|
#1
|
||||||||||
|
||||||||||
![]()
ك/ الوعد الصادق
حِينَ أُمْسِكُ بِقَلَمِيِ الْمُخْلِصُ لِأَكْتَبَ مَا شِئْتِ مِنْ خَوَاطِرَ وافكارَ او مَقَالَاتٍ ، تُجْلِسُ أُمِّي نَحْوَي ، وَتَصُورُ حالَتُي وَوَضْعَي ، فِي مَشْهَدٍ ، وَكَأَنَّهَا لِأُولَ وَهَلَةٍ تُرَانِي ، بَيْدَ أَنَّهَا تتسللُ خُلْسَةَ احيانا ، حِينَ اجلسُ الى مَكْتَبَي فِي حَجَرَتِي الْمُمِلَّةَ .
غُرَفَةٌ اشبه بِسُوقِ الدَّلالَةِ لِلْسِلَعِ الْمُكْتَظَّةِ ، كُلَّ شَيْءَ حَوْلَ مَكْتَبَي فِيه بِعَثْرَةِ . اوراقٌ وَصُحُفٌ وَكُتُبٌ مَفْرُوشَةٌ و متطايرةٌ ، هُنَا تُعْجِبُنَّي هَذِهِ الْفَوْضًى الخلاقّة ، وَلَا تُعْجِبُنَّي انماطَ واشكالِ الترتيبِ والتنظيمِ ، مِزَاجٌ مُرْهَقٌ عَذْبٌ القٌ وَجَمِيلٌ يُنَاسِبُ حالَتُي فِي مَكْتَبِي . فَكُلَّ شَيْءَ اما ان يَكُونُ مَلَقُي عَلَى الارضِ ، أَوْ متسلقُ الْجُدْرَانَ . فَوْضًى جَمِيلَةٌ مِنْ امامي وَمِنْ خَلْفَي . تُعجبني سلةَ الْمُهْمَلَاتِ فَارِغَةً مِنْ النفاياتِ ، والاوراقُ التالفةُ مُلْقاةٌ حَوْلَهَا ، هَذَا لأنني احملُ اصالةَ الْعَرَبِيَّ سُلُوَّكَه و تَصَرُّفَهُ الُمباح فِي بَلَدِهُ مُحْرِمٌ عَلَيه الْفِعْلَة خَارِجَهُ . أَنَمُوذَجٌ لِمَكْتَبٍ رِياضَي اتعلمُ فِيه رِياضَةَ الْقَفْزُ فَوْقَ الْحَواجِزِ . الَّذِي يبهرٌ الرّائي ، مَنْظَرُ مظلةٍ مُحلقةٌ معلقةٌ وضعتَهَا فَوْقَ رَاسِي عَلَى طَاوِلَةِ مَكْتَبِيِ الزُّجاجِيِّ الْكَئِيبِ الْمُغَبَّرُ ، وَكَأَنَّي اُحْتُمِيَ بِهَا مِنْ وَقْدَةِ الشمسِ ، أَوْ اِنْهِمارِ الْمَطَرِ ، حالَةٌ مزاجيةٌ دَخِيلَةً اِكْتَسَبَتْهَا مِنْ هَفْوَاتِ مُعمر ، حالَةٌ مُشَابِهَةً ، اذ تعلمتُ فِي الْحَيَاةِ انهُ حِينَ ينقلٌ شَخْصٌ فِكْرَةً غَرِيبَةً عن شَخْصٍ اخر و تَصَرُّفَهُ ، فَأَنَّه تَوَجُّدُ ادنىَ فَكُرَةٍ مِنْ عَامِلٍ مُشْتَرَكَ بَيْنَهُمَا ، وَهِي قَاعِدَةً نشازَ . فِيمَا بَعْدَ اِكْتَشَفْتُ الْعَامِلَ الْبَسيطِ الْمُشْتَرِكِ بَيْنَنَا ، فآثرت نَفْيَهُ و تَغْيِيرِهُ ، وَأَبْقَيْتُ عَلَى مُظِلَّتِي . وَاِكْتَشَفَتْ ايضا انّ السيدةَ العظيمةٌ تٌسرُّ وتطربٌ لِأَنَّهَا تَرَى مِنْ حالَتِي الْعَجَبَ الْعجابَ وانا اكتبُ ، خاصةً حِينَ تندمجٌ شَخْصِيَّتَي وتتفاعلٌ مَعَ ايِّ مَشْهَدَ تَمْثيلِيِّ مَسْرَحِيِّ للقصةِ الَّتِي اُكْتُبْهَا ، هَذَا لَا يَعْنِي بالضرورةِ انني قَصَصَي او مؤلفٌ أَوْ رِوَائِيَّ ، ثرثرة وشَيْءَ بَسيطٌ اُكْتُبْهُ لَنَفْسُي واتخيله ، لِلْخُرُوجِ مِنْ اطارِ الارقِ ، وَمللَ الروتين الْيَوْمِيَّ الرَّتِيبَ ، بَعْدَ يَوْمٍ حافل بِعَمَلٍ شَاقَّ مٌضني ، صَخِبٌ وَضَجِيجَ ، حالَاتٌ مزاجيةٌ متباينةٌ وَمُتَعَاقِبَةٌ ، كَفُصُولٍ مناخيةٍ وَطُقُوسَ مُتَلَوِّنَةٍ ، غَيْرَ مُرتبة ، وادوارُ وَمُشَاهِدُ ، يشوبها الْخَيَّالَ ، مَا بَيْنَ اِنْفِعالٍ خمولٍ ، وَهُدُوءٍ خَجُولٍ ، استمطارٌ لِلْفِكَرِ ، كَمَظَاهِرَاتٍ شعبيةٍ صَاخِبَةٌ لِثَائِرِينَ فِي مَيَادِينَ مَفْتُوحَةٍ . لَكُنَّ مُشَاهِدَ اللعبُ بالدّمى فِي مَسْرَحِيَّاتِي الْفرديَةَ ، تُخْرِجُ سيدتيْ الْعَظِيمَةَ احيانا عَنْ صُمَتِهَا ، خَاصَّةَ فِيمَا اذا رَأَتْ مَشْهَدُ ظُلَمِ القى بظلالهِ عَلَى احدى شَخْصِيَّاتِي الوَهميةِ المُتقوقعةِ المُتخَيَلةِ ، فِي تَصْوِيرِيِ الْفَرَدِيِ . أَحِدُ المتسوقينَ اِشْتَرَى سِلَعَةً ، وَسَرَقَ أخرى وَوَضْعَهَا فِي حَقِيبَةً كَانَت مَعَه ، وفِي غُفَّلَةٍ مِنْ الْبَائِعِ وَهُوَ يَرْتُبُ السِّلَعُ فِي دُكانه الصَّغِيرَ الْمُتَوَاضِعَ ، أُحِسُّ الْبَائِعُ اِنْهَ اِفْتَقَدَ تِلْكَ السلعةَ . ذُهِلَ الْبَائِعُ وَتَسَاءَلَ : اينْ ذَهَّبَتْ سِلَعَتُهُ ، وَسَأَلَ زَبونُهُ ، هَلْ رَأَيْتَ سِلَعَةً كَانَتْ هُنَا ؟ قَالَ الزَّبونِ : لَا .. لَمْ ارها .. صَاحَتْ أُمِّي مِنْ حَوْلَي بأعلى صُوَّتَهَا قَائِلَةً : كذابُ .. (فضحكتٌ ضحكَةً خَجُولَةً عَلَى اِسْتِحْيَاءٍ ، مُتجاهلاُ صَيْحَتَهَا وَوُجُودَهَا وأنا اختلس النظرات اليها) ، لَأَنْ سيدتيْ العظيمةٌ لَمْ تَكِنْ فِي الْمَشْهَدِ الدِّرامِيِّ أَصْلًا .. أَرْدَفَتْ قَائِلَةُ : ايها الْبَائِعُ ، فَتَّشَ حَقِيبَتُهُ . فِي حِينَ انّ الْبَائِعَ لَمْ تُخْطَرْ ببالهِ فِكْرَةَ الْبَحْثِ فِي حَقِيبَةَ زَبونِهُ . حَوْقَلَ الْبَائِعُ ، قَائِلَا علّي اجدُها .. وَاِنْصَرَفَ الزبونُ بِسِلَعَتَيْنِ فِي حَقيبتهِ . اِنْتَهَى الْمَشْهَدُ ، وَوَضِعْتُ الْقَلَمَ ، وَلَمْ اِسْتَكْمَلَ بقيةَ القصةِ .. سألتني سيدتيْ الْعَظِيمَةُ ، هاه .. اِنْتَهَتْ الْقُصَّةُ .. قَلَتْ : نِعْمَ يا أَمَاهَ .. قَالَتْ : ذَهَبَ اللصُ بِسِلَعَةِ الدكانجي يا وَلَدَيِ، حَرامَ عَلَيه .. قَلَتْ : مَاذَا اِفْعَلْ بِهِ يا أَمَاهَ ، أَخَذَ فِي ذمتِهِ . هُوَ وَضَمِيرُهُ .. قَالَتْ : سَأُبْلِغُ انا عَنْه الشُّرْطَةَ . نَاوِلِنَّي سَمَّاعَةً الْهَاتِفَ .. قَلَتْ : ارجوك يا اماه ، فَقَدْ تَقَعُ عَلَيِّ الْوَاقِعَةُ حَقَا .. وَفِي سِجلِاتِ الشُرطة ، اذا وَقِعْتِ الْوَاقِعَةُ ، سُجِّلَتْ سَابِقَةُ . اُكْمُلِي انتِ القصةَ يا اماه .. مَعَ احفادك ، كَيْفَمَا شِئْتِ .. اما انا فَقَدْ اخرجتُ نَفْسُي مِنْ مَشْهَدَ القصةِ وَمَعَي بَراءَتَي ،.. فَمَا شأني انا بقصةَ بَائِعٍ غَافِلٌ ، وَزَبونٌ لصٌ ، وَسِلَعَةٍ مَسْرُوقَةً . وَتَقَعُ عَلَيِ الْوَاقِعَةَ ؟! فَلَمْ اتوقعْ ، انْ اكونَ لصَا ، فِي رُوَاِيَّتِي .. تَصَبُّحَيْنِ عَلَى خَيْرِ يا اماه .. |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
روايتي الاولى ملائكيات | عابثه | ۩۞۩{عالم القصة والرواية }۩۞۩ | 16 | 12-18-2015 06:32 PM |