منتديات سكون القمر

منتديات سكون القمر (https://www.skoon-elqmar.com/vb//index.php)
-   ۩۞۩{ سكون لاعجاز وعلوم وتفسير القرآن الكريم}۩۞۩ (https://www.skoon-elqmar.com/vb//forumdisplay.php?f=125)
-   -   تفسير (رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير) (https://www.skoon-elqmar.com/vb//showthread.php?t=208795)

ملكة الحنان 12-26-2024 09:32 AM

تفسير (رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير)
 
تفسير (رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير)



يقول الله تعالى عن موسى عليه السلام لما فرّ من فرعون وقومه، ووصل إلى مدين: ( وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ) القصص/23، 24 .
(وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ) أي: قاصدا بوجهه مدين ، وهو جنوبي فلسطين ، حيث لا ملك لفرعون، (قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ) أي: وسط الطريق المختصر، الموصل إليها بسهولة ورفق ، فهداه الله سواء السبيل ، فوصل إلى مدين .
( وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ) مواشيهم ، وكانوا أهل ماشية كثيرة (وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ) أي: دون تلك الأمة (امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ) غنمَهما عن حياض الناس، لعجزهما عن مزاحمة الرجال ، وبخلهم وعدم مروءتهم عن السقي لهما.
(قَالَ) لهما موسى (مَا خَطْبُكُمَا) أي: ما شأنكما بهذه الحالة، (قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ) أي: قد جرت العادة أنه لا يحصل لنا سقي حتى يصدر الرعاء مواشيهم، فإذا خلا لنا الجو سقينا، (وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ) أي: لا قوة له على السقي، فليس فينا قوة، نقتدر بها، ولا لنا رجال يزاحمون الرعاء.
فرقّ لهما موسى عليه السلام ورحمهما (فَسَقَى لَهُمَا) غير طالب منهما الأجرة، ولا له قصد غير وجه الله تعالى، فلما سقى لهما، وكان ذلك وقت شدة حر، وسط النهار، بدليل قوله: (ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ) مستريحا لتلك الظلال بعد التعب.
(فَقَالَ) في تلك الحالة، مسترزقا ربه: (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) أي: إني مفتقر للخير الذي تسوقه إليَّ وتيسره لي. وهذا سؤال منه بحاله ؛ والسؤال بالحال : أبلغ من السؤال بلسان المقال " انتهى . " تفسير السعدي " (ص 614) .
وقال ابن عاشور رحمه الله : " لَمَّا اسْتَرَاحَ مِنْ مَشَقَّةِ الْمَتْحِ وَالسَّقْيِ لِمَاشِيَةِ الْمَرْأَتَيْنِ ، وَالِاقْتِحَامِ بِهَا فِي عَدَدِ الرِّعَاءِ الْعَدِيدِ، وَوَجَدَ بَرْدَ الظِّلِّ ، تَذَكَّرَ بِهَذِهِ النِّعْمَةِ نِعَمًا سَابِقَةً أَسْدَاهَا اللَّهُ إِلَيْهِ ، مِنْ نَجَاتِهِ مِنَ الْقَتْلِ ، وَإِيتَائِهِ الْحِكْمَةَ وَالْعِلْمَ، وَتَخْلِيصِهِ مِنْ تَبِعَةِ قَتْلِ الْقِبْطِيِّ، وَإِيصَالِهِ إِلَى أَرْضٍ مَعْمُورَةٍ بِأُمَّةٍ عَظِيمَةٍ ، بَعْدَ أَنْ قَطَعَ فَيَافِيَ وَمَفَازَاتٍ تَذَكَّرَ جَمِيعَ ذَلِكَ ، وَهُوَ فِي نِعْمَةِ بَرْدِ الظِّلِّ وَالرَّاحَةِ مِنَ التَّعَبِ، فَجَاءَ بِجُمْلَةٍ جَامِعَةٍ لِلشُّكْرِ وَالثَّنَاءِ وَالدُّعَاءِ وَهِيَ: (إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ).
وَالْفَقِيرُ: الْمُحْتَاجُ، فَقَوْلُهُ : (إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ) : شُكْرٌ عَلَى نِعَمٍ سَلَفَتْ.
وَقَوْلُهُ : (إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ) : ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ بِأَنَّهُ مُعْطِي الْخَيْرِ.
وَأَحْسَنُ خَيْرٍ لِلْغَرِيبِ : وُجُودُ مَأْوًى لَهُ يَطْعَمُ فِيهِ وَيَبِيتُ، وَزَوْجَةٌ يَأْنَسُ إِلَيْهَا وَيَسْكُنُ.
فَكَانَ اسْتِجَابَةُ اللَّهِ لَهُ ، بِأَنْ أَلْهَمَ شُعَيْبًا أَنْ يُرْسِلَ وَرَاءَهُ ، لِيُنْزِلَهُ عِنْدَهُ، وَيُزَوِّجَهُ بِنْتَهُ، كَمَا أَشْعَرَتْ بِذَلِكَ فَاءُ التَّعْقِيبِ فِي قَوْلِهِ : (فَجاءَتْهُ إِحْداهُما)" . انتهى مختصرا من " التحرير والتنوير " (20/ 102) .
فهذا منه عليه السلام سؤال بالحال، واكتفاء بإظهار حاله من الفقر والحاجة بين يدي ربه ، عن التصريح بالسؤال .
وهذا كقول أيوب عليه السلام : ( أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ).
وقول يونس عليه السلام : ( لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ )
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " هَذَا وَصْفٌ لِحَالِهِ بِأَنَّهُ فَقِيرٌ إلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إلَيْهِ مِنْ الْخَيْرِ، وَهُوَ مُتَضَمِّنٌ لِسُؤَالِ اللَّهِ إنْزَالَ الْخَيْرِ إلَيْهِ " انتهى من " مجموع الفتاوى " (10/ 244) .
ولا بأس أن يدعو العبد المسلم بذلك في قضاء حاجاته ؛ لأنه توسل إلى الله تعالى بالفقر إليه ، وهو وصف ذاتي للعبد ، وبغنى ربه ، وهو وصف ذاتي للرب ، فهذا التوسل يناسب الرغبة فيما عند الله من الخير والبركة .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " النوع الخامس - أي: من أنواع التوسل المشروع-: أن يتوسل إلى الله تعالى بذكر حاله؛ يعني أن الداعي يتوسل إلى الله تعالى بذكر حاله وما هو عليه من الحاجة، ومنه قول موسى عليه الصلاة والسلام: (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) يتوسل إلى الله تعالى بذكر حاله أن ينزل إليه الخير " انتهى من " مجموع فتاوى ورسائل العثيمين " (2/ 337) .

رهيبة 12-26-2024 02:50 PM

جزاك الله جنة عرضها آلسموات و الارض..
بارك الله فيك على الموضوع القيم والمفيد..
اسال الله لك التوفيق والسعادة..
دمت بخير.

نهيان 12-27-2024 05:08 PM

جزاكـ الله بخير الجزاء والجنه
باركـ الله فيكـ ونفع بكـ
وجعله في موازين حسناتك
اضعاف مضاعفه لاتعد ولا تحصى

عازفة 12-28-2024 06:43 PM

جزاك الله كل خير
طرح رائع
يعطيك العافية على هذا الابداع
سلمت يمناك ولاعدمنا جديدك المميز

ملكة الحنان 12-30-2024 01:35 AM

رهيبة
اسعدني مرورك القيم بمتصفحي

ملكة الحنان 12-30-2024 01:35 AM

نهيان
اسعدني مرورك القيم بمتصفحي

ملكة الحنان 12-30-2024 01:35 AM

عازفة
اسعدني مرورك القيم بمتصفحي

عطر الزنبق 01-02-2025 02:28 AM


ريحانه 01-07-2025 10:48 PM

الله ينور قلبكم بالعلم والايمان
ويشرح صدركم بالهدى واليقين
وييسر امركم ويرفع مقامكم فى العليين
ويحشركم بجوار النبى الامين
تقبلوا مروري
https://dorar.at/imup2/2015-10/58562...417084_264.gif




الساعة الآن 07:53 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.

 ملاحظة: كل مايكتب في هذا المنتدى لا يعبر عن رأي إدارة الموقع أو الأعضاء بل يعبر عن رأي كاتبه فقط

دعم وتطوير نواف كلك غلا