بسم الله الرحمن الرحيم
ها قد انقضى رمضان فخاب وخسر من لم يغفر له وفاز الفوز العظيم من تنزلت عليه الرحمة ونال
رضا الله سبحانه وتعالى .
انقضى الشهر وكأن الايام كانت لحظات , تذكَّر ترقُّب الناس له , وتلهف المؤمنين إليه ,
وشوق الأبرار , واغتمام الفجار , واستعداد الصالحين والأخيار , وتراءى الهلال .
وكأن هذا كله كان لحظة وانقضت
وهكذا العمر يمر , فيربح فيه الكيِّس الفطن , ويخسر فيه من كان من نفسه قد غُبن .
أتذكر أيام الخيرات , وتنزُّل النفحات والرحمات والبركات , أتذكرشيوع الخيرات وانحسار الموبقات وقلة المنكرات .
أما تذكر ما عشت فى هذا الشهر من معالجة النفس من الآفات , وحثها على الطاعات والقربات , لنيل رضا
رب الأرض والسماوات .
أما سمعت فى هذا الشهرالقرآن وذقت بسببه لذة الإحسان ووقوفك بين يدى الرحمن ترجو الرضوان
ودخول الجنان وتحريم النفس على الحميم الآن .
أما وقفت الساعات الطوال بين يدى الكبير المتعال , وفى الصيف القصير الليال تاركا المنام ولذيذ
الطعام زاهدا فى الشهوات معرضا عن المحاب راجيا محبة الملك العظيم ورحمة الرحمن الرحيم وفضل الرب الكريم .
كل هذا قد فات ولم يبق إلا الصحف , فيها الحسنات وفيها السيئات , فيها اليقظة والغفلات .
كل هذا قد فات , فات التعب والنصب والغفلة والكسل وبقى ما قد كُتب فى صحيفة العمل .
ذهب الجوع والعطش وبقى أجر مدخر لك عند ربك يوفيك إياه يوم تلقاه .
فضلا عما استشعره المسلمون من عون ربهم فى الصيام رغم طول النهار وشدة الحر
فالعمر قصير والزاد قليل والسفر طويل , فى الجنة أحسن المقيل , وفى النار الماء الحميم والعذاب الأليم
والعياذ بالله تعالى .
قد انقضى رمضان وولى , وقد قيل فيه لشياطين الجن والإنس كلا وألف كلا , ونودى أن حى على الدرجات العلى
ليكن رمضان زادك إلى رمضان
كلما استحضرت ما كان فيه من الخير كلما ازددت فى الطاعة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان
مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر " رواه مسلم