الموضوع
:
براعة [فِي خَوَاتِمِ السُّوَرِ]
عرض مشاركة واحدة
#
1
09-10-2020, 04:10 PM
SMS ~
لوني المفضل
Blueviolet
رقم العضوية :
1718
تاريخ التسجيل :
08-02-2020
فترة الأقامة :
1921 يوم
أخر زيارة :
12-10-2024 (06:23 PM)
المشاركات :
130,427 [
+
]
التقييم :
102623
معدل التقييم :
بيانات اضافيه [
+
]
براعة [فِي خَوَاتِمِ السُّوَرِ]
هِيَ أَيْضًا مِثْلُ الْفَوَاتِحِ فِي الْحُسْنِ لِأَنَّهَا آخَرُ مَا يَقْرَعُ الْأَسْمَاعَ فَلِهَذَا جَاءَتْ مُتَضَمِّنَةً لِلْمَعَانِي الْبَدِيعَةِ مَعَ إِيذَانِ السَّامِعِ بِانْتِهَاءِ الْكَلَامِ حَتَّى لَا يَبْقَى مَعَهُ لِلنُّفُوسِ تَشَوُّفٌ إِلَى مَا يُذْكَرُ بَعْدُ، لِأَنَّهَا بَيْنَ أَدْعِيَةٍ وَوَصَايَا وَفَرَائِضَ، وَتَحْمِيدٍ، وَتَهْلِيلٍ وَمَوَاعِظَ، وَوَعْدٍ وَوَعِيدٍ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ.
كَتَفْصِيلِ جُمْلَةِ الْمَطْلُوبِ فِي خَاتِمَةِ الْفَاتِحَةِ، إِذِ الْمَطْلُوبُ الْأَعْلَى: الْإِيمَانُ الْمَحْفُوظُ مِنَ الْمَعَاصِي الْمُسَبِّبَةِ لِغَضَبِ اللَّهِ وَالضَّلَالِ، فَفَصَّلَ جُمْلَةَ ذَلِكَ بِقَوْلِه: {الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} وَالْمُرَادُ الْمُؤْمِنُونَ وَلِذَلِكَ أَطْلَقَ الْإِنْعَامَ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ لِيَتَنَاوَلَ كُلَّ إِنْعَامٍ لِأَنَّ مَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِنِعْمَةِ الْإِيمَانِ فَقَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِكُلِّ نِعْمَةٍ; لِأَنَّهَا مُسْتَتْبِعَةٌ لِجَمِيعِ النِّعَمِ، ثُمَّ وَصَفَهُمْ بِقوله: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} يَعْنِي أَنَّهُمْ جَمَعُوا بَيْنَ النِّعَمِ الْمُطْلَقَةِ وَهِيَ نِعْمَةُ الْإِيمَانِ وَبَيْنَ السَّلَامَةِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ تَعَالَى وَالضَّلَالِ الْمُسَبَّبَيْنِ عَنْ مَعَاصِيهِ وَتَعَدِّي حُدُودِهِ.
وَكَالدُّعَاءِ الَّذِي اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ الْآيَتَانِ مِنْ آخَرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَكَالْوَصَايَا الَّتِي خُتِمَتْ بِهَا سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا}.
وَالْفَرَائِضُ الَّتِي خُتِمَتْ بِهَا سُورَةُ النِّسَاءِ، وَحَسُنَ الْخَتْمُ بِهَا لِمَا فِيهَا مِنْ أَحْكَامِ الْمَوْتِ الَّذِي هُوَ آخِرُ أَمْرِ كُلِّ حَيٍّ، وَلِأَنَّهَا آخِرُ مَا نَزَلَ مِنَ الْأَحْكَامِ وَكَالتَّبْجِيلِ وَالتَّعْظِيمِ الَّذِي خُتِمَتْ بِهِ الْمَائِدَةُ وَكَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ الَّذِي خُتِمَتْ بِهِ الْأَنْعَامُ، وَكَالتَّحْرِيضِ عَلَى الْعِبَادَةِ بِوَصْفِ حَالِ الْمَلَائِكَةِ الَّذِي خُتِمَتْ بِهِ الْأَعْرَافُ، وَكَالْحَضِّ عَلَى الْجِهَادِ، وَصِلَةِ الْأَرْحَامِ الَّتِي خَتَمَ بِهِ الْأَنْفَالُ، وَكَوَصْفِ الرَّسُولِ وَمَدْحِهِ، وَالتَّهْلِيلِ الَّذِي خُتِمَتْ بِهِ بَرَاءَةٌ، وَتَسْلِيَتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الَّذِي خُتِمَتْ بِهِ يُونُسُ، وَمِثْلُهَا خَاتِمَةُ هُودٍ، وَوَصْفُ الْقُرْآنِ وَمَدْحُهُ الَّذِي خَتَمَ بِهِ يُوسُفَ، وَالْوَعِيدُ وَالرَّدُّ عَلَى مَنْ كَذَّبَ الرَّسُولَ الَّذِي خَتَمَ بِهِ الرَّعْدَ.
وَمِنْ أَوْضَحِ مَا آذَنَ بِالْخِتَامِ خَاتِمَةُ إِبْرَاهِيمَ {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ} الْآيَةَ.
وَمِثْلُهَا خَاتِمَةُ الْأَحْقَافِ، وَكَذَا خَاتِمَةُ الْحِجْرِ بِقوله: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} وَهُوَ مُفَسَّرٌ بِالْمَوْتِ فَإِنَّهَا فِي غَايَةِ الْبَرَاعَةِ.
وَانْظُرْ إِلَى سُورَةِ الزَّلْزَلَةِ، كَيْفَ بُدِئَتْ بِأَهْوَالِ الْقِيَامَةِ وَخُتِمَتْ بِقوله: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} وَانْظُرْ إِلَى بَرَاعَةِ آخَرِ آيَةٍ نَزَلَتْ وَهِيَ قوله: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} ]الْبَقَرَة: 281]. وَمَا فِيهَا مِنَ الْإِشْعَارِ بِالْآخِرِيَّةِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لِلْوَفَاةِ.
وَكَذَلِكَ آخَرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ وَهِيَ سُورَةُ النَّصْرِ فِيهَا الْإِشْعَارُ بِالْوَفَاةِ، كَمَا أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عُمَرَ سَأَلَهُمْ عَنْ قوله: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} فَقَالُوا: فَتْحُ الْمَدَائِنِ وَالْقُصُورِ. قَالَ: مَا تَقُولُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟ قَالَ: أَجَلٌ ضُرِبَ لِمُحَمَّدٍ نُعِيَتْ لَهُ نَفْسُهُ.
وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْهُ قَالَ: كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِي مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ فَكَأَنَّ بَعْضَهُمْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ، فَقَالَ: لِمَ يَدْخُلُ هَذَا مَعَنَا وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّهُ مَنْ قَدْ عَلِمْتُمْ ثُمَّ دَعَاهُمْ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي قَوْلِ اللَّه: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَمَرَنَا أَنْ نَحْمَدَ اللَّهَ وَنَسْتَغْفِرَهُ إِذَا نَصَرَنَا وَفَتَحَ عَلَيْنَا. وَسَكَتَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، فَقَالَ لِي: أَكَذَلِكَ تَقُولُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟ فَقُلْتُ: لَا، قَالَ: فَمَا تَقُولُ؟ قُلْتُ: هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَهُ لَهُ. قَالَ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} وَذَلِكَ عَلَامَةُ أَجَلِكَ {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي لَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلَّا مَا تَقُولُ.
------------
المصدر :كتاب "الإتقان في علوم القرآن"
لــ :جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي-رحمه الله-
زيارات الملف الشخصي :
1584
إحصائية مشاركات »
المواضيـع
الــــــردود
[
+
]
[
+
]
بمـــعــدل : 67.91 يوميا
انثى برائحة الورد
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى انثى برائحة الورد
البحث عن كل مشاركات انثى برائحة الورد