منتديات سكون القمر

منتديات سكون القمر (https://www.skoon-elqmar.com/vb//index.php)
-   ۩۞۩{ الشريعة الإسلامية والحياة }۩۞۩ (https://www.skoon-elqmar.com/vb//forumdisplay.php?f=2)
-   -   الثقة في الله جنة. (https://www.skoon-elqmar.com/vb//showthread.php?t=209036)

عطر الزنبق 01-11-2025 01:21 PM

الثقة في الله جنة.
 


الثقة في الله جنة.

الأشياء التي نراها مؤلِمةً موجِعة هي في الحقيقة امتحانٌ لإيماننا بالله.
يريد الله - سبحانه وتعالى - أن يرى منا ثباتَ المؤمنين الواثقين في رحمته، ويقينًا نُبرهِن به عن الطاعة والولاء لله - جل وعلا - واقتداء بالأنبياء والمرسلين - عليهم الصلاة والسلام - نواجِه المِحنَ بهذه الآية الرقراقة الجميلة التي تتجلَّى فيها رحمة الله ورِفقه بعباده:
﴿ قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾ [الأنعام: 63].
المؤمن المحبّ لربه يعلم أن الأمور كلَّها بيد الله، فلا يخاف ولا يَسخَط ولا يَجزَع؛ بل يفزَع إلى الصلاة، ويعلم - وإن ضاقتْ عليه الدنيا بما رحُبتْ - أن الله سيفتح له أبوابَ الفرج من حيث لا يحتسب.

فلا بال يقلَق، ولا خاطر يتوجَّس خِيفة من المجهول، هو سلَّم الأمر لله وانتهت قضيَّته مع المخاوف، يمضي في دروب الحياة بقلبٍ واثِق من ربه، حتى لكأنه يرى ببصيرته المؤمنة من خلال المحن مِنحًا تتزيَّن وتَشرئبُّ متطلِّعة إليه فَرِحة مُهلِّلة، يردِّد دائمًا: ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ [الشرح: 5، 6]، فأنى لعسرٍ أن يغلِب يسرين، وقد تهلَّلا فرحًا وطربًا بقلب يعمُره اليقين والإيمان؟

المؤمن جبل شامخ لا تَزيده النوازل إلا رسوخًا وثباتًا، حتى لكأنه يَهمِس للزمن: إنما النصر صبرُ ساعة، هذا عندما تَنبُت نبتة الثقة في الله في النفوس، وتنمو وتترعرع، فتربِّي بداخلنا حسًّا مُرهفًا دائم الصِّلة بالله، يتطلَّع إلى السماء بتفاؤل وابتسامة مرسومة تُظلِّل مشاعره؛ لأنه يعلم أن بعد الليل فجرًا ساطعًا، وبَعد الفقر غنى، وبعد كل دمعة ابتسامة وفرحة، قلبه يرتوي من مَعين الآيات الكريمة، حتى لكأنه يرى نصر الله وراياته تَخفُقُ في الأفق، وتكبيرًا وتهليلاً تَهتزُّ له أركان الكون، يستمع بقلبه المُرهَف إلى كل المخلوقات تُهلِّل وتكبِّر وتحمَد الله وتسبِّحه، هو يعيش بإيمانه حرًّا أبيًّا لا يستكين ولا يلين، فالله يحب من يكون قويًّا بإيمانه، واثقًا بربه، لا تَهُزه الابتلاءات والامتحانات، كلها مراحل تقرِّبه من سعادته الأبدية، صبر ساعة وسيتحقَّق الوعد الموعود.

لا يَمَل ولا يَكل وهو يحمل هذا الخافق الدائم الاتصال بربه، يتسلَّح بإيمانه، بصلاته، بخشوعه، بدعائه، ببكائه وهو يناجي ربه، فأنى لصوارف الدهر أن تغلِب همَّتَه؟
همة سامقة شامخة؛ ترنو إلى الأفق، وتَشَمُّ عبيرَ سلفٍ عاشوا على خطى الحبيب، واقتدَوا بالرجال الذين علَّموا الدنيا أن الإيمان مدرسة، فيها يتخرَّج أساتذة الحياة الناجحون السائرون على درب مَن أنعم الله عليهم وبلَّغهم الدرجات العلى، أنى له أن ييْئَس ويفكِّر مِثلَ الذين حادت بهم عقولُهم الفارغة عن جادة الطريق فانتحروا؟ يَسخَر من هذه الأفكار التي تَسرَّبت إلى أمته الأبية، كيف ييئس من يَحمِل همَّ هذا الدين؟
كيف يحزن وربُّ الكون يحميه يُرشِده ويَهديه؟ إنه يؤمن إيمانًا راسخًا يَسري في عروقه سريان الدم أنه يؤدي رسالة هي من أعظم الرسالات.
إنها العبودية، إنه عبد لله؛ إن أُعطي شكر، وإن مُنِع صبر، ويعلم علم اليقين أن الله - جل جلاله - يختار له الأفضل والأصلح، وهو أرحم الراحمين.
حدِّث ولا حرَج عن ثقة المسلمين الأوائل بربِّهم، وارفع رأسك عاليًا، واهتف بها في دُجى الليالي وفي مُدلهمّات الأمور: أولئك آبائي وبهم أقتدي، وبرسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي علَّمهم هذا اليقين الذي لا يتزعزع ولا تَزيده الابتلاءات والمِحن إلا ثباتًا وإيمانًا بنصر الله.
وكأني بك أيها المسلم الشامخ الأبي تَهتِف بها في أرجاء الدنيا، تُزلزِل بها أركان الخانعين المستسلمين الواهنين إذا ما لاح لك في أفقهم الضبابي المُكفهِر كلماتهم المُحبِطة المُثبِّطة، التي تزرع الشكَّ والخوف والركون إلى الذلِّ والهوان.
كأني بك تردِّد قول الله - سبحانه وتعالى -:
﴿ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الشعراء: 62]، اجعل هذه الآية الكريمة شعارَك في حلِّك وتَرحالك، ولا تجعل الهواجس أيًّا كانت تُحبِطك أو تزرع الشكَّ بداخلك؛ فإن هذا مُدمِّر قاتل.
وتذكَّر دائمًا أن الله - سبحانه - ينصرك متى ما نصرتَ دينَه، وأَعليتَ كلمة التوحيد، حقِّقها في ذاتك؛ كي تراها حقيقة على أرض الواقع، وأحسِن الظنَّ بالله دائمًا، وكلما رأيت الأمور تجري على عكس ما تشتهي، قل: عساه خيرًا.
جاء في الحديث النبوي الشريف عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم :- ((يقول الله تعالى: أنا عند ظنِّ عبدي بي، وأنا معه إذا ذَكَرني؛ فإن ذكرني في نفسه، ذكرتُه في نفسي، وإن ذكرني في ملأ، ذكرتُه في ملأ خيرٍ منهم، وإن تقرَّب إليَّ بشبر، تقرَّبت إليه ذراعًا، وإن تقرَّب إلي ذراعًا، تقرَّبت إليه باعًا، وإن أتاني يمشي، أتيتُه هرولة))؛ رواه البخاري ومسلم.
كن مسلمًا إيجابيًّا يبني ولا يَهدِم، يحبُّ الخير للكل، يرحَم الضعفاء، ويحنو عليهم، يعطي صورة جميلة عن دينه، يدعو الناس إلى العودة إلى الله بخُلُقه وأفعاله حتى بدون أن يتكلَّم، وهذه أفضل وسيلة للدعوة وأرسخ في أذهان وقلوب الناس.
دع أخلاقك تتحدَّث عنك، وتقول لهم: هذا هو الإسلام والإيمان حينما يسكُن القلوب، وهذا هو حبُّ الله حينما يُترجَم إلى أفعالِ خيرٍ لا تتوقَّف أبدًا، ثمار خير ستجنيها بحسن ظنِّك وثقتك بالله، اجعل حياتك كلها لله، ومع الله، وفي الله، وسترى كيف سيختفي الهمُّ والغم، إنها التجارة مع الله، عندما تُخلِص لله القول والعمل تكون أنت الرابح معنويًّا وماديًّا ودنيا وآخرة، سعادة وطمأنينة لا تنتهي إلا كي تبدأ بشكل آخر في جنات الفردوس، فما السعادة والفرح هنا إلا اسم لأحاسيس ومشاعر ستُدرِك حقيقتها عندما يمنحك الله شرفَ النظر إليه في جنات عدن؛ حيث قال الله - سبحانه وتعالى -: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ [القيامة: 22، 23].

ناطق العبيدي 01-11-2025 07:45 PM

أبدعت أختنا الغالية بما أهديت للمكان ....
دمتي صاحبة قلم ....والانتقاء الرائع
سلامي لك وتحيتي

نهيان 01-11-2025 07:52 PM

جزاكـ الله بخير الجزاء والجنه
باركـ الله فيكـ ونفع بكـ
وجعله في موازين حسناتك
اضعاف مضاعفه لاتعد ولا تحصى

عطر الزنبق 01-12-2025 12:19 AM

اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناطق العبيدي https://www.skoon-elqmar.com/vb/SKOO...s/viewpost.gif
أبدعت أختنا الغالية بما أهديت للمكان ....
دمتي صاحبة قلم ....والانتقاء الرائع
سلامي لك وتحيتي


https://i.pinimg.com/736x/0c/79/cb/0...3d8f2191b5.jpg

عطر الزنبق 01-12-2025 12:19 AM

اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نهيان https://www.skoon-elqmar.com/vb/SKOO...s/viewpost.gif
جزاكـ الله بخير الجزاء والجنه
باركـ الله فيكـ ونفع بكـ
وجعله في موازين حسناتك
اضعاف مضاعفه لاتعد ولا تحصى


https://i.pinimg.com/736x/0c/79/cb/0...3d8f2191b5.jpg

ضي القمر 01-12-2025 05:57 PM

بارك الله فيك وفي طرحك الطيب
جعله المولى في موازين اعمالك ونفع بك
دمت بحفظ الله

روزانا السعدى 01-12-2025 09:15 PM

جزاكي ربي اعلى الجِنان
على جمال موضوعكِ
وحسن الفائده
دمتي في حفظ الرحمن

ملكة الحنان 01-13-2025 12:15 AM

طرح في غايه الروعه والجمال
سلمت اناملك على الانتقاء الاكثر من رائع
لاحرمنا الله جديدك القادم والشيق

عطر الزنبق 01-13-2025 01:03 AM

اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ضي القمر https://www.skoon-elqmar.com/vb/SKOO...s/viewpost.gif
بارك الله فيك وفي طرحك الطيب
جعله المولى في موازين اعمالك ونفع بك
دمت بحفظ الله


https://i.pinimg.com/736x/0c/79/cb/0...3d8f2191b5.jpg

عطر الزنبق 01-13-2025 01:03 AM

اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ضي القمر https://www.skoon-elqmar.com/vb/SKOO...s/viewpost.gif
بارك الله فيك وفي طرحك الطيب
جعله المولى في موازين اعمالك ونفع بك
دمت بحفظ الله




https://i.pinimg.com/736x/0c/79/cb/0...3d8f2191b5.jpg


الساعة الآن 04:18 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.

 ملاحظة: كل مايكتب في هذا المنتدى لا يعبر عن رأي إدارة الموقع أو الأعضاء بل يعبر عن رأي كاتبه فقط

دعم وتطوير نواف كلك غلا