دموع تمتزج بقطرات المطر..



بعد ميلاد الصبح حركته يد خشنة بقوة..
يجلس يجلس مذعورا وقد ارتسمت حبال الحصير
المهترء على خديه.. بذل قصارى جهده ليرى ما حوله..يشبعه ذلك الفض الغليظ سبا وشتما وركلا ويقول :
ويلك ألم تقم بعد أيها النذل؟
بئس اليم ولدت فيه..تحرك والا هشمت رأسك
اندفعت سيول الحسرات الى قلب الطفل المذعور, مكتفيا بزفرة نفثها من أعماقه كانت هي حصيلة ما
يملك من الدفاع عن نفسه..تناول جلبابه وعصاه التي يهش بها على غنمه..تسير به قدماه حيث لا يريد
, فجأة يجد نفسه أمام عجوز قرب الفرن والدجاجات السارحة..تمد اليه قطعة خبز وزيتون..ترمه
بنظرة حاقدة يشفق على بطنه من صلابة الخبز فيدسها بين الجلباب والقميص, ثم يشد وسطه بحبل
سميك..يطلق صفيرا من بين الجلباب والقميص..يطلق صفيرا من بين شفتيه لتنطلق الغنم في اتجاه الباب
الخارجي
السماء غائمة تنذر بمطر غزيرو والبرد القارس يلسع جسمه الصغير..الرياح تهب والرعد ي
والبرق يكاد يذهب سناه بالأبصار.. وقف الطفل فوق ربوة عالية..يطل على غنمه التي تقضم العشب
المبل , وكلما أثقل المطر صوفها تقف لحظة لتنتفظ ويتطاير من سطحها رذاذ الماء
خف وطأ المطر ولم تبقى الا زفزفة الرياح..تسللت خيوط الشمس من بين شقوق السحب التي بدأت
تتمزق أشلاء في الفضاء..
اتكأ على صخرة ملساء..تناول الناي من بين أسماله ليمزق أحشاء الصمت بنغمات أصغت لها الطبيعة
سار في مؤخرغنمه والليل قد بدأ يرخي سدوله..شيء ما يعذبه..شء ما لا يفارق مخلته..فقد سلبه القدر
أبويه قبل أن يتم عامه الثالث واحتظنه أخوه ليعيش مكروها من زوجته..تسقط من عينيه الدموع, تتكور على
وجهه الشاحب الى أن تستقر على صدره فتمتزج بقطرات المطر.


الكاتب أحمد البوكيلي..