منتديات سكون القمر

منتديات سكون القمر (https://www.skoon-elqmar.com/vb//index.php)
-   ۩۞۩{ الشريعة الإسلامية والحياة }۩۞۩ (https://www.skoon-elqmar.com/vb//forumdisplay.php?f=2)
-   -   رسالة المسجد. (https://www.skoon-elqmar.com/vb//showthread.php?t=204418)

عطر الزنبق 09-04-2023 09:11 AM

رسالة المسجد.
 
رسالة المسجد..


المساجد بيوتُ الله، وأحبُّ البِقاع إليه، وقدْ أضافَها الله - عزَّ وجل - إلى نفسه إضافةَ تعظيمٍ وتشريف؛ فقال:﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ﴾[الجن: 18].
حينَ دخلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المدينةَ كان أوَّلُ مشروعٍ فكَّرَ فيه بناءَ مسجدِه - صلى الله عليه وسلم - الذي كانَ فراشُه الرمال والحصْباء، وسقفُه الجريد، وأعمدتُه الجذوع، بل ربَّما أمطرتِ السماء فأوحلتْ أرضه.
خرَّجَ مسجدُه - صلى الله عليه وسلم - قادةَ الأُمَّة وساستها الذين هابَتْهم الدنيا وخضعتْ لهم الرِّقاب، خرَّجَ من فِنائه - الخالي من الزخْرفة والبهرجة التي نراها في مساجدنا اليومَ - أعلامَ الصحابة والتابعين من أئمَّة التفسير ورُواة الحديث وأعلام الفقهاء، كان مسجدًا ومعهْدًا وجامعة، كان موْئلاً للتربية، يغرسُ القِيَمَ الأخلاقيَّة، وينشرُ الفضائلَ، فما أعظمها من رسالةٍ خالدة، كلَّما انغمسَ الناس في مباهج الحياة، وشُغِلوا بالمال والولد أيقظَهم المسجدُ من غَفْلتِهم، فصدعَ فيهم من على مآذنه كلَّ يومٍ خمسَ مرات: أنْ هَلُمُّوا إلى الصلاة، حي على الفلاح، هنا تنتهي جميعُ الأعمال الدنيويَّة، وتتوقَّف الشواغلُ الماديَّة، وينهضُ النائمُ من فراشِه في مسارعة لتلبية النداء: حي على الصلاة، حي على الفلاح، الصلاة خيرٌ من النوم، وما دامَ العبدُ واقفًا بين يدي ربِّه ويناجيه، وجبَ عليه التزيُّنُ له - سبحانه - بإحسان الوضوء، ولبْس الثيابِ النظيفة، وتقليم الأظافر، والتجمُّل والتطيُّب؛ قال - سبحانه -:﴿ يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾[الأعراف: 31].
مُجْتنبًا أكلَ الثوم والبصل، وما له رائحة كريهة؛ عن ‏جابر بن عبدالله - ‏رضي الله عنه - عن النبي ‏- ‏صلى الله عليه وسلم -‏ ‏قال: ((مَنْ أكَلَ البصلَ والثومَ والكُرَّاثَ،‏ ‏فلا يقْربَنَّ مسجدَنا؛ فإنَّ الملائكةَ ‏تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى منه بنو ‏آدَمَ)‏)؛ مسلم.
ها هي الخُطوات تسير حثيثًا، تحملُ صاحبَها منطلقة صوبَ بيتٍ من بيوت الله بسكينةٍ ووقار، فما أشرف هذه الخُطى؛ كلُّ خُطوةٍ تحطُّ سيِّئة، وترفعُ درجةً، فكلَّما بَعُدَتِ الدارُ فاضَ عليك خيرٌ مِدرار؛ عن أبي هريرة قالَ: قال رسولُ الله ‏- ‏صلى الله عليه وسلم ‏-: ((صلاةُ الرجل في الجماعة ‏‏تضْعفُ ‏على صلاته في بيتِه وفي سوقِه خَمسًا وعشرين ضِعفًا، وذلك أنه إذا توضَّأ فأحسنَ الوضوءَ ثم خرجَ إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة، لم يخطُ خُطوةً إلا رُفعتْ له بها درجة، وحُطَّتْ عنه بها خطيئة، فإذا صلَّى لم تزلِ الملائكة تصلِّي عليه ما دامَ في مصلاه: اللهم صلِّ عليه، اللهم ارْحمه، ولا يزال أحدُكم في صلاة ما انتظرَ الصلاة))؛ رواه البخاري، ومسلم.
أيُّها السائرُ إلى بيتٍ من بيوت الله، كلُّ خُطوة تخطوها إلى المسجد صدقة؛ عن أبي هريرة قالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((كُلُّ سُلامَى من الناسِ عليه صدقةٌ، وكلُّ خُطوة يخطوها إلى الصلاةِ صَدَقَةٌ))؛ رواه البخاريُّ، ومسلم.
يفتحُ المسجدُ أبوابَه لمختلفي الأجْناس، تُلْقَى على أعتابه الرُّتبُ والمناصب والألْقَاب، ثم تنتظمُ الصفوفُ؛ الغَني بجوار الفقير، والسيِّد ملاصقٌ للخادم، تتساوَى في الصف المناكبُ، وتتحاذَى الأقْدامُ؛ لتحقق المساواة في أجَلِّ صورِها وأسْمَى معانيها؛ قال - صلى الله عليه وسلم - ((ألا تصفُّون كما تصفُّ الملائكةُ عند ربِّها؟ فقلنا: يا رسول الله، وكيف تصفُّ الملائكةُ عند ربِّها؟ قال: يُتِمُّون الصفوفَ الأُوَل، ويتراصون في الصفِّ))؛ مسلم.
يلتقي المصلُّون في المسجد، فتتصافح أيديهم وتتلاصق أبدانُهم وتتآلف قلوبُهم، فتشيع بينهم الأُلْفةُ والمحبَّة، وتذوب جميعُ الفوارق مَهْمَا كانت؛ كَبُرَتْ أم صَغُرَتْ.
في المسجد يتفقَّد المسلمُ إخوانَه وجيرانَه، فهذا فقيرٌ يحتاج إلى مساعدة، وذاك مصابٌ تُسلِّيه بمؤانسة، وثالثٌ مريضٌ تخفِّف آلامَه وأحزانَه، ورابعٌ يتيمٌ تمسحُ على رأْسه وتحنو عليه، وبذلك يتحقق التكافلُ في رحاب المسجد.
المسجد يطهِّر المجتمعَ من الفحْشاء والمنكر؛ فالذي يتعلَّق قلبُه بالمسجد يتغلغلُ الإيمان في قلبِه، فيحب الله ورسولَه والعمل الصالحَ، ويحبه الله ورسولُه، ويكره الكفرَ والفسوق والعِصْيان؛﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾[العنكبوت: 45].
المسجد مركزُ عِلْمٍ وتعليم ومُدَارسة آياتِ القرآن الكريم؛ عن ‏أبي هريرة ‏قال: قالَ رسول الله -‏ ‏صلى الله عليه وسلم -: ((ما اجْتمعَ قومٌ في بيتٍ من بيوت الله يَتْلُون كتابَ الله ويَتَدَارسونه بينهم، إلا نزلتْ عليهم السكينةُ، وغشيَتْهم الرحمة، وحفَّتْهم الملائكةُ، وذَكَرَهم الله فيمن عندَه))؛ مسلم.
عن ‏عُقبة بن عامر ‏قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أفَلا يغدو‏ أحدُكم إلى المسجد، فيتعلَمَ أو يقْرأَ آيتين مِن كتاب الله - عز وجل - خيرٌ له من ناقَتين، وثلاثٌ خيْرٌ له من ثلاثٍ، وأربع خيرٌ له من أربع، ومن أعدادِهن من الإبل))؛ مسلم.
إذا كانَ هذا الفضلُ كذلك، فلِمَ لا نأْوِي إلى حِلَق تحفيظ القرآن نحن وأبناؤنا، فنتعلَّمَ تلاوةَ القرآن الكريم غضًّا طَرِيًّا؟
ها هي نسمات شهر رمضان المبارك تحثُّ الخُطى، فهل نحيي فيه رسالة المسجد؟
أيُّها المسلمون، إنَّ تربية الأطفال والأولاد بالمسجد سنةٌ ثابتةٌ وتفرضُها الحياة المعاصرة، إنَّ المسجدَ الذي خرَّجَ أطفالَ الصحابة والسلف الصالح، قادرٌ أن يخرِّجَ أمثالَهم إذا وجَّه الآباءُ والأُمَّهات أطفالَهم نحو المسجدِ ترغيبًا لا تنفيرًا، وتشجيعًا لا تخذيلاً، وكان المسجدُ يؤدِّي رسالته.
إذا أرادَ المسلمون تربية صحيحة لأبنائهم، وغرس الإيمان في نفوسِهم، إذا أرادوا معالجةَ أيِّ انحرافٍ ففي المسجد؛ وذلك بإحياء رسالته، فمنه المبْتدأ وإليه المنْتَهى؛﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾ [التوبة: 18].
ليس غريبٌ على مؤسَّساتنا الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة العناية بمساجدنا والاهتمام بها، وهو يدخلُ في سياق التعاون تطبيقًا لقوله - جل وعلا -:﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾ [المائدة: 2].
جعلَ الله هذا التعاون في ميزان حسناتهم، وفي صحائف أعمالِهم.
الخطبة الثانية
﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾[الحجرات: 10].
﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9].
﴿ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾[الممتحنة: 9].
وعن ‏النعمان بن بشير ‏قال: قال رسولُ الله ‏- ‏صلى الله عليه وسلم ‏-: ((‏مثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم مثلُ الجسدِ إذا ‏اشْتَكى ‏منه عضوٌ، تداعَى له سائرُ الجسد بالسهر والحُمَّى))؛ مسلم.
في هذا الزمن زمنِ العولمة، وزمن انحدار الأخْلاق وانهيار القِيَم والمبادئ، وانهيار حقوق الإنسان، يُفْرَضُ حِصارٌ جائرٌ استمرَّ أكثر من ألف يومٍ على إخواننا في غزَّة، غزة العزيزة بإذن الله، غزة الصمود والتحدِّي التي تقاتِلُ من أجْل شرف الأُمَّة ورِفْعتها؛ فهي أملٌ لكلِ مسلمٍ يؤْمِن بالله ربًّا وبالإسلام دينًا، وبمحمدٍ - صلى الله عليه وسلم - نبيًّا ورسولاً.
إنَّ هذا الحصارَ يذكِّر المسلمين بشِعْبِ أبي طالب الذي قام به أعداءُ الدعوة الإسلاميَّة، ويذكِّرنا بالحصار الجائرِ على أهل العراق، فقد منعوا الدواءَ والغذاءَ، وصَيَّروا أهلَنا حُفَاة عُرَاة يفترشون الأرضَ ويلتحفون السماءَ، فرقَّتْ لأحوالِهم قلوبُ بني البشر، ويومًا بعد يوم يؤكِّدون على أرضِ الواقع ما وصفَهم به القرآن، وأنهم أشدُّ الناس عداوة للذين آمنوا، وإذا لم يوقفِ المجتمع الدولي هذا العُدوان والظلم والحصار، فلن ينجوَ من هذا الشعب المظلوم إلا القليلُ ، ألا ترون؟ ألا ترون ما يحاطُ بهم من حربِ الإبادة في كلِّ مجال؟ وما تعرَّضتْ له السفنُ التي تحملُ المساعدات الإنسانيَّة من اعتداءٍ مَقيتٍ منعَها من مساعدة غزَّة الجريح؟ سيتكرَّرُ في المستقبل إذا لم يضعِ المجتمع الدولي حدًّا لانْتهاك حقوق الإنسان من قِبل دولة الصِّهايِنَة الظالمين.
أيُّها المؤمنون، إنَّ العدوَّ يزعمُ أنه يحقِّق نبوءة التوراة، ويطبِّق شريعة التلمود، وعلى الرغْم من هذا الغرر، فإنَّ الأَملَ في الأُمة ما زال حيًّا تجسِّده سفينة الأَمل، تتحدَّى البوارج والزَّوارق، وستنطلقُ قوافلُنا - بإذن الله - من غيرِ توقُّفٍ من أجْل نجدة إخواننا، وسنجعله جِسْرًا للمعونات الإنسانيَّة لا ينقطعُ كالسيل الجارف.
وستنتصرُ الأُمة ويعودُ إليها عِزُّها وهيبتُها، وستتحرك فيها نخوةُ عمر الفاروق، وخالد بن الوليد، وموسى بن نصير وصلاح الدين.
فيا إخوة الإيمان، يا أمة التفاؤُل، يا أهلنا وإخواننا الصامدين في غزَّة، أبْشروا بالنصر والغَلَبَة والعِزَّة، الله الله في الصبر والثبات، والمصالحة والوحدة، ونُصْرة دين الله؛﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾[محمد: 7].

نهيان 09-04-2023 06:16 PM

جزاكـ الله بخير الجزاء والجنه
باركـ الله فيكـ ونفع بكـ
وجعله في موازين حسناتكـ

عطر الزنبق 09-05-2023 12:12 AM

اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نهيان https://www.skoon-elqmar.com/vb/SKON...s/viewpost.gif
جزاكـ الله بخير الجزاء والجنه
باركـ الله فيكـ ونفع بكـ
وجعله في موازين حسناتكـ




مشكورين على مروركم الطيب..
وردكم الاطيب الجميل..
لكم مودتي وتقديري.:118:

جلال اليماني 09-05-2023 10:48 AM

ادعوووو الله ان بكتب اجرك
ويجعله بموازين حسناتك
سلمت يمناك

شغف 09-05-2023 05:19 PM

جزاك الله خير
وجعله بموازين حسناتك

نادين 09-05-2023 08:55 PM


عطر الزنبق 09-06-2023 11:57 AM

اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جلال اليماني https://www.skoon-elqmar.com/vb/SKON...s/viewpost.gif
ادعوووو الله ان بكتب اجرك
ويجعله بموازين حسناتك
سلمت يمناك




تعـطـر المكان بهذه الإطـلالة الراقية..
وأكتمل جمالالطرح بحضوركـم المتميز ..
شكرا على وجودكم العذب..

تحيتي.

عطر الزنبق 09-06-2023 11:58 AM

اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شغف https://www.skoon-elqmar.com/vb/SKON...s/viewpost.gif
جزاك الله خير
وجعله بموازين حسناتك




تعـطـر المكان بهذه الإطـلالة الراقية..
وأكتمل جمالالطرح بحضوركـم المتميز ..
شكرا على وجودكم العذب..

تحيتي.

عطر الزنبق 09-06-2023 11:58 AM

اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نادين https://www.skoon-elqmar.com/vb/SKON...s/viewpost.gif
https://www.ashefaa.com/up/uploads/i...2bffad0400.gif




تعـطـر المكان بهذه الإطـلالة الراقية..
وأكتمل جمالالطرح بحضوركـم المتميز ..
شكرا على وجودكم العذب..

تحيتي.

مستريح البال 09-12-2023 06:14 AM

جزاك الله كل خير
سلمت يداك ويعطيك العافية
وجعله الله في ميزان حسناتك


الساعة الآن 08:10 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

 ملاحظة: كل مايكتب في هذا المنتدى لا يعبر عن رأي إدارة الموقع أو الأعضاء بل يعبر عن رأي كاتبه فقط

دعم وتطوير نواف كلك غلا