08-30-2023, 09:18 AM
|
|
|
لوني المفضل
White
|
رقم العضوية : 1482 |
تاريخ التسجيل : 27-05-2018 |
فترة الأقامة : 2525 يوم |
أخر زيارة : اليوم (01:08 PM) |
العمر : 29 |
المشاركات :
111,407 [
+
]
|
التقييم :
40306 |
معدل التقييم :
 |
بيانات اضافيه [
+
] |
|
|
|
الوَاعِـظُ الصَّامِت.
كم من صديقٍ وقريبٍ فقدناه ! وكم مِن شخصٍ نعرفُه ، كان معنا في الصباح ، ونُعزِّي فيه في المساء . ثوانٍ تُفرِّقُ بيننا وبينهم ، فنفقدهم .
ليتنا إنْ مِتنا انتهينا ، ولكنْ ماذا بعد الموت ، مِن حسابٍ وعقابٍ وبعث .. ألَا يكفي به واعِظًا لنا ، فنستعد ؟! حياةٌ زائلة ، والمَنِيَّةُ سُنَّةُ الحياة .
ï´؟ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ï´¾ المؤمنون/99-100 .
لا يستأذِنُ ، يَقصِمُ الظُّهورَ ، ويُخرِجُ الناسَ مِن الدُّور ، ويُنزِلُهم مِن القصور ، ويُسكِنُهم القبور . فتذكَّر ذلك المَسكَن ، واحمل زادًا يُبلِّغُكَ ما بعده .
في الحديث : (( إنَّ القَبرَ أوَّلُ مَنازِلِ الآخِرةِ ، فإِنْ نَجَا مِنهُ ، فمَا بَعدَه أيسرُ مِنهُ ، و إنْ لَم يَنْجُ مِنهُ ، فمَا بَعدَهُ أشَدُّ مِنهُ )) صحيح الجامع ، فأعِدُّوا له ما يُنجيكم .
ï´؟ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ï´¾ آل عمران/185 . ليس نهاية الحياة
مهما بذل الإنسانُ من أسباب الصحة والنشاط ، فهو ميت ، وأينما كان ، فإنَّ الموتَ يُدركه ، وحيثما فرَّ من الموت ، فإنه سيجده مُقابل وجهه .
ï´؟ قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ï´¾ الجمعة/8 . أينما كنتم يُدرككم المَوت ، وماذا بعد الموت ، حِسابٌ وعِقاب .
الإنسانُ عند الموت يُشاهد ما تُوُعِّدَ به ، وما وُعِدَ به ؛ إنْ كان مُؤمنًا بُشِّرَ بالجنة ، وإنْ كان كافِرًا بُشِّرَ بالنار ،
المَوتُ لا بد منه ، ولا مَحيد عنه ، ثم إلى الله المَرجِع ، فمَن كان مُطيعًا له ، جازاه أفضلَ الجزاء ، ووافاه أتَمَّ الثواب . ومَن عصاه ، استحق عذابَه .
المَوتُ بابٌ وكُلُّ الناسِ داخِلُهُ .... ألَا لَيتَ شِعري بعد المَوتِ ما الدَّارُ الدَّارُ جَنَّةُ خُلدٍ إِنْ عَمِلتَ بما .... يُرضِي الإِلَــهَ وإِنْ قَصَّـــــــرتَ فَالنــارُ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : (( أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ )) صحيح الجامع ؛ يَعْنِي : الْمَوْتَ .
ذِكرُه المَحمود هو الذي ينهاك عن الانهماكِ في لَذَّاتِ الدُّنيا ، ويَحملكَ على الاستعداد له وما بعده ، فتَجِدُّ في طلب الآخرة ،
ذِكرُه المذموم هو الذي يقطع عن مصالحه في مَعاشه ومعاده ، ويُصيبه بالإحباط أو الجبرية في أفعاله . فيقول : أنا سأموت ،
مَن أكثر ذِكرَه ، أكرمه اللهُ بثلاث : تعجيل التوبة ، وقناعة القلب ، ونشاط العبادة ، ومَن نسيه ابتُلِيَ بثلاث : تسويف التوبة ، وترك الرِّضا ، والتَّكاسُل بالعِبادة .
ليَكُن مُحفِّزاً على الطاعةِ والتوبة ، ولا تجعل خوفَكَ منه يُسبِّبُ قلقاً ، أو وساوس ، ويُقعِدُكَ عن العمل والطاعات ، ويَمنعُكَ مِن الكَسبِ ومَعاشك .
ليَكُن تذكِرةً لَكَ ، لا عليك ؛ تُحسِنُ الظَّنَّ برَبِّكَ تعالى ، وأنَّه لا يَظلِمُ الناسَ شيئاً ، وأنَّه تعالى يُضاعِفُ الحسنات ، ويَعفو ويَصفح ، فأقبل عليه بتوبة .
إيَّاكَ والقُنُوطَ من رحمة الله ، واجمع في قلبِكَ بين الخوفِ منه وبين رجائه ، فالخوفُ والرَّجاءُ حالُ الأنبياء
والصالحين ، يدعونه خَوفًا وطَمعًا .
لا تسأل نَفْسَكَ متى تموت ؟ بل على أيِّ شيءٍ تموت ؟ على خَيرٍ أم شَرٍّ ؟ على طاعةٍ أم مَعصية ؟ على الإسلامِ أم على الكُفر ؟ تَفَكَّر في لِقاءِ رَبِّكَ .
لا تسأل على أيِّ حال تموت ؟ هل أنتَ غَنِيٌّ أو فقير ؟ أو قويٌّ أو ضعيف ؟ أو ذُو عِيالٍ أو عقيم ؟ بل على أيِّ حالٍ تموتُ في العمل ؟ فهو رفيقُكَ في قبرك .
كم مِن إنسانٍ خَرَجَ من أهله يقولُ : هَيِّئُوا لي طعامَ الغَداء ، ولكنْ لم يأكله ! وكم مِن إنسانٍ لَبِسَ قيمصَه ، وزَرَّ أزَرِّتَه ، ولم يَفُكّها إلَّا الغاسِلُ يُغَسِّلُه !
الدُّعاءُ بطُولِ العُمُرِ جائِز ، على أن يكونَ في طاعةِ الله ، وحُسنِ العمل ؛ إذ لا خَيرَ في طُولِ العُمُرِ مِن غير توفيقٍ لأعمالٍ صالحةٍ ، بل زيادة حِساب .
الأعمارُ والأرزاقُ مكتوبةٌ في الَّلوحِ المَحفوظِ لا تتبدَّل ، لكنَّ اللهَ جَعَلَ لها أسبابًا تَطُولُ بها الأعمارُ ، أو يُبارك
المُسلِمُ لا يدري ما كُتِبَ له ، لكنَّه يَبذل أسبابَ الحِفاظِ على حياته ، ويبذل أسبابَ تحصيلِ الرِّزق والمَعاش ، ويَستعِدُّ لآخرتِهِ ، لعلَّ اللهَ أن يَرحمَه .
المَعاصي سَببٌ لِمَحق بركةِ الرِّزق والعُمُر ، وسببٌ للشقاوةِ في الدَّارين ، وعذابِ القبر ، وغَضَبِ الرَّبِّ . فتذكَّروا الواعِظ الصَّامِت ( المَوت ) وما بعده .
لَعَلَّ بتذكُّرِكَ لِلقاءِ رَبِّكَ ، وصِدق سَعيكَ فيه ، أن تُوَفَّقَ لعملٍ فيه مِن الخير في العُمُرِ ولو قَصُر ، ما يُعمَلُ في العُمُرِالطويل ،
واللهُ يُضاعِفُ لِمَن يشاء .
|