الغنى وكثرة المال مظنة الخطر.

الغنى وكثرة المال مظنة الخطر.
د. خالد بن محمد الشهري.

إذا تأملت في كتاب الله عز وجل وما قصه من قصص الأنبياء وأقوامهم وجدت أن أتباع الأنبياء هم الفقراء في الغالب، وأما الأغنياء المترفون فإنهم كانوا أعداء الرسل، وفي حديث هرقل وسؤاله لأبي سفيان بن حرب عن أتباع النبي صلى الله عليه وسلم، يتضح أن أهل الكتاب يعلمون أن أتباع الأنبياء هم الفقراء بشكل عام، وأما الأغنياء المترفون فهم أبعد الناس عن الهداية إلا من شاء الله، وذلك كالقاعدة المطَّردة عندهم.
وفيما يلي نصوص من السنة المطهرة تبين أثر المال وخطره على الإنسان ما لم يتق الله فيه:
• عن كعب بن عياض رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن لكل أُمَّةٍ فتنةً، وفتنة أمتي المال) رواه الترمذي وابن حبان والحاكم وصححه الألباني.
• وعن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تبّاً للذهب والفضة) رواه أحمد والبيهقي في الشعب وحسنه الألباني.
• وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وجلسنا حوله فقال: (إن مما أخاف عليكم ما يفتح الله عليكم من زهرة الدنيا وزينتها) رواه البخاري ومسلم.
• وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما أهلك من قبلكم الدينار والدرهم، وهما مهلكاكم). رواه البزار وصححه الألباني.
• وعن عمرو بن عوف الأنصاري رضي الله عنه: في قصة قدوم أبا عبيدة رضي الله عنه بمال من البحرين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أبشروا وأملوا ما يسركم، فو الله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم) رواه البخاري ومسلم.
• وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (لا يصيب عبد من الدنيا شيئاً إلا نقص من درجاته عند الله، وإن كان عليه كريماً) رواه ابن أبي الدنيا وصححه الألباني.
• وعن معاذ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إيّاكَ والتَّنعُّمَ فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين) رواه أحمد والبيهقي وحسنه الألباني.
• وعن فاطمة الزهراء رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (شِرارُ أُمتي الذين غُذُّوا بالنَّعيمِ، الذين يأكلون ألوان الطعام، ويلبسون ألوان الثياب، ويتشدقون في الكلام) رواه ابن أبي الدنيا والبيهقي في الشعب وحسنه الألباني.
• وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما طلعت شمس قط إلا بعث بجنبيها ملكان يناديان يُسمعان أهل الأرض إلا الثقلين: يا أيها الناس! هلموا إلى ربكم، فإن ما قل وكفى، خير مما كثر وألهى) رواه أحمد والحاكم وصححه الألباني.
• وعن فضالة بن عبيد أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (طوبى لمن هُدي للإسلام، وكان عيشه كفافاً وقنع) رواه الترمذي والحاكم وصححه الألباني.
• وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (قد أفلح من أسلم ورُزق كفافاً، وقنّعهُ الله بما أتاه) رواه مسلم. الكفاف: الذي ليس فيه فضل عن الكفاية.
• وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( يقول العبد: مالي مالي! إنما له من ماله ثلاث: ما أكل فأفنى، أو لبس فأبلى، أو أعطى فأقنى، وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس) رواه مسلم.
• وعن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما ذئبان جائعان أرسلا في غنمٍ بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه) رواه الترمذي وابن حبان وصححه الألباني.
• وعن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه فقال: (ألفقر تخافون أو العوز؟ أوتهمكم الدنيا؟ فإن الله فاتح لكم أرض فارس والروم، وتصب عليكم الدنيا صباً حتى لا يزيغكم بعدي إن أزاغكم إلا هي) رواه أحمد وصححه الألباني. العوز: الحاجة.
• وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في نخل لبعض أهل المدينة فقال: (يا أبا هريرة هلك المكثرون إلا من قال هكذا، هكذا، وهكذا – ثلاث مراتٍ حثا بكفيه عن يمينه وعن يساره ومن بين يديه وقليل ما هم) رواه أحمد وصححه الألباني.
والأحاديث في هذا الباب كثيرة جداً ويصعب استقصاءها، وذلك أن الأصل في المؤمن أنه يطلب الآخرة ولو تفرغ لطلب الدنيا لفاتته الآخرة وقد مضى فيما سبق حديث (من أحب دنياه أضرَّ بآخرته) فلذلك تجد المؤمن الحق وإن ملك الأموال الكثيرة زاهداً في الدنيا لا يلتفت إليها وإنما تكون في يده ينفقها في طاعة الله عز وجل كما نراه في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم والأغنياء من صحابته.