الموضوع: ضمائر ميتة.. .
عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 11-24-2023, 10:20 PM
عطر الزنبق غير متواجد حالياً
Morocco     Female
Awards Showcase
لوني المفضل White
 رقم العضوية : 1482
 تاريخ التسجيل : 27-05-2018
 فترة الأقامة : 2194 يوم
 أخر زيارة : 05-20-2024 (02:28 PM)
 العمر : 28
 المشاركات : 100,502 [ + ]
 التقييم : 35940
 معدل التقييم : عطر الزنبق تم تعطيل التقييم
بيانات اضافيه [ + ]
Yy56 ضمائر ميتة.. .



ضمائر ميتة.

حينما يموت الضمير، تموت معه الكثير من الأشياء، وتصبح بلا لون أو معنى ومباحة، ويصبح معها الإنسان مجرد هيكل جامد، فارغ، صداه في داخله فقط! موت الضمير مشكلة هو، يعانى منها من تطاله خيوط الأفكار المسمومة الممزوجة بازدواجية السلوك، ومشكلة أكبر يصبح حينما يتعارض مع قيم الحياة والأخلاق والإنسانية بشكل لافت للنظر.
جلست مع نفسي أفكر وسرحت بخيالي إلى كل ما يحدث في واقعنا، فقلت أصبح إنسان هذا الزمان غير مفهوم، مبهم التصرفات، مزدوج الميول، غير آبه بأحد، بحيث أصبح همه الأكبر ذاته فقط (طبعا بنسبة)! لا نعلم هل الحياة بتطوراتها هي من تفرض عليه هذا، أم الحاجة تدفعه، أم هو بات من نفسه يمشي عكس التيار، ولا يعطي للحياة مقامها الذي لابد أن تكون فيه، ليكون هو فيها.
لو نظرنا نظرة خاطفة للأحداث الحاصلة حولنا بمجملها بدون تمييز، سنرى فيها أن الضمير الإنساني عند موته، يلعب دوره ببراعة، ويلهو فوق جثث الآخرين، موسعا في حياته من المباحات وراكنا إليها! كما نراه يسعى بشكل فعلي إلى: كلام الزور، الخيانة، التدمير، تزييف التاريخ، هدم الحقيقة، المشاكل، القتل، الحروب الغير مبررة، تدمير بيوت الله، السلوكيات الغير أخلاقية، هون الكثير من الأشياء والأمور ....الخ، جميع هذه المصائب تتوالى على البشرية بسبب الإنسان وموت ضميره! مع الأسف بات الضمير عملة نادرة وبات الإنسان مجرد خادم لرغباته، والمصالح أصبحت هي الغالبة والمسيطرة، والاستغلال والنفاق بات شعار الكثيرين للوصول إلى مآربهم! أصبحت الازدواجية في الأقوال والأفعال جزء لا يتجزأ من حياة الكثيرين!
وربما قد لا تكون هذه هي الأسباب الوحيدة، فهناك الحالات النفسية الناتجة بسبب الأحداث المارة في الحياة، هي الأخرى تلعب دورها في داخل البعض وتدفعهم إلى طريق آخر غير طريقهم، يسلكونه عند غياب الفكر، وقد يفيقون بعد حين أو يستمرون عليها، ومع ذلك هي ليست مرتكزات للوقوف عليها، فكل شيء في الحياة له دوره ومرحلته وينتهي!
ولكن أن واجهت أي واحد بفعلته التي لا تمد لإنسانة بصلة، تراه يبرر تصرفه بأن الدنيا تغيرت، والزمان لم يعد ذاك الزمان، والإنسان تغير! ولكن هي ليست مبررات مقنعة للسير عكس التيار، هذه جميعها لا تعطي الحق لأيًا كان أن يمارس عجرفته على الآخرين! لكل إنسان عقل يفكر وقدرة تعمل وتميز بين الصنفين، وهذا الضمير هو أنت الثاني الذي يحاورك ويتحدث معك ويقيمك ويرشدك إلى الصواب حينما تفتح أذنيك وقلبك له، وعكس ذلك فأنت ضائع في دروب الحياة بدونه.
أنت يا إنسان بهذه الثقافة المصطنعة تبني قاعدة هشة للأجيال القادمة، أنت تظهر لهم بأن الإنسانية هي مجرد كلمة لا رديف لها، أنت تحول إنسانك مع الزمن إلى مجرد حجارة لا تحس ولا تشعر بل تضرب بها الآخرين، أنت بهذا تُلغي الحواجز بين المُباحات والمُحرمات وتجعلها تضيع مع بعضها البعض، أنت تخلط الحابل بالنابل، أنت بهذا تعمي القلوب وتخرس الألسن وتفتح الأفواه على كلام لا معنى له، أنت بهذا تواكب تطورات العصر ولكن تجاملها لا تتقنها، تعيش في كهوف الماضي!
إذن مشكلة البشرية أنها لا تقف على إنسانيتها وتعطي للضمير حقه، أصبح معظم البشر على حسب أهوائهم يشكلون حياتهم وحياة الغير، يفرضون فكرهم الجامد والمنحرف ومن ثم يدعون الكمال والاستقامة والصواب، أصبح ميزانهم متأرجح ما بين الخير والشر! ألا تتفقون معي، بأن الإنسان أذا أعطى قيمة لذاته وأحبها كذات إنسانية لكانت حياته معزوفة فريدة من كمان فريد، ولكانت مجريات حياته كجدول ماء صافي عذب، ولكانت مدن حياته تسكنها حمامات بيضاء تعانق نسيمات الصباح، ولكانت طعم سنين عمره كطعم عصير الرمان.




 توقيع : عطر الزنبق









آخر تعديل عطر الزنبق يوم 11-25-2023 في 01:16 PM.
رد مع اقتباس