الموضوع: يقظة تأمل
عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 05-23-2020, 05:21 PM
د. عبدالله البنين
اثير حلم غير متواجد حالياً
Morocco    
لوني المفضل Blueviolet
 رقم العضوية : 1803
 تاريخ التسجيل : 30-04-2020
 فترة الأقامة : 1821 يوم
 أخر زيارة : 02-09-2022 (11:17 AM)
 المشاركات : 5,099 [ + ]
 التقييم : 3019
 معدل التقييم : اثير حلم has a reputation beyond reputeاثير حلم has a reputation beyond reputeاثير حلم has a reputation beyond reputeاثير حلم has a reputation beyond reputeاثير حلم has a reputation beyond reputeاثير حلم has a reputation beyond reputeاثير حلم has a reputation beyond reputeاثير حلم has a reputation beyond reputeاثير حلم has a reputation beyond reputeاثير حلم has a reputation beyond reputeاثير حلم has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي يقظة تأمل



يقظة المتأمل .. قلم / عبد الله البنين 23 / 05 / 2020
تمر ليلة القدر على الدنيا كغيرها من ليال السنة، في خصوصية مطلقة وفضل عظيم على الحياة وعلى الناس، لكن لها أثر مغاير عن مثيلاتها من الليالي، كما ذكر القرآن الكريم ليستبين الإنسان المؤمن المتأمل خصائص وفضل هذه الليلة العظيمة . وبمرورها على الدنيا تترك أثاراً واضحة وأحداثا متعاقبة وأخباراً مفصلة عامة وشاملة لكل شيء خلقه الله في الكون دون استثناء ، حيث يرى المتأمل أنها الليلة الناسخة، المجددة، الطاوية للأحداث والتغيرات الماضية والآتية على الدنيا، وأن الكون مسير بما فيه بمشيئة أقدار ليلتي قدر ماضية وآتية. وان الله خالق ومدبر الأكوان قادر على تغيير أحوال الدنيا وانتقالها من حال الى حال. وأن المؤمن بالله يقر بقدرة الرب وعظمته في الكون. وان المتأمل متفائل بكل شيء يحدث ويتغير ويظن بالله ظن الخير، حاذر غير متشائم فلا يقبل الظن والشك، ولا يقرب الشُّبهاتِ، ولا ينتظر الوقوع في الزلات،
في نظرة يقظة وتأمل لما حدث ويحدث في هذا العالم بين زمنين متقاربين، يُرى فارق كبير في تغير لنواحي الحياة في وقت قصير وهذا التغير مرده لعلم الله به، فالرب العظيم صانع الأكوان ومدبر الحياة له الفضل والأمر في تسيير الخلق والحياة. فما محاولة العلماء في كافة مجالات ونواحي العلم والحياة بتنوع تخصصاتهم وعلومهم وخبراتهم وأبحاثهم ودراساتهم والمتأملين والعرافين وغيرهم من البشر في معرفة أسرار وخصائص الكون الدقيقة ومشيئة الحياة ما هو إلا مجرد فضول المعرفة اليقيني، للإحاطة وللوصول أو الحصول على ( بعض من كل ) ما في جوانب الغيب المجهول، وهو القدر والرقم الصعب الذي لا يمكن مطلقا بأي حال معرفته أو الوصول إليه أو الحصول على شيء يمكن اكتشافه. ورغم كل هذا الكم المادي العظيم من التقدم وتطور الإمكانات والقدرات والطاقات المادية والعلوم التطبيقية والحسابات والحاسبات الرقمية الدقيقة وغيرها إلا أنها تبقى محاولات قاصرة،عاجزة، حائرة، أمام دقة وعظمة هذا الكون العظيم، فلا يستطيع العالم بإمكاناته وخبراته ومقدراته أن يطلع الغيب ويعلم ما خفي من أسرار وأمور الخلقِ و الحياة ، إلا بقدر الحاجة الممكنة التي يسمح بها الرب لهذا العالم ليعلمه، لتسيير وتصريف شؤون الحياة. فيُسَيّرُ ويُصيَرُ ويدبر الأمرَ كلهُ ويعالجه في السماء. وينزله الى الأرض.
يأتي شهر الصيام هذا العام في ظروف استثانية مغايرة تماما لما شهده العالم في سنوات قبلها، ففي خلال أشهر قليلة سبقت شهر الصيام ومعه، تبدلت أمور حياتية كثيرة وتغيرت تماماً كما هو مقدر لها أن تتغير، على كافة الأصعدة فشملت كل جوانب ومجالات الحياة المتعددة ــ الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ــ وغيرها الكثير، ونقصٍ في الأموال والأنفس والثمراتِ، بحيث أنه ما كان معلوما ومتعارفا عليه حياتيا عليه عند الناس تغير تدريجيا وأخذ مسارا مغايرا متراجعا للوراء فكأنما لم يكن موجود أصلاَ. هذا التغير التدريجي أثار دهشة عند البشر، مما ينذر مع عامل الوقت والزمن، أن أمورا كثيرة في الحياة ستتغير تباعا ، وان ما كان موجودا متعارفا عليه سيختفي بشكل تدريجيا وسيصبح في عالم المنتهي أو في حال العدم. تحقيقا لعدالة الرب في الحياة كما هو الموت والروح والبعث، وأن الله هو المبدئُ والمعيد لكل شيء .هذا الاختفاء التدريجي في عقل المتأمل هو رحمة بالبشر ~ وهو خير من أن يحدث ذلك على حين غِرّة فجأة للبشر، لأن ذلك لو حدث فجأة، فسيكون بمثابةِ صدمةً وكابوساً مرعباً وامرأ مزلزلا، لا يمكن للبشر، أن يتحمل عواقبه. وما أشد من ذلك الأمر إلا أن يستدرج الله الناس لأمر آخر يعلمه.
ليس من داع للتشاؤم والافتراض بأن الحياة ستتبدل على البشر لحال أسوأ، بل على العكس ربما يكون هذا التبدل أو التغير يكون لحال أفضل، وأجمل، ولو أفترض مثلا غير ذلك فليس للإنسان من خيار يختاره إلا أن ينيب ويذعن لواقع الحياة التي يفترضها الرب، لان الإنسان نفسه ليس كفئا أو مؤهلا أصلا لصيرورة الحياة. كما انه غير قادر على تصريف حياته ورزقه إلا بحول الله وقدرته .
في زمن الرفاهية وسعة الرزق يخاف الناس على حياتهم، وهذا أمر طبيعي، كون الرفاهية آتية من الراحة والانبساط ورغد العيش بعيدا عن الكدر. لكن المتأمل يدرك قبل غيره أن كل نائبةٍ أو ضيق يصيب البشر، هو أمر خير في العاقبة ، لأن المتأملَ دائماَ متفائلُ بأن الحياة تسير على ما يرام، وأن البساطة خير من التمادي في الكُلفةِ والإسراف والعبث، آخذا الدروس العظيمة في التأسي والعظة من حياة السلف، والإيمان واليقين بأن مع العسر يسر، ومع الشدة الفرج، وان الأمر ليس راجعا لاختيار البشر. والمتأملون متيقظون في الحياة للأمور، يقظة تامة، وليست يقظة جزئية أو مؤقتة، مدركين بنور الاستقامة واليقين لكل شيء يدور من حولهم .
سؤال أخير : استطاعت الأديان السماوية والأنبياء والرسل أن تقدم خدمة عظيمة لحياة البشر ، فماذا قدم البشر لحفظ كرامة الأديان ؟



 توقيع : اثير حلم


رد مع اقتباس