كنت يوما ماشية في شوارع المدينة...فرأيت شخصا من بعيد بدا لي مجهول الهوية...اقتربت منه فإذا به طفلة قوقازية...صفراء الشعر وذات عيون رمادية...وقد صارت حمراء بفعل الدموع التي نزلت من على وجنتيها كالشلال...وبدا لي أنها فقدت كل الآلام...كأنها كانت تحلم فضاعت منها تلك الأحلام...كانت تحلم بلحظات سعيدة فساءت لها الأيام...أردت سؤالها فانعقد لساني ولم أقو على الكلام...لما رأيت فيها هذه الأحزان واآلام...ثم استجمعت كلماتي وقلت بعد السلام:"مالك ياصغيرة جالسة لوحدك في هذا المكان؟...وليس معك إنسان؟...وكم مر عليك هنا من الزمان؟...أليس لديك أهل وخلان؟..."
لم أجد ردا أو إجابة...بل ظلت تبكي كما لو كانت تقول لي هذه هي الإجابة...أعدت السؤال...ولكن ..لا جواب...ثم قالت بعد هنيهة؟"أنا طفلة تائهة...ضاعت مني العائلة...ظللت أبحث عنهم ولكن دون فائدة...ولا أرجو غير لقياهم لتعود إلي الأيام الهنيئة الفائتة..".
أسالت كلماتها دموعي...فأخذتها إلى بيتي..ووعدتها بإرجاع عائلتها...وبعد أخذي لمعلومات تساعدني...تركتها ورحت أبحث عن أهلها ...في أزقة المدينة وشوارها...حتى ألفيت الشمس في حين غروبها...ثم أبصرت ناسا والحسرة قد علت وجوههم بكاملها ...فإذا هم أهل الصغيرة وأقاربها...فأخذتهم إلى بيتي لأعيد لبهجة إلى قلبها...ولكم كانت فرحتها كبيرة برجوع أحبابها...أثرت فيني ضحكاتها ودموع فرحها...وجعلتني أشعر بنعمة أن يكون للإنسان أقاربيحبونه...يعتنون به ويعينونه...يفرحون لفرحه ويحزنون لحزنه...وما أبشع أن يعيش الإنسان بمفرده...فأنصح كل من لديه عائلة بأن يعتني بها...ويساعدها ...ويشكر الله على هذه النعمة التي إياه أهداها...