الموضوع: أحوال الوجوه...
عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 01-15-2020, 03:38 AM
عطر الزنبق غير متواجد حالياً
Morocco     Female
Awards Showcase
لوني المفضل White
 رقم العضوية : 1482
 تاريخ التسجيل : 27-05-2018
 فترة الأقامة : 2195 يوم
 أخر زيارة : 05-20-2024 (02:28 PM)
 العمر : 28
 المشاركات : 100,502 [ + ]
 التقييم : 35940
 معدل التقييم : عطر الزنبق تم تعطيل التقييم
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي أحوال الوجوه...



أحوال الوجوه..
بين ثنايا الحياةِ وسراديبها ترى الناسَ يشتغلون بجَمْع المال، وبناء العمارات وشراء الأملاك، فكلُّ واحدٍ منا تراه منهمكًا طولَ النهار وقسطًا من الليل؛ في تلبية حاجاته، ومحاولة تحقيق طموحاته التي لا تكاد تنحصر!
في خِضَمِّ ذلك لا ينسى الإنسانُ أن يهتمَّ بمظهر لباسه، وتحسين شكله، وتثقيف نفسه، وهذا الأمر تطوَّر بتقدُّم الزمن وتطوُّر الحضارة، ولذلك رأيت الإنسان يبحث جاهدًا عن التغيير مِن الحسن إلى الأحسن، واستطاع الإنسان بعلمه وبحثه أن يدخلَ تعديلاتٍ على مسكنه، وطريقة عيشه، وحتى على مستوى جسدِه.
الحال الشاذَّة والرغبة في التحوُّل:
لذا أصبح منهم مَن يرغب في أن يتحول مِن ذكر إلى أنثى، له كامل أساليب الأنوثة وإغراءاتها، وتحقق العكس شيئًا ما، فصارت بعضُ النساء تريد أن يتصف وجهها بمواصفات الخشونة والرجولة، رغبة في تغيير خلق الله! ولما كان الأمر يبدو شبهَ مستحيلٍ لَجأَ مَنْ له جرأة عالية إلى إدخال تعديلات وإصلاحات لا تمتُّ إلى الضرورة بِصِلة، على مستوى الوجه بمساعدة المختصين؛ إذ الوجه هو العنوان الرئيس الدال على الشخصية وجنسها.
الحال الطبيعية وتغيُّر الوجوه حسب المكان والمناخ:
وبقي أغلب الناس على طبيعتهم الحقيقية، ومع ذلك اهتموا بوجوههم أيَّما اهتمام، خصوصًا النساء، حتى إن كُنَّ جميلات، فتعددت المساحيق وأُحْدِثَتْ محلات التزيين، وكثر أطباء التجميل واهتم المختصون بطبِّ الأعشاب بما يصلح لبشرة الوجه، ورأيت أيضًا اهتمام الرجال بوجوههم، فمنهم مَن صار يسدل لحيته، وقد لا يكون ذلك رغبةً في التدين، وإنما لإضفاء سمت الفُحولة مع تحقيق جمالية تعلو المُحيَّا، ومنهم مَن حلقها ليس تقليدًا للنساء، وإنما ليظهرَ بمظهرٍ أنيق جذاب.
ومِن الملحوظ في الكون أنَّ الوجوه تتغيَّر بتغيُّر الأمكنة والمناخ، فوجوه شعب الإسكيمو مثلًا ليست هي وجوه جنوب إفريقيا، ووجوه اليابانيين تختلف اختلافًا بيِّنًا عن وجوه سكان القارة الأوروبية.
ولا غرو أن تكون الوجوه هي المعبر للدخول إلى نفَق النفس البشرية؛ لأنه بالعلم والخبرة صار مَن يعرف شخصية المرء من خلال ملامح وجهه وتقسيماته، وللعوام يتبدى الحزين والسعيد، والشاب والشيخ.
تلك المميزات وغيرها هي ما جعلت الوجهَ منطقةً في الجسد لا تُهان بالصفع، ولا تنتقد تنقصًا؛ لأن صاحبه ليس هو مَن اختار أن يكون وجهُه ذميمًا أو وسيمًا.
اختلاف ملامح الوجوه دليلٌ على قدرة الخالق:
ومهما اختلفت الوجوه فإننا قد نجدُ بعضها يتشابه؛ لنعلم أن الذي صنعها إنما هو قادر على أن يخلقها على شكلٍ واحدٍ، ولكنه اختارَ أن يميِّز بعضها على بعض؛ ابتلاء لذميم الوجه فيصبر، وتذكيرًا لجميل الوجه فيشكر، فالعبرةُ ليستْ بجمال الوجوه، وإنما العبرة باتخاذ الأخلاق الحسنة مركبًا يُبحر به صاحبه في بحر الحياة بسلام؛ لذلك جاء في الأثر أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

((إنَّ اللهَ لا ينظرُ إلى صوركم ولا إلى أعمالكم، ولكنه يَنظُر إلى قلوبكم)).
تلك الوجوه بشتَّى أحوالها وأشكالها وألوانها لا تدلُّ إلا على قدرة الخالق سبحانه وتكريمه للإنسان؛ إذ جعل للوجه مكانًا خاصًّا في أعلى الجسد، فإذا ما قام الإنسان رأيتَ الوجه شامخًا باديًا، يخبر الحاذق اللبيب بأن الوجوه مهما افتقر أصحابها أو اغتنوا، ومهما صغروا أو صاروا شيوخًا، فإنهم لا محالة لهم يومٌ مِن الرضوخ لقوله تعالى:

﴿ وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ ﴾ [طه: 111]، وبعدها
لا مناص من الانتماء إما لفرقة عنوانها قوله تعالى:

﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ
[القيامة: 22، 23]، وإما الانتماء إلى فرقة عنوانها
قوله تعالى:

﴿ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ * تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ﴾ [القيامة: 24، 25].




 توقيع : عطر الزنبق








رد مع اقتباس