العَظيمِ شَمائِلٌ

يُـغـرى بِـهِـنَّ وَيـولَعُ الكُرَماءُ

أَمّـا الـجَمالُ فَأَنتَ شَمسُ سَمائِهِ

وَمَـلاحَـةُ الـصِـدّيـقِ مِنكَ أَياءُ

وَالـحُـسنُ مِن كَرَمِ الوُجوهِ وَخَيرُهُ

مـا أوتِـيَ الـقُـوّادُ وَالـزُعَماءُ

فَـإِذا سَـخَوتَ بَلَغتَ بِالجودِ المَدى

وَفَـعَـلـتَ مـا لا تَـفعَلُ الأَنواءُ

وَإِذا عَـفَـوتَ فَـقـادِراً وَمُـقَدَّراً

لا يَـسـتَـهـيـنُ بِعَفوِكَ الجُهَلاءُ

وَإِذا رَحِــمـتَ فَـأَنـتَ أُمٌّ أَو أَبٌ

هَـذانِ فـي الـدُنيا هُما الرُحَماءُ

وَإِذا غَـضِـبـتَ فَإِنَّما هِيَ غَضبَةٌ

فـي الـحَـقِّ لا ضِغنٌ وَلا بَغضاءُ

وَإِذا رَضـيـتَ فَـذاكَ في مَرضاتِهِ

وَرِضـى الـكَـثـيـرِ تَحَلُّمٌ وَرِياءُ

وَإِذا خَـطَـبـتَ فَـلِـلمَنابِرِ هِزَّةٌ

تَـعـرو الـنَـدِيَّ وَلِـلقُلوبِ بُكاءُ

وَإِذا قَـضَـيـتَ فَـلا اِرتِيابَ كَأَنَّما

جـاءَ الـخُصومَ مِنَ السَماءِ قَضاءُ

وَإِذا حَـمَـيـتَ الماءَ لَم يورَد وَلَو

أَنَّ الـقَـيـاصِـرَ وَالمُلوكَ ظِماءُ

وَإِذا أَجَـرتَ فَـأَنـتَ بَـيتُ اللَهِ لَم

يَـدخُـل عَـلَـيهِ المُستَجيرَ عَداءُ

وَإِذا مَـلَـكـتَ النَفسَ قُمتَ بِبِرِّها

وَلَـوَ اَنَّ مـا مَـلَكَت يَداكَ الشاءُ

وَإِذا بَـنَـيـتَ فَـخَيرُ زَوجٍ عِشرَةً

وَإِذا اِبـتَـنَـيـتَ فَـدونَـكَ الآباءُ

وَإِذا صَـحِـبتَ رَأى الوَفاءَ مُجَسَّماً

فـي بُـردِكَ الأَصـحابُ وَالخُلَطاءُ

وَإِذا أَخَـذتَ الـعَـهـدَ أَو أَعطَيتَهُ

فَـجَـمـيـعُ عَـهدِكَ ذِمَّةٌ وَوَفاءُ

وَإِذا مَـشَـيـتَ إِلى العِدا فَغَضَنفَرٌ

وَإِذا جَـرَيـتَ فَـإِنَّـكَ الـنَـكباءُ

وَتَـمُـدُّ حِـلـمَـكَ لِلسَفيهِ مُدارِياً

حَـتّـى يَـضيقَ بِعَرضِكَ السُفَهاءُ

فـي كُـلِّ نَـفسٍ مِن سُطاكَ مَهابَةٌ



وَلِـكُـلِّ نَـفـسٍ فـي نَداكَ رَجاءُ


http://img1.picmix.com/output/stamp/...8317_42a40.gif

عطر الزنبق 06-12-2019 03:11 AM

http://img1.picmix.com/output/stamp/...8317_42a40.gif





ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ

أَحَلَّ سَفكَ دَمي في الأَشهُرِ الحُرُمِ

رَمى القَضاءُ بِعَينَي جُؤذَرٍ أَسَدًا

يا ساكِنَ القاعِ أَدرِك ساكِنَ الأَجَمِ

لَمّا رَنا حَدَّثَتني النَفسُ قائِلَةً

يا وَيحَ جَنبِكَ بِالسَهمِ المُصيبِ رُمي

جَحَدتُها وَكَتَمتُ السَهمَ في كَبِدي

جُرحُ الأَحِبَّةِ عِندي غَيرُ ذي أَلَمِ

رُزِقتَ أَسمَحَ ما في الناسِ مِن خُلُقٍ

إِذا رُزِقتَ اِلتِماسَ العُذرِ في الشِيَمِ

يا لائِمي في هَواهُ وَالهَوى قَدَرٌ

لَو شَفَّكَ الوَجدُ لَم تَعذِل وَلَم تَلُمِ

لَقَد أَنَلتُكَ أُذنًا غَيرَ واعِيَةٍ

وَرُبَّ مُنتَصِتٍ وَالقَلبُ في صَمَمِ

يا ناعِسَ الطَرفِ لا ذُقتَ الهَوى أَبَدًا

أَسهَرتَ مُضناكَ في حِفظِ الهَوى فَنَمِ

أَفديكَ إِلفًا وَلا آلو الخَيالَ فِدًى

أَغراكَ باِلبُخلِ مَن أَغراهُ بِالكَرَمِ

سَرى فَصادَفَ جُرحًا دامِيًا فَأَسا

وَرُبَّ فَضلٍ عَلى العُشّاقِ لِلحُلُمِ

مَنِ المَوائِسُ بانًا بِالرُبى وَقَنًا

اللاعِباتُ بِروحي السافِحاتُ دَمي

السافِراتُ كَأَمثالِ البُدورِ ضُحًى

يُغِرنَ شَمسَ الضُحى بِالحَليِ وَالعِصَمِ

القاتِلاتُ بِأَجفانٍ بِها سَقَمٌ

وَلِلمَنِيَّةِ أَسبابٌ مِنَ السَقَمِ

العاثِراتُ بِأَلبابِ الرِجالِ وَما

أُقِلنَ مِن عَثَراتِ الدَلِّ في الرَسَمِ

المُضرِماتُ خُدودًا أَسفَرَتْ وَجَلَتْ

عَن فِتنَةٍ تُسلِمُ الأَكبادَ لِلضَرَمِ

الحامِلاتُ لِواءَ الحُسنِ مُختَلِفًا

أَشكالُهُ وَهوَ فَردٌ غَيرُ مُنقَسِمِ

مِن كُلِّ بَيضاءَ أَو سَمراءَ زُيِّنَتا

لِلعَينِ وَالحُسنُ في الآرامِ كَالعُصُمِ

يُرَعنَ لِلبَصَرِ السامي وَمِن عَجَبٍ

إِذا أَشَرنَ أَسَرنَ اللَيثَ بِالعَنَمِ

وَضَعتُ خَدّي وَقَسَّمتُ الفُؤادَ رُبًى

يَرتَعنَ في كُنُسٍ مِنهُ وَفي أَكَمِ

يا بِنتَ ذي اللَبَدِ المُحَميِّ جانِبُهُ

أَلقاكِ في الغابِ أَم أَلقاكِ في الأُطُمِ

ما كُنتُ أَعلَمُ حَتّى عَنَّ مَسكَنُهُ

أَنَّ المُنى وَالمَنايا مَضرِبُ الخِيَمِ

مَن أَنبَتَ الغُصنَ مِن صَمصامَةٍ ذَكَرٍ

وَأَخرَجَ الريمَ مِن ضِرغامَةٍ قَرِمِ

بَيني وَبَينُكِ مِن سُمرِ القَنا حُجُبٌ

وَمِثلُها عِفَّةٌ عُذرِيَّةُ العِصَمِ

لَم أَغشَ مَغناكِ إِلا في غُضونِ كِرًى

مَغناكَ أَبعَدُ لِلمُشتاقِ مِن إِرَمِ

يا نَفسُ دُنياكِ تُخفى كُلَّ مُبكِيَةٍ

وَإِن بَدا لَكِ مِنها حُسنُ مُبتَسَمِ

فُضّي بِتَقواكِ فاهًا كُلَّما ضَحِكَتْ

كَما يَفُضُّ أَذى الرَقشاءِ بِالثَرَمِ

مَخطوبَةٌ مُنذُ كانَ الناسُ خاطِبَةٌ

مِن أَوَّلِ الدَهرِ لَم تُرمِل وَلَم تَئَمِ

يَفنى الزَمانُ وَيَبقى مِن إِساءَتِها

جُرحٌ بِآدَمَ يَبكي مِنهُ في الأَدَمِ

لا تَحفَلي بِجَناها أَو جِنايَتِها

المَوتُ بِالزَهرِ مِثلُ المَوتِ بِالفَحَمِ

كَم نائِمٍ لا يَراها وَهيَ ساهِرَةٌ

لَولا الأَمانِيُّ وَالأَحلامُ لَم يَنَمِ

طَورًا تَمُدُّكَ في نُعمى وَعافِيَةٍ

وَتارَةً في قَرارِ البُؤسِ وَالوَصَمِ

كَم ضَلَّلَتكَ وَمَن تُحجَب بَصيرَتُهُ

إِن يَلقَ صابا يَرِد أَو عَلقَمًا يَسُمُ

يا وَيلَتاهُ لِنَفسي راعَها وَدَها

مُسوَدَّةُ الصُحفِ في مُبيَضَّةِ اللَمَمِ

رَكَضتُها في مَريعِ المَعصِياتِ وَما

أَخَذتُ مِن حِميَةِ الطاعاتِ لِلتُخَمِ

هامَت عَلى أَثَرِ اللَذّاتِ تَطلُبُها

وَالنَفسُ إِن يَدعُها داعي الصِبا تَهِمِ

صَلاحُ أَمرِكَ لِلأَخلاقِ مَرجِعُهُ

فَقَوِّمِ النَفسَ بِالأَخلاقِ تَستَقِمِ

وَالنَفسُ مِن خَيرِها في خَيرِ عافِيَةٍ

وَالنَفسُ مِن شَرِّها في مَرتَعٍ وَخِمِ

تَطغى إِذا مُكِّنَت مِن لَذَّةٍ وَهَوًى

طَغيَ الجِيادِ إِذا عَضَّت عَلى الشُكُمِ

إِن جَلَّ ذَنبي عَنِ الغُفرانِ لي أَمَلٌ

في اللَهِ يَجعَلُني في خَيرِ مُعتَصِمِ

أَلقى رَجائي إِذا عَزَّ المُجيرُ عَلى

مُفَرِّجِ الكَرَبِ في الدارَينِ وَالغَمَمِ

إِذا خَفَضتُ جَناحَ الذُلِّ أَسأَلُهُ

عِزَّ الشَفاعَةِ لَم أَسأَل سِوى أُمَمِ

وَإِن تَقَدَّمَ ذو تَقوى بِصالِحَةٍ

قَدَّمتُ بَينَ يَدَيهِ عَبرَةَ النَدَمِ

لَزِمتُ بابَ أَميرِ الأَنبِياءِ وَمَن

يُمسِك بِمِفتاحِ بابِ اللهِ يَغتَنِمِ

فَكُلُّ فَضلٍ وَإِحسانٍ وَعارِفَةٍ

ما بَينَ مُستَلِمٍ مِنهُ وَمُلتَزِمِ

عَلَّقتُ مِن مَدحِهِ حَبلاً أُعَزُّ بِهِ

في يَومِ لا عِزَّ بِالأَنسابِ وَاللُّحَمِ

يُزري قَريضي زُهَيرًا حينَ أَمدَحُهُ

وَلا يُقاسُ إِلى جودي لَدى هَرِمِ

مُحَمَّدٌ صَفوَةُ الباري وَرَحمَتُهُ

وَبُغيَةُ اللهِ مِن خَلقٍ وَمِن نَسَمِ

وَصاحِبُ الحَوضِ يَومَ الرُسلِ سائِلَةٌ

مَتى الوُرودُ وَجِبريلُ الأَمينُ ظَمي

سَناؤُهُ وَسَناهُ الشَمسُ طالِعَةً

فَالجِرمُ في فَلَكٍ وَالضَوءُ في عَلَمِ

قَد أَخطَأَ النَجمَ ما نالَت أُبُوَّتُهُ

مِن سُؤدُدٍ باذِخٍ في مَظهَرٍ سَنِمِ

نُموا إِلَيهِ فَزادوا في الوَرى شَرَفًا

وَرُبَّ أَصلٍ لِفَرعٍ في الفَخارِ نُمي

حَواهُ في سُبُحاتِ الطُهرِ قَبلَهُمُ

نورانِ قاما مَقامَ الصُلبِ وَالرَحِمِ

لَمّا رَآهُ بَحيرًا قالَ نَعرِفُهُ

بِما حَفِظنا مِنَ الأَسماءِ وَالسِيَمِ

سائِل حِراءَ وَروحَ القُدسِ هَل عَلِما

مَصونَ سِرٍّ عَنِ الإِدراكِ مُنكَتِمِ

كَم جَيئَةٍ وَذَهابٍ شُرِّفَتْ بِهِما

بَطحاءُ مَكَّةَ في الإِصباحِ وَالغَسَمِ

وَوَحشَةٍ لِاِبنِ عَبدِ اللَهِ بينَهُما

أَشهى مِنَ الأُنسِ بِالأَحسابِ وَالحَشَمِ

يُسامِرُ الوَحيَ فيها قَبلَ مَهبِطِهِ

وَمَن يُبَشِّر بِسيمى الخَيرِ يَتَّسِمِ

لَمّا دَعا الصَحبُ يَستَسقونَ مِن ظَمَإٍ

فاضَت يَداهُ مِنَ التَسنيمِ بِالسَنَمِ

وَظَلَّلَتهُ فَصارَت تَستَظِلُّ بِهِ

غَمامَةٌ جَذَبَتها خيرَةُ الدِيَمِ

مَحَبَّةٌ لِرَسولِ اللَهِ أُشرِبَها

قَعائِدُ الدَيرِ وَالرُهبانُ في القِمَمِ

إِنَّ الشَمائِلَ إِن رَقَّت يَكادُ بِها

يُغرى الجَمادُ وَيُغرى كُلُّ ذي نَسَمِ

وَنودِيَ اِقرَأ تَعالى اللهُ قائِلُها

لَم تَتَّصِل قَبلَ مَن قيلَت لَهُ بِفَمِ

هُناكَ أَذَّنَ لِلرَحَمَنِ فَاِمتَلأَتْ

أَسماعُ مَكَّةَ مِن قُدسِيَّةِ النَغَمِ

فَلا تَسَل عَن قُرَيشٍ كَيفَ حَيرَتُها

وَكَيفَ نُفرَتُها في السَهلِ وَالعَلَمِ

تَساءَلوا عَن عَظيمٍ قَد أَلَمَّ بِهِمْ

رَمى المَشايِخَ وَالوِلدانِ بِاللَمَمِ

يا جاهِلينَ عَلى الهادي وَدَعوَتِهِ

هَل تَجهَلونَ مَكانَ الصادِقِ العَلَمِ

لَقَّبتُموهُ أَمينَ القَومِ في صِغَرٍ

وَما الأَمينُ عَلى قَولٍ بِمُتَّهَمِ

فاقَ البُدورَ وَفاقَ الأَنبِياءَ فَكَمْ

بِالخُلقِ وَالخَلقِ مِن حُسنٍ وَمِن عِظَمِ

جاءَ النبِيّونَ بِالآياتِ فَاِنصَرَمَتْ

وَجِئتَنا بِحَكيمٍ غَيرِ مُنصَرِمِ

آياتُهُ كُلَّما طالَ المَدى جُدُدٌ

يَزينُهُنَّ جَلالُ العِتقِ وَالقِدَمِ

يَكادُ في لَفظَةٍ مِنهُ مُشَرَّفَةٍ

يوصيكَ بِالحَقِّ وَالتَقوى وَبِالرَحِمِ

يا أَفصَحَ الناطِقينَ الضادَ قاطِبَةً

حَديثُكَ الشَهدُ عِندَ الذائِقِ الفَهِمِ

حَلَّيتَ مِن عَطَلٍ جِيدَ البَيانِ بِهِ

في كُلِّ مُنتَثِرٍ في حُسنِ مُنتَظِمِ

بِكُلِّ قَولٍ كَريمٍ أَنتَ قائِلُهُ

تُحيِ القُلوبَ وَتُحيِ مَيِّتَ الهِمَمِ

سَرَت بَشائِرُ باِلهادي وَمَولِدِهِ

في الشَرقِ وَالغَربِ مَسرى النورِ في الظُلَمِ

تَخَطَّفَتْ مُهَجَ الطاغينَ مِن عَرَبٍ

وَطَيَّرَت أَنفُسَ الباغينَ مِن عُجُمِ

ريعَت لَها شَرَفُ الإيوانِ فَاِنصَدَعَتْ

مِن صَدمَةِ الحَقِّ لا مِن صَدمَةِ القُدُمِ

أَتَيتَ وَالناسُ فَوضى لا تَمُرُّ بِهِمْ

إِلا عَلى صَنَمٍ قَد هامَ في صَنَمِ

وَالأَرضُ مَملوءَةٌ جَورًا مُسَخَّرَةٌ

لِكُلِّ طاغِيَةٍ في الخَلقِ مُحتَكِمِ

مُسَيطِرُ الفُرسِ يَبغي في رَعِيَّتِهِ

وَقَيصَرُ الرومِ مِن كِبرٍ أَصَمُّ عَمِ

يُعَذِّبانِ عِبادَ اللَهِ في شُبَهٍ

وَيَذبَحانِ كَما ضَحَّيتَ بِالغَنَمِ

وَالخَلقُ يَفتِكُ أَقواهُمْ بِأَضعَفِهِمْ

كَاللَيثِ بِالبَهْمِ أَو كَالحوتِ بِالبَلَمِ

أَسرى بِكَ اللَهُ لَيلاً إِذ مَلائِكُهُ

وَالرُسلُ في المَسجِدِ الأَقصى عَلى قَدَمِ

لَمّا خَطَرتَ بِهِ اِلتَفّوا بِسَيِّدِهِمْ

كَالشُهبِ بِالبَدرِ أَو كَالجُندِ بِالعَلَمِ

صَلّى وَراءَكَ مِنهُمْ كُلُّ ذي خَطَرٍ

وَمَن يَفُز بِحَبيبِ اللهِ يَأتَمِمِ

جُبتَ السَماواتِ أَو ما فَوقَهُنَّ بِهِمْ

عَلى مُنَوَّرَةٍ دُرِّيَّةِ اللُجُمِ

رَكوبَةً لَكَ مِن عِزٍّ وَمِن شَرَفٍ

لا في الجِيادِ وَلا في الأَينُقِ الرُسُمِ

مَشيئَةُ الخالِقِ الباري وَصَنعَتُهُ

وَقُدرَةُ اللهِ فَوقَ الشَكِّ وَالتُهَمِ

حَتّى بَلَغتَ سَماءً لا يُطارُ لَها

عَلى جَناحٍ وَلا يُسعى عَلى قَدَمِ

وَقيلَ كُلُّ نَبِيٍّ عِندَ رُتبَتِهِ

وَيا مُحَمَّدُ هَذا العَرشُ فَاستَلِمِ

خَطَطتَ لِلدينِ وَالدُنيا عُلومَهُما

يا قارِئَ اللَوحِ بَل يا لامِسَ القَلَمِ

أَحَطتَ بَينَهُما بِالسِرِّ وَانكَشَفَت

لَكَ الخَزائِنُ مِن عِلمٍ وَمِن حِكَمِ

وَضاعَفَ القُربُ ما قُلِّدتَ مِن مِنَنٍ

بِلا عِدادٍ وَما طُوِّقتَ مِن نِعَمِ

سَل عُصبَةَ الشِركِ حَولَ الغارِ سائِمَةً

لَولا مُطارَدَةُ المُختارِ لَم تُسَمَ

هَل أَبصَروا الأَثَرَ الوَضّاءَ أَم سَمِعوا

هَمسَ التَسابيحِ وَالقُرآنِ مِن أُمَمِ

وَهَل تَمَثَّلَ نَسجُ العَنكَبوتِ لَهُمْ

كَالغابِ وَالحائِماتُ الزُغْبُ كَالرُخَمِ

فَأَدبَروا وَوُجوهُ الأَرضِ تَلعَنُهُمْ

كَباطِلٍ مِن جَلالِ الحَقِّ مُنهَزِمِ

لَولا يَدُ اللهِ بِالجارَينِ ما سَلِما

وَعَينُهُ حَولَ رُكنِ الدينِ لَم يَقُمِ

تَوارَيا بِجَناحِ اللهِ وَاستَتَرا

وَمَن يَضُمُّ جَناحُ اللهِ لا يُضَمِ

يا أَحمَدَ الخَيرِ لي جاهٌ بِتَسمِيَتي

وَكَيفَ لا يَتَسامى بِالرَسولِ سَمي

المادِحونَ وَأَربابُ الهَوى تَبَعٌ

لِصاحِبِ البُردَةِ الفَيحاءِ ذي القَدَمِ

مَديحُهُ فيكَ حُبٌّ خالِصٌ وَهَوًى

وَصادِقُ الحُبِّ يُملي صادِقَ الكَلَمِ

اللهُ يَشهَدُ أَنّي لا أُعارِضُهُ

من ذا يُعارِضُ صَوبَ العارِضِ العَرِمِ

وَإِنَّما أَنا بَعضُ الغابِطينَ وَمَنْ

يَغبِط وَلِيَّكَ لا يُذمَم وَلا يُلَمِ

هَذا مَقامٌ مِنَ الرَحمَنِ مُقتَبَسٌ

تَرمي مَهابَتُهُ سَحبانَ بِالبَكَمِ

البَدرُ دونَكَ في حُسنٍ وَفي شَرَفٍ

وَالبَحرُ دونَكَ في خَيرٍ وَفي كَرَمِ

شُمُّ الجِبالِ إِذا طاوَلتَها انخَفَضَتْ

وَالأَنجُمُ الزُهرُ ما واسَمتَها تَسِمِ

وَاللَيثُ دونَكَ بَأسًا عِندَ وَثبَتِهِ

إِذا مَشَيتَ إِلى شاكي السِلاحِ كَمي

تَهفو إِلَيكَ وَإِن أَدمَيتَ حَبَّتَها

في الحَربِ أَفئِدَةُ الأَبطالِ وَالبُهَمِ

مَحَبَّةُ اللَهِ أَلقاها وَهَيبَتُهُ

عَلى اِبنِ آمِنَةٍ في كُلِّ مُصطَدَمِ

كَأَنَّ وَجهَكَ تَحتَ النَقعِ بَدرُ دُجًى

يُضيءُ مُلتَثِمًا أَو غَيرَ مُلتَثِمِ

بَدرٌ تَطَلَّعَ في بَدرٍ فَغُرَّتُهُ

كَغُرَّةِ النَصرِ تَجلو داجِيَ الظُلَمِ

ذُكِرتَ بِاليُتمِ في القُرآنِ تَكرِمَةً

وَقيمَةُ اللُؤلُؤِ المَكنونِ في اليُتُمِ

اللهُ قَسَّمَ بَينَ الناسِ رِزقَهُمُ

وَأَنتَ خُيِّرتَ في الأَرزاقِ وَالقِسَمِ

إِن قُلتَ في الأَمرِ «لا» أَو قُلتَ فيهِ «نَعَم»

فَخيرَةُ اللهِ في «لا» مِنكَ أَو «نَعَمِ»

أَخوكَ عيسى دَعا مَيتًا فَقامَ لَهُ

وَأَنتَ أَحيَيتَ أَجيالاً مِنَ الزَّمَمِ

وَالجَهلُ مَوتٌ فَإِن أوتيتَ مُعجِزَةً

فَابعَث مِنَ الجَهلِ أَو فَابعَث مِنَ الرَجَمِ

قالوا غَزَوتَ وَرُسلُ اللَهِ ما بُعِثوا

لِقَتلِ نَفسٍ وَلا جاؤوا لِسَفكِ دَمِ

جَهلٌ وَتَضليلُ أَحلامٍ وَسَفسَطَةٌ

فَتَحتَ بِالسَيفِ بَعدَ الفَتحِ بِالقَلَمِ

لَمّا أَتى لَكَ عَفوًا كُلُّ ذي حَسَبٍ

تَكَفَّلَ السَيفُ بِالجُهّالِ وَالعَمَمِ

وَالشَرُّ إِن تَلقَهُ بِالخَيرِ ضِقتَ بِهِ

ذَرعًا وَإِن تَلقَهُ بِالشَرِّ يَنحَسِمِ

سَلِ المَسيحِيَّةَ الغَرّاءَ كَم شَرِبَتْ

بِالصابِ مِن شَهَواتِ الظالِمِ الغَلِمِ

طَريدَةُ الشِركِ يُؤذيها وَيوسِعُها

في كُلِّ حينٍ قِتالاً ساطِعَ الحَدَمِ

لَولا حُماةٌ لَها هَبّوا لِنُصرَتِها

بِالسَيفِ ما انتَفَعَت بِالرِفقِ وَالرُحَمِ

لَولا مَكانٌ لِعيسى عِندَ مُرسِلِهِ

وَحُرمَةٌ وَجَبَت لِلروحِ في القِدَمِ

لَسُمِّرَ البَدَنُ الطُهْرُ الشَريفُ عَلى

لَوحَينِ لَم يَخشَ مُؤذيهِ وَلَم يَجِمِ

جَلَّ المَسيحُ وَذاقَ الصَلبَ شانِئُهُ

إِنَّ العِقابَ بِقَدرِ الذَنبِ وَالجُرُمِ

أَخو النَبِيِّ وَروحُ اللهِ في نُزُلٍ

فَوقَ السَماءِ وَدونَ العَرشِ مُحتَرَمِ

عَلَّمتَهُمْ كُلَّ شَيءٍ يَجهَلونَ بِهِ

حَتّى القِتالَ وَما فيهِ مِنَ الذِّمَمِ

دَعَوتَهُمْ لِجِهادٍ فيهِ سُؤدُدُهُمْ

وَالحَربُ أُسُّ نِظامِ الكَونِ وَالأُمَمِ

لَولاهُ لَم نَرَ لِلدَولاتِ في زَمَنٍ

ما طالَ مِن عُمُدٍ أَو قَرَّ مِن دُهُمِ

تِلكَ الشَواهِدُ تَترى كُلَّ آوِنَةٍ

في الأَعصُرِ الغُرِّ لا في الأَعصُرِ الدُهُمِ

بِالأَمسِ مالَت عُروشٌ وَاعتَلَتْ سُرُرٌ

لَولا القَذائِفُ لَم تَثلَمْ وَلَم تَصُمِ

أَشياعُ عيسى أَعَدّوا كُلَّ قاصِمَةٍ

وَلَم نُعِدَّ سِوى حالاتِ مُنقَصِمِ

مَهما دُعيتَ إِلى الهَيجاءِ قُمتَ لَها

تَرمي بِأُسْدٍ وَيَرمي اللهُ بِالرُجُمِ

عَلى لِوائِكَ مِنهُم كُلُّ مُنتَقِمٍ

للهِ مُستَقتِلٍ في اللهِ مُعتَزِمِ

مُسَبِّحٍ لِلِقاءِ اللهِ مُضطَرِمٍ

شَوقًا عَلى سابِخٍ كَالبَرقِ مُضطَرِمِ

لَو صادَفَ الدَهرَ يَبغي نَقلَةً فَرَمى

بِعَزمِهِ في رِحالِ الدَهرِ لَم يَرِمِ

بيضٌ مَفاليلُ مِن فِعلِ الحُروبِ بِهِمْ

مِن أَسيُفِ اللهِ لا الهِندِيَّةُ الخُذُمُ

كَم في التُرابِ إِذا فَتَّشتَ عَن رَجُلٍ

مَن ماتَ بِالعَهدِ أَو مَن ماتَ بِالقَسَمِ

لَولا مَواهِبُ في بَعضِ الأَنامِ لَما

تَفاوَتَ الناسُ في الأَقدارِ وَالقِيَمِ

شَريعَةٌ لَكَ فَجَّرتَ العُقولَ بِها

عَن زاخِرٍ بِصُنوفِ العِلمِ مُلتَطِمِ

يَلوحُ حَولَ سَنا التَوحيدِ جَوهَرُها

كَالحَليِ لِلسَيفِ أَو كَالوَشيِ لِلعَلَمِ

غَرّاءُ حامَتْ عَلَيها أَنفُسٌ وَنُهًى

وَمَن يَجِد سَلسَلاً مِن حِكمَةٍ يَحُمِ

نورُ السَبيلِ يُساسُ العالَمونَ بِها

تَكَفَّلَتْ بِشَبابِ الدَهرِ وَالهَرَمِ

يَجري الزَمانُ وَأَحكامُ الزَمانِ عَلى

حُكمٍ لَها نافِذٍ في الخَلقِ مُرتَسِمِ

لَمّا اعتَلَت دَولَةُ الإِسلامِ وَاتَّسَعَتْ

مَشَتْ مَمالِكُهُ في نورِها التَّمَمِ

وَعَلَّمَتْ أُمَّةً بِالقَفرِ نازِلَةً

رَعيَ القَياصِرِ بَعدَ الشاءِ وَالنَعَمِ

كَم شَيَّدَ المُصلِحونَ العامِلونَ بِها

في الشَرقِ وَالغَربِ مُلكًا باذِخَ العِظَمِ

لِلعِلمِ وَالعَدلِ وَالتَمدينِ ما عَزَموا

مِنَ الأُمورِ وَما شَدّوا مِنَ الحُزُمِ

سُرعانَ ما فَتَحوا الدُنيا لِمِلَّتِهِمْ

وَأَنهَلوا الناسَ مِن سَلسالِها الشَبِمِ

ساروا عَلَيها هُداةَ الناسِ فَهيَ بِهِمْ

إِلى الفَلاحِ طَريقٌ واضِحُ العَظَمِ

لا يَهدِمُ الدَهرُ رُكنًا شادَ عَدلَهُمُ

وَحائِطُ البَغيِ إِن تَلمَسهُ يَنهَدِمِ

نالوا السَعادَةَ في الدارَينِ وَاِجتَمَعوا

عَلى عَميمٍ مِنَ الرُضوانِ مُقتَسَمِ

دَع عَنكَ روما وَآثينا وَما حَوَتا

كُلُّ اليَواقيتِ في بَغدادَ وَالتُوَمِ

وَخَلِّ كِسرى وَإيوانًا يَدِلُّ بِهِ

هَوى عَلى أَثَرِ النيرانِ وَالأَيُمِ

وَاترُك رَعمَسيسَ إِنَّ المُلكَ مَظهَرُهُ

في نَهضَةِ العَدلِ لا في نَهضَةِ الهَرَمِ

دارُ الشَرائِعِ روما كُلَّما ذُكِرَتْ

دارُ السَلامِ لَها أَلقَتْ يَدَ السَلَمِ

ما ضارَعَتها بَيانًا عِندَ مُلتَأَمٍ

وَلا حَكَتها قَضاءً عِندَ مُختَصَمِ

وَلا احتَوَت في طِرازٍ مِن قَياصِرِها

عَلى رَشيدٍ وَمَأمونٍ وَمُعتَصِمِ

مَنِ الَّذينَ إِذا سارَت كَتائِبُهُمْ

تَصَرَّفوا بِحُدودِ الأَرضِ وَالتُخَمِ

وَيَجلِسونَ إِلى عِلمٍ وَمَعرِفَةٍ

فَلا يُدانَونَ في عَقلٍ وَلا فَهَمِ

يُطَأطِئُ العُلَماءُ الهامَ إِن نَبَسوا

مِن هَيبَةِ العِلمِ لا مِن هَيبَةِ الحُكُمِ

وَيُمطَرونَ فَما بِالأَرضِ مِن مَحَلٍ

وَلا بِمَن باتَ فَوقَ الأَرضِ مِن عُدُمِ

خَلائِفُ اللهِ جَلّوا عَن مُوازَنَةٍ

فَلا تَقيسَنَّ أَملاكَ الوَرى بِهِمِ

مَن في البَرِيَّةِ كَالفاروقِ مَعدَلَةً

وَكَابنِ عَبدِ العَزيزِ الخاشِعِ الحَشِمِ

وَكَالإِمامِ إِذا ما فَضَّ مُزدَحِمًا

بِمَدمَعٍ في مَآقي القَومِ مُزدَحِمِ

الزاخِرُ العَذبُ في عِلمٍ وَفي أَدَبٍ

وَالناصِرُ النَدبُ في حَربٍ وَفي سَلَمِ

أَو كَابنِ عَفّانَ وَالقُرآنُ في يَدِهِ

يَحنو عَلَيهِ كَما تَحنو عَلى الفُطُمِ

وَيَجمَعُ الآيَ تَرتيبًا وَيَنظُمُها

عِقدًا بِجيدِ اللَيالي غَيرَ مُنفَصِمِ

جُرحانِ في كَبِدِ الإِسلامِ ما اِلتَأَما

جُرحُ الشَهيدِ وَجُرحٌ بِالكِتابِ دَمي

وَما بَلاءُ أَبي بَكرٍ بِمُتَّهَمٍ

بَعدَ الجَلائِلِ في الأَفعالِ وَالخِدَمِ

بِالحَزمِ وَالعَزمِ حاطَ الدينَ في مِحَنٍ

أَضَلَّتِ الحُلمَ مِن كَهلٍ وَمُحتَلِمِ

وَحِدنَ بِالراشِدِ الفاروقِ عَن رُشدٍ

في المَوتِ وَهوَ يَقينٌ غَيرُ مُنبَهِمِ

يُجادِلُ القَومَ مُستَلًّا مُهَنَّدَهُ

في أَعظَمِ الرُسلِ قَدرًا كَيفَ لَم يَدُمِ

لا تَعذُلوهُ إِذا طافَ الذُهولُ بِهِ

ماتَ الحَبيبُ فَضَلَّ الصَبُّ عَن رَغَمِ

يا رَبِّ صَلِّ وَسَلِّم ما أَرَدتَ عَلى

نَزيلِ عَرشِكَ خَيرِ الرُسلِ كُلِّهِمِ

مُحيِ اللَيالي صَلاةً لا يُقَطِّعُها

إِلا بِدَمعٍ مِنَ الإِشفاقِ مُنسَجِمِ

مُسَبِّحًا لَكَ جُنحَ اللَيلِ مُحتَمِلاً

ضُرًّا مِنَ السُهدِ أَو ضُرًّا مِنَ الوَرَمِ

رَضِيَّةٌ نَفسُهُ لا تَشتَكي سَأَمًا

وَما مَعَ الحُبِّ إِن أَخلَصتَ مِن سَأَمِ

وَصَلِّ رَبّي عَلى آلٍ لَهُ نُخَبٍ

جَعَلتَ فيهِم لِواءَ البَيتِ وَالحَرَمِ

بيضُ الوُجوهِ وَوَجهُ الدَهرِ ذو حَلَكٍ

شُمُّ الأُنوفِ وَأَنفُ الحادِثاتِ حَمى

وَأَهدِ خَيرَ صَلاةٍ مِنكَ أَربَعَةً

في الصَحبِ صُحبَتُهُم مَرعِيَّةُ الحُرَمِ

الراكِبينَ إِذا نادى النَبِيُّ بِهِمْ

ما هالَ مِن جَلَلٍ وَاشتَدَّ مِن عَمَمِ

الصابِرينَ وَنَفسُ الأَرضِ واجِفَةٌ

الضاحِكينَ إِلى الأَخطارِ وَالقُحَمِ

يا رَبِّ هَبَّتْ شُعوبٌ مِن مَنِيَّتِها

وَاستَيقَظَت أُمَمٌ مِن رَقدَةِ العَدَمِ

سَعدٌ وَنَحسٌ وَمُلكٌ أَنتَ مالِكُهُ

تُديلُ مِن نِعَمٍ فيهِ وَمِن نِقَمِ

رَأى قَضاؤُكَ فينا رَأيَ حِكمَتِهِ

أَكرِم بِوَجهِكَ مِن قاضٍ وَمُنتَقِمِ

فَالطُف لأَجلِ رَسولِ العالَمينَ بِنا

وَلا تَزِد قَومَهُ خَسفًا وَلا تُسِمِ

يا رَبِّ أَحسَنتَ بَدءَ المُسلِمينَ بِهِ

فَتَمِّمِ الفَضلَ وَاِمنَح حُسنَ مُختَتَمِ






http://img1.picmix.com/output/stamp/...8317_42a40.gif



عطر الزنبق 06-12-2019 03:23 AM

http://img1.picmix.com/output/stamp/...8317_42a40.gif



قُـمْ للمعلّمِ وَفِّـهِ التبجيـلا

كـادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا

أعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي

يبني وينشئُ أنفـساً وعقولا

سـبحانكَ اللهمَّ خـيرَ معـلّمٍ

علَّمتَ بالقلمِ القـرونَ الأولى

أخرجـتَ هذا العقلَ من ظلماته

ِوهديتَهُ النـورَ المبينَ سـبيلا

وطبعتَـهُ بِيَدِ المعلّـمِ ، تـارةً

صديء الحديدِ ، وتارةً مصقولا

أرسلتَ بالتـوراةِ موسى مُرشد

وابنَ البتـولِ فعلَّمَ الإنجيـلا

وفجـرتَ ينبـوعَ البيانِ محمّد

فسقى الحديثَ وناولَ التنزيلا

علَّمْـتَ يوناناً ومصر فزالـتا

عن كلّ شـمسٍ ما تريد أفولا

واليوم أصبحنـا بحـالِ طفولـةٍ

في العِلْمِ تلتمسانه تطفيـلا

من مشرقِ الأرضِ الشموسُ تظاهرتْ

ما بالُ مغربها عليه أُدِيـلا

يا أرضُ مذ فقدَ المعلّـمُ نفسَه

بين الشموسِ وبين شرقك حِيلا

ذهبَ الذينَ حموا حقيقـةَ عِلمهم

واستعذبوا فيها العذاب وبيلا

في عالَـمٍ صحبَ الحيـاةَ مُقيّداً

بالفردِ ، مخزوماً بـه ، مغلولا

صرعتْهُ دنيـا المستبدّ كما هَوَتْ

من ضربةِ الشمس الرؤوس ذهولا

سقراط أعطى الكـأس وهي منيّةٌ

شفتي مُحِبٍّ يشتهي التقبيـلا

عرضوا الحيـاةَ عليه وهي غباوة

فأبى وآثَرَ أن يَمُوتَ نبيـلا

إنَّ الشجاعةَ في القلوبِ كثيرةٌ

ووجدتُ شجعانَ العقولِ قليلا

إنَّ الذي خلـقَ الحقيقـةَ علقماً

لم يُخـلِ من أهلِ الحقيقةِ جيلا

ولربّما قتلَ الغـرامُ رجالَـها

قُتِلَ الغرامُ ، كم استباحَ قتيلا

أوَ كلُّ من حامى عن الحقِّ اقتنى

عندَ السَّـوادِ ضغائناً وذخولا

لو كنتُ أعتقدُ الصليـبَ وخطبَهُ

لأقمتُ من صَلْبِ المسيحِ دليلا

أمعلّمي الوادي وساسـة نشئـهِ

والطابعين شبابَـه المأمـولا

والحامليـنَ إذا دُعـوا ليعلِّمـوا

عبءَ الأمانـةِ فادحـاً مسؤولا

وَنِيَتْ خُطـَى التعليمِ بعـد محمّدٍ

ومشى الهوينا بعد إسماعيـلا

كانت لنا قَدَمٌ إليـهِ خفيفـةٌ

ورَمَتْ بدنلوبٍ فكان الفيـلا

حتّى رأينـا مصـر تخطـو إصبعاً

في العِلْمِ إنْ مشت الممالكُ ميلا

تلك الكفـورُ وحشـوها أميّةٌ

من عهدِ خوفو لم تَرَ القنديـلا

تجدُ الذين بـنى المسلّـةَ جـدُّهم

لا يُحسـنونَ لإبرةٍ تشكيلا

ويُدَلّـلون َ إذا أُريـدَ قِيادُهـم

كالبُهْمِ تأنسُ إذ ترى التدليلا

يتلـو الرجـالُ عليهمُ شهواتـهم

فالناجحون أَلَذُّهـم ترتيـلا

الجهـلُ لا تحيـا عليـهِ جماعـةٌ

كيفَ الحياةُ على يديّ عزريلا

واللـهِ لـولا ألسـنٌ وقرائـحٌ

دارتْ على فطنِ الشبابِ شمـولا

وتعهّـدتْ من أربعيـن نفوسـهم

تغزو القنـوط وتغـرسُ التأميلا

عرفتْ مواضعَ جدبـهم فتتابعـتْ

كالعيـنِ فَيْضَـاً والغمامِ مسيلا

تُسدي الجميلَ إلى البلادِ وتستحي

من أن تُكافـأَ بالثنـاءِ جميـلا

ما كـانَ دنلـوبٌ ولا تعليمـُه

عند الشدائـدِ يُغنيـانِ فتيـلا

ربُّوا على الإنصافِ فتيانَ الحِمـى

تجدوهمُ كهفَ الحقوقِ كُهـولا

فهوَ الـذي يبني الطبـاعَ قـويمةً

وهوَ الذي يبني النفوسَ عُـدولا

ويقيم منطقَ كلّ أعـوج منطـقٍ

ويريه رأياً في الأمـورِ أصيـلا

وإذا المعلّمُ لم يكـنْ عدلاً مشى

روحُ العدالةِ في الشبابِ ضـئيلا

وإذا المعلّمُ سـاءَ لحـظَ بصيـرةٍ

جاءتْ على يدِهِ البصائرُ حُـولا

وإذا أتى الإرشادُ من سببِ الهوى

ومن الغرور ِ فسَمِّهِ التضـليلا

وإذا أصيـبَ القومُ في أخلاقِـهمْ

فأقـمْ عليهـم مأتماً وعـويلا

إنّي لأعذركم وأحسـب عبئـكم

من بين أعباءِ الرجـالِ ثقيـلا

وجدَ المساعـدَ غيرُكم وحُرِمتـمُ

في مصرَ عونَ الأمهاتِ جليـلا

وإذا النسـاءُ نشـأنَ في أُمّـيَّةٍ

رضـعَ الرجالُ جهالةً وخمولا

ليـسَ اليتيمُ من انتهى أبواهُ من

هـمِّ الحـياةِ ، وخلّفاهُ ذليـلا

فأصـابَ بالدنيـا الحكيمـة منهما

وبحُسْنِ تربيـةِ الزمـانِ بديـلا

إنَّ اليتيمَ هـوَ الذي تلقـى لَـهُ

أمّاً تخلّـتْ أو أبَاً مشغـولا

مصـرٌ إذا ما راجعـتْ أيّامـها

لم تلقَ للسبتِ العظيمِ مثيـلا

البرلـمانُ غـداً يـمدّ رواقَـهُ

ظلاً على الوادي السعيدِ ظليلا

نرجو إذا التعليم حرَّكَ شجـوَهُ

إلاّ يكون َ على البـلاد بخيـلا

قل للشبابِ اليومَ بُورِكَ غرسكم

دَنتِ القطوفُ وذُلّـِلَتْ تذليـلا

حَيّـوا من الشهداءِ كلَّ مُغَيّـبٍ

وضعوا على أحجـاره إكليـلا

ليكونَ حـظَّ الحيّ من شكرانكم

جمَّـاً وحظّ الميتِ منه جزيـلا

لا يلمس الدستورُ فيكم روحَـه

حتّى يـرى جُنْديَّـهُ المجهـولا

ناشدتكم تلك الدمـاءَ زكيّـةً

لا تبعثـوا للبرلمـانِ جهـولا

فليسألنَّ عن الأرائـكِ سائـلٌ

أحملنَ فضـلاً أم حملنَ فُضـولا

إنْ أنتَ أطلعتَ الممثّلَ ناقصـاً

لم تلقَ عند كمالـه التمثيـلا

فادعوا لها أهلَ الأمانـةِ واجعلوا

لأولي البصائر منهُـمُ التفضيلا

إنَّ المُقصِّرَ قد يحول ولن تـرى

لجهالـةِ الطبـعِ الغبيِّ محيـلا

فلرُبَّ قولٍ في الرجالِ سمعتُـمُ

ثم انقضى فكأنـه ما قيـلا

ولكَمْ نصرتم بالكرامـة والـهوى

من كان عندكم هو المخـذولا

كَـرَمٌ وصَفْحٌ في الشبـابِ وطالمـا

كَرُمَ الشبابُ شمائلاً وميـولا

قوموا اجمعوا شُعَبِ الأُبُوَّةِ وارفعوا

صوتَ الشبابِ مُحبَّبَاً مقبولا

أدّوا إلى العـرشِ التحيّةَ واجعلـوا

للخالقِ التكبيرَ والتهليـلا

ما أبعـدَ الغايـاتِ إلاّ أنّنـي

أجِدُ الثباتَ لكم بهنَّ كفيـلا

فكِلُوا إلى اللهِ النجـاحَ وثابـروا

فاللهُ خيرٌ كافلاً ووكيـلا









عطر الزنبق 06-12-2019 03:26 AM





http://img1.picmix.com/output/stamp/...8317_42a40.gif


إِلى اللَهِ أَشكو مِن عَوادي النَوى سَهما

أَصابَ سُوَيداءَ الفُؤادِ وَما أَصمى

مِنَ الهاتِكاتِ القَلبَ أَوَّلَ وَهلَةٍ

وَما دَخَلَت لَحماً وَلا لامَسَت عَظما

تَوارَدَ وَالناعي فَأَوجَستُ رَنَّةً

كَلاماً عَلى سَمعي وَفي كَبِدي كَلما

فَما هَتَفا حَتّى نَزا الجَنبُ وَاِنزَوى

فَيا وَيحَ جَنبي كَم يَسيلُ وَكَم يَدمى

طَوى الشَرقَ نَحوَ الغَربِ وَالماءَ لِلثَرى

إِلَيَّ وَلَم يَركَب بِساطاً وَلا يَمّا

أَبانَ وَلَم يَنبِس وَأَدّى وَلَم يَفُه

وَأَدمى وَما داوى وَأَوهى وَما رَمّا

إِذا طُوِيَت بِالشُهبِ وَالدُهمِ شَقَّةٌ

طَوى الشُهبَ أَوجابَ الغُدافِيَّةَ الدُهما

وَلَم أَرَ كَالأَحداثِ سَهماً إِذا جَرَت

وَلا كَاللَيالي رامِياً يُبعِدُ المَرمى

وَلَم أَرَ حُكماً كَالمَقاديرِ نافِذاً

وَلا كَلِقاءِ المَوتِ مِن بَينِها حَتما

إِلى حَيثُ آباءُ الفَتى يَذهَبُ الفَتى

سَبيلٌ يَدينُ العالَمونَ بِها قِدما

وَما العَيشُ إِلّا الجِسمُ في ظِلِّ روحِهِ

وَلا المَوتُ إِلّا الروحُ فارَقَتِ الجِسما

وَلا خُلدَ حَتّى تَملَأَ الدَهرَ حِكمَةً

عَلى نُزَلاءِ الدَهرِ بَعدَكَ أَو عِلما

زَجَرتُ تَصاريفَ الزَمانِ فَما يَقَع

لِيَ اليَومَ مِنها كانَ بِالأَمسِ لي وَهما

وَقَدَّرتُ لِلنُعمانِ يَوماً وَضِدَّهُ

فَما اِغتَرَّتِ البوسى وَلا غَرَّتِ النُعمى

شَرِبتُ الأَسى مَصروفَةً لَو تَعَرَّضَت

بِأَنفاسِها بِالفَمِّ لَم يَستَفِق غَمّا

فَأَترِع وَناوِل يا زَمانُ فَإِنَّما

نَديمُكَ سُقراطُ الَّذي اِبتَدَعَ السُمّا

قَتَلتُكَ حَتّى ما أُبالي أَدَرتَ لي

بِكَأسِكَ نَجماً أَم أَدَرتَ بِها رَجما

لَكِ اللَهُ مِن مَطعونَةٍ بِقَنا النَوى

شَهيدَةَ حَربٍ لَم تُقارِف لَها إِنما

مُدَلَّهَةٍ أَزكى مِنَ النارِ زَفرَةً

وَأَنزَهِ مِن دَمعِ الحَيا عَبرَةَ سَحما

سَقاها بَشيري وَهيَ تَبكي صَبابَةً

فَلَم يَقوَ مَغناها عَلى صَوبِهِ رَسما

أَسَت جُرحَها الأَنباءُ غَيرَ رَفيقَةٍ

وَكَم نازِعٍ سَهماً فَكانَ هُوَ السَهما

تَغارُ الحُمّى الفَضائِلُ وَالعُلا

لِما قَبَّلَت مِنها وَما ضَمَّتِ الحُمّى

أَكانَت تَمَنّاها وَتَهوى لِقاءَها

إِذا هِيَ سَمّاها بِذي الأَرضِ مَن سَمّى

أَلَمَّت عَلَيها وَاِتَّقَت ثَمَراتِها

فَلَمّا وُقوا الأَسواءَ لَم تَرَها ذَمّا

فَيا حَسرَتا أَلّا تَراهُم أَهِلَّةً

إِذا أَقصَرَ البَدرُ التَمامُ مَضَوا قُدما

رَياحينُ في أَنفِ الوَلِيِّ وَما لَها

عَدُوٌّ تَراهُم في مَعاطِسِهِ رَغما

وَأَلّا يَطوفوا خُشَّعاً حَولَ نَعشِها

وَلا يُشبِعوا الرُكنَ اِستِلاماً وَلا لَثما

حَلَفتُ بِما أَسلَفتِ في المَهدِ مِن يَدٍ

وَأَولَيتِ جُثماني مِن المِنَّةِ العُظمى

وَقَبرٍ مَنوطٍ بِالجَلالِ مُقَلَّدٍ

تَليدَ الخِلالِ الكُثرَ وَالطارِفَ الجَمّا

وَبِالغادِياتِ الساقِياتِ نَزيلَهُ

مِنَ الصَلَواتِ الخَمسِ وَالآيِ وَالأَسما

لَما كانَ لي في الحَربِ رَأيٌ وَلا هَوىً

وَلا رُمتُ هَذا الثُكلَ لِلناسِ وَاليُتما

وَلَم يَكُ ظُلمُ الطَيرِ بِالرِقِّ لي رِضاً

فَكَيفَ رِضائي أَن يَرى البَشَرُ الظُلما

وَلَم آلُ شُبّانَ البَرِيَّةِ رِقَّةً

كَأَنَّ ثِمارَ القَلبِ مِن وَلَدي ثَمّا

وَكُنتُ عَلى نَهجٍ مِنَ الرَأيِ واضِحٍ

أَرى الناسَ صِنفَينِ الذِئابَ أَوِ البَهما

وَما الحُكمُ إِلّا أولي البَأسِ دَولَةً

وَلا العَدلُ إِلّا حائِطٌ يَعصِمُ الحُكما

نَزَلتُ رُبى الدُنيا وَجَنّاتِ عَدنِها

فَما وَجَدَت نَفسي لِأَنهارِها طَعما

أَريحُ أَريجَ المِسكِ في عَرَصاتِها

وَإِن لَم أُرِح مَروانَ فيها وَلا لَخما

إِذا ضَحِكَت زَهواً إِلَيَّ سَماوَها

بَكَيتُ النَدى في الأَرضِ وَالبَأسَ وَالحَزما

أُطيفُ بِرَسمٍ أَو أُلِمُّ بِدِمنَةٍ

أَخالُ القُصورَ الزُهرَ وَالغُرَفَ الشُمّا

فَما بَرَحَت مِن خاطِري مِصرُ ساعَةً

وَلا أَنتِ في ذي الدارِ زايَلتِ لي هَمّا

إِذا جَنَّني اللَيلُ اِهتَزَزتُ إِلَيكُما

فَجَنحا إِلى سُعدى وَجَنحا إِلى سَلمى

فَلَما بَدا لِلناسِ صُبحٌ مِنَ المُنى

وَأَبصَرَ فيهِ ذو البَصيرَةِ وَالأَعمى

وَقَرَّت سُيوفُ الهِندِ وَاِرتَكَزَ القَنا

وَأَقلَعَتِ البَلوى وَأَقشَعَتِ الغُمّى

وَحَنَّت نَواقيسٌ وَرَنَّت مَآذِنٌ

وَرَفَّت وُجوهُ الأَرضِ تَستَقبِلُ السُلمى

أَتى الدَهرُ مِن دونِ الهَناءِ وَلَم يَزَل

وَلوعاً بِبُنيانِ الرَجاءِ إِذا تَمّا

إِذا جالَ في الأَعيادِ حَلَّ نِظامَها

أَوِ العُرسِ أَبلى في مَعالِمِهِ هَدما

لَئِن فاتَ ما أَمَّلتِهِ مِن مَواكِبٍ

فَدونَكِ هَذا الحَشدَ وَالمَوكِبَ الضَخما

رَثَيتُ بِهِ ذاتَ التُقى وَنَظَمتُهُ

لِعُنصُرِهِ الأَزكى وَجَوهَرِهِ الأَسمى

نَمَتكِ مَناجيبُ العُلا وَنَمَيتِها

فَلَم تُلحَقي بِنتاً وَلَم تُسبَقي أُمّا

وَكُنتِ إِذا هَذي السَماءُ تَخايَلَت

تَواضَعتِ وَلَكِن بَعدَ ما فُتِّها نَجما

أَتَيتِ بِهِ لَم يَنظُمِ الشِعرَ مِثلَهُ

وَجِئتِ لِأَخلاقِ الكِرامِ بِهِ نَظما

وَلَو نَهَضَت عَنهُ السَماءُ وَمَخَّضَت

بِهِ الأَرضُ كانَ المُزنَ وَالتِبرَ وَالكَرما






عطر الزنبق 06-12-2019 03:27 AM



http://img1.picmix.com/output/stamp/...8317_42a40.gif





لَكَ في الأَرضِ وَالسَماءِ مَآتِم

قامَ فيها أَبو المَلائِكِ هاشِم

قَعدَ الآلُ لِلعَزاءِ وَقامَت

باكِياتٍ عَلى الحُسَينِ الفَواطِم

يا أَبا العِليَةِ البَهاليلِ سَل آ

باءَكَ الزُهرَ هَل مِنَ المَوتِ عاصِم

المَنايا نَوازِلُ الشَعَرِ الأَب

يَضِ جاراتُ كُلِّ أَسوَدَ فاحِم

ما اللَيالي إِلّا قِصارٌ وَلا الدُن

يا سِوى ما رَأَيتَ أَحلامَ نائِم

اِنحِسارُ الشِفاهِ عَن سِنِّ جَذلا

نَ وَراءَ الكَرى إِلى سِنِّ نادِم

سَنَةٌ أَفرَحَت وَأُخرى أَساءَت

لَم يَدُم في النَعيمِ وَالكَربِ حالِم

المَناحاتُ في مَمالِكِ أَبنا

ئِكَ بَدرِيَّةُ العَزاءِ قَوائِم

تِلكَ بَغدادُ في الدُموعِ وَعَمّا

نُ وَراءَ السَوادِ وَالشامُ واجِم

وَالحِجازُ النَبيلُ رَبعٌ مُصَلٍّ

مِن رُبوعِ الهُدى وَآخَرُ صائِم

وَاِشتَرَكنا فَمِصرُ عَبرى وَلُبنا

نُ سَكوبُ العُيونِ باكي الحَمائِم

قُم تَأَمَّل بَنيكَ في الشَرقِ زَينُ ال

تاجِ مِلءُ السَريرِ نورُ العَواصِم

الزَكِيّونَ عُنصُراً مِثلَ إِبرا

هيمَ وَالطَيِّبونَ مِثلَ القاسِم

وَعَلَيهِم إِذا العُيونُ رَمَتهُم

عُوَذٌ مِن مُحَمَّدٍ وَتَمائِم

قَد بَنى اللَهُ بَيتَهُم فَهوَ باقٍ

ما بَنى اللَهُ ما لَهُ مِن هادِم

دَبَّروا المُلكَ في العِراقِ وَفي الشا

مِ فَسَنّوا الهُدى وَرَدّوا المَظالِم

أَمِنَ الناسُ في ذَراهُم وَطابَت

عَرَبُ الأَرضِ تَحتَهُم وَالأَعاجِم

وَبَنوا دَولَةً وَراءَ فِلَسطي

نَ كَعابَ الهُدى فَتاةَ العَزائِم

ساسَها بِالأَناةِ أَروَعُ كَالدا

خِلِ ماضي الجِنانِ يَقظانُ حازِم

قُبرُصٌ كانَتِ الحَديدَ وَقَد تَن

زِلُ قُضبانَهُ اللُيوثُ الضَراغِم

كَرِهَ الدَهرُ أَن يَقومَ لِواءٌ

تُحشَرُ البيدُ تَحتَهُ وَالعَمائِم

قُم تَحَدَّث أَبا عَلِيٍّ إِلَينا

كَيفَ غامَرتَ في جِوارِ الأَراقِم

لَم تُبالِ النُيوبَ في الهامِ خُشناً

وَتَعَلَّقَت بِالحَواشي النَواعِم

هاتِ حَدِّث عَنِ العَوانِ وَصِفها

لا تُرَع في التُرابِ ما أَنا لائِم

كُلُّنا وارِدُ السَرابِ وَكُلٌّ

حَمَلٌ في وَليمَةِ الذِئبِ طاعِم

قَد رَجَونا مِنَ المَغانِمِ حَظّاً

وَوَرَدنا الوَغى فَكُنّا الغَنائِم

قَد بَعَثتَ القَضِيَّةَ اليَومَ مَيتاً

رُبَّ عَظمٍ أَتى الأُمورَ العَظائِم

أَنتَ كَالحَقِّ أَلَّفَ الناسَ يَقظا

نَ وَزادَ اِئتِلافَهُم وَهوَ نائِم

إِنَّما الهِمَّةُ البَعيدَةُ غَرسٌ

مُتَأَنّي الجَنى بَطيءُ الكَمائِم

رُبَّما غابَ عَن يَدٍ غَرَسَتهُ

وَحَوَتهُ عَلى المَدى يَدُ قادِم

حَبَّذا مَوقِفٌ غُلِبتَ عَلَيهِ

لَم يَقِفهُ لِلعُربِ قَبلَكَ خادِم

ذائِداً عَن مَمالِكٍ وَشُعوبٍ

نُقِلَت في الأكُفِّ نَقلَ الدَراهِم

كُلُّ ماءٍ لَهُم وَكُلُّ سَماءٍ

مَوطِئُ الخَيلِ أَو مَطارُ القَشاعِم

لِمَ لَم تَدعُهُم إِلى الهِمَّةِ الشَم

ماءِ وَالعِلمِ وَالطِماحِ المُزاحِم

وَرُكوبِ اللِجاجِ وَهيَ طَواغٍ

وَالسَمَواتِ وَهيَ هوجُ الشَكائِم

وَإِلى القُطبِ وَالجَليدُ عَلَيهِ

وَالصَحاري وَما بِها مِن حَمائِم

اِغسُلوهُ بِطَيِّبٍ مِن وَضوءِ ال

رُسلِ كَالوَردِ في رُباهُ البَواسِم

وَخُذوا مِن وِسادِهِم في المُصَلّى

رُقعَةً كَفِّنوا بِها فَرعَ هاشِم

وَاِستَعيروا لِنَعشِهِ مِن ذُرى المِن

بَرِ عوداً وَمِن شَريفِ القَوائِم

وَاِحمُلوهُ عَلى البُراقِ إِنِ اِسطَع

تُم فَقَد جَلَّ عَن ظُهورِ الرَواسِم

وَأَديروا إِلى العَتيقِ حُسَيناً

يَبتَهِل رُكنُهُ وَتَدعو الدَعائِم

وَاِذكُروا لِلأَميرِ مَكَّةَ وَالقَص

رَ وَعَهدَ الصَفا وَطيبَ المَواسِم

ظَمِئَ الحُرُّ لِلدِيارِ وَإِن كا

نَ عَلى مَنهَلٍ مِنَ الخُلدِ دائِم

نَقِّلوا النَعشَ ساعَةً في رُبا الفَت

حِ وَطوفوا بِرَبِّهِ في المَعالِم

وَقِفوا ساعَةً بِهِ في ثَرى الأَق

مارِ مِن قَومِهِ وَتُربَ الغَمائِم

وَاِدفُنوهُ في القُدسِ بَينَ سُلَيما

نَ وَداوُدَ وَالمُلوكِ الأَكارِم

إِنَّما القُدسُ مَنزِلُ الوَحيِ مَغنى

كُلِّ حَبرٍ مِنَ الأَوائِلِ عالِم

كُنِّفَت بِالغُيوبِ فَالأَرضُ أَسرا

رٌ مَدى الدَهرِ وَالسَماءُ طَلاسِم

وَتَحَلَّت مِنَ البُراقِ بِطُغَرا

ءَ وَمِن حافِرِ البُراقِ بِخاتِم





عطر الزنبق 06-12-2019 03:29 AM



http://img1.picmix.com/output/stamp/...8317_42a40.gif


سَأَلوني لِمَ لَم أَرثِ أَبي

وَرِثاءُ الأَبِ دَينٌ أَيُّ دَين

أَيُّها اللُوّامُ ما أَظلَمَكُم

أَينَ لي العَقلُ الَّذي يُسعِدُ أَين

يا أَبي ما أَنتَ في ذا أَوَّلٌ

كُلُّ نَفسٍ لِلمَنايا فَرضُ عَين

هَلَكَت قَبلَكَ ناسٌ وَقُرى

وَنَعى الناعونَ خَيرَ الثِقَلَين

غايَةُ المَرءِ وَإِن طالَ المَدى

آخِذٌ يَأخُذُهُ بِالأَصغَرَين

وَطَبيبٌ يَتَوَلّى عاجِزاً

نافِضاً مِن طِبَّهُ خُفَّي حُنَين

إِنَّ لِلمَوتِ يَداً إِن ضَرَبَت

أَوشَكَت تَصدَعُ شَملَ الفَرقَدَين

تَنفُذُ الجَوَّ عَلى عِقبانِهِ

وَتُلاقي اللَيثَ بَينَ الجَبَلَين

وَتَحُطُّ الفَرخَ مِن أَيكَتِهِ

وَتَنالُ البَبَّغا في المِئَتَين

أَنا مَن ماتَ وَمَن ماتَ أَنا

لَقِيَ المَوتَ كِلانا مَرَّتَين

نَحنُ كُنّا مُهجَةً في بَدَنٍ

ثُمَّ صِرنا مُهجَةً في بَدَنَين

ثُمَّ عُدنا مُهجَةً في بَدَنٍ

ثُمَّ نُلقى جُثَّةً في كَفَنَين

ثُمَّ نَحيا في عَلِيٍّ بَعدَنا

وَبِهِ نُبعَثُ أولى البِعثَتَين

اِنظُرِ الكَونَ وَقُل في وَصفِهِ

كُلُّ هَذا أَصلُهُ مِن أَبَوَين

فَإِذا ما قيلَ ما أَصلُهُما

قُل هُما الرَحمَةُ في مَرحَمَتَين

فَقَدا الجَنَّةَ في إيجادِنا

وَنَعِمنا مِنهُما في جَنَّتَين

وَهُما العُذرُ إِذا ما أُغضِبا

وَهُما الصَفحُ لَنا مُستَرضِيَين

لَيتَ شِعري أَيُّ حَيٍّ لَم يَدِن

بِالَّذي دانا بِهِ مُبتَدِأَين

وَقَفَ اللَهُ بِنا حَيثُ هُما

وَأَماتَ الرُسلَ إِلّا الوالِدَين

ما أَبي إِلّا أَخٌ فارَقتُهُ

وُدُّهُ الصِدقُ وَوُدُّ الناسِ مَين

طالَما قُمنا إِلى مائِدَةٍ

كانَتِ الكِسرَةُ فيها كِسرَتَين

وَشَرِبنا مِن إِناءٍ واحِدٍ

وَغَسَلنا بَعدَ ذا فيهِ اليَدَين

وَتَمَشَّينا يَدي في يَدِهِ

مَن رَآنا قالَ عَنّا أَخَوَين

نَظَرَ الدَهرُ إِلَينا نَظرَةً

سَوَّتِ الشَرَّ فَكانَت نَظرَتَين

يا أَبي وَالمَوتُ كَأسٌ مُرَّةٌ

لا تَذوقُ النَفسُ مِنها مَرَّتَين

كَيفَ كانَت ساعَةٌ قَضَّيتَها

كُلُّ شَيءٍ قَبلَها أَو بَعدُ هَين

أَشَرِبتَ المَوتَ فيها جُرعَةً

أَم شَرِبتَ المَوتَ فيها جُرعَتَين

لا تَخَف بَعدَكَ حُزناً أَو بُكاً

جَمَدَت مِنّي وَمِنكَ اليَومَ عَين

أَنتَ قَد عَلَّمتَني تَركَ الأَسى

كُلُّ زَينٍ مُنتَهاهُ المَوتُ شَين

لَيتَ شِعري هَل لَنا أَن نَلتَقي

مَرَّةً أَم ذا اِفتِراقُ المَلَوَين

وَإِذا مُتُّ وَأودِعتُ الثَرى

أَنَلقَّى حُفرَةً أَو حُفرَتَين





عطر الزنبق 06-12-2019 03:30 AM



http://img1.picmix.com/output/stamp/...8317_42a40.gif



المَشرِقانِ عَلَيكَ يَنتَحِبانِ

قاصيهُما في مَأتَمٍ وَالداني

يا خادِمَ الإِسلامِ أَجرُ مُجاهِدٍ

في اللَهِ مِن خُلدٍ وَمِن رِضوانِ

لَمّا نُعيتَ إِلى الحِجازِ مَشى الأَسى

في الزائِرينَ وَرُوِّعَ الحَرَمانِ

السِكَّةُ الكُبرى حِيالَ رُباهُما

مَنكوسَةُ الأَعلامِ وَالقُضبانِ

لَم تَألُها عِندَ الشَدائِدِ خِدمَةً

في اللَهِ وَالمُختارِ وَالسُلطانِ

يا لَيتَ مَكَّةَ وَالمَدينَةَ فازَتا

في المَحفِلَينِ بِصَوتِكَ الرَنّانِ

لِيَرى اَلأَواخِرُ يَومَ ذاكَ وَيَسمَعوا

ما غابَ مِن قُسٍّ وَمِن سَحبانِ

جارَ التُرابِ وَأَنتَ أَكرَمُ راحِلٍ

ماذا لَقيتَ مِنَ الوُجودِ الفاني

أَبكي صِباكَ وَلا أُعاتِبُ مَن جَنى

هَذا عَلَيهِ كَرامَةً لِلجاني

يَتَساءَلونَ أَبِالسُلالِ قَضَيتَ أَم

بِالقَلبِ أَم هَل مُتَّ بِالسَرطانِ

اللَهُ يَشهَدُ أَنَّ مَوتَكَ بِالحِجا

وَالجِدِّ وَالإِقدامِ وَالعِرفانِ

إِن كانَ لِلأَخلاقِ رُكنٌ قائِمٌ

في هَذِهِ الدُنيا فَأَنتَ الباني

بِاللَهِ فَتِّش عَن فُؤادِكَ في الثَرى

هَل فيهِ آمالٌ وَفيهِ أَماني

وِجدانُكَ الحَيُّ المُقيمُ عَلى المَدى

وَلَرُبَّ حَيٍّ مَيتِ الوِجدانِ

الناسُ جارٍ في الحَياةِ لِغايَةٍ

وَمُضَلَّلٌ يَجري بِغَيرِ عِنانِ

وَالخُلدُ في الدُنيا وَلَيسَ بِهَيِّنٍ

عُليا المَراتِبِ لَم تُتَح لِجَبانِ

فَلَو أَنَّ رُسلَ اللَهِ قَد جَبَنوا لَما

ماتوا عَلى دينٍ مِنَ الأَديانِ

المَجدُ وَالشَرَفُ الرَفيعُ صَحيفَةٌ

جُعِلَت لَها الأَخلاقُ كَالعُنوانِ

وَأَحَبُّ مِن طولِ الحَياةِ بِذِلَّةٍ

قِصَرٌ يُريكَ تَقاصُرَ الأَقرانِ

دَقّاتُ قَلبِ المَرءِ قائِلَةٌ لَهُ

إِنَّ الحَياةَ دَقائِقٌ وَثَواني

فَاِرفَع لِنَفسِكَ بَعدَ مَوتِكَ ذِكرَها

فَالذِكرُ لِلإِنسانِ عُمرٌ ثاني

لِلمَرءِ في الدُنيا وَجَمِّ شُؤونِها

ما شاءَ مِن رِبحٍ وَمِن خُسرانِ

فَهيَ القَضاءُ لِراغِبٍ مُتَصَلِّعٍ

وَهيَ المَضيقُ لِمُؤثِرِ السُلوانِ

الناسُ غادٍ في الشَقاءِ وَرائِحٌ

يَشقى لَهُ الرُحَماءُ وَهوَ الهاني

وَمُنَعَّمٌ لَم يَلقَ إِلّا لَذَّةً

في طَيِّها شَجَنٌ مِنَ الأَشجانِ

فَاِصبِر عَلى نُعمى الحَياةِ وَبُؤسِها

نُعمى الحَياةِ وَبُؤسِها سِيّانِ

يا طاهِرَ الغَدَواتِ وَالرَوحاتِ وَال

خَطَراتِ وَالإِسرارِ وَالإِعلانِ

هَل قامَ قَبلَكَ في المَدائِنِ فاتِحٌ

غازٍ بِغَيرِ مُهَنَّدٍ وَسِنانِ

يَدعو إِلى العِلمِ الشَريفِ وَعِندَهُ

أَنَّ العُلومَ دَعائِمُ العُمرانِ

لَفّوكَ في عَلَمِ البِلادِ مُنَكَّساً

جَزِعَ الهِلالُ عَلى فَتى الفِتيانِ

ما اِحمَرَّ مِن خَجَلٍ وَلا مِن ريبَةٍ

لَكِنَّما يَبكي بِدَمعٍ قاني

يُزجونَ نَعشَكَ في السَناءِ وَفي السَنا

فَكَأَنَّما في نَعشِكَ القَمَرانِ

وَكَأَنَّهُ نَعشُ الحُسَينِ بِكَربُلا

يَختالُ بَينَ بُكاً وَبَينَ حَنانِ

في ذِمَّةِ اللَهِ الكَريمِ وَبِرِّهِ

ما ضَمَّ مِن عُرفٍ وَمِن إِحسانِ

وَمَشى جَلالُ المَوتِ وَهوَ حَقيقَةٌ

وَجَلالُكَ المَصدوقُ يَلتَقِيانِ

شَقَّت لِمَنظَرِكَ الجُيوبَ عَقائِلٌ

وَبَكَتكَ بِالدَمعِ الهَتونِ غَواني

وَالخَلقُ حَولَكَ خاشِعونَ كَعَهدِهِم

إِذ يُنصِتونَ لِخُطبَةٍ وَبَيانِ

يَتَساءَلونَ بِأَيِّ قَلبٍ تُرتَقى

بَعدَ المَنابِرِ أَم بِأَيِّ لِسانِ

لَو أَنَّ أَوطاناً تُصَوَّرُ هَيكَلاً

دَفَنوكَ بَينَ جَوانِحِ الأَوطانِ

أَو كانَ يُحمَلُ في الجَوارِحِ مَيِّتٌ

حَمَلوكَ في الأَسماعِ وَالأَجفانِ

أَو صيعَ مِن غُرِّ الفَضائِلِ وَالعُلا

كَفَنٌ لَبِستَ أَحاسِنَ الأَكفانِ

أَو كانَ لِلذِكرِ الحَكيمِ بَقِيَّةٌ

لَم تَأتِ بَعدُ رُثيتَ في القُرآنِ

وَلَقَد نَظَرتُكَ وَالرَدى بِكَ مُحدِقٌ

وَالداءُ مِلءُ مَعالِمِ الجُثمانِ

يَبغي وَيَطغى وَالطَبيبُ مُضَلَّلٌ

قَنِطٌ وَساعاتُ الرَحيلِ دَواني

وَنَواظِرُ العُوّادِ عَنكَ أَمالَها

دَمعٌ تُعالِجُ كَتمَهُ وَتُعاني

تُملي وَتَكتُبُ وَالمَشاغِلُ جَمَّةٌ

وَيَداكَ في القِرطاسِ تَرتَجِفانِ

فَهَشَشتَ لي حَتّى كَأَنَّكَ عائِدي

وَأَنا الَّذي هَدَّ السَقامُ كِياني

وَرَأَيتُ كَيفَ تَموتُ آسادُ الشَرى

وَعَرَفتُ كَيفَ مَصارِعُ الشُجعانِ

وَوَجَدتُ في ذاكَ الخَيالِ عَزائِماً

ما لِلمَنونِ بِدَكِّهِنَّ يَدانِ

وَجَعَلتَ تَسأَلُني الرِثاءَ فَهاكَهُ

مِن أَدمُعي وَسَرائِري وَجِناني

لَولا مُغالَبَةُ الشُجونِ لِخاطِري

لَنَظَمتُ فيكَ يَتيمَةَ الأَزمانِ

وَأَنا الَّذي أَرثي الشُموسَ إِذا هَوَت

فَتَعودُ سيرَتَها إِلى الدَوَرانِ

قَد كُنتَ تَهتُفُ في الوَرى بِقَصائِدي

وَتُجِلُّ فَوقَ النَيِّراتِ مَكاني

ماذا دَهاني يَومَ بِنتَ فَعَقَّني

فيكَ القَريضُ وَخانَني إِمكاني

هَوِّن عَلَيكَ فَلا شَماتَ بِمَيّتٍ

إِنَّ المَنِيَّةَ غايَةُ الإِنسانِ

مَن لِلحَسودِ بِمَيتَةٍ بُلِّغتَها

عَزَّت عَلى كِسرى أَنوشِروانِ

عوقِبتَ مِن حَرَبِ الحَياةِ وَحَربِها

فَهَل اِستَرَحتَ أَمِ اِستَراحَ الشاني

يا صَبَّ مِصرَ وَيا شَهيدَ غَرامِها

هَذا ثَرى مِصرَ فَنَم بِأَمانِ

اِخلَع عَلى مِصرَ شَبابَكَ عالِياً

وَاِلبِس شَبابَ الحورِ وَالوِلدانِ

فَلَعَلَّ مِصراً مِن شَبابِكَ تَرتَدي

مَجداً تَتيهُ بِهِ عَلى البُلدانِ

فَلَوَ اَنَّ بِالهَرَمَينِ مِن عَزَماتِهِ

بَعضَ المَضاءِ تَحَرَّكَ الهَرَمانِ

عَلَّمتَ شُبّانَ المَدائِنِ وَالقُرى

كَيفَ الحَياةُ تَكونُ في الشُبّانِ

مِصرُ الأَسيفَةُ ريفُها وَصَعيدُها

قَبرٌ أَبَرُّ عَلى عِظامِكَ حاني

أَقسَمتُ أَنَّكَ في التُرابِ طَهارَةٌ

مَلَكٌ يَهابُ سُؤالَهُ المَلَكانِ





عطر الزنبق 06-12-2019 03:31 AM



http://img1.picmix.com/output/stamp/...8317_42a40.gif




تُسائِلُني كَرمَتي بِالنَهارِ

وَبِاللَيلِ أَينَ سَميري حَسَن

وَأَينَ النَديمُ الشَهِيُّ الحَديثِ

وَأَينَ الطَروبُ اللَطيفُ الأُذُن

نَجِيُّ البَلابِلِ في عُشِّها

وَمُلهِمُها صِبيَةً في الفَنَن

فَقُلتُ لَها ماتَ وَاِستَشعَرَت

لَيالي السُرورِ عَلَيهِ الحَزن

لَئِن ناءَ مِن سِمَنٍ جِسمُهُ

فَما عَرِفَت روحُهُ ما السِمَن

وَما هُوَ مَيتٌ وَلَكِنَّهُ

بَشاشَةُ دَهرٍ مَحاها الزَمَن

وَمَعنىً خَلا القَولُ مِن لَفظِهِ

وَحُلمٌ تَطايَرَ عَنهُ الوَسَن

وَلا يَذكُرُ المَعهَدُ الشَرقِيُّ

لِأَنوَرَ إِلّا جَليلَ المِنَن

وَما كانَ مِن صَبرِهِ في الصِعابِ

وَما كانَ مِن عَونِهِ في المِحَن

وَخِدمَةُ فَنٍّ يُداوي القُلوبَ

وَيَشفي النُفوسَ وَيُذكي الفِطَن

وَما كانَ فيهِ الدَعِيَّ الدَخيلَ

وَلَكِن مِنَ الفَنِّ كانَ الرُكُن

وَلَو أَنصَفَ الصَحبُ يَومَ الوَداعِ

دُفِنتَ كَإِسحاقَ لَمّا دُفِن

فَغُيِّبتَ في المِسكِ لا في التُرابِ

وَأُدرِجتَ في الوَردِ لا في الكَفَن

وَخُطَّ لَكَ القَبرُ في رَوضَةٍ

يَميلُ عَلى الغُصنِ فيها الغُصُن

وَيَنتَحِبُ الطَيرُ في ظِلِّها

وَيَخلَعُ فيها النَسيمُ الرَسَن

وَقامَت عَلى العودِ أَوتارُهُ

تُعيدُ الحَنينَ وَتُبدي الشَجَن

وَطارَحَكَ النايُ شَجوَ النُواحِ

وَكُنتَ تَئِنُّ إِذا النايُ أَن

وَمالَ فَناحَ عَلَيكَ الكَمانُ

وَأَظهَر مِن بَثِّهِ ما كَمَن

سَلامٌ عَلَيكَ سَلامُ الرُبا

إِذا نَفَحَت وَالغَوادي الهُتَن

سَلامٌ عَلى جيرَةٍ بِالإِمامِ

وَرَهطٍ بِصَحرائِهِ مُرتَهَن

سَلامٌ عَلى حُفَرٍ كَالقِبابِ

وَأُخرى كَمُندَرِساتِ الدِمَن

وَجَمعٍ تَآلَفَ بَعدَ الخِلافِ

وَصافى وَصوفِيَ بَعدَ الضَغَن

سَلامٌ عَلى كُلِّ طَودٍ هُناكَ

لَهُ حَجَرٌ في بِناءِ الوَطَن





عطر الزنبق 06-12-2019 03:32 AM



http://img1.picmix.com/output/stamp/...8317_42a40.gif



أَخَذَت نَعشَكِ مِصرُ بِاليَمين

وَحَوَتهُ مِن يَدِ الروحِ الأَمين

لَقِيَت طُهرَ بَقاياكِ كَما

لَقِيَت يَثرِبٌ أُمَّ المُؤمِنين

في سَوادَيها وَفي أَحشائِها

وَوَراءَ النَحرِ مِن حَبلِ الوَتين

خَرَجَت مِن قَصرِكِ الباكي إِلى

رَملَةِ الثَغرِ إِلى القَصرِ الحَزين

أَخَذَت بَينَ اليَتامى مَذهَباً

وَمَشَت في عَبَراتِ البائِسين

وَرَمَت طَرفاً إِلى البَحرِ تَرى

مِن وَراءِ الدَمعِ أَسرابَ السَفين

فَبَدَت جارِيَةٌ في حِضنِها

فَنَنُ الوَردِ وَفَرعُ الياسَمين

وَعَلى جُؤجُئِها نورُ الهُدى

وَعَلى سُكّانِها نورُ اليَقين

حَمَلَت مِن شاطِئِ مَرمَرَه

جَوهَرَ السُؤدُدِ وَالكَنزَ الثَمين

وَطَوَت بَحراً بِبَحرٍ وَجَرَت

في الأُجاجِ المِلحِ بِالعَذبِ المَعين

وَاِستَقَلَّت دُرَّةً كانَت سَنىً

وَسَناءً في جِباهِ المالِكين

ذَهَبَت عَن عِليَةٍ صَيدٍ وَعَن

خُرَّدٍ مِن خَفِراتِ البَيتِ عين

وَالتَقِيّاتُ بَناتُ المُتَّقي

وَالآميناتُ بُنَيّاتُ الأَمين

لَبِسَت في مَطلَعِ العِزِّ الضُحى

وَنَضَتهُ كَالشُموسِ الآفِلين

يَدُها بانِيَةٌ غارِسَةٌ

كَيَدِ الشَمسِ وَإِن غابَ الجَبين

رَبَّةُ العَرشَينِ في دَولَتِها

قَد رَكِبتِ اليَومَ عَرشَ العالَمين

أُضجِعَت قَبلَكِ فيهِ مَريَمٌ

وَتَوارى بِنِساءِ المُرَسَلين

إِنَّهُ رَحلُ الأَوالي شَدَّهُ

لَهُم آدَمُ رُسلِ الآخَرين

اِخلَعي الأَلقابَ إِلّا لَقَباً

عَبقَرِيّاً هُوَ أُمُّ المُحسِنين

وَدَعي المالَ يَسِر سُنَّتَهُ

يَمضِ عَن قَومٍ لِأَيدي آخَرين

وَاِقذِفي بِالهَمِّ في وَجهِ الثَرى

وَاِطرَحي مِن حالِقٍ عِبءَ السِنين

وَاِسخَري مِن شانِئٍ أَو شامِتٍ

لَيسَ بِالمُخطِئِ يَومُ الشامِتين

وَتَعَزّي عَن عَوادي دَولَةٍ

لَم تَدُم في وَلَدٍ أَو في قَرين

وَاِزهَدي في مَوكِبٍ لَو شِئتِهِ

لَتَغَطّى وَجهُها بِالدارِعين

ما الَّذي رَدَّ عَلى أَصحابِهِ

لَيسَ يُحيِ مَوكِبُ الدَفنِ الدَفين

رُبَّ مَحمولٍ عَلى المِدفَعِ ما

مَنَعَ الحَوضَ وَلا حاطَ العَرين

باطِلٌ مِن أُمَمٍ مَخدوعَةٍ

يَتَحَدّونَ بِهِ الحَقَّ المُبين

في فَروقٍ وَرُباها مَأتَمٌ

ذَرَفَت آماقَها فيهِ العُيون

قامَ فيها مِن عَقيلاتِ الحِمى

مَلَأٌ بُدِّلنَ مِن عِزٍّ بِهون

أُسَرٌ مالَت بِها الدُنيا فَلَم

تَلقَ إِلّا عِندَكِ الرُكنَ الرَكين

قَد خَلا بَيبَكُ مِن حاتِمِه

وَمِنَ الكاسينَ فيهِ الطاعِمين

طارَتِ النِعمَةُ عَن أَيكَتِه

وَاِنقَضى ما كانَ مِن خَفضٍ وَلين

اليَتامى نُوَّحٌ ناحِيَةً

وَالمَساكينُ يَمُدّونَ الرَنين

دَولَةٌ مالَت وَسُلطانٌ خَلا

دُوِّلَت نُعماهُ بَينَ الأَقرَبين

مُنهِضُ الشَرقِ عَلِيٌّ لَم يَزَل

مِن بَنيهِ سَيِّدٌ في عابِدين

يُصلِحُ اللَهُ بِهِ ما أَفسَدَت

فَتَراتُ الدَهرِ مِن دُنيا وَدين

أُمَّ عَبّاسٍ وَما لي لَم أَقُل

أُمَّ مِصرَ مِن بَناتٍ وَبَنين

كُنتِ كَالوَردِ لَهُم وَاِستَقبَلوا

دَولَةَ الرَيحانِ حيناً بَعدَ حين

فَيُقالُ الأُمُّ في مَوكِبِها

وَيُقالُ الحَرَمُ العالي المَصون

العَفيفِيُّ عَفافٌ وَهُدىً

كَالبَقيعِ الطُهرِ ضَمَّ الطاهِرين

اُدخُلي الجَنَّةَ مِن رَوضَتِه

إِنَّ فيها غُرفَةً لِلصابِرين





عطر الزنبق 06-12-2019 03:33 AM



http://img1.picmix.com/output/stamp/...8317_42a40.gif


أَوحَت لِطَرفِكَ فَاِستَهَلَّ شُؤونا

دارٌ مَرَرتَ بِها عَلى قَيسونا

غاضَت بَشاشَتُها وَقَضَّت شَملَها

دُنيا تَغُرُّ السادِرَ المَفتونا

نَزَلَت عَوادِيَ الدَهرِ في ساحاتِها

وَأَقَلَّ رَفرَفِها الخُطوبَ العونا

فَتَكادُ مِن أَسَفٍ عَلى آسي الحِمى

مِن كُلِّ ناحِيَةٍ تَثورُ شُجونا

تِلكَ العِيادَةُ لَم تَكُن عَبَثاً وَلا

شَرَكاً لِصَيدِ مَآرِبٍ وَكَمينا

دارُ اِبنِ سينا نُزِّهَت حُجُراتُها

عَن أَن تَضُمَّ ضَلالَةً وَمُجونا

خَبَتِ المَطالِعُ مِن أَغَرِّ مُؤَمَّلٍ

كَالفَجرِ ثَغراً وَالصَباحِ جَبينا

وَمِنَ الوُفودِ كَأَنَّهُم مِن حَولِهِ

مَرضى بِعيسى الروحِ يَستَشفونا

مَثَلٌ تَصَوَّرَ مِن حَياةٍ حُرَّةٍ

لِلنَشءِ يَنطِقُ في السُكوتِ مُبينا

لَم تُحصَ مِن عَهدِ الصِبا حَرَكاتُهُ

وَتَخالُهُنَّ مِنَ الخُشوعِ سُكونا

جَمَحَت جِراحُ المُعوِزينَ وَأَعضَلَت

أَدواؤُهُم وَتَغَيَّبَ الشافونا

ماتَ الجَوادُ بِطِبِّهِ وَبِأَجرِهِ

وَلَرُبَّما بَذَلَ الدَواءَ مُعينا

وَتَجُسُّ راحَتُهُ العَليلَ وَتارَةً

تَكسو الفَقيرَ وَتُطعِمُ المِسكينا

أَدّى أَمانَةَ عِلمِهِ وَلَطالَما

حَمَلَ الصَداقَةَ وافِياً وَأَمينا

وَقَضى حُقوقَ الأَهلِ يُحسِنُ تارَةً

بِأَبيهِ أَو يَصِلُ القَرابَةَ حينا

خُلُقٌ وَدينٌ في زَمانٍ لا نَرى

خُلُقاً عَلَيهِ وَلا تُصادِفُ دينا

أَمُداوِيَ الأَرواحِ قَبلَ جُسومِها

قُم داوِ فيكَ فُؤادِيَ المَحزونا

رَوِّح بِلَفظِكَ كُلَّ روحِ مُعَذَّبٍ

حَيرانَ طارَ بِلُبِّهِ الناعونا

قَد كالَ لِلقَدَرِ العِتابَ وَرُبَّما

ظَنَّ المُدَلَّهُ بِالقَضاءِ ظُنونا

داوَيتَ كُلَّ مُحَطَّمٍ فَشَفَيتَهُ

وَنَسيتَ داءً في الضُلوعِ دَفينا

كَبِدٌ عَلى دَمِها اِتَّكَأتَ وَلَحمِها

فَحَمَلتَ هَمَّ المُسلِمينَ سِنيا

ظَلَّت وَراءَ الحَربِ تَشقى بِالنَوى

وَتَذوبُ لِلوَطَنِ الكَريمِ حَنينا

ناصَرتَ في فَجرِ القَضِيَّةِ مُصطَفى

فَنَصَرتَ خُلُقاً في الشَبابِ مَتينا

أَقدَمتَ في العِشرينَ تَحتَ لِوائِهِ

وَرَوائِعُ الإِقدامِ في العِشرينا

لَم تَبغِ دُنيا طالَما أَغضى لَها

حُمسُ الدُعاةِ وَطَأطَؤوا العِرنينا

رُحماكَ يوسُفُ قِف رِكابَكَ ساعَةً

وَاِعطِف عَلى يَعقوبَ فيهِ حَزينا

لَم يَدرِ خَلفَ النَعشِ مِن حَرِّ الجَوى

أَيَشُقُّ جَيباً أَم يَشُقُّ وَتينا

ساروا بِمُهجَتِهِ فَحُمِّلَ ثُكلَها

وَقَضَوا بِعائِلِهِ فَمالَ غَبينا

أَتَعودُ في رَكبِ الرَبيعِ إِذا اِنثَنى

بَهِجاً يَزُفُّ الوَردَ وَالنِسرينا

هَيهاتَ مِن سَفَرِ المَنِيَّةِ أَوبَةٌ

حَتّى يُهيبَ الصُبحُ بِالسارينا

وَيُقالُ لِلأَرضِ الفَضاءِ تَمَخَّضي

فَتَرُدُّ شَيخاً أَو تَمُجُّ جَنينا

اللَهُ أَبقى أَينَ مِن جَسَدي يَدٌ

لَم أَنسَ رِفقَ بَنانِها وَاللينا

حَتّى تَمَثَّلَتِ العِنايَةُ صورَةً

تومي بِراحٍ أَو تُجيلُ عُيونا

فَجَرَرتُ جُثماني وَهانَت كُربَةٌ

لَولا اِعتِناؤُكَ لَم تَكُن لِتَهونا

إِنَّ الشِفاءَ مِنَ الحَياةِ وَعَونِها

ما كانَ آسَ بِالشِفاءِ ضَمينا

وَاليَومَ أَرتَجِلُ الرِثاءَ وَأَنزَوي

في مَأتَمٍ أَبكي مَعَ الباكينا

سُبحانَ مَن يَرِثُ الطَبيبَ وَطِبِّهِ

وَيُري المَريضَ مَصارِعَ الآسينا





عطر الزنبق 06-12-2019 03:34 AM



http://img1.picmix.com/output/stamp/...8317_42a40.gif



أَوحَت لِطَرفِكَ فَاِستَهَلَّ شُؤونا

دارٌ مَرَرتَ بِها عَلى قَيسونا

غاضَت بَشاشَتُها وَقَضَّت شَملَها

دُنيا تَغُرُّ السادِرَ المَفتونا

نَزَلَت عَوادِيَ الدَهرِ في ساحاتِها

وَأَقَلَّ رَفرَفِها الخُطوبَ العونا

فَتَكادُ مِن أَسَفٍ عَلى آسي الحِمى

مِن كُلِّ ناحِيَةٍ تَثورُ شُجونا

تِلكَ العِيادَةُ لَم تَكُن عَبَثاً وَلا

شَرَكاً لِصَيدِ مَآرِبٍ وَكَمينا

دارُ اِبنِ سينا نُزِّهَت حُجُراتُها

عَن أَن تَضُمَّ ضَلالَةً وَمُجونا

خَبَتِ المَطالِعُ مِن أَغَرِّ مُؤَمَّلٍ

كَالفَجرِ ثَغراً وَالصَباحِ جَبينا

وَمِنَ الوُفودِ كَأَنَّهُم مِن حَولِهِ

مَرضى بِعيسى الروحِ يَستَشفونا

مَثَلٌ تَصَوَّرَ مِن حَياةٍ حُرَّةٍ

لِلنَشءِ يَنطِقُ في السُكوتِ مُبينا

لَم تُحصَ مِن عَهدِ الصِبا حَرَكاتُهُ

وَتَخالُهُنَّ مِنَ الخُشوعِ سُكونا

جَمَحَت جِراحُ المُعوِزينَ وَأَعضَلَت

أَدواؤُهُم وَتَغَيَّبَ الشافونا

ماتَ الجَوادُ بِطِبِّهِ وَبِأَجرِهِ

وَلَرُبَّما بَذَلَ الدَواءَ مُعينا

وَتَجُسُّ راحَتُهُ العَليلَ وَتارَةً

تَكسو الفَقيرَ وَتُطعِمُ المِسكينا

أَدّى أَمانَةَ عِلمِهِ وَلَطالَما

حَمَلَ الصَداقَةَ وافِياً وَأَمينا

وَقَضى حُقوقَ الأَهلِ يُحسِنُ تارَةً

بِأَبيهِ أَو يَصِلُ القَرابَةَ حينا

خُلُقٌ وَدينٌ في زَمانٍ لا نَرى

خُلُقاً عَلَيهِ وَلا تُصادِفُ دينا

أَمُداوِيَ الأَرواحِ قَبلَ جُسومِها

قُم داوِ فيكَ فُؤادِيَ المَحزونا

رَوِّح بِلَفظِكَ كُلَّ روحِ مُعَذَّبٍ

حَيرانَ طارَ بِلُبِّهِ الناعونا

قَد كالَ لِلقَدَرِ العِتابَ وَرُبَّما

ظَنَّ المُدَلَّهُ بِالقَضاءِ ظُنونا

داوَيتَ كُلَّ مُحَطَّمٍ فَشَفَيتَهُ

وَنَسيتَ داءً في الضُلوعِ دَفينا

كَبِدٌ عَلى دَمِها اِتَّكَأتَ وَلَحمِها

فَحَمَلتَ هَمَّ المُسلِمينَ سِنيا

ظَلَّت وَراءَ الحَربِ تَشقى بِالنَوى

وَتَذوبُ لِلوَطَنِ الكَريمِ حَنينا

ناصَرتَ في فَجرِ القَضِيَّةِ مُصطَفى

فَنَصَرتَ خُلُقاً في الشَبابِ مَتينا

أَقدَمتَ في العِشرينَ تَحتَ لِوائِهِ

وَرَوائِعُ الإِقدامِ في العِشرينا

لَم تَبغِ دُنيا طالَما أَغضى لَها

حُمسُ الدُعاةِ وَطَأطَؤوا العِرنينا

رُحماكَ يوسُفُ قِف رِكابَكَ ساعَةً

وَاِعطِف عَلى يَعقوبَ فيهِ حَزينا

لَم يَدرِ خَلفَ النَعشِ مِن حَرِّ الجَوى

أَيَشُقُّ جَيباً أَم يَشُقُّ وَتينا

ساروا بِمُهجَتِهِ فَحُمِّلَ ثُكلَها

وَقَضَوا بِعائِلِهِ فَمالَ غَبينا

أَتَعودُ في رَكبِ الرَبيعِ إِذا اِنثَنى

بَهِجاً يَزُفُّ الوَردَ وَالنِسرينا

هَيهاتَ مِن سَفَرِ المَنِيَّةِ أَوبَةٌ

حَتّى يُهيبَ الصُبحُ بِالسارينا

وَيُقالُ لِلأَرضِ الفَضاءِ تَمَخَّضي

فَتَرُدُّ شَيخاً أَو تَمُجُّ جَنينا

اللَهُ أَبقى أَينَ مِن جَسَدي يَدٌ

لَم أَنسَ رِفقَ بَنانِها وَاللينا

حَتّى تَمَثَّلَتِ العِنايَةُ صورَةً

تومي بِراحٍ أَو تُجيلُ عُيونا

فَجَرَرتُ جُثماني وَهانَت كُربَةٌ

لَولا اِعتِناؤُكَ لَم تَكُن لِتَهونا

إِنَّ الشِفاءَ مِنَ الحَياةِ وَعَونِها

ما كانَ آسَ بِالشِفاءِ ضَمينا

وَاليَومَ أَرتَجِلُ الرِثاءَ وَأَنزَوي

في مَأتَمٍ أَبكي مَعَ الباكينا

سُبحانَ مَن يَرِثُ الطَبيبَ وَطِبِّهِ

وَيُري المَريضَ مَصارِعَ الآسينا





عطر الزنبق 06-12-2019 03:36 AM

سأواصل لاحقا باذن الله
لا زالت الموسوعة طويلة
خليكم معي
تحياتي لكم يا غاليين

عطر الزنبق 06-12-2019 04:05 PM


http://www.gifsyfondos.com/Barra20separadora227.gif





مَضى الدَهرُ بِاِبنِ إِمامِ اليَمَن

وَأَودى بِزَينِ شَبابِ الزَمَن

وَباتَت بِصَنعاءَ تَبكي السُيوفُ

عَلَيهِ وَتَبكي القَنا في عَدَن

وَأَعوَلَ نَجدٌ وَضَجَّ الحِجازُ

وَمالَ الحُسَينُ فَعَزَّ الحَسَن

وَغَصَّت مَناحاتُهُ في الخِيامِ

وَغَصَّت مَآتِمُهُ في المُدُن

وَلَو أَنَّ مَيتاً مَشى لِلعَزاءِ

مَشى في مَآتِمِهِ ذو يَزَن

فَتىً كَاِسمِهِ كانَ سَيفَ الإِلَه

وَسَيفَ الرَسولِ وَسَيفَ الوَطَن

وَلُقِّبَ بِالبَدرِ مِن حُسنِهِ

وَما البَدرُ ما قَدرُهُ وَاِبنُ مَن

عَزاءً جَميلاً إِمامَ الحِمى

وَهَوِّن جَليلَ الرَزايا يَهُن

وَأَنتَ المُعانُ بِإيمانِهِ

وَظَنُّكَ في اللَهِ ظَنٌّ حَسَن

وَلَكِن مَتى رَقَّ قَلبُ القَضاءِ

وَمِن أَينَ لِلمَوتِ عَقلٌ يَزِن

يُجامِلُكَ العُربُ النازِحون

وَما العَرَبِيَّةُ إِلّا وَطَن

وَيَجمَعُ قَومَكَ بِالمُسلِمينَ

عَظيمَ الفُروضِ وَسَمحُ السُنَن

وَأَنَّ نَبِيَّهُمُ واحِدٌ

نَبِيُّ الصَوابِ نَبِيُّ اللَسَن

وَمِصرُ الَّتي تَجمَعُ المُسلِمينَ

كَما اِجتَمَعوا في ظِلالِ الرُكُن

تُعَزّي اليَمانينَ في سَيفِهِم

وَتَأخُذُ حِصَّتَها في الحَزَن

وَتَقعُدُ في مَأتَمِ اِبنِ الإِمامِ

وَتَبكيهِ بِالعَبَراتِ الهُتُن

وَتَنشُرُ رَيحانَتَي زَنبَقٍ

مِنَ الشِعرِ في رَبَواتِ اليَمَن

تَرِفّانِ فَوقَ رُفاتِ الفَقيدِ

رَفيفَ الجِنى في أَعالي الغُصُن

قَضى واجِباً فَقَضى دونَهُ

فَتىً خالِصَ السِرِّ صافي العَلَن

تَطَوَّحَ في لُجَجٍ كَالجِبالِ

عِراضِ الأَواسي طِوالِ القُنَن

مَشى مِشيَةَ اللَيثِ لا في السِلاحِ

وَلا في الدُروعِ وَلا في الجُنَن

مَتى صِرتَ يا بَحرُ غُمدَ السُيوفِ

وَكُنّا عَهِدناكَ غِمدَ السُفُن

وَكُنتَ صِوانَ الجُمانِ الكَريمِ

فَكَيفَ أُزيلَ وَلِم لَم يُصَن

ظَفِرَت بِجَوهَرَةٍ فَذَّةٍ

مِنَ الشَرَفِ العَبقَرِيِّ اليُمُن

فَتىً بَذَلَ الروحَ دونَ الرِفاقِ

إِلَيكَ وَأَعطى التُرابَ البَدَن

وَهانَت عَلَيهِ مَلاهي الشَبابِ

وَلَولا حُقوقُ العُلا لَم تَهُن

وَخاضَكَ يُنقِذُ أَترابَهُ

وَكانَ القَضاءُ لَهُ قَد كَمَن

غَدَرتَ فَتىً لَيسَ في الغادِرينَ

وَخُنتَ اِمرأً وافِياً لَم يَخُن

وَما في الشَجاعَةِ حَتفُ الشُجاعِ

وَلا مَدَّ عُمرَ الجَبانِ الجُبُن

وَلَكِن إِذا حانَ حَينُ الفَتى

قَضى وَيَعيشُ إِذا لَم يَحِن

أَلا أَيُّها ذا الشَريفُ الرَضي

أَبو السُجَرِ الرَماحِ اللُدُن

شَهيدُ المُروءَةِ كانَ البَقيعُ

أَحَقَّ بِهِ مِن تُرابِ اليَمَن

فَهَل غَسَّلوهُ بِدَمعِ العُفاةِ

وَفي كُلِّ قَلبِ حَزينٍ سَكَن

لَقَد أَغرَقَ اِبنَكَ صَرفُ الزَمانِ

وَأَغرَقتَ أَبناءَهُ بِالمِنَن

أَتَذكُرُ إِذ هُوَ يَطوي الشُهورَ

وَإِذ هُوَ كَالخِشفِ حُلوٌ أَغَن

وَإِذ هُوَ حَولَكَ حَسَنُ القُصورِ

وَطيبُ الرِياضِ وَصَفوُ الزَمَن

بَشاشَتُهُ لَذَّةٌ في العُيونِ

وَنَغمَتُهُ لَذَّةٌ في الأُذُن

يُلاعِبُ طُرَّتَهُ في يَدَيكَ

كَما لاعَبَ المُهرُ فَضلَ الرَسَن

وَإِذ هُوَ كَالشِبلِ يَحكي الأُسودَ

أَدَلَّ بِمِخلَبِهِ وَاِفتَتَن

فَشَبَّ فَقامَ وَراءَ العَرينِ

يَشُبُّ الحُروبَ وَيُطفي الفِتَن

فَما بالُهُ صارَ في الهامِدينَ

وَأَمسى عَفاءً كَأَن لَم يَكُن

نَظَمتُ الدُموعَ رِثاءً لَهُ


وَفَصَّلتُها بِالأَسى وَالشَجَن

عطر الزنبق 06-12-2019 04:06 PM


http://www.gifsyfondos.com/Barra20separadora227.gif



يا قَلبُ وَيحَكَ وَالمَوَدَّةُ ذِمَّةٌ

ماذا صَنَعتَ بِعَهدِ عَبدِ اللَهِ

جاذَبتَني جَنبي عَشِيَّةَ نَعيِهِ

وَخَفَقتَ خَفقَةَ موجَعٍ أَوّاهِ

وَلَوَ اَنَّ قَلباً ذابَ إِثرَ حَبيبِهِ

لَهَوى بِكَ الرُكنُ الضَعيفُ الواهي

فَعَلَيكَ مِن حُسنِ المُروءَةِ آمِرٌ

وَعَلَيكَ مِن حُسنِ التَجَلُّدِ ناهِ

نَزَلَ الطُوَيِّرُ في التُرابِ مَنازِلاً

تَهوي المَكارِمُ نَحوَها بِشِفاهِ

عَرَصاتُها مَمطورَةٌ بِمَدامِعٍ

مَوطوءَةٌ بِمَفارِقٍ وَجِباهِ

لَولا يَمينُ المَوتِ فَوقَ يَمينِهِ

فيها لَفاضَت مِن جَنىً وَمِياهِ

يا كابِراً مِن كابِرينَ وَطاهِراً

مِن آلِ طُهرٍ عارِفٍ بِاللَهِ

وَمُحَكِّماً عَلِمَ القَضاءُ مَكانَهُ

في المُقسِطينَ الجِلَّةِ الأَنزاهِ

وَحَكيماً اِستَعصَت أَعِنَّتُهُ عَلى

كَذِبِ النَعيمِ وَتُرَّهاتِ الجاهِ

وَأَخاً سَقى الإِخوانَ مِن رَاوقِهِ

بِوِدادِ لا صَلِفٍ وَلا تَيّاهِ

قَد كانَ شِعري شُغلَ نَفسِكَ فَاِقتَرِح

مِن كُلِّ جائِلَةٍ عَلى الأَفواهِ

أُنزِلتَ مِنهُ حينَ فاتَكَ جَمعُهُ

في مَنزِلٍ بَهِجٍ بِنورِكَ زاهِ

فَاِقرَأ عَلى حَسّانَ مِنهُ لَعَلَّهُ

بِفَتاهُ في مَدحِ الرَسولِ مُباهِ

وَاِنزِل بِنورِ الخُلدِ جَدَّكَ وَاِتَّصِل

بِمَلائِكٍ مِن آلِهِ أَشباهِ

ناعيكَ ناعي حاتَمٍ أَو جَعفَرٍ

فَالناسُ بَينَ نَوازِلٍ وَدَواهِ



عطر الزنبق 06-12-2019 04:08 PM



http://www.gifsyfondos.com/Barra20separadora227.gif


شَيَّعوا الشَمسَ وَمالوا بِضُحاها

وَاِنحَنى الشَرقُ عَلَيها فَبَكاها

لَيتَني في الرَكبِ لَمّا أَفَلَت

يوشَعٌ هَمَّت فَنادى فَثَناها

جَلَّلَ الصُبحَ سَواداً يَومُها

فَكَأَنَّ الأَرضَ لَم تَخلَع دُجاها

اِنظُروا تَلقَوا عَلَيها شَفَقاً

مِن جِراحاتِ الضَحايا وَدِماها

وَتَرَوا بَينَ يَدَيها عَبرَةً

مِن شَهيدٍ يَقطُرُ الوَردَ شَذاها

آذَنَ الحَقُّ ضَحاياها بِها

وَيحَهُ حَتّى إِلى المَوتى نَعاها

كَفَّنوها حُرَّةً عُلوِيَّةً

كَسَتِ المَوتَ جَلالاً وَكَساها

مِصرُ في أَكفانِها إِلّا الهُدى

لُحمَةُ الأَكفانِ حَقٌّ وَسُداها

خَطَرَ النَعشُ عَلى الأَرضِ بِها

يَحسِرُ الأَبصارَ في النَعشِ سَناها

جاءَها الحَقُّ وَمِن عادَتِها

تُؤثِرُ الحَقَّ سَبيلاً وَاِتِّجاها

ما دَرَت مِصرٌ بِدَفنٍ صُبِّحَت

أَم عَلى البَعثِ أَفاقَت مِن كَراها

صَرَخَت تَحسَبُها بِنتَ الشَرى

طَلَبَت مِن مِخلَبِ المَوتِ أَباها

وَكَأَنَّ الناسَ لَمّا نَسَلوا

شُعَبُ السَيلِ طَغَت في مُلتَقاها

وَضَعوا الراحَ عَلى النَعشِ كَما

يَلمَسونَ الرُكنَ فَاِرتَدَّت نَزاها

خَفَضوا في يَومِ سَعدٍ هامَهُم

وَبِسَعدٍ رَفَعوا أَمسِ الجِباها

سائِلوا زَحلَةً عَن أَعراسِها

هَل مَشى الناعي عَلَيها فَمَحاها

عَطَّلَ المُصطافَ مِن سُمّارِهِ

وَجَلا عَن ضِفَّةِ الوادي دُماها

فَتَحَ الأَبوابَ لَيلاً دَيرُها

وَإِلى الناقوسِ قامَت بيعَتاها

صَدَعَ البَرقُ الدُجى تَنشُرُهُ

أَرضُ سورِيّا وَتَطويهِ سَماها

يَحمِلُ الأَنباءَ تَسري موهِناً

كَعَوادي الثُكلِ في حَرِّ سُراها

عَرَضَ الشَكُّ لَها فَاِضطَرَبَت

تَطَأُ الآذانَ هَمساً وَالشِفاها

قُلتُ يا قَومُ اِجمَعوا أَحلامَكُم

كُلُّ نَفسٍ في وَريدَيها رَداها

يا عَدُوَّ القَيدِ لَم يَلمَح لَهُ

شَبَحاً في خُطَّةٍ إِلّا أَباها

لا يَضِق ذَرعُكَ بِالقَيدِ الَّذي

حَزَّ في سوقِ الأَوالي وَبَراها

وَقَعَ الرُسلُ عَلَيهِ وَاِلتَوَت

أَرجُلُ الأَحرارِ فيهِ فَعَفاها

يا رُفاتاً مِثلَ رَيحانِ الضُحى

كَلَّلَت عَدنٌ بِها هامَ رُباها

وَبَقايا هَيكَلٍ مِن كَرمٍ

وَحَياةٍ أَترَعَ الأَرضَ حَياها

وَدَّعَ العَدلُ بِها أَعلامَهُ

وَبَكَت أَنظِمَةُ الشورى صُواها

حَضَنَت نَعشَكَ وَاِلتَفَّت بِهِ

رايَةٌ كُنتَ مِنَ الذُلِّ فِداها

ضَمَّتِ الصَدرَ الَّذي قَد ضَمَّها

وَتَلَقّى السَهمَ عَنها فَوَقاها

عَجَبي مِنها وَمِن قائِدِها

كَيفَ يَحمي الأَعزَلُ الشَيخُ حِماها

مِنبَرُ الوادي ذَوَت أَعوادُهُ

مِن أَواسيها وَجَفَّت مِن ذُراها

مَن رَمى الفارِسَ عَن صَهوَتِها

وَدَها الفُصحى بِما أَلجَمَ فاها

قَدَرٌ بِالمُدنِ أَلوى وَالقُرى

وَدَها الأَجبالَ مِنهُ ما دَهاها

غالَ بَسطورا وَأَردى عُصبَةً

لَمَسَت جُرثومَةَ المَوتِ يَداها

طافَتِ الكَأسُ بِساقي أُمَّةٍ

مِن رَحيقِ الوَطَنِيّاتِ سَقاها

عَطِلَت آذانُها مِن وَتَرٍ

ساحِرٍ رَنَّ مَلِيّاً فَشَجاها

أَرغُنٌ هامَ بِهِ وِجدانُها

وَأَذانٌ عَشِقَتهُ أُذُناها

كُلَّ يَومٍ خُطبَةٌ روحِيَّةٌ

كَالمَزاميرِ وَأَنغامِ لُغاها

دَلَّهَت مِصراً وَلَو أَنَّ بِها

فَلَواتٍ دَلَّهَت وَحشَ فَلاها

ذائِدُ الحَقِّ وَحامي حَوضِهِ

أَنفَذَت فيهِ المَقاديرُ مُناها

أَخَذَت سَعداً مِنَ البَيتِ يَدٌ

تَأخُذُ الآسادَ مِن أَصلِ شَراها

لَو أَصابَت غَيرَ ذي روحٍ لَما

سَلِمَت مِنها الثُرَيّا وَسُهاها

تَتَحَدّى الطِبَّ في قُفّازِها

عِلَّةُ الدَهرِ الَّتي أَعيا دَواها

مِن وَراءِ الإِذنِ نالَت ضَيغَماً

لَم يَنَل أَقرانَهُ إِلّا وِجاها

لَم تُصارِح أَصرَحَ الناسِ يَداً

وَلِساناً وَرُقاداً وَاِنتِباها

هَذِهِ الأَعوادُ مِن آدَمَ لَم

يَهدَ خُفّاها وَلَم يَعرَ مَطاها

نَقَلَت خوفو وَمالَت بِمِنا

لَم يَفُت حَيّاً نَصيبٌ مِن خُطاها

تَخلِطُ العُمرَينِ شيباً وَصِباً

وَالحَياتَينِ شَقاءً وَرَفاها

زَورَقٌ في الدَمعِ يَطفو أَبَداً

عَرَفَ الضَفَّةَ إِلّا ما تَلاها

تَهلَعُ الثَكلى عَلى آثارِهِ

فَإِذا خَفَّ بِها يَوماً شَفاها

تَسكُبُ الدَمعَ عَلى سَعدٍ دَماً

أُمَّةٌ مِن صَخرَةِ الحَقِّ بَناها

مِن لَيانٍ هُوَ في يَنبوعِها

وَإِباءٍ هُوَ في صُمِّ صَفاها

لُقِّنَ الحَقَّ عَلَيهِ كَهلُها

وَاِستَقى الإيمانُ بِالحَقِّ فَتاها

بَذَلَت مالاً وَأَمناً وَدَماً

وَعَلى قائِدِها أَلقَت رَجاها

حَمَّلَتهُ ذِمَّةً أَوفى بِها

وَاِبتَلَتهُ بِحُقوقٍ فَقَضاها

اِبنُ سَبعينَ تَلَقّى دونَها

غُربَةَ الأَسرِ وَوَعثاءَ نَواها

سَفَرٌ مِن عَدَنِ الأَرضِ إِلى

مَنزِلٍ أَقرَبُ مِنهُ قُطُباها

قاهِرٌ أَلقى بِهِ في صَخرَةٍ

دَفَعَ النَسرَ إِلَيها فَأَواها

كَرِهَت مَنزِلَها في تاجِهِ

دُرَّةٌ في البَحرِ وَالبَرِّ نَفاها

اِسأَلوها وَاِسأَلوا شائِنَها

لِمَ لَم يَنفِ مِنَ الدُرِّ سِواها

وَلَدَ الثَورَةَ سَعدٌ حُرَّةً

بِحَياتَي ماجِدٍ حُرٍّ نَماها

ما تَمَنّى غَيرُها نَسلاً وَمَن

يَلِدِ الزَهراءَ يَزهَد في سِواها

سالَتِ الغابَةُ مِن أَشبالِها

بَينَ عَينَيهِ وَماجَت بِلَباها

بارَكَ اللَهُ لَها في فَرعِها

وَقَضى الخَيرَ لِمِصرٍ في جَناها

أَوَ لَم يَكتُب لَها دُستورَها

بِالدَمِ الحُرِّ وَيَرفَعُ مُنتَداها

قَد كَتَبناها فَكانَت صورَةً

صَدرُها حَقٌّ وَحَقٌّ مُنتَهاها

رَقَدَ الثائِرُ إِلّا ثَورَةً

في سَبيلِ الحَقِّ لَم تَخمُد جُذاها

قَد تَوَلّاها صَبِيّاً فَكَوَت

راحَتَيهِ وَفَتِيّاً فَرعاها

جالَ فيها قَلَماً مُستَنهِضاً

وَلِساناً كُلَّما أَعيَت حَداها

وَرَمى بِالنَفسِ في بُركانِها

فَتَلَقّى أَوَّلَ الناسِ لَظاها

أَعَلِمتُم بَعدَ موسى مِن يَدٍ

قَذَفَت في وَجهِ فِرعَونَ عَصاها

وَطِأَت نادِبَةً صارِخَةً

شاهَ وَجهُ الرِقِّ يا قَومُ وَشاها

ظَفِرَت بِالكِبرِ مِن مُستَكبِرٍ

ظافِرِ الأَيّامِ مَنصورِ لِواها

القَنا الصُمُّ نَشاوى حَولَهُ

وَسُيوفُ الهِندِ لَم تَصحُ ظُباها

أَينَ مِن عَينَيَّ نَفسٌ حُرَّةٌ

كُنتُ بِالأَمسِ بِعَينَيَّ أَراها

كُلَّما أَقبَلتُ هَزَّت نَفسَها

وَتَواصى بِشرُها بي وَنَداها

وَجَرى الماضي فَماذا اِدَّكَرَت

وَاِدِّكارُ النَفسِ شَيءٌ مِن وَفاها

أَلمَحُ الأَيّامَ فيها وَأَرى

مِن وَراءِ السِنِّ تِمثالَ صِباها

لَستُ أَدري حينَ تَندى نَضرَةً

عَلَتِ الشَيبَ أَمِ الشَيبُ عَلاها

حَلَّتِ السَبعونَ في هَيكَلِها

فَتَداعى وَهيَ مَوفورٌ بِناها

رَوعَةُ النادي إِذا جَدَّت فَإِن

مَزَحَت لَم يُذهِبِ المَزحُ بَهاها

يَظفَرُ العُذرُ بِأَقصى سُخطِها

وَيَنالُ الوُدُّ غاياتِ رِضاها

وَلَها صَبرٌ عَلى حُسّادِها

يُشبِهُ الصَفحَ وَحِلمٌ عَن عِداها

لَستُ أَنسى صَفحَةً ضاحِكَةً

تَأخُذُ النَفسَ وَتَجري في هَواها

وَحَديثاً كَرِواياتِ الهَوى

جَدَّ لِلصَبِّ حَنينٌ فَرواها

وَقَناةً صَعدَةٌ لَو وُهِبَت

لِلسِماكِ الأَعزَلِ اِختالَ وَتاها

أَينَ مِنّي قَلَمٌ كُنتُ إِذا

سُمتُهُ أَن يَرثِيَ الشَمسَ رَثاها

خانَني في يَومِ سَعدٍ وَجَرى

في المَراثي فَكَبا دونَ مَداها

في نَعيمِ اللَهِ نَفسٌ أوتِيَت

أَنعُمَ الدُنيا فَلَم تَنسَ تُقاها

لا الحِجى لَمّا تَناهى غَرَّها

بِالمَقاديرِ وَلا العِلمُ زَهاها

ذَهَبَت أَوّابَةً مُؤمِنَةً

خالِصاً مِن حَيرَةِ الشَكِّ هُداها

آنَسَت خَلقاً ضَعيفاً وَرَأَت

مِن وَراءِ العالَمِ الفاني إِلَها

ما دَعاها الحَقُّ إِلّا سارَعَت

لَيتَهُ يَومَ وَصيفٍ ما دَعاها




عطر الزنبق 06-12-2019 04:08 PM



http://www.gifsyfondos.com/Barra20separadora227.gif


فَتى العَقلِ وَالنَغمَةِ العالِيَه

مَضى وَمَحاسِنَهُ باقِيَه

فَلا سوقَةٌ لَم تَكُن أُنسَهُ

وَلا مَلِكٌ لَم تَزِن نادِيَه

وَلَم تَخلُ مِن طيبِها بَلدَةٌ

وَلَم تَخلُ مِن ذِكرِها ناحِيَه

يَكادُ إِذا هُوَ غَنّى الوَرى

بِقافِيَةٍ يُنطِقُ القافِيَه

يَتيهُ عَلى الماسِ بَعضُ النُحاسِ

إِذا ضَمَّ أَلحانَهُ الغالِيَه

وَتَحكُمُ في النَفسِ أَوتارُهُ

عَلى العودِ ناطِقَةً حاكِيَه

وَتَبلُغُ مَوضِعَ أَوطارِها

وَتُفشي سَريرَتَها الخافِيَه

وَكَم آيَةٍ في الأَغاني لَهُ

هِيَ الشَمسُ لَيسَ لَها ثانِيَه

إِذا ما تَنادى بِها العارِفونَ

قُلِ البَرقُ وَالرَعدُ مِن غادِيَه

فَإِن هَمَسوا بَعدَ جَهرٍ بِها

فَخَفقُ الحُلِيِّ عَلى الغانِيَه

لَقَد شابَ فَردي وَجازَ المَشيبَ

وَعَيدا شَبيبَتُها زاهِيَه

تُمَثِّلُ مِصرَ لِهَذا الزَمانِ

كَما هِيَ في الأَعصُرِ الخالِيَه

وَنَذكُرُ تِلكَ اللَيالي بِها

وَنَنشُدُ تِلكَ الرُؤى السارِيَه

وَنَبكي عَلى عِزِّنا المُنقَضي

وَنَندُبُ أَيّامَنا الماضِيَه

فَيا آلَ فَردي نُعَزّيكُمُ

وَنَبكي مَعَ الأُسرَةِ الباكِيَه

فَقَدنا بِمَفقودِكُم شاعِراً

يَقِلُّ الزَمانُ لَهُ راوِيَه




عطر الزنبق 06-12-2019 04:09 PM



http://www.gifsyfondos.com/Barra20separadora227.gif



سَقى اللَهُ بِالكَفرِ الأَباظِيِّ مَضجَعاً

تَضَوَّعَ كافوراً مِنَ الخُلدِ سارِيا

يَطيبُ ثَرى بُردَينِ مِن نَفحِ طيبِهِ

كَأَنَّ ثَرى بُردَينِ مَسَّ الغَوالِيا

فَيا لَك غِمداً مِن صَفيحٍ وَجَندَلٍ

حَوى السَيفَ مَصقولَ الغِرارِ يَمانِيا

وَكُنّا اِستَلَلنا في النَوائِبِ غَربَهُ

فَلَم يُلفَ هَيّاباً وَلَم نُلفَ نابِيا

إِذا اِهتَزَّ دونَ الحَقِّ يَحمي حِياضَهُ

تَأَخَّرَ عَنها باطِلُ القَومِ ظامِيا

طَوَتهُ يَدٌ لِلمَوتِ لا الجاهُ عاصِماً

إِذا بَطَشَت يَوماً وَلا المالُ فادِيا

تَنالُ صِبا الأَعمارِ عِندَ رَفيفِهِ

وَعِندَ جُفوفِ العودِ في السِنِّ ذاوِيا

وَبَعضُ المَنايا تُنزِلُ الشَهدَ في الثَرى

وَيَحطُطنَ في التُربِ الجِبالَ الرَواسِيا

يَقولونَ يَرثي الراحِلينَ فَوَيحَهُم

أَأَمَّلتُ عِندَ الراحِلينَ الجَوازِيا

أَبَوا حَسَداً أَن أَجعَلَ الحَيَّ أُسوَةً

لَهُم وَمِثالاً قَد يُصادِفُ حاذِيا

فَلَمّا رَثَيتُ المَيتَ أَقضي حُقوقَهُ

وَجَدتُ حَسوداً لِلرُفاتِ وَشانِيا

إِذا أَنَت لَم تَرعَ العُهودَ لِهالِكٍ

فَلَستَ لِحَيٍّ حافِظَ العَهدِ راعِيا

فَلا يَطوينَ المَوتُ عَهدَكَ مِن أَخٍ

وَهَبهُ بِوادٍ غَيرِ واديكَ نائِيا

أَقامَ بِأَرضٍ أَنتَ لاقيهِ عِندَها

وَإِن بِتُّما تَستَبعِدانِ التَلاقيِا

رَثَيتُ حَياةً بِالثَناءِ خَليقَةً

وَحَلَّيتُ عَهداً بِالمَفاخِرِ حالِيا

وَعَزَّيتُ بَيتاً قَد تَبارَت سَماؤُهُ

مَشايِخَ أَقماراً وَمُرداً دَرارِيا

إِلى اللَهِ إِسماعيلُ وَاِنزِل بِساحَةٍ

أَظَلَّ النَدى أَقطارَها وَالنَواجِيا

تَرى الرَحمَةَ الكُبرى وَراءَ سَمائِها

تَلُفُّ التُقى في سَيبِها وَالمَعاصِيا

لَدى مَلِكٍ لا يَمنَعُ الظِلَّ لائِذاً

وَلا الصَفحَ تَوّاباً وَلا العَفوَ راجِيا

وَأُقسِمُ كُنتَ المَرءَ لَم يَنسَ دينَهُ

وَلَم تُلهِهِ دُنياؤُهُ وَهيَ ماهِيا

وَكُنتَ إِذا الحاجاتُ عَزَّ قَضائُها

لِحاجِ اليَتامى وَالأَرامِلِ قاضِيا

وَكُنتَ تُصَلّي بِالمُلوكِ جَماعَةً

وَكُنتَ تَقومُ اللَيلَ بِالنَفسِ خالِيا

وَمَن يُعطَ مِن جاهِ المُلوكِ وَسيلَةً

فَلا يَصنَعُ الخَيراتِ لَم يُعطَ غالِيا

وَكُنتَ الجَريءَ النَدبَ في كُلِّ مَوقِفٍ

تَلَفتَ فيهِ الحَقُّ لَم يَلقَ حامِيا

بَصُرتُ بِأَخلاقِ الرِجالِ فَلَم أَجِد

وَإِن جَلَتِ الأَخلاقُ لِلعَزمِ ثانِيا

مِنَ العَزمِ ما يُحيِ فُحولاً كَثيرَةً

وَقَدَّمَ كافورَ الخَصِيِّ الطَواشِيا

وَما حَطَّ مِن رَبِّ القَصائِدِ مادِحاً

وَأَنزَلَهُ عَن رُتبَةِ الشِعرِ هاجِيا

فَلَيسَ البَيانُ الهَجوَ إِن كُنتَ ساخِطاً

وَلا هُوَ زورُ المَدحِ إِن كُنتَ راضِيا

وَلَكِن هُدى اللَهِ الكَريمِ وَوَحيُهُ

حَمَلتَ بِهِ المِصباحَ في الناسِ هادِيا

تُفيضُ عَلى الأَحياءِ نوراً وَتارَةً

تُضيءُ عَلى المَوتى الرَجامَ الدَواجِيا

هَياكِلُ تَفنى وَالبَيانُ مُخَلَّدٌ

أَلا إِنَّ عِتقَ الخَمرِ يُنسي الأَوانِيا

ذَهَبتَ أَبا عَبدِ الحَميدِ مُبَرَّءاً

مِنَ الذامِ مَحمودَ الجَوانِبِ زاكِيا

قَليلَ المَساوي في زَمانٍ يَرى العُلا

ذُنوباً وَناسٍ يَخلُقونَ المَساوِيا

طَوَيناكَ كَالماضي تَلَقّاهُ غِمدُهُ

فَلَم تَستَرِح حَتّى نَشَرناكَ ماضِيا

فَكُنتَ عَلى الأَفواهِ سيرَةَ مُجمِلِ

وَكُنتَ حَديثاً في المَسامِعِ عالِيا

وَفَيتَ لِمَن أَدناكَ في المُلكِ حِقبَةً

فَكانَ عَجيباً أَن يَرى الناسُ وافِيا

أَثاروا عَلى آثارِ مَوتِكَ ضَجَّةً

وَهاجوا لَنا الذِكرى وَرَدّوا اللَيالِيا

وَمَن سابَقَ التاريخَ لَم يَأمَنِ الهَوى

مُلِجّاً وَلَم يَسلَم مِنَ الحِقدِ نازِيا

إِذا وَضَعَ الأَحياءُ تاريخَ جيلِهِم

عَرَفتَ المُلاحي مِنهُمو وَالمُحابِيا

إِذا سَلِمَ الدُستورُ هانَ الَّذي مَضى

وَهانَ مِنَ الأَحداثِ ما كانَ آتِيا

أَلا كُلُّ ذَنبٍ لِلَّيالي لِأَجلِهِ

سَدَلنا عَلَيهِ صَفحَنا وَالتَناسِيا




عطر الزنبق 06-12-2019 04:09 PM


http://www.gifsyfondos.com/Barra20separadora227.gif



تاجَ البِلادِ تَحِيَّةٌ وَسَلامُ

رَدَّتكَ مِصرُ وَصَحَّتِ الأَحلامُ

العِلمُ وَالمُلكُ الرَفيعُ كِلاهُما

لَكَ يا فُؤادُ جَلالَةٌ وَمَقامُ

فَكَأَنَّكَ المَأمونُ في سُلطانِهِ

في ظِلِّكَ الأَعلامُ وَالأَقلامُ

أَهدى إِلَيكَ الغَربُ مِن أَلقابِهِ

في العِلمِ ما تَسمو لَهُ الأَعلامُ

مِن كُلِّ مَملَكَةٍ وَكُلِّ جَماعَةٍ

يَسعى لَكَ التَقديرُ وَالإِعظامُ

ما هَذِهِ الغُرَفُ الزَواهِرُ كَالضُحى

الشامِخاتُ كَأَنَّها الأَعلامُ

مِن كُلِّ مَرفوعِ العَمودِ مُنَوِّرٍ

كَالصُبحِ مُنصَدِعٌ بِهِ الإِظلامُ

تَتَحَطَّمُ الأُمِّيَةُ الكُبرى عَلى

عَرَصاتِهِ وَتُمَزَّقُ الأَوهامُ

هَذا البِناءُ الفاطِمِيُّ مَنارَةٌ

وَقَواعِدٌ لِحَضارَةٍ وَدِعامُ

مَهدٌ تَهَيَّأَ لِلوَليدِ وَأَيكَةٌ

سَيَرِنُّ فيها بُلبُلٌ وَحَمامُ

شُرُفاتُهُ نورُ السَبيلِ وَرُكنُهُ

لِلعَبقَرِيَّةِ مَنزِلٌ وَمُقامُ

وَمَلاعِبٌ تُجري الحُظوظُ مَعَ الصِبا

في ظِلِّهِنَّ وَتوهَبُ الأَقسامُ

يَمشي بِها الفِتيانُ هَذا مالَهُ

نَفسٌ تُسَوِّدُهُ وَذاكَ عِصامُ

أَلقى أَواسيهِ وَطالَ بِرُكنِهِ

نَفسٌ مِنَ الصَيدِ المُلوكِ كِرامُ

مِن آلِ إِسماعيلَ لا العَمّاتُ قَد

قَصَّرنَ عَن كَرَمٍ وَلا الأَعمامُ

لَم يُعطَ هِمَّتَهُم وَلا إِحسانَهُم

بانٍ عَلى وادي المُلوكِ هُمامُ

وَبَنى فُؤادُ حائِطَيهِ يُعينُهُ

شَعبٌ عَنِ الغاياتِ لَيسَ يَنامُ

اُنظُر أَبا الفاروقِ غَرسَكَ هَلَ دَنَت

ثَمَراتُهُ وَبَدَت لَهُ أَعلامُ

وَهَل اِنثَنى الوادي وَفي فَمِهِ الجَنى

وَأَتى العِراقُ مُشاطِراً وَالشامُ

في كُلِّ عاصِمَةٍ وَكُلِّ مَدينَةٍ

شُبّانُ مِصرَ عَلى المَناهِلِ حاموا

كَم نَستَعيرُ الآخَرينَ وَنَجتَدي

هَيهاتَ ما لِلعارِياتِ دَوامُ

اليَومَ يَرعى في خَمائِلِ أَرضِهِم

نَشءٌ إِلى داعي الرَحيلِ قِيامُ

حُبٌّ غَرَستَ بِراحَتَيكَ وَلَم يَزَل

يَسقيهِ مِن كِلتا يَدَيكَ غَمامُ

حَتّى أَنافَ عَلى قَوائِمِ سوقِهِ

ثَمَراً تَنوءُ وَراءَهُ الأَكمامُ

فَقَريبُهُ لِلحاضِرينَ وَليمَةٌ

وَبَعيدُهُ لِلغابِرينَ طَعامُ

عِظَةٌ لِفاروقٍ وَصالِحِ جيلِهِ

فيما يُنيلُ الصَبرُ وَالإِقدامُ

وَنَموذَجٌ تَحذو عَلَيهِ وَلَم يَزَل

بِسَراتِهِم يَتَشَبَّهُ الأَقوامُ

شَيَّدتَ صَرحاً لِلذَخائِرِ عالِياً

يَأوي الجَمالُ إِلَيهِ وَالإِلهامُ

رَفٌّ عُيونُ الكُتبِ فيهِ طَوائِفٌ

وَجَلائِلُ الأَسفارِ فيهِ رُكامُ

إِسكَندَرِيَّةُ عادَ كَنزُكِ سالِماً

حَتّى كَأَن لَم يَلتَهِمهُ ضِرامُ

لَمَّتهُ مِن لَهَبِ الحَريقِ أَنامِلٌ

بَردٌ عَلى ما لامَسَت وَسَلامُ

وَآسَت جِراحَتَكَ القَديمَةُ راحَةٌ

جُرحُ الزَمانِ بِعُرفِها يَلتامُ

تَهَبُ الطَريفَ مِنَ الفَخارِ وَرُبَّما

بَعَثَت تَليدَ المَجدِ وَهوَ رِمامُ

أَرَأَيتَ رُكنَ العِلمِ كَيفَ يُقامُ

أَرَأَيتَ الاِستِقلالَ كَيفَ يُرامُ

العِلمُ في سُبُلِ الحَضارَةِ وَالعُلا

حادٍ لِكُلِّ جَماعَةٍ وَزِمامُ

باني المَمالِكِ حينَ تَنشُدُ بانِياً

وَمَثابَةُ الأَوطانِ حينَ تُضامُ

قامَت رُبوعُ العِلمِ في الوادي فَهَل

لِلعَبقَرِيَّةِ وَالنُبوغِ قِيامُ

فَهُما الحَياةُ وَكُلُّ دورِ ثَقافَةٍ

أَو دورِ تَعليمٍ هِيَ الأَجسامُ

ما العِلمُ ما لَم يَصنَعاهُ حَقيقَةً

لِلطالِبينَ وَلا البَيانُ كَلامُ

يا مِهرَجانَ العِلمِ حَولَكَ فَرحَةٌ

وَعَلَيكَ مِن آمالِ مِصرَ زِحامُ

ما أَشبَهَتكَ مَواسِمُ الوادي وَلا

أَعيادُهُ في الدَهرِ وَهيَ عِظامُ

إِلّا نَهاراً في بَشاشَةِ صُبحِهِ

قَعَدَ البُناةُ وَقامَتِ الأَهرامُ

وَأَطالَ خوفو في مَواكِبِ عِزِّهِ

فَاِهتَزَّتِ الرَبَواتُ وَالآكامُ

يومي بِتاجٍ في الحَضارَةِ مُعرِقٍ

تَعنو الجِباهُ لِعِزِّهِ وَالهامُ

تاجٌ تَنَقَّلَ في العُصورِ مُعَظَّماً

وَتَأَلَّفَت دُوَلٌ عَلَيهِ جِسامُ

لَمّا اِضطَلَعتَ بِهِ مَشى فيهِ الهُدى

وَمَراشِدُ الدُستورِ وَالإِسلامُ

سَبَقَت مَواكِبُكَ الرَبيعَ وَحُسنَهُ

فَالنيلُ زَهوٌ وَالضِفافُ وِسامُ

الجيزَةُ الفَيحاءُ هَزَّت مَنكِباً

سُبِغَ النَوالُ عَلَيهِ وَالإِنعامُ

لَبِسَت زَخارِفَها وَمَسَّت طيبَها

وَتَرَدَّدَت في أَيكِها الأَنغامُ

قَد زِدتَها هَرَماً يُحَجُّ فِناؤُهُ

وَيُشَدُّ لِلدُنيا إِلَيهِ حِزامُ

تَقِفُ القُرونُ غَداً عَلى دَرَجاتِهِ

تُملي الثَناءَ وَتَكتُبُ الأَيّامُ

أَعوامُ جُهدٍ في الشَبابِ وَراءَها

مِن جُهدِ خَيرِ كُهولَةٍ أَعوامُ

بَلَغَ البِناءُ عَلى يَدَيكَ تَمامُهُ

وَلِكُلِّ ما تَبني يَداكَ تَمامُ




عطر الزنبق 06-12-2019 04:10 PM



http://www.gifsyfondos.com/Barra20separadora227.gif


نُراوِحُ بِالحَوادِثِ أَو نُغادى

وَنُنكِرُها وَنُعطيها القِيادا

وَنَحمِدُها وَما رَعَتِ الضَحايا

وَلا جَزَتِ المَواقِفَ وَالجِهادا

لَحاها اللَهُ باعَتنا خَيالاً

مِنَ الأَحلامِ وَاِشتَرَتِ اِتِّحادا

مَشَينا أَمسِ نَلقاها جَميعاً

وَنَحنُ اليَومَ نَلقاها فُرادى

أَظَلَّتنا عَنِ الإِصلاحِ حَتّى

عَجَزنا أَن نُناقِشها الفَسادا

تُلاقينا فَلا نَجِدُ الصَياصي

وَنَلقاها فَلا نَجِدُ العَتادا

وَمَن لَقِيَ السِباعَ بِغَيرِ ظَفرٍ

وَلا نابٍ تَمَزَّقَ أَو تَفادى

خَفَضنا مِن عُلُوِّ الحَقِّ حَتّى

تَوَهَّمنا السِيادَةَ أَن نُسادا

وَلَمّا لَم نَنل لِلسَيفِ رَدّاً

تَنازَعنا الحَمائِلَ وَالنِجادا

وَأَقبَلنا عَلى أَقوالِ زورٍ

تَجيءُ الغَيَّ تَقلِبُهُ رَشادا

وَلَو عُدنا إِلَيها بَعدَ قَرنٍ

رَحَمنا الطِرسَ مِنها وَالمِدادا

وَكَم سِحرٍ سَمِعنا مُنذُ حينٍ

تَضاءَلَ بَينَ أَعيُنِنا وَنادى

هَنيئاً لِلعَدُوِّ بِكُلِّ أَرضٍ

إِذا هُوَ حَلَّ في بَلَدٍ تَعادى

وَبُعداً لِلسِيادَةِ وَالمَعالي

إِذا قَطَعَ القَرابَةَ وَالوِدادا

وَرُبَّ حَقيقَةٍ لا بُدَّ مِنها

خَدَعنا النَشءَ عَنها وَالسَوادا

وَلَو طَلَعوا عَلَيها عالَجوها

بِهِمَّةِ أَنفُسٍ عَظُمَت مُرادا

تُعِدُّ لِحادِثِ الأَيّامِ صَبراً

وَآوِنَةً تُعِدُّ لَهُ عِنادا

وَتُخلِفُ بِالنَهيِ البيضَ المَواضي

وَبِالخُلقِ المُثَقَّفَةِ الصِعادا

لَمَحنا الحَظَّ ناحِيَةً فَلَمّا

بَلَغناها أَحَسَّ بِنا فَحادا

وَلَيسَ الحَظُّ إِلّا عَبقَرِيّاً

يُحِبُّ الأَريَحِيَّةَ وَالسَدادا

وَنَحنُ بَنو زَمانٍ حُوَّلِيٍّ

تَنَقَّلَ تاجِراً وَمَشى وَرادا

إِذا قَعَدَ العِبادُ لَهُ بِسوقٍ

شَرى في السوقِ أَو باعَ العِبادا

وَتُعجِبُهُ العَواطِفُ في كِتابٍ

وَفي دَمعِ المُشَخِّصِ ما أَجادا

يُؤَمِّنُنا عَلى الدُستورِ أَنّا

نَرى مِن خَلفِ حَوزَتِهِ فُؤادا

أَبو الفاروقِ نَرجوهُ لِفَضلٍ

وَلا نَخشى لِما وَهَبَ اِرتِدادا

مَلَأنا بِاِسمِهِ الأَفواهَ فَخراً

وَلَقَّبناهُ بِالأَمسِ المَكادا

نُناجيهِ فَنَستَرعي حَكيماً

وَنَسأَلُهُ فَنَستَجدي جَوادا

وَلَم يَزَلِ المُحَبَّبَ وَالمُفَدّى

وَمَرهَمَ كُلِّ جُرحٍ وَالضِمادا

تَدَفَّقَ مَصرِفُ الوادي فَرَوّى

وَصابَ غَمامُهُ فَسقى وَجادا

دَعا فَتَنافَسَت فيهِ نُفوسٌ

بِمِصرَ لِكُلِّ صالِحَةٍ تُنادى

تُقَدِّمُ عَونَها ثِقَةً وَمالاً

وَأَحياناً تُقَدِّمُهُ اِجتِهادا

وَأَقبَلَ مِن شَبابِ القَومِ جَمعٌ

كَما بَنَتِ الكُهولُ بَنى وَشادا

كَأَنَّ جَوانِبَ الدارِ الخَلايا

وَهُم كَالنَحلِ في الدارِ اِحتِشادا

فَيا داراً مِن الهِمَمِ العَوالي

سُقيتِ التِبرَ لا أَرضى العِهادا

تَأَنّى حينَ أَسَّسَكِ اِبنُ حَربٍ

وَحينَ بَنى دَعائِمَكِ الشِدادا

وَلا تُرجى المَتانَةُ في بِناءٍ

إِذا البَنّاءُ لَم يُعطَ اِتِّئادا

بَنى الدارَ الَّتي كُنّا نَراها

أَمانِيَّ المُخَيَّلِ أَو رُقادا

وَلَم يَبعُد عَلى نَفسٍ مَرامٌ

إِذا رَكِبَت لَهُ الهِمَمُ البِعادا

وَلَم أَرَ بَعدَ قُدرَتِهِ تَعالى

كَمَقدِرَةِ اِبنِ آدَمَ إِن أَرادا

جَرى وَالناسُ في رَيبٍ وَشَكٍّ

يَرومُ السَبقَ فَاِختَرَقَ الجِيادا

وَعودِيَ دونَها حَتّى بَناها

وَمِن شَأنِ المُجَدِّدِ أَن يُعادى

يَهونُ الكَيدُ مِن أَعدى عَدُوٍّ

عَلَيكَ إِذا الوَلِيُّ سَعى وَكادا

فَجاءَت كَالنَهارِ إِذا تَجَلى

عُلُوّاً في المَشارِقِ وَاِنطِيادا

نَصونُ كَرائِمَ الأَموالِ فيها

وَنُنزِلُها الخَزائِنَ وَالنِضادا

وَنُخرِجُها فَتَكسِبُ ثُمَّ تَأوي

رُجوعَ النَحلِ قَد حُمِّلنَ زادا

وَلَم أَرَ مِثلَها أَرضاً أَغَلَّت

وَما سُقِيَت وَلا طَعَمَت سَمادا

وَلا مُستَودَعاً مالاً لِقَومٍ

إِذا رَجَعوا لَهُ أَدّى وَزادا

وَمِن عَجَبٍ نُثَبِّتُها أُصولاً

وَتِلكَ فُروعُها تَغَشى البِلادا

كَأَنَّ القُطرَ مِن شَوقٍ إِلَيها

سَما قَبلَ الأَساسِ بِها عِمادا

وَلَو مَلَكَت كُنوزَ الأَرضِ كَفّي

جَعَلتُ أَساسَها ماساً وَرادا

وَلَو أَنَّ النُجومَ عَنَت لِحُكمي

فَرَشتُ النَيِّراتِ لَها مِهادا




عطر الزنبق 06-12-2019 04:11 PM



http://www.gifsyfondos.com/Barra20separadora227.gif


نَبَذَ الهَوى وَصَحا مِنَ الأَحلامِ

شَرقٌ تَنَبَّهَ بَعدَ طولِ مَنامِ

ثابَت سَلامَتُهُ وَأَقبَلَ صَحوُهُ

إِلا بَقايا فَترَةٍ وَسَقامِ

صاحَت بِهِ الآجامُ هُنتَ فَلَم يَنَم

أَعَلى الهَوانِ يُنامُ في الآجامِ

أُمَمٌ وَراءَ الكَهفِ جُهدُ حَياتِهِم

حَرَكاتُ عَيشٍ في سُكونِ حِمامِ

نَفَضوا العُيونَ مِنَ الكَرى وَاِستَأنَفوا

سَفَرَ الحَياةِ وَرِحلَةَ الأَيّامِ

مَن لَيسَ في رَكبِ الزَمانِ مُغَبِّراً

فَاِعدُدهُ بَينَ غَوابِرِ الأَقوامِ

في كُلِّ حاضِرَةٍ وَكُلِّ قَبيلَةٍ

هِمَمٌ ذَهَبنَ يَرُمنَ كُلَّ مَرامِ

مِن كُلِّ مُمتَنِعٍ عَلى أَرسانِهِ

أَو جامِحٍ يَعدو بِنِصفِ لِجامِ

يا مِصرُ أَنتِ كِنانَةُ اللَهِ الَّتي

لا تُستَباحُ وَلِلكِنانَةِ حامِ

اِستَقبِلي الآمالَ في غاياتِها

وَتَأَمَّلي الدُنيا بِطَرفٍ سامِ

وَخُذي طَريفَ المَجدِ بَعدَ تَليدِهِ

مِن راحَتَي مَلِكٍ أَغَرَّ هُمامِ

يُعنى بِسُؤدُدِ قَومِهِ وَحُقوقِهِم

وَيَذودُ حياضَهُم وَيُحامي

ما تاجُكِ العالي وَلا نُوّابُهُ

بِالحانِثينَ إِلَيكِ في الإِقسامِ

جَرَّبتِ نُعمى الحادِثاتِ وَبُؤسَها

أَعَلِمتِ حالاً آذَنَت بِدَوامِ

عَبَسَت إِلَينا الحادِثاتُ وَطالَما

نَزَلَت فَلَم تُغلَب عَلى الأَحلامِ

وَثَبَت بِقَومٍ يَضمِدونَ جِراحَهُم

وَيُرَقِّدونَ نَوازِيَ الآلامِ

الحَقُّ كُلُّ سِلاحِهِم وَكِفاحِهِم

وَالحَقُّ نِعمَ مُثَبِّتُ الأَقدامِ

يَبنونَ حائِطَ مُلكِهِم في هُدنَةٍ

وَعَلى عَواقِبِ شِحنَةٍ وَخِصامِ

قُل لِلحَوادِثِ أَقدِمي أَو أَحجِمي

إِنّا بَنو الإِقدامِ وَالإِحجامِ

نَحنُ النِيامُ إِذا اللَيالي سالَمَت

فَإِذا وَثَبنَ فَنَحنُ غَيرُ نِيامِ

فينا مِنَ الصَبرِ الجَميلِ بَقِيَّةٌ

لِحَوادِثٍ خَلفَ العُيوبِ جِسامِ

أَينَ الوُفودُ المُلتَقونَ عَلى القِرى

المُنزَلونَ مَنازِلَ الأَكرامِ

الوارِثونَ القُدسَ عَن أَحبارِهِ

وَالخالِفونَ أُمَيَّةً في الشامِ

الحامِلو الفُصحى وَنورِ بَيانِها

يَبنونَ فيهِ حَضارَةَ الإِسلامِ

وَيُؤَلِّفونَ الشَرقَ في بُرهانِها

لَمَّ الضِياءُ حَواشِيَ الإِظلامِ

تاقوا إِلى أَوطانِهِم فَتَحَمَّلوا

وَهَوى الدِيارِ وَراءَ كُلِّ غَرامِ

ما ضَرَّ لَو حَبَسوا الرَكائِبَ ساعَةً

وَثَنوا إِلى الفُسطاطِ فَضلَ زِمامِ

لِيُضيفَ شاهِدُهُم إِلى أَيّامِهِ

يَوماً أَغَرَّ مُلَمَّحَ الأَعلامِ

وَيَرى وَيَسمَعُ كَيفَ عادَ حَقيقَةً

ما كانَ مُمتَنِعاً عَلى الأَوهامِ

مِن هِمَّةِ المَحكومِ وَهوَ مُكَبَّلٌ

بِالقَيدِ لا مِن هِمَّةِ الحُكّامِ

مِصرُ اِلتَقَت في مِهرَجانِ مُحَمَّدٍ

وَتَجَمَّعَت لِتَحِيَّةٍ وَسَلامِ

هَزَّت مَناكِبَها لَهُ فَكَأَنَّهُ

عُرسُ البَيانِ وَمَوكِبُ الأَقلامِ

وَكَأَنَّهُ في الفَتحِ عَمّورِيَّةٌ

وَكَأَنَّني فيهِ أَبو تَمّامِ

أَسِمُ العُصورَ بِحُسنِهِ وأَنا الَّذي

يَروي فَيَنتَظِمُ العُصورَ كَلامي

شَرَفاً مُحَمَّدُ هَكَذا تُبنى العُلا

بِالصَبرِ آوِنَةً وَبِالإِقدامِ

هِمَمُ الرِجالِ إِذا مَضَتَ لَم يَثنِها

خِدَعُ الثَناءِ وَلا عَوادي الذامِ

وَتَمامُ فَضلِكَ أَن يَعيبَكَ حُسَّدٌ

يَجِدونَ نَقصاً عِندَ كُلِّ تَمامِ

المالُ في الدُنيا مَنازِلُ نُقلَةٍ

مِن أَينَ جِئتَ لَهُ بِدارِ مُقامِ

فَرَفَعتَ إيواناً كَرُكنِ النَجمِ لَم

يُضرَب عَلى كِسرى وَلا بَهرامِ

صَيَّرتَ طينَتَهُ الخُلودَ وَجِئتَ مِن

وادي المُلوكِ بِجَندَلٍ وَرَغامِ

هَذا البِناءُ العَبقَرِيُّ أَتى بِهِ

بَيتٌ لَهُ فَضلٌ وَحَقُّ ذِمامِ

كانَت بِهِ الأَرقامُ تُدرَكُ حِسبَةً

وَاليَومَ جاوَزَ حِسبَةَ الأَرقامِ

يا طالَما شَغَفَ الظُنونَ وَطالَما

كَثُرَ الرَجاءُ عَلَيهِ في الإِلمامِ

ما زِلتَ أَنتَ وَصاحِباكَ بِرُكنِهِ

حَتّى اِستَقامَ عَلى أَعَزِّ دِعامِ

أَسَّستُمو بِالحاسِدينَ جِدارَهُ

وَبَنَيتُمو بِمَعاوِلِ الهَدّامِ

شَرِكاتُكَ الدُنيا العَريضَةُ لَم تُنَل

إِلّا بِطولِ رِعايَةٍ وَقِيامِ

اللَهُ سَخَّرَ لِلكِنانَةِ خازِناً

أَخَذَ الأَمانَ لَها مِنَ الأَعوامِ

وَكَأَنَّ عَهدَكَ عَهدَ يوسُفَ كُلُّهُ

ظِلٌّ وَسُنبُلَةٌ وَقَطرُ غَمامِ

وَكَأَنَّ مالَ المودِعينَ وَزَرعَهُم

في راحَتَيكَ وَدائِعُ الأَيتامِ

ما زِلتَ تَبني رُكنَ كُلِّ عَظيمَةٍ

حَتّى أَتَيتَ بِرابِعِ الأَهرامِ



عطر الزنبق 06-12-2019 04:32 PM

http://lh4.ggpht.com/zagaz277/SOZKa8...sasCTV_34a.gif
اِتَّخَذتِ السَماءَ يا دارُ رُكنا

وَأَوَيتِ الكَواكِبَ الزُهرَ سَكنا

وَجَمَعتِ السَعادَتَينِ فَباتَت

فيكِ دُنيا الصَلاحِ لِلدينِ خِدنا

نادَما الدَهرَ في ذَراكِ وَفَضّا

مِن سُلافِ الوِدادِ دَنّاً فَدَنّا

وَإِذا الخُلقُ كانَ عِقدَ وِدادٍ

لَم يَنَل مِنهُ مَن وَشى وَتَجَنّى

وَأَرى العِلمَ كَالعِبادَةِ في أَب

عَدِ غاياتِهِ إِلى اللَهِ أَدنى

واسِعَ الساحِ يُرسِلِ الفِكرَ فيها

كُلُّ مَن شَكَّ ساعَةً أَو تَظَنّى

هَل سَأَلنا أَبا العَلاءِ وَإِن قَلَّ

بَ عَيناً في عالَمِ الكَونِ وَسنى

كَيفَ يَهزا بِخالِقِ الطَيرِ مَن لَم

يَعلَمِ الطَيرَ هَل بَكى أَو تَغَنّى

أَنتِ كَالشَمسِ رَفرَفاً وَالسِماكَي

نِ رِواقاً وَكَالمَجَرَّةِ صَحنا

لَو تَسَتَّرتِ كُنتِ كَالكَعبَةِ الغَر

راءِ ذَيلاً مِنَ الجَلالِ وَرُدنا

إِن تَكُن لِلثَوابِ وَالبِرِّ دارٌ

أَنتِ لِلحَقِّ وَالمَراشِدِ مَغنى

قَد بَلَغتِ الكَمالَ في نِصفِ قَرنٍ

كَيفَ إِن تَمَّتِ المَلاوَةُ قَرنا

لا تَعُدّي السِنينَ إِن ذُكِرَ العِل

مُ فَما تَعلَمينَ لِلعَلمِ سِنّا

سَوفَ تَفنى في ساحَتَيكِ اللَيالي

وَهوَ باقٍ عَلى المَدى لَيسَ يَفنى

يا عُكاظاً حَوى الشَبابَ فِصاحاً

قُرَشِيّينَ في المَجامِعِ لُسنا

بَثَّهُم في كِنانَةِ اللَهِ نوراً

مِن ظَلامٍ عَلى البَصائِرِ أَخنى

عَلَّموا بِالبَيانِ لا غُرَباءً

فيهِ يَوماً وَلا أَعاجِمَ لُكنا

فِتيَةٌ مُحسِنونَ لَم يُخلِفو العِل

مَ رَجاءً وَلا المُعَلِّمَ ظَنّا

صَدَعوا ظُلمَةً عَلى الريفِ حَلَّت

وَأَضاؤوا الصَعيدَ سَهلاً وَحَزنا

مَن قَضى مِنهُمُ تَفَرَّقَ فِكراً

في نُهى النَشءِ أَو تَقَسَّمَ ذِهنا

نادِ دارَ العُلومِ إِن شِئتَ ياعا

ئِشُ أَو شِئتَ نادِها يا سُكَينا

قُل لَها يا اِبنَةَ المُبارَكِ إيهٍ

قَد جَرَت كَاِسمِهِ أُمورُكِ يُمنا

هُوَ في المِهرَجانِ حَيٌّ شَهيدٌ

يَجتَلي عُرسَ فَضلِهِ كَيفَ أَجنى

وَهوَ في العُرسِ إِن تَحَجَّبَ أَو لَم

يَحتَجِب والِدُ العَروسِ المُهَنّا

ما جَرى ذِكرُهُ بِناديكَ حَتّى

وَقَفَ الدَمعُ في الشُؤونِ فَأَثنى

رُبَّ خَيرٍ مُلِئتُ مِنهُ سُروراً

ذَكَّرَ الخَيِّرينَ فَاِهتَجتُ حُزنا

أَدَرى إِذ بَناكِ أَن كانَ يَبني

فَوقَ أَنفِ العَدُوِّ لِلضادِ حِصنا

حائِطُ المُلكِ بِالمَدارِسِ إِن شِئ

تَ وَإِن شِئتَ بِالمَعاقِلِ يُبنى

اُنظُرِ الناسَ هَل تَرى لِحَياةٍ

عُطِّلَت مِن نَباهَةِ الذِكرِ مَعنى

لا الغِنى في الرِجالِ نابَ عَنِ الفَض

لِ وَسُلطانِهِ وَلا الجاهُ أَغنى

رُبَّ عاثٍ في الأَرضِ لَم تَجعَلِ الأَر

ضُ لَهُ إِن أَقامَ أَو سارَ وَزنا

عاشَ لَم تَرمِهِ بِعَينٍ وَأَودى

هَمَلاً لَم تُهِب لِناعيهِ أُذنا

نَظَمَ اللَهُ مُلكَهُ بِعِبادٍ

عَبقَرِيّينَ أَورَثوا المُلكَ حُسنا

شَغَلَتهُم عَنِ الحَسودِ المَعالي

إِنَّما يُحسَدُ العَظيمُ وَيُشنا

مِن ذَكِيِّ الفُؤادِ يورِثُ عِلماً

أَو بَديعِ الخَيالِ يَخلُقُ فَنّا

كَم قَديمٍ كَرُقعَةِ الفَنِّ حُرٍّ

لَم يُقَلِّل لَهُ الجَديدانِ شَأنا

وَجَديدٍ عَلَيهِ يَختَلِفُ الدَه

رُ وَيَفنى الزَمانُ قَرناً فَقَرنا

فَاِحتَفِظ بِالذَخيرَتَينِ جَميعاً

عادَةُ الفَطنِ بِالذَخائِرِ يُعنى

يا شَباباً سَقَونِيَ الوُدَّ مَحضاً

وَسَقَوا شانِئي عَلى الغِلِّ أَجنا

كُلَّما صارَ لِلكُهولَةِ شِعري

أَنشَدوهُ فَعادَ أَمرَدَ لَدنا

أُسرَةُ الشاعِرِ الرُواةُ وَما عَن

نَوهُ وَالمَرءُ بِالقَريبِ مُعَنّى

هُم يَضُنّونَ في الحَياةِ بِما قا

لَ وَيُلفَونَ في المَماتِ أَضَنّا

وَإِذا ما اِنقَضى وَأَهلوهُ لَم يَع

دَم شَقيقاً مِنَ الرُواةِ أَوِ اِبنا

النُبوغَ النُبوغَ حَتّى تَنُصّوا

رايَةَ العِلمِ كَالهِلالِ وَأَسنى

نَحنُ في صورَةِ المَمالِكِ ما لَم

يُصبِحِ العِلمُ وَالمُعَلِّمُ مِنّا

لا تُنادوا الحُصونَ وَالسُفنَ وَاِدعوا ال

عِلمَ يُنشِئ لَكُم حُصوناً وَسُفنا

إِنَّ رَكبَ الحَضارَةِ اِختَرَقَ الأَر

ضَ وَشَقَّ السَماءَ ريحاً وَمُزنا

وَصَحِبناهُ كَالغُبارِ فَلا رَج

لاً شَدَدنا وَلا رِكاباً زَمَمنا

دانَ آباؤُنا الزَمانَ مَلِيّاً

وَمَلِيّاً لِحادِثِ الدَهرِ دِنّا

كَم نُباهي بِلَحدِ مَيتٍ وَكَم نَح

مِلُ مِن هادِمٍ وَلَم يَبنِ مَنّا

قَد أَنى أَن نَقولَ نَحنُ وَلا نَس

مَعُ أَبناءَنا يَقولونَ كُنّا




عطر الزنبق 06-12-2019 04:32 PM



http://lh4.ggpht.com/zagaz277/SOZKa8...sasCTV_34a.gif
أَمسِ اِنقَضى وَاليَومُ مَرقاةُ الغَدِ

إِسكَندَرِيَّةُ آنَ أَن تَتَجَدَّدي

يا غُرَّةَ الوادي وَسُدَّةَ بابِهِ

رُدّي مَكانَكَ في البَرِيَّةِ يُردَدِ

فيضي كَأَمسِ عَلى العُلومِ مِنَ النُهى

وَعَلى الفُنونِ مِنَ الجَمالِ السَرمَدي

وَسِمي النَبالَةَ بِالمَلاحِمِ تَتَّسِم

وَسِمى الصَبابَةَ بِالعَواطِفِ تَخلُدِ

وَضَعي رِواياتِ الخَلاعَةِ وَالهَوى

لِمُمَثِّلينَ مِنَ العُصورِ وَشُهَّدِ

لا تَجعَلي حُبَّ القَديمِ وَذِكرَهُ

حَسَراتِ مِضياعٍ وَدَفعَ مُبَدَّدِ

إِنَّ القَديمَ ذَخيرَةٌ مِن صالِحٍ

تَبني المُقَصِّرَ أَو تَحُثُّ المُقتَدي

لا تَفتِنَنكِ حَضارَةٌ مَجلوبَةٌ

لَم يُبنَ حائِطُها بِمالِكِ وَاليَدِ

لَو مالَ عَنكِ شِراعُها وَبُخارُها

لَم يَبقَ غَيرُ الصَيدِ وَالمُتَصَيِّدِ

وُجِدَت وَكانَ لِغَيرِ أَهلِكِ أَرضُها

وَسَماؤُها وَكَأَنَّها لَم توجَدِ

جاري النَزيلَ وَسابِقيهِ إِلى الغِنى

وَإِلى الحِجا وَإِلى العُلا وَالسُؤدُدِ

وَاِبني كَما يَبنى المَعاهِدَ وَاِشرِعي

لِشَبابِكِ العِرفانَ عَذبَ المَورِدِ

إِنّي حَذِرتُ عَلَيكَ مِن أُمِّيَّةٍ

رَبَضَت كَجُنحِ الغَيهَبِ المُتَلَبِّدِ

أَخِزانَةَ الوادي عَلَيكِ تَحِيَّةٌ

وَعَلى النَدِيِّ وَكُلِّ أَبلَجَ في النَدي

ما أَنتِ إِلّا مِن خَزائِنِ يوسُفٍ

بِالقَصدِ موحِيَةٌ لِمَن لَم يَقصِدِ

قُلِّدتِ مِن مالِ البِلادِ أَمانَةً

يا طالَما اِفتَقَرَت إِلى المُتَقَلِّدِ

وَبَلَغتِ مِن إيمانِها وَرَجائِها

ما يَبلُغُ المِحرابُ مِن مُتَعَبِّدِ

فَلَوَ اَنَّ أَستارَ الجَلالِ سَعَت إِلى

غَيرِ العَتيقِ لَبِستِ مِمّا يَرتَدي

إِنّا نُعَظِّمُ فيكِ أَلوِيَةً عَلى

جَنَباتِها حَشدٌ يَروحُ وَيَغتَدي

وَإِذا طَعِمتَ مِنَ الخَلِيَّةِ شَهدَها

فَاِشهَد لِقائِدِها وَلِلمُتَجَنِّدِ

لا تَمنَحِ المَحبوبَ شُكرَكَ كُلَّهُ

وَاِقرِن بِهِ شُكرَ الأَجيرِ المُجهَدِ

إِسكَندَرِيَّةُ شُرِّفَت بِعِصابَةٍ

بيضِ الأَسِرَّةِ وَالصَحيفَةِ وَاليَدِ

خَدَموا حِمى الوَطَنِ العَزيزِ فَبورِكوا

خَدَماً وَبورِكَ في الحِمى مِن سَيِّدِ

ما بالُ ذاكَ الكوخِ صَرَّحَ وَاِنجَلى

عَن حائِطَي صَرحٍ أَشَمَّ مُمَرَّدِ

مِن كَسرِ بَيتٍ أَو جِدارِ سَقيفَةٍ

رَفَعَ الثَباتُ بِنايَةً كَالفَرقَدِ

فَإِذا طَلَعتَ عَلى جَلالَةِ رُكنِها

قُل تِلكَ إِحدى مُعجِزاتِ مُحَمَّدِ




عطر الزنبق 06-12-2019 04:33 PM



http://lh4.ggpht.com/zagaz277/SOZKa8...sasCTV_34a.gif


لا يُقيمَنَّ عَلى الضَيمِ الأَسَد

نَزَعَ الشِبلُ مِنَ الغابِ الوَتَد

كَبُرَ الشِبلُ وَشَبَّت نابُهُ

وَتَغَطّى مَنكِباهُ بِاللُبَد

اِترُكوهُ يَمشِ في آجامِهِ

وَدَعوهُ عَن حِمى الغابِ يَذُد

وَاِعرُضوا الدُنيا عَلى أَظفارِهِ

وَاِبعَثوهُ في صَحاراها يَصِد

فِتيَةَ الوادي عَرَفنا صَوتَكُم

مَرحَباً بِالطائِرِ الشادي الغَرِد

هُوَ صَوتُ الحَقِّ لَم يَبغِ وَلَم

يَحمِلِ الحِقدَ وَلَم يُخفِ الحَسَد

وَخَلا مِن شَهوَةٍ ما خالَطَت

صالِحاً مِن عَمَلٍ إِلّا فَسَد

حَرَّكَ البُلبُلُ عِطفَي رَبوَةٍ

كانَ فيها البومُ بِالأَيكِ اِنفَرَد

زَنبَقُ المُدنِ وَرَيحانُ القُرى

قامَ في كُلِّ طَريقٍ وَقَعَد

باكِراً كَالنَحلِ في أَسرابِها

كُلُّ سِربٍ قَد تَلاقى وَاِحتَشَد

قَد جَنى ما قَلَّ مِن زَهرِ الرُبا

ثُمَّ أَعطى بَدَلَ الزَهرِ الشُهُد

بَسَطَ الكَفَّ لِمَن صادَفَه

وَمَضى يَقصُرُ خَطواً وَيَمُد

يَجعَلُ الأَوطانَ أُغنِيَتَه

وَيُنادي الناسَ مَن جادَ وَجَد

كُلَّما مَرَّ بِبابٍ دَقَّهُ

أَو رَأى داراً عَلى الدَربِ قَصَد

غادِياً في المُدنِ أَو نَحوَ القِرى

رائِحاً يَسأَلُ قِرشاً لِلبَلَد

أَيُّها الناسُ اِسمَعوا أَصغوا لَهُ

أَخرِجوا المالَ إِلى البِرِّ يَعُد

لا تَرُدّوا يَدَهُم فارِغَةً

طالِبُ العَونِ لِمِصرٍ لا يُرَد

سَيَرى الناسُ عَجيباً في غَدٍ

يَغرِسُ القِرشُ وَيَبني وَيَلِد

يُنهِضُ اللَهُ الصِناعاتِ بِهِ

مِن عِثارٍ لَبَثَت فيهِ الأَبَد

أَو يَزيدَ البِرَّ داراً قَعَدَت

لِكِفاحِ السُلِّ أَو حَربِ الرَمَد

وَهوَ في الأَيدي وَفي قُدرَتِها

لَم يَضِق عَنهُ وَلَم يَعجِز أَحَد

تِلكَ مِصرُ الغَدِ تَبني مُلكَها

نادَتِ الباني وَجاءَت بِالعُدَد

وَعَلى المالِ بَنَت سُلطانَها

ثابِتَ الآساسِ مَرفوعَ العَمَد

وَأَصارَت بَنكَ مِصرٍ كَهفَها

حَبَّذا الرُكنُ وَأَعظِم بِالسَنَد

مَثَلٌ مِن هِمَّةٍ قَد بَعُدَت

وَمَداها في المَعالي قَد بَعُد

رَدَّها العَصرُ إِلى أُسلوبِهِ

كُلُّ عَصرٍ بِأَساليبَ جُدُد

البَنونَ اِستَنهَضوا آبائَهُم

وَدَعا الشِبلُ مِنَ الوادي الأَسَد

أَصبَحَت مِصرُ وَأَضحى مَجدُها

هِمَّةَ الوالِدِ أَو شُغلَ الوَلَد

هَذِهِ الهِمَّةُ بِالأَمسِ جَرَت

فَحَوَت في طَلَبِ الحَقِّ الأَمَد

أَيُّها الجيلُ الَّذي نَرجو لِغَدٍ

غَدُكَ العِزُّ وَدُنياكَ الرَغَد

أَنتَ في مَدرَجَةِ السَيلِ وَقَد

ضَلَّ مَن في مَدرَجِ السَيلِ رَقَد

قُدتَ في الحَقِّ فَقُد في مِثلِهِ

مِن نَواحي القَصدِ أَو سُبلِ الرَشَد

رُبَّ عامٍ أَنتَ فيهِ واجِدٌ

وَاِدَّخِر فيهِ لِعامٍ لا تَجِد

عَلِّمِ الآباءَ وَاِهتِف قائِلاً

أَيُّها الشَعبُ تَعاوَن وَاِقتَصِد

اِجمَعِ القِرشَ إِلى القِرشِ يَكُن

لَكَ مِن جَمعِهِما مالٌ لُبَد

اُطلِبِ القُطنَ وَزاوِل غَيرَهُ

وَاِتَّخِذ سوقاً إِذا سوقٌ كَسَد

نَحنُ قَبلَ القُطنِ كُنّا أُمَّةً

تَهبِطُ الوادي وَتَرعى وَتَرِد

قَد أَخَذنا في الصِناعاتِ المَدى

وَبَنَينا في الأَوالي ما خَلَد

وَغَزَلنا قَبلَ إِدريسَ الكُسا

وَنَسَجنا قَبلَ داوُدَ الزَرَد

إِن تَكُ اليَومَ لِواءً قائِداً

كَم لِواءٍ لَكَ بِالأَمسِ اِنعَقَد




عطر الزنبق 06-12-2019 04:34 PM



http://lh4.ggpht.com/zagaz277/SOZKa8...sasCTV_34a.gif


مَعالي العَهدِ قُمتَ بِها فَطيما

وَكانَ إِلَيكَ مَرجِعُها قَديما

تَنَقَّل مِن يَدٍ لِيَدٍ كَريماً

كَروحِ اللَهِ إِذ خَلَفَ الكَليما

تَنحّى لِاِبنِ مَريَمَ حينَ جاءَ

وَخَلّى النَجمُ لِلقَمَرِ الفَضاءَ

ضِياءٌ لِلعُيونِ تَلا ضِياءً

يَفيضُ مَيامِناً وَهُدىً عَميما

كَذا أَنتُم بَني البَيتِ الكَريمِ

وَهَل مُتَجَزِّئٌ ضَوءُ النُجومِ

وَأَينَ الشُهبُ مِن شَرَفٍ صَميمِ

تَأَلَّقَ عِقدُهُ بِكُمو نَظيما

أَرى مُستَقبَلاً يَبدو عُجابا

وَعُنواناً يُكِنُّ لَنا كِتابا

وَكانَ مُحَمَّدٌ أَمَلاً شِهابا

وَكانَ اليَأسُ شَيطاناً رَجيما

وَأَشرَقَتِ الهَياكِلُ وَالمَباني

كَما كانَت وَأَزيَنَ في الزَمانِ

وَأَصبَحَ ما تُكِنُّ مِنَ المَعاني

عَلى الآفاقِ مَسطوراً رَقيما

سَأَلتُ فَقيلَ لي وَضَعَتهُ طِفلاً

وَهَذا عيدُهُ في مِصرَ يُجلى

فَقُلتُ كَذَلِكُم آنَستُ قَبلا

وَكانَ اللَهُ بِالنَجوى عَليما

بِمُنتَزَهِ الإِمارَةِ هَلَّ فَجرا

هِلالاً في مَنازِلِهِ أَغَرّا

فَباتَت مِصرُ حَولَ المَهدِ ثَغرا

وَباتَ الثَغرُ لِلدُنيا نَديما

لِجيلِكَ في غَدٍ جيلِ المَعالي

وَشَعبِ المَجدِ وَالهِمَمِ العَوالي

أَزُفُ نَوابِغَ الكَلِمِ الغَوالي

وَأَهدي حِكمَتي الشَعبَ الحَكيما

إِذا أَقبَلتَ يا زَمَن البَنينا

وَشَبّوا فيكَ وَاِجتازوا السِنينا

فَدُر مِن بَعدِنا لَهُمو يَمينا

وَكُن لِوُرودِكَ الماءَ الحَميما

وَيا جيلَ الأَميرِ إِذا نَشَأنا

وَشاءَ الجَدُّ أَن تُعطى وَشِئتا

فَخُذ سُبُلاً إِلى العَلياءِ شَتّى

وَخَلِّ دَليلَكَ الدينَ القَويما

وَضِنَّ بِهِ فَإِنَّ الخَيرَ فيهِ

وَخُذهُ مِنَ الكِتابِ وَما يَليهِ

وَلا تَأخُذهُ مِن شَفَتَي فَقيهِ

وَلا تَهجُر مَعَ الدينِ العُلوما

وَثِق بِالنَفسِ في كُلِّ الشُؤونِ

وَكُن مِمّا اِعتَقدتَ عَلى يَقينِ

كَأَنَّكَ مِن ضَميرِكَ عِندَ دينٍ

فَمِن شَرَفِ المَبادِئِ أَن تُقيما

وَإِن تَرُمِ المَظاهِرَ في الحَياةِ

فَرُمها بِاِجتِهادِكَ وَالثَباتِ

وَخُذها بِالمَساعي باهِراتِ

تُنافِسُ في جَلالَتِها النُجوما

وَإِن تَخرُج لِحَربٍ أَو سَلامِ

فَأَقدِم قَبلَ إِقدامِ الأَنامِ

وَكُن كَاللَيثِ يَأتي مِن أَمامِ

فَيَملَأُ كُلَّ ناطِقَةٍ وُجوما

وَكُن شَعبَ الخَصائِصِ وَالمَزايا

وَلا تَكُ ضائِعاً بَينَ البَرايا

وَكُن كَالنَحلِ وَالدُنيا الخَلايا

يَمُرُّ بِها وَلا يَمضي عَقيما

وَلا تَطمَح إِلى طَلَبِ المُحالِ

وَلا تَقنَع إِلى هَجرِ المَعالي

فَإِن أَبطَأنَ فَاِصبِر غَيرَ سالِ

كَصَبرِ الأَنبِياءِ لَها قَديما

وَلا تَقبَل لِغَيرِ اللَهِ حُكماً

وَلا تَحمِل لِغَيرِ الدَهرِ ظُلما

وَلا تَرضَ القَليلَ الدونَ قِسما

إِذا لَم تَقدِرِ الأَمرَ المَروما

وَلا تَيأَس وَلا تَكُ بِالضَجورِ

وَلا تَثِقَنَّ مِن مَجرى الأُمورِ

فَلَيسَ مَعَ الحَوادِثِ مِن قَديرِ

وَلا أَحَدٌ بِما تَأتي عَليما

وَفي الجُهّالِ لا تَضَعِ الرَجاءَ

كَوَضعِ الشَمسِ في الوَحَلِ الضِياءَ

يَضيعُ شُعاعُها فيهِ هَباءَ

وَكانَ الجَهلُ مَمقوتاً ذَميما

وَبالِغ في التَدَبُّرِ وَالتَحَرّي

وَلا تَعجَل وَثِق مِن كُلِّ أَمرِ

وَكُن كَالأُسدِ عِندَ الماءِ تَجري

وَلَيسَت وُرَّداً حَتّى تَحوما

وَما الدُنيا بِمَثوىً لِلعِبادِ

فَكُن ضَيفَ الرِعايَةِ وَالوِدادِ

وَلا تَستَكثِرَنَّ مِنَ الأَعادي

فَشَرُّ الناسِ أَكثَرُهُم خُصوما

وَلا تَجعَل تَوَدُّدُكَ اِبتِذالاً

وَلا تَسمَح بِحِلمِكَ أَن يُذالا

وَكُن ما بَينَ ذاكَ وَذاكَ حالا

فَلَن تُرضي العَدُوَّ وَلا الحَميما

وَصَلِّ صَلاةَ مَن يَرجو وَيَخشى

وَقَبلَ الصَومِ صُم عَن كُلِّ فَحشا

وَلا تَحسَب بِأَنَّ اللَهَ يُرشى

وَأَنَّ مُزَكّياً أَمِنَ الجَحيما

لِكُلِّ جَنىً زَكاةً في الحَياةِ

وَمَعنى البِرِّ في لَفظِ الزَكاةِ

وَما لِلَّهُ فينا مِن جُباةِ

وَلا هُوَ لِاِمرِئٍ زَكّى غَريما

فَإِن تَكُ عالِماً فَاِعمَل وَفَطِّن

وَإِن تَكُ حاكِماً فَاِعدِل وَأَحسِن

وَإِن تَكُ صانِعاً شَيئاً فَأَتقِن

وَكُن لِلفَرضِ بَعدَئِذٍ مُقيما

وَصُن لُغَةً يَحُقُّ لَها الصِيانُ

فَخَيرُ مَظاهِرِ الأُمِّ البَيانُ

وَكانَ الشَعبُ لَيسَ لَهُ لِسانُ

غَريباً في مَواطِنِهِ مَضيما

أَلَم تَرَها تُنالُ بِكُلِّ ضَيرٍ

وَكانَ الخَيرُ إِذ كانَت بِخَيرِ

أَيَنطِقُ في المَشارِقِ كُلُّ طَيرِ

وَيَبقى أَهلُها رَخَماً وَبوما

فَعَلِّمها صَغيرَكَ قَبلَ كُلِّ

وَدَع دَعوى تَمَدُّنِهِم وَخَلِّ

فَما بِالعِيِّ في الدُنيا التَحَلّي

وَلا خَرَسُ الفَتى فَضلاً عَظيما

وَخُذ لُغَةَ المُعاصِرِ فَهيَ دُنيا

وَلا تَجعَل لِسانَ الأَصلِ نَسيا

كَما نَقَلَ الغُرابُ فَضَلَّ مَشياً

وَما بَلَغَ الجَديدَ وَلا القَديما

لِجيلِكَ يَومَ نَشأَتِهِ مَقالي

فَأَمّا أَنتَ يا نَجلَ المَعالي

فَتَنظُرُ مِن أَبيكَ إِلى مِثالٍ

يُحَيِّرُ في الكَمالاتِ الفُهوما

نَصائِحُ ما أَرَدتُ بِها لِأَهدي

وَلا أَبغي بِها جَدواكَ بَعدي

وَلَكِنّي أُحِبُّ النَفعَ جَهدي

وَكانَ النَفعُ في الدُنيا لُزوما

فَإِن أُقرِئتَ يا مَولايَ شِعري

فَإِنَّ أَباكَ يَعرِفُهُ وَيَدري

وَجَدُّكَ كانَ شَأوي حينَ أَجري

فَأَصرَعُ في سَوابِقِها تَميما

بَنونا أَنتَ صُبحُهُمُ الأَجَلُّ

وَعَهدُكَ عِصمَةٌ لَهُمو وَظِلُّ

فَلِم لا نَرتَجيكَ لَهُم وَكُلٌّ

يَعيشُ بِأَن تَعيشَ وَأَن تَدوما




عطر الزنبق 06-12-2019 04:35 PM



http://lh4.ggpht.com/zagaz277/SOZKa8...sasCTV_34a.gif
أَحمُدُكَ اللَهَ وَأُطري الأَنبِياء

مَصدَرَ الحِكمَةِ طُرّاً وَالضِياء

وَلَهُ الشُكرُ عَلى نُعمى الوُجود

وَعَلى ما نِلتُ مِن فَضلٍ وَجود

اُعبُدِ اللَهَ بِعَقلٍ يا بُنَيَّ

وَبِقَلبٍ مِن رَجاءِ اللَهِ حَي

اُرجُهُ تُعطَ مَقاليدَ الفَلَك

وَاِخشَهُ خَشيَةَ مَن فيهِ هَلَك

اُنظُرِ المُلكَ وَأَكبِر ما خَلَق

وَتَمَتَّع فيهِ مِن خَيرٍ رَزَق

أَنتَ في الكَونِ مَحَلُّ التَكرِمَه

كُلُّ شَيءٍ لَكَ عَبدٌ أَو أَمَه

سُخِّرَ العالَمُ مِن أَرضٍ وَماء

لَكَ وَالريحُ وَما تَحتَ السَماء

اُذكُرِ الآيَةَ إِذ أَنتَ جَنين

لَكَ في الظُلمَةِ لِلنورِ حَنين

كُلَّ يَومٍ لَكَ شَأنٌ في الظُلَم

حارَ فيهِ كُلُّ بُقراطٍ عَلَم

كانَ في جَنبِكَ شَيءٌ مِن عَلَقَ

حينَ مَسَّتهُ يَدُ اللَهِ خَفَق

صارَ حِسّاً وَحَياةً بَعدَما

كانَ في الأَضلاعِ لَحماً وَدَما

دَقَّ كَالناقوسِ وَسطَ الهَيكَل

في اِنتِفاضٍ كَاِنتِفاضِ البُلبُل

قُل لِمَن طَبَّبَ أَو مَن نَجَّما

صَنعَةُ اللَهِ وَلَكِن زِغتُما

آمِنا بِاللَهِ إيمانَ العَجوز

إِنَّ غَيرَ اللَهِ عَقلاً لا يَجوز

أَيُّها الطالِبُ لِلعِلمِ اِستَمِع

خَيرَ ما في طَلَبِ العِلمِ جُمِع

هُوَ إِن أوتيتَهُ أَسنى النِعَم

هَل تَرى الجُهّالَ إِلّا كَالنَعَم

اُطلُبِ العِلمَ لِذاتِ العِلمِ لا

لِظُهورٍ باطِلٍ بَينَ المَلا

عِندَ أَهلِ العِلمِ لِلعِلمِ مَذاق

فَإِذا فاتَكَ هَذا فَاِفتِراق

طَلَبُ المَحرومِ لِلعِلمِ سُدى

لَيسَ لِلأَعمى عَلى الضَوءِ هُدى

فَإِذا فاتَكَ تَوفيقُ العَليم

فَاِمتَنِع عَن كُلِّ تَحصيلٍ عَقيم

وَاِطلُبِ الرِزقَ هُنا أَو هَهُنا

كَم مَعَ الجَهلِ يَسارٌ وَغِنى

كُلُّ ما عَلَّمَكَ الدَهرُ اِعلَمِ

التَجاريبُ عُلومُ الفَهِمِ

إِنَّما الأَيّامُ وَالعَيشُ كِتاب

كُلَّ يَومٍ فيهِ لِلعِبرَةِ باب

إِن رُزِقتَ العِلمَ زِنهُ بِالبَيان

ما يُفيدُ العَقلُ إِن عَيَّ اللِسان

كَم عَليمٍ سَقَطَ العِيُّ بِهِ

مُظلِمٌ لا تَهتَدي في كُتبِهِ

وَأَديبٍ فاتَهُ العِلمُ فَما

جاءَ بِالحِكمَةِ فيما نَظَما

إِنَّ لِلعِلمِ جَميعاً فَلسَفَه

مَن تَغِب عَنهُ تَفُتهُ المَعرِفَه

اِقرَإِ التاريخَ إِذ فيهِ العِبَر

ضاعَ قَومٌ لَيسَ يَدرونَ الخَبَر

كُن إِلى المَوتِ عَلى حُبِّ الوَطَن

مَن يَخُن أَوطانَهُ يَوماً يُخَن

وَطَنُ المَرءِ جَماهُ المُفتَدى

يَذكُرُ المِنَّةَ مِنهُ وَاليَدا

قَد عَرَفتَ الدارَ وَالأَهلَ بِهِ

كُلُّ حُبٍّ شُعبَةٌ مِن حُبِّهِ

هُوَ مَحبوبُكَ بادٍ مُحتَجِب

يَعرِفُ الشَوقَ لَهُ مَن يَغتَرِب

لَكَ مِنهُ في الصِبا مَهدٌ رَحيم

فَإِذا وُريتَ فَالقَبرُ الكَريم

كَم عَزيزٍ عِندَكَ اِستَودَعتَهُ

وَعُهودٍ بَعدَكَ اِستَرعَيتَهُ

وَدَفينٍ لَكَ فيهِ كَرُما

تَذرِفُ الدَمعَ لِذِكراهُ دَما

كُن نَشيطاً عامِلاً جَمَّ الأَمَل

إِنَّما الصِحَّةُ وَالرِزقُ العَمَل

كُلُّ ما أَتقَنتَ مَحبوبٌ وَجيه

مُتقَنُ الأَعمالِ سِرُّ اللَهِ فيه

يُقبِلُ الناسُ عَلى الشَيءِ الحَسَن

كُلُّ شَيءٍ بِجَزاءٍ وَثَمَن

اِنظُرِ الآثارَ ما أَزيَنَها

قَد حَباها الخُلدَ مَن أَتقَنَها

تِلكَ آثارُ بَني مِصرَ الأُوَل

أَتقَنوا الصَنعَةَ حَتّى في الجُعَل

أَيُّها التاجِرُ بُلِّغتَ الأَرَب

طالِعُ التاجِرِ في حُسنِ الأَدَب

بابُ حانوتِكَ بابُ الرازِقِ

لا تُفارِق بابَهُ أَو فارِقِ

وَاِحتَرِم في بابِهِ مَن دَخَلا

كُلُّهُم مِنهُ رَسولٌ وَصَلا

تاجِرُ القَومِ صَدوقٌ وَأَمين

لَفظَةٌ مِن فيهِ لِلقَومِ يَمين

إِنَّ لِلإِقدامِ ناساً كَالأُسُد

فَتَشَبَّه إِنَّ مَن يُقدِم يَسُد

مِنهُمو كُلُّ فَتىً سادَ وَشاد

مِنهُمو إِسكَندَرٌ وَاِبنُ زِياد

وَشُجاعُ النَفسِ مِنهُم في الكُروب

كَشُجاعِ القَلبِ في وَقتِ الحُروب

وابِلٌ سُقراطُ وَالشُجعانُ طَل

إِنَّما مَن يَنصُرُ الحَقَّ البَطَل

هُم جَمالُ الدَهرِ حيناً بَعدَ حين

مِن غُزاةٍ أَو دُعاةٍ مُصلِحين

لَهُمُ مِن هَيبَةٍ عِندَ الأُمَم

ما لِراعي غَنَمٍ عِندَ الغَنَم

قُل إِذا خاطَبتَ غَيرَ المُسلِمين

لَكُمو دينٌ رَضيتُم وَلِيَ دين

خَلِّ لِلدَيّانِ فيهِم شانَهُ

إِنَّهُ أَولى بِهِم سُبحانَهُ

كُلُّ حالٍ صائِرٌ يَوماً لِضِدّ

فَدَعِ الأَقدارَ تجري وَاِستَعَدّ

فَلَكٌ بِالسَعدِ وَالنَحسِ يَدور

لا تُعارِض أَبَداً مَجرى الأُمور

قُل إِذا شِئتَ صُروفٌ وَغِيَر

وَإِذا شِئتَ قَضاءٌ وَقَدَر

وَاِعمَلِ الخَيرَ فَإِن عِشتَ لَقي

طَيِّبَ الحَمدِ وَإِن مُتَّ بَقي

مَن يَمُت عَن مِنَّةٍ عِندَ يَتيم

فَرَحيمٌ سَوفَ يُجزى مِن رَحيم

كُن كَريماً إِن رَأى جُرحاً أَسا

وَتَعَهَّد وَتَوَلَّ البُوَسا

وَاِسخُ في الشِدَّةِ وَاِزدَد في الرَخاء

كُلُّ خُلقٍ فاضِلٍ دونَ السَخاء

فَبِهِ كُلُّ بَلاءٍ يُدفَعُ

لَستَ تَدري في غَدٍ ما يَقَعُ

جامِلِ الناسَ تَحُز رِقَّ الجَميع

رُبَّ قَيدٍ مِن جَميلٍ وَصَنيع

عامِلِ الكُلَّ بِإِحسانٍ تُحَب

فَقَديماً جَمَّلَ المَرءَ الأَدَب

وَتَجَنَّب كُلَّ خُلقٍ لَم يَرُق

إِنَّ ضيقَ الرِزقِ مِن ضيقِ الخُلُق

وَتَواضَع في اِرتِفاعٍ تُعتَبَر

فَهُما ضِدّانِ كِبَرٌ وَكِبَر

كُلُّ حَيٍّ ما خَلا اللَهَ يَموت

فَاِترُكِ الكِبرَ لَهُ وَالجَبَروت

وَأَرِح جَنبَكَ مِن داءِ الحَسَد

كَم حَسودٍ قَد تَوَفّاهُ الكَمَد

وَإِذا أُغضِبتَ فَاِغضَب لِعَظيم

شَرَفٍ قَد مُسَّ أَو عِرضٍ كَريم

وَتَجَنَّب في الصَغيراتِ الغَضَب

إِنَّهُ كَالنارِ وَالرُشدُ الَحطَب

اِطلُبِ الحَقَّ بِرِفقٍ تُحمَدِ

طالِبُ الحَقِّ بِعُنفٍ مُعتَدِ

وَاِعصِ في أَكثَرِ ما تَأتي الهَوى

كَم مُطيعٍ لِهَوى النَفسِ هَوى

اُذكُرِ المَوتَ وَلا تَفزَع فَمَن

يَحقِرِ المَوتَ يَنَل رِقَّ الزَمَن

أَحبِبِ الطِفلَ وَإِن لَم يَكُ لَك

إِنَّما الطِفلُ عَلى الأَرضِ مَلَك

هُوَ لُطفُ اللَهِ لَو تَعلَمُهُ

رَحِمَ اللَهُ اِمرَءاً يَرحَمُهُ

عَطفَةٌ مِنهُ عَلى لُعبَتِهِ

تُخرِجُ المَحزونَ مِن كُربَتِهِ

وَحَديثٌ ساعَةَ الضيقِ مَعَه

يَملَلأُ العَيشَ نَعيماً وَسَعَه

يا مُديمَ الصَومِ في الشَهرِ الكَريم

صُم عَنِ الغيبَةِ يَوماً وَالنَميم

وَإِذا صَلَّيتَ خَف مَن تَعبُدُ

كَم مُصَلٍّ ضَجَّ مِنهُ المَسجِدُ

وَاِجعَلِ الحَجَّ إِلى أُمِّ القُرى

غِبَّ حَجٍّ لِبُيوتِ الفُقَرا

هَكَذا طَهَ وَمَن كانَ مَعَه

مِن وَقارِ اللَهِ أَلّا تَخدَعَه

وَتَسَمَّح وَتَوَسَّع في الزَكاه

إِنَّها مَحبوبَةٌ عِندَ الإِلَه

فَرَضَ البِرَّ بِها فَرضُ حَكيم

فَإِذا ما زِدتَ فَاللَهُ كَريم

لَيسَ لي في طِبِّ جالينوسَ باع

بَيدَ أَنَّ العَيشَ دَرسٌ وَاِطِّلاع

اِحذَرِ التُخمَةَ إِن كُنتَ فَهِم

إِنَّ عِزرائيلَ في حَلقِ النَهِم

وَاِتَّقِ البَردَ فَكَم خَلقٍ قَتَل

مَن تَوَقّاهُ اِتَّقى نِصفَ العِلَل

اِتَّخِذ سُكناكَ في تَلقِ الجَواء

بَينَ شَمسٍ وَنَباتٍ وَهَواء

خَيمَةٌ في البيدِ خَيرٌ مِن قُصور

تَبخَلُ الشَمسُ عَلَيها بِالمُرور

في غَدٍ تَأوي إِلى قَفرٍ حَلِك

يَستَوي الصُعلوكُ فيهِ وَالمَلِك

وَاِترُكِ الخَمرَ لِمَشغوفٍ بِها

لا يَرى مَندوحَةً عَن شُربِها

لا تُنادِم غَيرَ مَأمونٍ كَريم

إِنَّ عَقلَ البَعضِ في كَفِّ النَديم

وَعَنِ المَيسِرِ ما اِسطَعتَ اِبتَعِد

فَهوَ سُلُّ المالِ بَل سُلُّ الكَبِد

وَتَعَشَّق وَتَعَفَّف وَاِتَّقِ

مادَرى اللَذَّةَ مَن لَم يَعشَقِ




عطر الزنبق 06-12-2019 04:35 PM



http://lh4.ggpht.com/zagaz277/SOZKa8...sasCTV_34a.gif
دامَت مَعاليكَ فينا يا اِبنَ فاطِمَةٍ

وَدامَ مِنكُم لِأُفقِ البَيتِ نِبراسُ

قُل لِلخِديوِ إِذا وافَيتَ سُدَّتَهُ

تَمشي إِلَيهِ وَيَمشي خَلفَكَ الناسُ

حَجُّ الأَميرِ لَهُ الدُنيا قَدِ اِبتَهَجَت

وَالعَودُ وَالعيدُ أَفراحٌ وَأَعراسُ

فَلتَحيَ مِلَّتُنا فَلتَحيَ أُمَّتُنا

فَليَحيى سُلطانُنا فَليَحيى عَبّاسُ




عطر الزنبق 06-12-2019 04:35 PM



http://lh4.ggpht.com/zagaz277/SOZKa8...sasCTV_34a.gif


أَبكيكَ إِسماعيلَ مِصرَ وَفي البُكا

بَعدَ التَذَكُّرِ راحَةُ المُستَعبِرِ

وَمِنَ القِيامِ بِبَعضِ حَقِّكَ أَنَّني

أَرقى لِعِزِّكَ وَالنَعيمِ المُدبِرِ

هَذي بُيوتُ الرومِ كَيفَ سَكَنتَها

بَعدَ القُصورِ المُزرِياتِ بِقَيصَرِ

وَمِنَ العَجائِبِ أَنَّ نَفسَكَ أَقصَرَت

وَالدَهرُ في إِحراجِها لَم يُقصِرِ

ما زالَ يُخلي مِنكَ كُلَّ مَحِلَّةٍ

حَتّى دُفِعتَ إِلى المَكانِ الأَقفَرِ

نَظَرَ الزَمانُ إِلى دِيارِكَ كُلِّها

نَظَرَ الرَشيدِ إِلى مَنازِلِ جَعفَرِ




عطر الزنبق 06-12-2019 04:36 PM



http://lh4.ggpht.com/zagaz277/SOZKa8...sasCTV_34a.gif


اللَهُ يَحكُمُ في المَدائِنِ وَالقُرى

يا ميتَ غَمرَ خُذي القَضاءَ كَما جَرى

ما جَلَّ خَطبٌ ثُمَّ قيسَ بِغَيرِهِ

إِلّا وَهَوَّنَهُ القِياسُ وَصَغَّرا

فَسَلي عَمورَةَ أَو سدونَ تَأَسِّياً

أَو مَرتَنيقَ غَداةَ وُورِيَتِ الثَرى

مُدنٌ لَقينَ مِنَ القَضاءِ وَنارِهِ

شَرَراً بِجَنبِ نَصيبِها مُستَصغَرا

هَذي طُلولُكِ أَنفُساً وَحِجارَةً

هَل كُنتِ رُكناً مِن جَهَنَّمَ مُسعَرا

قَد جِئتُ أَبكيها وَآخُذُ عِبرَةً

فَوَقَفتُ مُعتَبِراً بِها مُستَعبِرا

أَجِدُ الحَياةَ حَياةَ دَهرٍ ساعَةً

وَأَرى النَعيمَ نَعيمَ عُمرٍ مُقصِرا

وَأَعُدُّ مِن حَزمِ الأُمورِ وَعَزمِها

لِلنَفسِ أَن تَرضى وَأَلّا تَضجَرا

ما زِلتُ أَسمَعُ بِالشَقاءِ رِوايَةً

حَتّى رَأَيتُ بِكِ الشَقاءَ مُصَوَّرا

فَعَلَ الزَمانُ بِشَملِ أَهلِكِ فِعلَهُ

بِبَني أُمَيَّةَ أَو قَرابَةِ جَعفَرا

بِالأَمسِ قَد سَكَنوا الدِيارَ فَأَصبَحوا

لا يَنظُرونَ وَلا مَساكِنُهُم تُرى

فَإِذا لَقيتَ لَقيتَ حَيّاً بائِساً

وَإِذا رَأَيتَ رَأَيتَ مَيتاً مُنكَرا

وَالأُمَّهاتُ بِغَيرِ صَبرٍ هَذِهِ

تَبكي الصَغيرَ وَتِلكَ تَبكي الأَصغَرا

مِن كُلِّ مودِعَةِ الطُلولِ دُموعَها

مِن أَجلِ طِفلٍ في الطُلولِ اِستَأخَرا

كانَت تُؤَمِّلُ أَن تَطولَ حَياتُهُ

وَاليَومَ تَسأَلُ أَن يَعودَ فَيُقبَرا

طَلَعَت عَلَيكِ النارُ طَلعَةَ شُؤمِها

فَمَحَتكِ آساساً وَغَيَّرَتِ الذُرا

مَلَكَت جِهاتِكِ لَيلَةً وَنَهارَها

حَمراءَ يَبدو المَوتُ مِنها أَحمَرا

لا تَرهَبُ الطوفانَ في طُغيانِها

لَو قابَلَتهُ وَلا تَهابُ الأَبحُرا

لَو أَنَّ نيرونُ الجَمادَ فُؤادُهُ

يُدعى لِيَنظُرَها لَعافَ المَنظَرا

أَو أَنَّهُ اِبتُلِيَ الخَليلُ بِمِثلِها

أَستَغفِرُ الرَحمَنَ وَلّى مُدبِرا

أَو أَنَّ سَيلاً عاصِمٌ مِن شَرِّها

عَصَمَ الدِيارَ مِنَ المَدامِعِ ما جَرى

أَمسى بِها كُلُّ البُيوتِ مُبَوَّباً

وَمُطَنَّباً وَمُسَيَّجاً وَمُسَوَّرا

أَسَرَتهُمو وَتَمَلَّكَت طُرُقاتِهِم

مَن فَرَّ لَم يَجِدِ الطَريقَ مُيَسَّرا

خَفَّت عَلَيهِم يَومَ ذَلِكَ مَورِداً

وَأَضَلَّهُم قَدَرٌ فَضَّلوا المَصدَرا

حَيثُ اِلتَفَتَّ تَرى الطَريقَ كَأَنَّها

ساحاتُ حاتِمَ غِبَّ نيرانِ القِرى

وَتَرى الدَعائِمَ في السَوادِ كَهَيكَلٍ

خَمَدَت بِهِ نارُ المَجوسِ وَأَقفَرا

وَتَشَمُّ رائِحَةَ الرُفاتِ كَريهَةً

وَتَشَمُّ مِنها الثاكِلاتُ العَنبَرا

كَثُرَت عَلَيها الطَيرُ في حَوماتِها

يا طَيرُ كُلُّ الصَيدِ في جَوفِ الفَرا

هَل تَأمَنينَ طَوارِقَ الأَحداثِ أَن

تَغشى عَلَيكِ الوَكرَ في سِنَةِ الكَرى

وَالناسُ مِن داني القُرى وَبَعيدِها

تَأتي لِتَمشِيَ في الطُلولِ وَتَخبُرا

يَتَساءَلونَ عَنِ الحَريقِ وَهَولِهِ

وَأَرى الفَرائِسَ بِالتَساؤُلِ أَجدَرا

يا رَبِّ قَد خَمَدَت وَلَيسَ سِواكَ مَن

يُطفي القُلوبَ المُشعَلاتِ تَحَسُّرا

فَتَحوا اِكتِتاباً لِلإِعانَةِ فَاِكتَتِب

بِالصَبرِ فَهوَ بِمالِهِم لا يُشتَرى

إِن لَم تَكُن لِلبائِسينَ فَمَن لَهُم

أَو لَم تَكُن لِلّاجِئينَ فَمَن تَرى

فَتَوَلَّ جَمعاً في اليَبابِ مُشَتَّتاً

وَاِرحَم رَميماً في التُرابِ مُبَعثَرا

فَعَلَت بِمِصرَ النارُ ما لَم تَأتِهِ

آياتُكَ السَبعُ القَديمَةُ في الوَرى

أَوَ ما تَراها في البِلادِ كَقاهِرٍ

في كُلِّ ناحِيَةٍ يُسَيِّرُ عَسكَرا

فَاِدفَع قَضاءَكَ أَو فَصَيِّر نارَهُ

بَرداً وَخُذ بِاللُطفِ فيما قُدِّرا

مُدّوا الأَكُفَّ سَخِيَّةً وَاِستَغفِري

يا أُمَّةً قَد آنَ أَن تَستَغفِرا

أَولى بِعَطفِ الموسِرينَ وَبِرِّهِم

مَن كانَ مِثلَهُمو فَأَصبَحَ مُعسِرا

يا أَيُّها السُجَناءُ في أَموالِهِم

أَأَمِنتُمو الأَيّامَ أَن تَتَغَيَّرا

لا يَملكُ الإِنسانُ مِن أَحوالِهِ

ما تَملكُ الأَقدارُ مَهما قَدَّرا

لا يُبطِرَنَّكَ مِن حَريرٍ مَوطِئٌ

فَلَرُبَّ ماشٍ في الحَريرِ تَعَثَّرا

وَإِذا الزَمانُ تَنَكَّرَت أَحداثُهُ

لِأَخيكَ فَاِذكُرهُ عَسى أَن تُذكَرا




عطر الزنبق 06-12-2019 04:37 PM



http://lh4.ggpht.com/zagaz277/SOZKa8...sasCTV_34a.gif


يا رَبِّ ما حُكمُكَ ماذا تَرى

في ذَلِكَ الحُلمِ العَريضِ الطَويل

قَد قامَ غَليومٌ خَطيباً فَما

أَعطاكَ مِن مُلكِكَ إِلّا القَليل

شَيَّدَ في جَنبِكَ مُلكاً لَهُ

مُلكُكَ إِن قيسَ إِلَيهِ الضَئيل

قَد وَرَّثَ العالَمَ حَيّاً فَما

غادَرَ مِن فَجٍّ وَلا مِن سَبيل

فَالنِصفُ لِلجِرمانِ في زَعمِهِ

وَالنِصفُ لِلرومانِ فيما يَقول

يا رَبِّ قُل سَيفُكَ أَم سَيفُهُ

أَيُّهُما يا رَبِّ ماضٍ ثَقيل

إِن صَدَقَت يا رَبِّ أَحلامُهُ

فَإِنَّ خَطبَ المُسلِمينَ الجَليل

لا نَحنُ جِرمانُ لَنا حِصَّةٌ

وَلا بِرومانَ فَنُعطى فَتيل

يا رَبِّ لا تَنسَ رَعاياكَ في

يَومٍ رَعاياكَ الفَريقُ الذَليل

جِنايَةُ الجَهلِ عَلى أَهلِهِ

قَديمَةٌ وَالجَهلُ بِئسَ الدَليل

يا لَيتَ لَم نَمدُد بِشَرٍّ يَداً

وَلَيتَ ظِلَّ السِلمِ باقٍ ظَليل

جَنى عَلَينا عُصبَةٌ جازَفوا

فَحَسبُنا اللَهُ وَنِعمَ الوَكيل




عطر الزنبق 06-12-2019 04:37 PM



http://lh4.ggpht.com/zagaz277/SOZKa8...sasCTV_34a.gif


خَطَّت يَداكَ الرَوضَةَ الغَنّاءَ

وَفَرَغتَ مِن صَرحِ الفُنونِ بِناءَ

ما زِلتَ تَذهَبُ في السُمُوِّ بِركنِهِ

حَتّى تَجاوَزَ رُكنُهُ الجَوزاءَ

دارٌ مِنَ الفَنِّ الجَميلِ تَقَسَّمَت

لِلساهِرينَ رِوايَةً وَرُواءَ

كَالرَوضِ تَحتَ الطَيرِ أَعجَبَ أَيكُهُ

لَحظَ العُيونِ وَأَعجَبَ الإِصغاءَ

وَلَقَد نَزَلتَ بِها فَلَم نَرَ قَبلَها

فَلَكاً جَلا شَمسَ النَهارِ عِشاءَ

وَتَوَهَّجَت حَتّى تَقَلَّبَ في السَنا

وادي المُلوكِ حِجارَةً وَفَضاءَ

فَتَلَفَّتوا يَتَهامَسونَ لَعَلَّهُ

فَجرُ الحَضارَةِ في البِلادِ أَضاءَ

تِلكَ المَعارِفُ في طُلولِ بِنائِهِم

أَكثَرنَ نَحوَ بِنائِكَ الإيماءَ

وَتَمايَلَت عيدانُهُنَّ تَحِيَّةً

وَتَرَنَّمَت أَوتارُهُنَّ ثَناءَ

يا بانِيَ الإيوانِ قَد نَسَّقتَهُ

وَحَذَوتَ في هِندامِها الحَمراءَ

أَينَ الغَريضُ يَحِلُّهُ أَو مَعبَدٌ

يَتَبَوَّأَ الحُجُراتِ وَالأَبهاءِ

العَبقَرِيَّةُ في ضَنائِنِهِ الَّتي

يَحبو بِها سُبحانَهُ مَن شاءَ

لَمّا بَنَيتَ الأَيكَ وَاِستَوهَبتَهُ

بَعثَ الهَزارَ وَأَرسَلَ الوَرقاءَ

فَسَمِعتَ مِن مُتَفَرِّدِ الأَنغامِ ما

فاتَ الرَشيدَ وَأَخطَأَ النُدَماءَ

وَالفَنُّ رَيحانُ المُلوكِ وَرُبَّما

خَلَدوا عَلى جَنَباتِهِ أَسماءَ

لَولا أَياديهِ عَلى أَبنائِنا

لَم نُلفَ أَمجَدَ أُمَّة آباءَ

كانَت أَوائِلُ كُلِّ قَومٍ في العُلا

أَرضاً وَكُنّا في الفَخارِ سَماءَ

لَولا اِبتِسامُ الفَنِّ فيما حَولَهُ

ظَلَّ الوُجودُ جَهامَةً وَجَفاءَ

جَرِّد مِنَ الفَنِّ الحَياةَ وَما حَوَت

تَجِدِ الحَياةَ مِنَ الجَمالِ خَلاءَ

بِالفَنِّ عالَجتِ الحَياةَ طَبيعَةٌ

قَد عالَجَت بِالواحَةِ الصَحراءَ

تَأوي إِلَيها الروحُ مِن رَمضائِها

فَتُصيبُ ظِلّاً أَو تُصادِفُ ماءَ

نَبضُ الحَضارَةِ في المَمالِكِ كُلِّها

يُجري السَلامَةَ أَو يَدُقُّ الداءَ

إِن صَحَّ فَهيَ عَلى الزَمانِ صَحيحَةٌ

أَو زافَ كانَت ظاهِراً وَطِلاءَ

انظُر أَبا الفاروقِ غَرسَكَ هَل تَرى

بِالغَرسِ إِلّا نِعمَةً وَنَماءَ

مِن حَبَّةٍ ذُخِرَت وَأَيدٍ ثابَرَت

جاءَ الزَمانُ بِجَنَّةٍ فَيحاءَ

وَأَكَنَّتِ الفَنَّ الجَميلَ خَميلَةٌ

رَمَتِ الظِلالَ وَمَدَّتِ الأَفياءَ

بَذَلَ الجُهودَ الصالِحاتِ عِصابَةٌ

لا يَسأَلونَ عَنِ الجُهودِ جَزاءَ

صَحِبوا رَسولَ الفَنِّ لا يَألونَهُ

حُبّاً وَصِدقَ مَوَدَّةٍ وَوَفاءَ

دَفَعوا العَوائِقَ بِالثَباتِ وَجاوَزوا

ما سَرَّ مِن قَدَرِ الأُمورِ وَساءَ

إِنَّ التَعاوُنَ قُوَّةٌ عُلوِيَّةٌ

تَبني الرِجالَ وَتُبدِعُ الأَشياءَ

فَليَهنِهِم حازَ اِلتِفاتَكَ سَعيُهُم

وَكَسا نَدِيَّهُمو سَناً وَسَناءَ

لَم تَبدُ لِلأَبصارِ إِلّا غارِساً

لِخَوالِفِ الأَجيالِ أَو بَنّاءَ

تَغدو عَلى الفَتَراتِ تَرتَجِلُ النَدى

وَتَروحُ تَصطَنِعُ اليَدَ البَيضاءَ

في مَوكِبٍ كَالغَيثِ سارَ رُكابُهُ

بِشراً وَحَلَّ سَعادَةً وَرَخاءَ

أَنتَ اللِواءُ اِلتَفَّ قَومُكَ حَولَهُ

وَالتاجُ يَجعَلُهُ الشُعوبُ لِواءَ

مِن كُلِّ مِئذَنَةٍ سَمِعتَ مَحَبَّةً

وَبِكُلِّ ناقوسٍ لَقيتَ دُعاءَ

يَتَأَلَّفانِ عَلى الهُتافِ كَما اِنبَرى

وَتَرٌ يُسايِرُ في البَنانِ غِناءَ




عطر الزنبق 06-12-2019 05:10 PM

http://www.gifsyfondos.com/Barra20separadora208.gif


بَني القِبطِ إِخوانُ الدُهورِ رُوَيدَكُم

هَبوهُ يَسوعاً في البَرِيَّةِ ثانِيا

حَمَلتُم لِحِكمِ اللَهِ صَلبَ اِبنِ مَريَمٍ

وَهَذا قَضاءُ اللَهِ قَد غالَ غالِيا

سَديدُ المَرامي قَد رَماهُ مُسَدِّدٌ

وَداهِيَةُ السُوّاسِ لاقى الدَواهِيا

وَوَاللَهِ أَو لَم يُطلِقِ النارَ مُطلِقٌ

عَلَيهِ لَأَودى فَجأَةً أَو تَداوِيا

قَضاءٌ وَمِقدارٌ وَآجالُ أَنفُسٍ

إِذا هِيَ حانَت لَم تُؤَخَّر ثَوانِيا

نَبيدُ كَما بادَت قَبائِلُ قَبلَنا

وَيَبقى الأَنامُ اِثنَينِ مَيتاً وَناعِيا

تَعالَوا عَسى نَطوي الجَفاءَ وَعَهدَهُ

وَنَنبِذُ أَسبابَ الشِقاقِ نَواحِيا

أَلَم تَكُ مِصرٌ مَهدَنا ثُمَّ لَحدَنا

وَبَينَهُما كانَت لِكُلٍّ مَغانِيا

أَلَم نَكُ مِن قَبلِ المَسيحِ اِبنِ مَريَمٍ

وَموسى وَطَهَ نَعبُدُ النيلَ جارِيا

فَهَلّا تَساقَينا عَلى حُبِّهِ الهَوى

وَهَلّا فَدَيناهُ ضِفافاً وَوادِيا

وَما زالَ مِنكُم أَهلُ وُدٍّ وَرَحمَةٍ

وَفي المُسلِمينَ الخَيرُ ما زالَ باقِيا

فَلا يَثنِكُم عَن ذِمَّةٍ قَتلُ بُطرُسٍ

فَقِدماً عَرَفنا القَتلَ في الناسِ فاشِيا





عطر الزنبق 06-12-2019 05:11 PM


http://www.gifsyfondos.com/Barra20separadora208.gif


عَظيمُ الناسِ مَن يَبكي العِظاما

وَيَندُبُهُم وَلَو كانوا عِظاما

وَأَكرَمُ مِن غَمامٍ عِندَ مَحلٍ

فَتىً يُحيِ بِمِدحَتِهِ الكِراما

وَما عُذرُ المُقَصِّرِ عَن جَزاءٍ

وَما يَجزيهُمو إِلى كَلاما

فَهَل مِن مُبلِغٍ غَليومَ عَنّي

مَقالاً مُرضِياً ذاكَ المَقاما

رَعاكَ اللَهُ مِن مَلِكٍ هُمامٍ

تَعَهَّدَ في الثَرى مَلِكاً هُماما

أَرى النِسيانَ أَظمَأَهُ فَلَمّا

وَقَفتَ بِقَبرِهِ كُنتَ الغَماما

تُقَرِّبُ عَهدَهُ لِلناسِ حَتّى

تَرَكتَ الجَليلَ في التاريخِ عاما

أَتَدري أَيَّ سُلطانٍ تُحَيّي

وَأَيَّ مُمَلَّكٍ تُهدي السَلاما

دَعَوتَ أَجَلَّ أَهلِ الأَرضِ حَرباً

وَأَشرَفَهُم إِذا سَكَنوا سَلاما

وَقَفتَ بِهِ تُذَكِّرُهُ مُلوكاً

تَعَوَّدَ أَن يُلاقوهُ قِياما

وَكَم جَمَعَتهُمو حَربٌ فَكانوا

حَدائِدَها وَكانَ هُوَ الحُساما

كِلامٌ لِلبَرِيَّةِ دامِياتٌ

وَأَنتَ اليَومَ مَن ضَمَدَ الكلاما

فَلَمّا قُلتَ ما قَد قُلتَ عَنهُ

وَأَسمَعتَ المَمالِكَ وَالأَناما

تَساءَلَتِ البَرِيَّةُ وَهيَ كَلمى

أَحُبّاً كانَ ذاكَ أَمِ اِنتِقاما

وَأَنتَ أَجَلُّ أَن تُزري بِمَيتٍ

وَأَنتَ أَبَرُّ أَن تُؤذي عِظاما

فَلَو كانَ الدَوامُ نَصيبَ مَلكٍ

لَنالَ بِحَدِّ صارِمِهِ الدَواما



عطر الزنبق 06-12-2019 05:12 PM


http://www.gifsyfondos.com/Barra20separadora208.gif


سَما يُناغي الشُهُبا

هَل مَسَّها فَاِلتَهَبا

كَالدَيدَبانِ أَلزَمو

هُ في البِحارِ مَرقَبا

شَيَّعَ مِنهُ مَركَباً

وَقامَ يَلقى مَركَبا

بَشَّرَ بِالدارِ وَبِال

أَهلِ السُراةَ الغُيَّبا

وَخَطَّ بِالنورِ عَلى

لَوحِ الظَلامِ مَرحَبا

كَالبارِقِ المُلِحِّ لَم

يُوَلَّ إِلّا عَقَّبا

يا رُبَّ لَيلٍ لَم تَذُق

فيهِ الرُقادَ طَرَبا

بِتنا نُراعيهِ كَما

يَرعى السُراةُ الكَوكَبا

سَعادَةٌ يَعرِفُها

في الناسِ مَن كانَ أَبا

مَشى عَلى الماءِ وَجا

بَ كَالمَسيحِ العَبَبا

وَقامَ في مَوضِعِهِ

مُستَشرِفاً مُنَقِّبا

يَرمي إِلى الظَلامِ طَر

فاً حائِراً مُذَبذَبا

كَمُبصِرٍ أَدارَ عَي

ناً في الدُجى وَقَلَّبا

كَبَصَرِ الأَعشى أَصا

بَ في الظَلامِ وَنَبا

وَكالسِراجِ في يَدِ الري

حِ أَضاءَ وَخَبا

كَلَمحَةٍ مِن خاطِرٍ

ما جاءَ حَتّى ذَهَبا

مُجتَنِبُ العالَمِ في

عُزلَتِهِ مُجتَنَبا

إِلّا شِراعاً ضَلَّ أَو

فُلكاً يُقاسي العَطَبا

وَكانَ حارِسُ الفَنا

رِ رَجُلاً مُهَذَّبا

يَهوى الحَياةَ وَيُحِبُّ

العَيشَ سَهلاً طَيِّبا

أَتَت عَلَيهِ سَنَوا

تٌ مُبعَداً مُغتَرِبا

لَم يَرَ فيها زَوجَهُ

وَلا اِبنَهُ المُحَبَّبا

وَكانَ قَد رَعى الخَطي

بَ وَوَعى ما خَطَبا

فَقالَ يا حارِسُ خَل

لِ السُخطَ وَالتَعَتُّبا

مَن يُسعِفُ الناسَ إِذا

نودِيَ كُلٌّ فَأَبى

ما الناسُ إِخوَتي وَلا

آدَمُ كانَ لي أَبا

أُنظُر إِلَيَّ كَيفَ أَق

ضي لَهُمُ ما وَجَبا

قَد عِشتُ في خِدمَتِهِم

وَلا تَراني تَعِبا

كَم مِن غَريقٍ قُمتُ عِن

دَ رَأسِهِ مُطَبِّبا

وَكانَ جِسماً هامِداً

حَرَّكتُهُ فَاِضطَرَبا

وَكُنتُ وَطَّأتُ لَهُ

مَناكِبي فَرَكِبا

حَتّى أَتى الشَطَّ فَبَش

شَ مَن بِهِ وَرَحَّبا

وَطارَدوني فَاِنقَلَب

تُ خاسِراً مُخَيِّبا

ما نلتُ مِنهُم فِضَّةً

وَلا مُنِحتُ ذَهَبا

وَما الجَزاءُ لا تَسَل

كانَ الجَزاءُ عَجَبا

أَلقَوا عَلَيَّ شَبَكاً

وَقَطَّعوني إِرَبا

وَاِتَّخَذَ الصُنّاعُ مِن

شَحمِيَ زَيتاً طَيِّبا

وَلَم يَزَل إِسعافُهُم

لِيَ الحَياةَ مَذهَبا

وَلَم يَزَل سَجِيَّتي

وَعَمَلي المُحَبَّبا

إِذا سَمِعتُ صَرخَةً

طِرتُ إِلَيها طَرَبا

لا أَجِدُ المُسعِفَ

إِلّا مَلَكاً مُقَرَّبا

وَالمُسعِفونَ في غَدٍ

يُؤَلِّفونَ مَوكِبا

يَقولُ رِضوانُ لَهُم

هَيّا أَدخلوها مَرحَبا

مُذنِبُكُم قَد غَفَرَ

اللَهُ لَهُ ما أَذنَبا

عطر الزنبق 06-12-2019 05:13 PM


http://www.gifsyfondos.com/Barra20separadora208.gif


فَدَيناهُ مِن زائِرٍ مُرتَقَب

بَدا لِلوُجودِ بِمَرأىً عَجَب

تَهُزُّ الجِبالَ تَباشيرُهُ

كَما هَزَّ عِطفَ الطَروبِ الطَرَب

وَيُحلي البِحارَ بِلَألائِهِ

فَمِنّا الكُؤوسُ وَمِنهُ الحَبَب

مَنارُ الحُزونِ إِذا ما اِعتَلى

مَنارُ السُهولِ إِذا ما اِنقَلَب

أَتانا مِنَ البَحرِ في زَورَقٍ

لُجَيناً مَجاذيفُهُ مِن ذَهَب

فَقُلنا سُلَيمانُ لَو لَم يَمُت

وَفِرعَونُ لَو حَمَلَتهُ الشُهُب

وَكِسرى وَما خَمَدَت نارهُ

وَيوسُفُ لَو أَنَّهُ لَم يَشِب

وَهَيهاتَ ما تُوِّجوا بِالسَنا

وَلا عَرشُهُم كانَ فَوقَ السُحُب

أَنافَ عَلى الماءِ ما بَينَها

وَبَينَ الجِبالِ وَشُمَّ الهُضَب

فَلا هُوَ خافٍ وَلا ظاهِرٌ

وَلا سافِرٌ لا وَلا مُنتَقِب

وَلَيسَ بِثاوٍ وَلا راحِلٍ

وَلا بِالبَعيدِ وَلا المُقتَرِب

تَوارى بِنِصفٍ خِلالَ السُحُب

وَنِصفٌ عَلى جَبَلٍ لَم يَغِب

يُجَدِّدُها آيَةً قَد خَلَت

وَيَذكُرُ ميلادَ خَيرِ العَرَب




الساعة الآن 02:59 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

 ملاحظة: كل مايكتب في هذا المنتدى لا يعبر عن رأي إدارة الموقع أو الأعضاء بل يعبر عن رأي كاتبه فقط

دعم وتطوير نواف كلك غلا