|
۩۞۩{ الشريعة الإسلامية والحياة }۩۞۩ |!.. غيمة الرُوُح ْ فِي رِِحَابِ الإيمَانْ " مَذْهَبْ أهْلُ السُنَةِ وَالجَمَاعَة ",, |
![]() |
|
#1
|
||||||||||
|
||||||||||
![]() في اللغة الدارجة نخلط دائماً بين النفس و الروح ، فنقول إن فلاناً طلعت روحه ..
و نقول إن فلاناً روحه تشتهي كذا ، أو أن روحه تتعذب أو أن روحه توسوس له ، أو أن روحه زهقت ، أو أن روحه اطمأنت ، أو أن روحه تاقت و اشتاقت أو ضجرت و ملت .. و كلها تعبيرات خاطئة ، و كلها أحوال تخص النفس و ليس الروح ، فالتي تخرج من بدن الميت عند الحشرجة و الموت هي نفسه و ليست روحه. يقول الملائكة في القرآن للمجرمين ساعة الموت.. (( أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون )) (93 – الأنعام ) و التي تذوق الموت هي النفس و ليس الروح (( كل نفس ذائقة الموت )) (185 – آل عمران ) و النفس تذوق الموت و لكن لا تموت .. فتذوقها الموت هو رحلة خروجها من البدن ، و النفس موجودة قبل الميلاد ، و هي موجودة بطول الحياة ، و هي باقية بعد الموت ، و عن وجود الأنفس قبل ميلاد أصحابها يقول الله : إنه أخذ الذرية من ظهور الآباء قبل أن تولد و أشهدها على ربوبيته حتى لا يتعلل أحد بأنه كفر لأنه وجد أباه على الكفر. (( و إذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم و أشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين، أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل و كنا ذريةً من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون، و كذلك نفصل الآيات و لعلهم يرجعون )) ( 172، 173، 174 – الأعراف ) فذلك مشهد أحضرت فيه الأنفس قبل أن تلابس أجسادها بالميلاد ، و ليس لأحد عذر بأن يكفر بعلة كفر أبيه ، فقد كان لكل نفس مشهد مستقل طالعت فيه الربوبية .. و بهذا استقرت حقيقة الربوبية فطرتنا جميعاً .. ثم إن الروح لا توسوس ، و لا تشتهي و لا تهوى و لا تضجر و لا تمل و لا تتعذب ، و لا تعاني هبوطاً و لا انتكاساً ، إنما تلك كلها من أحوال النفس و ليس الروح.. يقول القرآن : (( فطوعت له نفسه قتل أخيه)) (30 – المائدة) (( و لقد خلقنا الإنسان و نعلم ما توسوس به نفسه)) (16 – ق) (( و نفس و ما سواها، فألهمها فجورها و تقواها)) (7، 8 – الشمس) (( بل سولت لكم أنفسكم أمراً فصبر جميل)) (18 – يوسف) (( و ضاقت عليهم أنفسهم و ظنوا ألا ملجأ من الله إلا إليه)) (118 – التوبة) (( إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا و تزهق أنفسهم)) (55 – التوبة) (( و من يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه)) (130 – البقرة) (( و من يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون)) (9 – الحشر) (( و أحضرت الأنفس الشح) (128 – النساء) (( و ما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء)) (53 – يوسف) فالنفس هي المتهمة في القرآن بالشح و الوسواس و الفجور و الطبيعة الأمارة ، و للنفس في القرآن ترق و عروج ، فهي يمكن أن تتزكى و تتطهر ، فتوصف بأنها لوامة و ملهمة و مطمئنة و راضية و مرضية .. (( يأيتها النفس المطمئنة ، ارجعي إلى ربك راضية مرضية ، فادخلي في عبادي ، و ادخلي جنتي )) ( 27 : 30 – الفجر ) أما الروح في القرآن فتذكر دائماً بدرجة عالية من التقديس و التنزيه و التشريف ، و لا يذكر لها أحوال من عذاب أو هوى أو شهوة أو شوق أو تطهر أو تدنس أو رفعة أو هبوط أو ضجر أو ملل ، و لا يذكر أنها تخرج من الجسد أو أنها تذوق الموت .. و لا تنسب إلى الإنسان و إنما تأتي دائماً منسوبة إلى الله.. يقول الله عن مريم: (( فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا)) (17 – مريم) و يقول عن آدم: (( فإذا سويته و نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين)) (29 – الحجر) يقول (( روحي )) و لا يقول روح آدم فينسب ربنا الروح لنفسه دائماً (( و أيدهم بروح منه)) أي من الله (22 – المجادلة) و يقول عن القرآن و نزوله على النبي عليه الصلاة و السلام: (( و كذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا)) (52 – الشورى) و يقصد بالروح هنا الكلم الإلهي القرآني (( يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق)) (15 - غافر) (( ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده)) (2 – النحل) و الروح هنا هي الكلمة الإلهية و الأمر الإلهي.. و الروح دائماً تنسب إلى الله ، و هي دائماً في حركة من الله و إلى الله و لا تجري عليها الأحوال الإنسانية و لا الصفات البشرية .. و لا يمكن أن تكون محلاً لشهوة أو هوى أو شوق أو عذاب.. و لهذا توصف الروح بأوصاف عالية فيقول القرآن عن جبريل: إنه روح القدس.. و الروح الأمين و يقول عن عيسى إنه (( رسول الله و كلمته ألقاها إلى مريم و روح منه )) أي روح من الله.. أما النفس فهي دائماً تنسب إلى صاحبها: (( و ما أصابك من سيئة فمن نفسك)) (79 – النساء) (( و من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه)) (15 – الإسراء) (( و ضاقت عليهم أنفسهم)) (118 – التوبة) (( و ما أبرئ نفسي)) (54 – يوسف) (( و كذلك سولت لي نفسي)) (96 – طه) (( و من يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون)) (9 – الحشر) (( و من يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه)) 130 – البقرة) و حينما تنسب النفس إلى الله فتلك هي الذات الإلهية (( و يحذركم الله نفسه)) (28 – آل عمران) ذلك هو الله ليس كمثله شيء و هو مما لا يستطيع الإنسان أن يتخيل له شبيهاً و لا يصح أن نقيس النفس الإلهية على نفوسنا فالنفس الإلهية هي غيب الغيب يقول عيسى لربه يوم القيامة: (( تعلم ما في نفسي و لا أعلم ما في نفسك )) (116 – المائدة ) فالنفس الإلهية لا تتشابه مع النفس الإنسانية إلا في اللفظ و لكنها شيء آخر البتة.. (( ليس كمثله شيء)) (11 – الشورى) (( لم يكن له كفوا أحد)) (4 – الإخلاص) و السؤال إذن.. ما نصيب كل منا من الروح؟ و ماذا نعني حينما نقول إن لنا روحا و جسداً ؟ ثم ما علاقة نفس كل منا بروحه و جسده ؟ أما نصيبنا من الروح فهو النفخة التي ذكرها القرآن في قصة خلق آدم (( إني خالق بشراً من طين ، فإذا سويته و نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين)) (71، 72 – ص) و ما حدث من أمر التسوية و التصوير و النفخ في صورة آدم يعود فيتكرر في داخل الرحم في الحياة الجنينية لكل منا .. فيكون لكل منا تسوية و تصوير ، ثم نفخة ربانية حتى تتهيأ الأنسجة و يستعد المحل لتلقي هذه النفخة ، و ذلك يكون في الشهر الثالث من الحياة الجنينية ، و ينتقل الخلق بهذه النفخة من حال إلى حال يقول ربنا عن هذه المراحل : (( ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين )) ( 14 – المؤمنون ) فيقول عند النفخة : ((ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين)) .. إشارة إلى نقلة هائلة نقل بها المضغة المكسوة بالعظام إلى مستوى لا يبلغه و لا يقدر عليه إلا أحسن الخالقين .. و ذلك بالنفخة الربانية. و يتكلم عن هذا النفخ في الجنين بعد تسويته في آية أخرى عن نسل آدم.. (( ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ، ثم سواه و نفخ فيه من روحه و جعل لكم السمع و الأبصار و الأفئدة )) ( 8 ، 9 – السجدة ) و نفهم من هذا أن السمع و البصر و الفؤاد هي من ثمار هذه النفخة الروحية .. و إنه بهذه المواهب ينقل الإنسان من نشأة إلى نشأة و من مستوى إلى مستوى ، و هذا هو معنى .. ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين. إن نصيبنا من هذه الروح إذن هو نصيبنا من هذه النفخة .. و كل منا يأخذ من هذه النفخة على قدر استعداده و بفضل هذه النفخة يصبح للواحد منا خيال و ضمير و قيم و عالم من المثل .. و الجسد و الروح فينا أشبه بأرض الواقع و سماء المثال.. و علاقة نفس كل منا بروحه و جسده هي أشبه بعلاقة ذرة الحديد بالمجال المغناطيسي ذي القطبين. و الذي يحدث للنفس دائماً هو حالة استقطاب ، إما انجذاب و هبوط إلى الجسد ، إلى حمأة الواقع و طين الغرائز و الشهوات ، و هذا هو ما يحدث للنفس الجسدانية الحيوانية حينما تشاكل الطين و تجانس التراب في كثافتها ، و إما انجذاب و صعود إلى الروح ، إلى سماوات المثال و القيم و الأخلاق الربانية ، و هو ما يحدث للنفس حينما تشاكل الروح و تجانسها في لطفها و شفافيتها .. و النفس طوال الحياة في حركة و تذبذب و استقطاب بين القطب الروحي و بين القطب الجسدي .. مرة تطغى عليها ناريتها و طينتها ، و مرة تغلبها شفافيتها و طهارتها. و الجسد و الروح هما مجال الإمتحان و الإبتلاء ، فتبتلى النفس و تمتحن بهاتين القوتين الجاذبتين إلى أسفل و إلى أعلى لتخرج سرها ، و تفصح عن حقيقتها و رتبتها و ليظهر خيرها و شرها.. و من هنا نفهم أن حقيقة الإنسان هي ((نفسه)) ، و الذي يولد و يبعث و يحاسب هو نفسه ، و الذي يمتحن و يبتلى هو نفسه ، و ما يجري عليه من الأحوال و الأحزان و الأشواق هي نفسه .. أما جسده و روحه فهما مجرد مجال تماماً مثل الأرض و السماوات في كونهما مجال حركة بالنسبة للإنسان لإظهار مواهبه و ملكاته .. فكما أعطى الله لهذه النفس عضلات ( جسداً ) كذلك أعطاها روحاً لتحيا ، و تعمل و تكشف عن سرها و مكنونها و تباشر خيرها و شرها. و بهذا المعنى تكون كلمة (( تحضير الأرواح )) كلمة خاطئة ، فالأرواح لا تستحضر ، و لا يمكن لأي روح أن تستحضر ، لأن الروح نور منسوب إلى الله وحده ، و هو ينفخ فينا هذا النور لنستنير به .. و هذا النور من الله و إلى الله يعود و لا يمكن حشره أو استحضاره .. أما ما يحشر و يستحضر فهي الأنفس و ليس الأرواح .. هذا إذا صح أن هؤلاء الناس يستحضرون أنفساً في جلساتهم .. و أغلب الظن أن ما يحضر يكون من الجن المصاحب لهذه الأنفس في حياتها ( القرناء ) ، و كل منا له في حياته قرين من الجن يصاحبه ، و هو بحكم هذه الصحبة الطويلة يعرف أسراره و يستطيع أن يقلد صوته و إمضاءه ، و هذا الجن هو الذي يلابس الوسيط في غرفة التحضير المظلمة ، و يدهش الموجودين بما يحسبونه خوارق. أما الأرواح فلا يمكن استحضارها أما الأنفس فلا يحشرها و لا يحضرها إلا ربها و النفس لا يمكن أن تتحول إلى روح ، و إنما هي في أحسن أحوالها ترتقي حتى تشاكل الروح و تجانسها بقدر ما تتخلق بالأخلاق الربانية ، و بقدر ما تقترب من المثال النوراني ( الروح التي نفخها الله في الإنسان ) كذلك يمكن لهذه النفس أن تتدنى و تهبط حتى تشاكل الشياطين ، و تجانس إبليس في ناريته. و النفس التي تتطهر و تتزكى حتى تشاكل و تجانس الروح في لطفها هي التي يقربها الله من عرشه يوم القيامة ، و هي التي يقول عنها إنها ستكون : (( في مقعد صدق عند مليك مقتدر )) | 55 – القمر لأنها بهذا التطهر و الترقي تصبح نفسا ربانية مكانها إلى جوار الله.. أما النفوس المظلمة التي تهبط بفجورها و غلظتها إلى الدرك الشيطاني فهم الذين يقول عنهم ربهم يوم القيامة: (( إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون)) (15 – المطففين) و هؤلاء سيكون مكانهم مع النفوس النارية السفلية في قاع الظلمة و الجحيم ، أما الروح فلا مكان لها في جنة أو جحيم ، و إنما هي نور من نور الله تنسب إليه ، و هي منه و لا يجري عليها ابتلاء و لا محاسبة و لا معاقبة و لا مكافأة .. و إنما هي المثل الأعلى.. (( و له المثل الأعلى و هو العزيز الحكيم)) (60 – النحل) (( و له المثل الأعلى في السماوات و الأرض و هو العزيز الحكيم)) (27 – الروم) و ذلك عالم المثال النوراني الذي يستمد قدسيته و نورانيته من كونه من الله و من أمر الله.. (( و يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي و ما أوتيتم من العلم إلا قليلا )) ( 85 – الإسراء ) .. د. مصطفى محمود من كتاب : القرآن كائن حي. |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
سور القرآن الكريم (سبب التسميه_سبب النزول_فضل سور القرآن) | ✗ ┋ مِلّأًڳً أٌلَڳِوٌنُ ┋ ✗ | ۩۞۩{ الشريعة الإسلامية والحياة }۩۞۩ | 117 | 03-20-2023 01:17 PM |
الجيش الهندى يرصد أثار كائن عملاق مرعب | انثى برائحة الورد | ღ المواضيع المكررة والمحذوفه والمقفله ღ | 12 | 06-21-2021 03:22 PM |
صور ماسنجر - الكلمه كائن هش ومتهافت | ميمي الخالد | الارشيف | 6 | 06-05-2021 10:58 PM |
صغير كائن ينشر الذعر فالناس | السكب 12 | ۩۞۩{ماسبق نشره بقلم الأعضاء }۩۞۩ | 8 | 07-17-2020 05:09 AM |
باالامس كانو معي واليوم قد رحلوا | نبض القلوب | ۩۞۩{ أرصفة عامة}۩۞۩ | 12 | 08-03-2013 05:36 AM |