يتطلب محاولة التحدث إلى الناس وتغيير معتقداتهم وأفكارهم الدينية وحثهم على إعتناق دين جديد كالإسلام، إلى رجال فصيحيّ اللسان وقديري البيان، وهذا ما جعله الله في كل الأنبياء المرسلين رضوان الله عليهم أجمعين، إذ أجرى على ألسنتهم الفصاحة والقدرة على الإقناع ومخاطبة العقول لتحويل الجهل إلى علم، والظلام إلى نور، وقد يختلف الأنبياء في قدرتهم على الخطابة فمنهم من لم يكن متحدثاً كموسى عليه السلام فأرسل الله معه شقيقه هارون، ومنهم من كان على قدر من البلاغة المشهودة، فمن هو خطيب الأنبياء ؟
هو النبي شعيب عليه الصلاة والسلام، والذي دعا إلى دين الله عز وجل بالكلمة واللين والحجة اليقين، وقد أطلق الرسول محمد صل الله عليه وسلم لقب خطيب الأنبياء عندما أخبره عنه الوحي.
بُعِثَ شعيب إلى قوم يُدعون بقوم مدين، وهم قبائل من شمال الحجاز الذين ينحدر نسلهم من النبي إبراهيم الخليل عليه السلام، ويقول الباحثون والمؤرخون أنهم تجمعوا في منطقة تقع في جنوب الشام ( الأردن حالياً ) وفيها استقروا وعاشوا.
اسم النبي شعيب هو ميكائيل بن يشجر بن مدين، ويعتقد علماء الدين المختصين بالأنساب والأصول أنه سبط النبي لوط عليه السلام (إبن ابنته).
قال الرسول صل الله عليه وسلم لأبي ذر الغفاري في حديث عن الأنبياء والمرسلين عليهم السلام: (أربعة من العرب : هود، وصالح، وشعيب، ونبيك يا أبا ذر).
تقع مدين في الطريق التجاري الواصل بين اليمن والشام والعراق ومصر، ولهذا كانت مدين ذو قوة وبسط وسطوة ونفوذ ومال فهم مشروفون على الطريق المركزي الواصل بين أهم دول التجارة، وكان لهذا عاقبة سيئة إذ أن حبهم للمال جعلهم يعبدونه ويكفرون بالله عز وجل ليتحولوا إلى عبادة شجرة تدعى بالأيكة.
دعا شعيب قومه إلى ترك عبادة تلك الشجرة والعودة إلى عبادة الله عز وجل دون أن يشركوا به أحداً، ولكنهم تجبروا وطغوا.
لم يؤمن بشعيب سوى قلة قليلة لكن شعيب لم ييأس وظل يدعوهم.
ضاق قوم شعيب منه وطلبوا منه أن يكفَ عن دعوتهم وإلا سيقتلونه.
ظل يدعوهم ويحذرهم من أن ضلالهم هذا سيجعل مصيرهم مشابهاً لمصير قوم لوط، فاستهزؤا به ولم يبالوا.
أنزلَ الله وعده على قوم شعيب، فأخذهم بالرجفة وهلكوا جميعاً، وجاء ذِكر ذلك في سورة الأعراف والشعراء والعنكبوت وسورة هود ليكونوا عبرة لغيرهم من الأمم والقبائل.