عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 11-24-2023, 10:59 PM
عطر الزنبق غير متواجد حالياً
Morocco     Female
Awards Showcase
لوني المفضل White
 رقم العضوية : 1482
 تاريخ التسجيل : 27-05-2018
 فترة الأقامة : 2194 يوم
 أخر زيارة : 05-20-2024 (02:28 PM)
 العمر : 28
 المشاركات : 100,502 [ + ]
 التقييم : 35940
 معدل التقييم : عطر الزنبق تم تعطيل التقييم
بيانات اضافيه [ + ]
Yy56 الأسلوب هو الشخص نفسه.





الأسلوب هو الشخص نفسه.


قد تختلف عن الناس في أسلوبك لكنك قد تصل اليهم بأسلوبك، فهو مفتاحك لعقل البشرية، فمتى كان طرح الأفكار عن ايمان وتصديق بها واقتناع بها، كلما وصلت الرسالة المتوخاة منها بأسلوب أنيق، بليغ، مؤثر، فكما يقول المثل الانجليزي أن ” الطائر يعرف من تغريدته، والرجل من كلامه”.
فاختيارك للكلمة تجعلها تتحدث عنك في غيابك، فالقول الحسن يجذب القلوب والعقول وقد أوصى به الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز، في الآية 21 من سوره ا لاسراء
{وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ان الشيطان ينزغ بينكم}، وقد قيل أن بائع العسل سأل بائع الخل، لماذا يقبل عليك الناس ويدبرون عني، فأجابه: انني أبيع الخل بلسان من عسل، وأنت تبيع العسل بلسان من خل.
فأول الحرب كلمة، وأول الخصام والعداء كلمة، وكل اناء بما فيه ينضح، فمتى كانت طيبة تركت أثرا طيبا، ومتى كانت فظة جعلتك منبوذا مكروها متروكا، فقد قال تعالى في الآية 321 من سوره ال عمران (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك)، فأسلوب طرح الموضوع والحديث والكلمة هو الذي يحكم على كيفية تلقيها، فكما قال ونس تون تشرشل:” نحن سادة كلمات لم تنطق، ولكننا عبيد تلك التي تركنا ألسنتنا تزل بها، وأن الأسلوب دائما هو الذي يجعلنا نكمل الحديث مع أحدهم أو نتجنبه تماما .”
فالكلمة رسالة من صاحبها الى الناس أو الى فئة منهم بحسب موضوعها، فليختر صاحبها أسلوبا مناسبا في طرحها في احترام تام للجميع دون اهانة أو مذلة أو تنقيص، أو غطرسة أو نبرة صوت غليظة، فقد قال الفيلسوف الألماني نيتشه” كثيرا ما نرفض فكرة ما لمجرد ان النبرة التي قيلت بها تثير النفور”.
والأسلوب ما لم يكن موزونا، رصينا، حكيما في مضمونه، فانه لن يبرح فاه صاحبه أو قلمه، اذ لا بد لصاحبه من رصيد علمي ومعرفي، ولابد له من بناءه بتجاربه، المتراكمة في الحياة بحلوها ومرها والعلم هو شحنة الكلمات ومنبع المفردات والافكار والحكم فتثقيف النفس بالعلم والخبرة والتجارب هو الزاد لتحديد الاسلوب الخاص بكل فرد يصقله بموهبة تجعله متميزا.
وفي العلم قال امامنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه” المال تحرسه أنت، أما العلم فيحرسك”، فهي حكمة عميقة تنم عن ارتباط العلم بصاحبه وبقائه ما بقي، فهو ليس كالمال اذا أغفلت عنه ولم تحرصه ضاع واندثر، أما العلم الذي نهلته، فاغفل عنه ما غفلت، وابتعد عنه ما ابتعدت، وتجاهله كما شئت فانه يحرسك ولصيقك الى اللحد، فمتى احتجته تفاجئت به يمطرك بغزارة في وقت ظننت أنك نسيته، لأنه لم ينساك، فتجده قد رفعك بين الخلق عند جلوسك فكما قيل” لباسك يرفعك قبل جلوسك وعلمك يرفعك بعده”.

ان الاسلوب هو الذي يترجم حقيقة الانسان ويكشف عن ذاتيته وأسراره ومكنوناته وسلوكه، ويتحدث عنه في حضوره وغيابه، فالسلوك الخلوق، الجميل الطيب، كاسلوب لصاحبه هو مفتاحه لقلوب وعقول الناس، والتعامل هو أساس الدين فانما الدين معاملة.
والاسلوب فن اصغاء و انصات وليس فقط فن كلام وكتابة، فهو فن نقاش وعدم تعصب للرأي.




 توقيع : عطر الزنبق









آخر تعديل عطر الزنبق يوم 11-25-2023 في 01:11 PM.
رد مع اقتباس