منتديات سكون القمر

منتديات سكون القمر (https://www.skoon-elqmar.com/vb//index.php)
-   ۩۞۩{ الشريعة الإسلامية والحياة }۩۞۩ (https://www.skoon-elqmar.com/vb//forumdisplay.php?f=2)
-   -   من تواضع لله رفعه (https://www.skoon-elqmar.com/vb//showthread.php?t=192476)

ضي القمر 06-20-2021 02:27 AM

من تواضع لله رفعه
 
مــن تواضـع لله رفـعه


الحمد لله الواحد الأحد، أحاط علمًا بالجليل والحقير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، البشير النذير، والسراج المنير، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، ومن تبعهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين.

أما بعد:
فيا أيها الناس، من ابتغى غنًى من غير مال، وعزًّا بغير جاه، ومهابةً من غير سلطان - فليتقِ الله جل في علاه، فاتقوا ربكم جل وعلا حق التقوى، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

عباد الله، خطبة اليوم عن خلق من أعظم أخلاق المؤمنين، ومن شيم الصالحين المخبتين، حديثنا عن خلق يدل على طهارة النفس، من تحلى بما سنتحدث عنه اليوم وتعامل به مع الناس، عاش عيشةً طيبةً، وأحبه الخالق والخلق، وكان سببًا في رفعته في الدنيا والآخرة.

حديثي لكم أيها الفضلاء عن التواضع الذي فيه رفعة للمؤمن في الدنيا والآخرة؛ كما في الحديث الصحيح عن حبيبكم صلى الله عليه وسلم: ((ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله))، وعند مسلم قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا؛ حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد)).

عباد الله، التواضع خلق من أخلاق الأنبياء وشيم النبلاء، وإليكم نماذج لأقوام تحلَّوا بخلق التواضع في حياتهم، فسادوا وعزوا، وعلى رأس أولئك المتواضعين إمام المرسلين سيد ولد آدم ذو النسب الرفيع صلى الله عليه وسلم.

كان من تواضعه عليه الصلاة والسلام أنه يجلس بين أصحابه مختلطًا بهم، فيأتي الغريب فلا يعرفه حتى يسأل عنه؛ وفي الصحيحين أنه كان عليه الصلاة والسلام يمر على الصبيان فيسلم عليهم، وفي يوم من الأيام أتي برجل فأرعد من هيبته، فقال له صلى الله عليه وسلم: ((هوِّن عليك فلست بملك، إنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد)).

وكان من تواضعه صلى الله عليه وسلم أن نام على الحصير حتى أثَّر في جنبه، وابتسم في وجه من أوجعه، وشرب مع أصحابه في إناء واحد، بل كان آخرهم شربًا عليه الصلاة والسلام، وأكل مع الفقراء من أهل الصُّفَّة، ثم دخل مكة في الفتح متواضعًا.

وكان يمشي في الأسواق والناس من حوله، يأكل مما يأكلون، ويشرب مما يشربون بأبي هو وأمي صلوات الله وسلامه عليه.
وتحلى بالتواضع الصحابة من بعده؛ فهذا خليفته الصديق رضي الله تعالى عنه وأرضاه ((كان يحلب للحي أغنامهم، فلما بويع بالخلافة، قالت جارية من الحي: الآن لا تحلب لنا منائح دارنا، فسمعها أبو بكر فقال: بلى والله، لعمري لأحلبن لكم، وإني لأرجو ألَّا يغيرني ما دخلت فيه عن خلق كنت عليه))، فكان رضي الله عنه يحلب لهم وهو خليفة للمسلمين.

وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه خرج يومًا إلى الشام ومعه أبو عبيدة، ((فأتَوا على مستنقع فيه ماء كثير وطين، فخلع خفيه فوضعهما على عاتقه، وأخذ بزمام ناقته فخاض، فقال أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين، أنت تفعل هذا؟ ما يسرني أن أهل البلد رأَوك على هذا، فقال له عمر: لو قال هذا غيرك يا أبا عبيدة، لجعلته نكالًا لأمة محمد، ثم قال: إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام، فمهما نطلب العزة بغيره أذلنا الله))، ومن تواضع عثمان رضي الله عنه أنه كان يلي وضوء الليل بنفسه، فقيل له: لو أمرت بعض الخدم فكفوك؟ فقال: ((لا، إن الليل لهم ليستريحون فيه))، فلا إله إلا الله، أين المتكبرون في زماننا؟ أين المتعالون على الناس من هذا الخلق الرفيع والتواضع العجيب؟ رضي الله عنك يا عثمان، أين من يتعبون خدمهم وعمالهم بالليل والنهار؟ وعلاوة على ذلك يتكبرون عليهم، ويؤخرون رواتبهم وحقوقهم.

أيها العقلاء، الكبر ذنب عظيم، وصفة من صفات إبليس اللعين، وخطره عظيم وعاقبته وخيمة، وقد تُعجَّل لصاحبه العقوبة في الدنيا، فقد شُلَّت يد رجل في عهد النبوة بسبب الكبر؛ كما ورد في صحيح مسلم يقول سلمة بن الأكوع: ((أكل رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم بشماله، فقال له: كل بيمينك، قال: لا أستطيع، قال: لا استطعت، ما منعه إلا الكبر، قال: فما رفعها إلى فيه)).

ومن خطورة الكبر على صاحبه أن المتكبر في الآخرة يعامل بنقيض قصده، فمن ترفع عن الناس في الدنيا يطأه الناس بأقدامهم في الآخرة؛ يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: ((يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الناس))، ومن خطورته أن الأرض قد خُسفت بمتكبر؛ كما صح بذلك الخبر عن سيد البشر صلى الله عليه وسلم قال: ((بينما رجل يمشي في حلة، تعجبه نفسه، مُرجِّلٌ جُمَّتَهُ، إذ خسف الله به، فهو يتجلجل إلى يوم القيامة))، ومن حمل في قلبه ولو شيئًا يسيرًا من الكبر والتعالي على الخلق، فهو على خطر عظيم؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر)).

والكبرياء من خصائص الله عز وجل لا ينازعه فيه أحد من خلقه، ومن اتصف به من المخلوقين عذبه الله؛ ففي الحديث القدسي: ((قال الله عز وجل: العز إزاري، والكبرياء ردائي، فمن ينازعني في واحد منهما عذبته)).

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والذكر الحكيم، وجعلني وإياكم من المتواضعين، وأقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله عظيم الإحسان، واسع الفضل والجود والامتنان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله سيد المتواضعين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين؛ أما بعد: فاعلموا أيها الناس أن الزمان لا يثبت على حال؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ﴾ [آل عمران: 140]، والسعيد من لازم أصلًا واحدًا على كل حال؛ ألا وهو تقوى الله عز وجل، ثم حرص بعد التقوى على التواضع ولين الجانب مع الناس، فهذا الذي يزينه ويبقى معه، فربوا أنفسكم وأولادكم وأهليكم على التواضع ولين الجانب مع الناس، وافعلوا ذلك طلبًا فيما عند الله، وكونوا متواضعين مع الناس مهما بلغ المنصب، أو كثر المال، أو علا الجاه؛ وصدق الشاعر يوم قال:
تواضع تكن كالنجم لاح لناظر
على صفحات الماء وهو رفيعُ
ولا تكُ كالدخان يعلو بنفسه
على طبقات الجو وهو وضيعُ


ثم صلوا وسلموا رحمكم الله على خير المتواضعين وقدوة الناس أجمعين، كما أمركم بذلك العليم الخبير؛ فقال عز من قائل عليم: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((من صلى عليَّ واحدة، صلى الله عليه بها عشرًا))، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

جبال الصمت 06-20-2021 02:28 AM

اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
.
اشكرك على عطائك اختي الكريمة.. جزاك الله خير الجزاء..
.

ضي القمر 06-20-2021 02:46 AM

اللهم صل وسلم عليه نبينا الكريم
شفيعنا يوم الدين
خير من سارت به قدم
تشرفت بمرورك الزاكي اخي الكريم
وانرت متصفحي باطيب حضور
جزاك الله خيرا وبارك بك
دمت بحفظ الرحمن

منصور 06-20-2021 08:44 AM

الله يجزاك كل خير
وان شاء الله تكون في ميزان اعمالك
والله لايحرمك الأجر
يعطيك العافية
على جمال الطرح وقيمته

غيـِــم♪ 06-20-2021 09:24 AM

جزاك الله بخير الجزاء
والدرجات الرفيعه من الجنه
وجعله في ميزان حسناتك

انثى برائحة الورد 06-20-2021 12:42 PM

جزاك الله كل الخير
دمتي رائعة الطرح وافرة العطاء
أكاليل الزهر أنثرها في صفحتكِ
مع خالص تحياتى وفائق تقديري

عطر الزنبق 06-20-2021 11:58 PM


نهيان 06-21-2021 03:01 PM

جزاك الله بخير الجزاء والجنه
بارك الله فيك ونفع بك
وجعله في ميزان حسناتك

ترانيم الشجن 06-22-2021 03:52 PM

جزاك الله بكل الخير
وبارك فيك وجعله في ميزان حسناتك

سامحك ربي 06-23-2021 01:23 AM



الساعة الآن 12:08 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

 ملاحظة: كل مايكتب في هذا المنتدى لا يعبر عن رأي إدارة الموقع أو الأعضاء بل يعبر عن رأي كاتبه فقط

دعم وتطوير نواف كلك غلا