الموضوع: نطفة وطين!
عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 02-20-2022, 05:07 AM
لذة مطر ..! غير متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
SMS ~
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 1962
 تاريخ التسجيل : 20-01-2022
 فترة الأقامة : 1192 يوم
 أخر زيارة : 06-27-2023 (01:08 PM)
 المشاركات : 13,259 [ + ]
 التقييم : 5416
 معدل التقييم : لذة مطر ..! has a reputation beyond reputeلذة مطر ..! has a reputation beyond reputeلذة مطر ..! has a reputation beyond reputeلذة مطر ..! has a reputation beyond reputeلذة مطر ..! has a reputation beyond reputeلذة مطر ..! has a reputation beyond reputeلذة مطر ..! has a reputation beyond reputeلذة مطر ..! has a reputation beyond reputeلذة مطر ..! has a reputation beyond reputeلذة مطر ..! has a reputation beyond reputeلذة مطر ..! has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي نطفة وطين!










نطفة وطين!


بعد أن خُلقنا من طين لازب، كان لا بد لنا من نفحة فيها من روح الله، وما أكرمها وأعظمها من روح سرت في هياكلنا الترابية، فدبت في أوصالنا الحياة، وانتفضت ذراتنا فتحولنا لطينٍ ناطق، يسبح ويكبر وينجب الحياة!



ولأننا خُلقنا بإتقان ظننا أن عقولنا المتينة من صنعنا فصرنا كمن قال: ﴿ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ﴾ [القصص: 78]، أو لم نعلم أننا من ماء مهين وعلقة وطين؟!



أتدرون لم خُلقنا من طين؟!


لأننا في نفوسنا شيء من الكبْر لا يداويه إلا احتقار النفس، يوم أن كنا نطفة تُقذف للحياة، فيلتقطنا القدر ويرعانا في قرار مكين، فيكسو عظامنا لحمًا، ثم ينشئنا خلقًا آخر؛ ﴿ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾ [المؤمنون: 14].



هذا اللغة نفهمها جيدًا، وقد خاطبنا بها صانعنا والخبير بأسرار تركيبنا؛ فقال: ﴿ أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ ﴾ [يس: 77]، تلك النطفة هي البذرة التي تفتَّق منها الطين فخرجنا نحن من بين طين ونطفة، بشرًا سائغًا للحياة.



ولأن الإنسان فيه من النسيان؛ غابت عنه الحقيقة أو تناسها، لكن يبقى التراب مصيره الموعود، يلوح أمامه من حين لآخر، يذكره بضعفه وأصله: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ﴾ [الروم: 54]، هذا نحن قوة يطبق عليها ضَعفين، وروح بين نطفة وطين.



نحن في رحلة لا تنتهي مع التراب، منها خلقنا، وإليها نعود، ومنها ينبتنا الله إنباتًا.



أوليس الله القائل: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ﴾ [الإسراء: 70]؟!



لا شك أنه سبحانه كرمنا أفضل التكريم، لكن هذا لا يعني أن نفتخر بمادتنا التي خلقنا منها، إنما بصانعنا الذي أبدع وأودع فينا ما هو أرقى من الجسد؛ إنها الروح.



ومع ذلك يبقى الطين منتصرًا على النار والنور.



ألسنا أفضل من الملائكة إن نحن آمنا وأطعنا؟ أولسنا أفضل من مخلوق النار، حين قال: ﴿ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ﴾ [الأعراف: 12]، ذلك التعالي على الطين، كان موجبًا للعنة والخسارة، وذلك الطين سجد له الملائكة المقربون.



ليتنا نعود بذاكرتنا؛ حيث لا ذاكرة وقتها عندنا، يوم أن كنا النطفة الناجية، كنا وقتها نصارع من أجل البقاء، كنا نبحث عن حضن ينتشلنا من العتمة والمجهول، كنا نسبح في ظلام دامس، فامتدت يد كريمة من السماء فأخرجتنا إلى النور، وصانتنا ورعتنا في رحم الحياة، وجادت علينا برزق وأمَد، وشقَّت أعيننا لنبصر النور، وآذاننا لنسمع تغاريد الطيور، وزرعت فينا قلبًا يتسع للعالم، وعقلًا يفوق المعقول.









رد مع اقتباس