عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 12-31-2020, 04:17 AM
شايان متواجد حالياً
Palestine     Female
SMS ~



Awards Showcase
لوني المفضل Blue
 رقم العضوية : 1716
 تاريخ التسجيل : 08-02-2020
 فترة الأقامة : 1545 يوم
 أخر زيارة : يوم أمس (04:50 PM)
 الإقامة : اجمل بلاد الارض فلسطين
 المشاركات : 160,387 [ + ]
 التقييم : 180205
 معدل التقييم : شايان has a reputation beyond reputeشايان has a reputation beyond reputeشايان has a reputation beyond reputeشايان has a reputation beyond reputeشايان has a reputation beyond reputeشايان has a reputation beyond reputeشايان has a reputation beyond reputeشايان has a reputation beyond reputeشايان has a reputation beyond reputeشايان has a reputation beyond reputeشايان has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]
من مداخل الشيطان : حب الدنيا



مداخل الشيطان

حب الدنيا



لقد زين الشيطان الدنيا وزُخرفها في قلوب كثير من الناس، فركنوا إليها واطمأنوا بها، بل وعضوا عليها بنواجذهم، ونشبوا فيها أظفارهم، ففيها يعادون، وعليها يتنافسون، ومن أجلها يتباغضون ويتحاسدون، ونفذ فيهم إبليس خطته؛ حيث قال: ﴿ قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [الحجر: 39]، ويا أسفاه لقد اتبعوه وأطاعوه إلا من اعتصم بالله ولجأ إليه، ورمى الدنيا خلف ظهره: ﴿ وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [سبأ: 20].


ولو عرَف الناس حقيقة الدنيا ما أقاموا لها وزنًا، ولا جعلوا لها في قلوبهم مكانًا، ولا على ألسنتهم ذكرًا، والله خالفها قد بين حقيقتها، فقال: ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [الحديد: 20].

فالحياة لعب ولهو وزينة، والعاقل من جعلها مزرعة للآخرة، ولذلك نادانا الله تعالى بعد هذه الآية قائلًا: ﴿ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الحديد: 21]، وكما حذرنا الله من الدنيا حذَّرنا منها رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا.

فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ»[1].

وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافًا، وقَنَّعَهُ اللهُ بِمَا آتَاهُ»[2].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتًا»[3]، وفي رواية «كَفَافًا»؛ رواه البخاري، ومسلم، والترمذي، وابن ماجه.

وعن عبدالله بن الشِّخير رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ: ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ﴾ [التكاثر: 1]، قال: «يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: مَالِي، مَالِي، قَالَ: وَهَلْ لَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مِنْ مَالِكَ إِلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ؟»[4].

وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بالسوق والناس كَنَفَتَهُ، فمر بجدي أَسَكَّ ميت، فتناوله فأخذ بأذنه، ثم قال: «أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنَّ هَذَا لَهُ بِدِرْهَمٍ؟»، فقالوا: ما نحب أنه لنا بشيء، وما نصنع به؟! قال: «أَتُحِبُّونَ أَنَّهُ لَكُمْ؟»، قالوا: والله لو كان حيًّا لكان عيبًا فيه؛ لأنه أسك، فكيف وهو ميت؟! فقال: «فَوَاللهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللهِ، مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ»[5].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ، مَلْعُونٌ مَا فِيهَا، إِلَّا ذِكْرُ اللَّهِ وَمَا وَالَاهُ، وَعَالِمٌ أَوْ مُتَعَلِّمٌ»[6]؛ رواه ابن ماجه والبيهقي والترمذي.

وعن عمرو بن عوف الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ؛ كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ»[7]؛ رواه البخاري ومسلم.

ولقد طغى حب الدنيا في قلوب بعض الناس حتى عبدوها من دون الله، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ، وَعَبْدُ الخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ»[8].

ولو عرفوا قيمتها بالنسبة للآخرة لرفضوها وطلبوا الآخرة.

فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَاللَّهِ مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مِثْلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ هَذِهِ -وَأَشَارَ يَحْيَى بِالسَّبَّابَةِ- فِي الْيَمِّ، فَلْيَنْظُرْ بِمَ يرْجِعُ؟»[9].

وفي «صحيح البخاري» عن سهل رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الجَنَّةِ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا»[10].

ورُوي عن الحسن البصري أنه قال: رحم الله أقوامًا، كانت الدنيا عندهم وديعة فأدوها إلى من ائتمنهم عليها ثم راحوا خفافًا.

وقال أيضًا رحمه الله: من نافسَك في دينك فنافِسه، ومن نافسك في دنياك، فألقها في نحره.

ورُوي عن علي رضي الله عنه أنه قال: مَن جُمِعَ فيه ست خصال لم يدع للجنة مطلبًا، ولا عن النار مهربًا: من عرف الله فأطاعه، وعرف الشيطان فعصاه، وعرف الحق فاتبعه، وعرف الباطل فاتقاه، وعرف الدنيا فرفضها، وعرف الآخرة فطلبها.

وقال أيضًا في وصف الدنيا: هي دارٌ مَنْ صح فيها سقم، ومن أمن فيها ندم، ومن افتقر فيها حزن، ومن استغنى فيها افتتن، في حلالها الحساب، وفي حرامها العقاب.

وقال مالك بن دينار: بقدر ما تحزن للدنيا يخرج همُّ الآخرة من قلبك، وبقدر ما تحزن للآخرة يخرج هم الدنيا من قلبك.

وقال الحسن: والله لقد أدركت أقوامًا كانت الدنيا أهون عليهم من التراب الذي تمشون عليه، ما يبالون أشرقت الدنيا أم غربت، ذهبتْ إلى ذا أو ذهبت إلى ذا.

وقال بعضهم: يا بن آدم فرحت ببلوغ أملك، وإنما بلغته بانقضاء أجلك، ثم سوفت بعملك كأن منفعته إلى غيرك.

وقال الحسن: لا تخرج نفس ابن آدم من الدنيا إلا بحسرات ثلاث: أنه لم يُشبع مما جمع، ولم يُدرك ما أمَّل، ولم يُحسن الزاد لما يقدم عليه.

وقال أبو سليمان: لا يصبر عن شهوات الدنيا إلا من كان في قلبه ما يشغله بالآخرة.

وقال مالك بن دينار: اصطلحنا على حب الدنيا فلا يأمر بعضنا بعضًا، ولا ينهي بعضنا بعضًا، ولا يدعنا الله على هذا، فليت شعري! أي عذاب الله ينزل عليها؟!

وقال الشافعي رحمه الله: الدنيا دار مذلة، عمرانها إلى الخراب صائر، وساكنها إلى القبور زائر، شملها على الفرقة موقوف، وغناها إلى الفقر مصروف، الإكثار فيها إعسار، والإعسار فيها يسار، فافزَع إلى الله وارضَ برزق الله، لا تتسلف من دار فنائك إلى دار بقائك، فإن عيشك ظل زائل، وجدار مائل، أكثر من عملك، وأقصر من أملك.

وقال علي رضي الله عنه: أوصيكم بتقوى الله، والترك للدنيا التاركة لكم إن كنتم لا تحبون تركها، المبلية أجسامكم وأنتم تريدون تجديدها، فإنما مثلكم ومثلها كمثل قوم في سفر سلكوا طريقًا وكأنهم قد قطعوه، فلا تجزعوا لبؤسها وضرائها، فإنه إلى انقطاع، ولا تمرحوا لمتاعها ونعمائها، فإنها إلى زوال، عجيب لطالب الدنيا والموت يطلبه، وغافل وليس بمغفول عنه، وقد قيل:
نَسِيرُ إِلَى الآجَالِ فِي كلِّ لَحظَةٍ

وَأَيَّامُنَا تَمْضِي وَهُنَّ مَرَاحِلُ

وَلَمْ أَرَ مِثلَ المَوتِ حقًّا كَأنَّه

إِذَا مَا تَخَطَّتهُ الأمَانيُّ بَاطِلُ

وَمَا أَقْبَحَ التَّفْرِيطِ فِي زَمَنِ الصِّبَا

فَكَيفَ بهِ وَالشَّيبُ للرَّأسِ شَاغِلُ

تَرْحَلُ منَ الدُّنيَا بِزادٍ منَ التُّقَى

فَعُمُركَ أَيَّامٌ وَهُنَّ قَلَائلُ


وقال الإمام البخاري رحمه الله:
اغْتَنِمْ فِي الفَراغِ فَضْلَ رُكُوعٍ

فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مَوْتُكَ بَغْتَةً

كَمْ مِنْ صَحِيحٍ مَاتَ مِن غَيْر سَقَمٍ

ذَهَبتْ نفسُه الصَّحِيحةُ فَلْتَة[11]



وقيل أيضًا:
ألَا إِنَّما الدُّنيَا كَأَحْلَام نَائِمٍ

وَمَا خَيْرُ عَيْشٍ لَا يَكُونُ بِدَائِم

تَأَمَّلْ إِذَا مَا نِلْتَ بِالأَمْسِ لَذَّةً

فَأَفْنَيتَهَا هَل أَنتَ إلَّا كَحَالِم!


واعلم أن حب الدنيا إذا طغى على القلب، فتح للشيطان بابًا آخر ألا وهو: طول الأمل.





[1] رواه مسلم رقم (2742) في «الذكر والدعاء» باب أكثر أهل الجنة الفقراء.

[2] صحيح: رواه مسلم رقم (1054) في «الزكاة» باب الكفاف والقناعة، والترمذي رقم (3349) في «الزهد» باب ما جاء في الكفاف، وابن ماجه (4138) في «الزهد» باب القناعة، ورواه أحمد في «المسند» (2/ 168، 172) والحاكم في «المستدرك» (4/ 123).

[3] متفق عليه: رواه البخاري (6460) في «الرقاق» باب كيف كان يعيش النبي صلى الله عليه وسلم، ومسلم (1055) في «الزكاة» باب في الكفاف والقناعة.

[4] رواه مسلم رقم (2958) في «الزهد» في فاتحته.

[5] رواه مسلم رقم (2957) في «الزهد» في فاتحته، ورواه أحمد في «المسند» (3/ 365).

[6] حسن: الترمذي (2322) في «الزهد» باب ما جاء في هوان الدنيا، وابن ماجه (1412) في «الزهد» باب مثل الدنيا، وحسنه الألباني في «صحيح الجامع» (3414).

[7] متفق عليه: رواه البخاري (3158) في «الجزية والموادعة» باب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب، ومسلم رقم (2961) في «الزهد» في فاتحته.

[8] صحيح: رواه البخاري رقم (2887) في «الجهاد والسير» باب الحراسة في الغزو في سبيل الله.

[9] صحيح: رواه مسلم رقم (2858) في «الجنة» باب فناء الدنيا.

[10] صحيح: رواه البخاري رقم (6415) في «الرقاق» باب مثل الدنيا في الآخرة، وروى آخره مسلم رقم (1880) في «الإمارة» باب فضل الغدوة والروحة في سبيل الله.

[11] انظر: هدي الساري (481)





رد مع اقتباس