ننتظر تسجيلك هـنـا


{ اعلانات سكون القمر ) ~
  <
 
بأيدينا نعلوا بمنتدانا وبمشاركاتكم وكلماتكم نرتقي فلا تقرأ وتمضي ..... الى من يواجه اي مشكلة للدخول وعدم استجابة الباسورد ان يطرح مشكلته في قسم مشاكل الزوار او التواصل مع الاخ نهيان عبر التويتر كلمة الإدارة


العودة   منتديات سكون القمر > ۩۞۩{ نفحات سكون القمر الإسلامية }۩۞۩ > ۩۞۩{ الشريعة الإسلامية والحياة }۩۞۩

۩۞۩{ الشريعة الإسلامية والحياة }۩۞۩ |!.. غيمة الرُوُح ْ فِي رِِحَابِ الإيمَانْ " مَذْهَبْ أهْلُ السُنَةِ وَالجَمَاعَة ",,


التعريف بسور القرآن الكريم وأسباب النزول ومحاور ومقاصد السور

|!.. غيمة الرُوُح ْ فِي رِِحَابِ الإيمَانْ " مَذْهَبْ أهْلُ السُنَةِ وَالجَمَاعَة ",,


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-29-2021, 11:44 AM   #131


مديح ال قطب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1751
 تاريخ التسجيل :  06-03-2020
 أخر زيارة : 08-13-2021 (12:56 PM)
 المشاركات : 34,369 [ + ]
 التقييم :  22241
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Coral
افتراضي























تابع – سورة التغابن

محور مواضيع السورة :



«وَاسْتَغْنَى اللَّهُ. وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ» .. استغنى اللّه عنهم وعن إيمانهم وعن طاعتهم .. وما هو - سبحانه - بمحتاج إلى شيء منهم ولا من غيرهم ، ولا بمحتاج أصلا : «وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ».
فهذا نبأ الذين كفروا من قبل فذاقوا وبال أمرهم. وهذا سبب ما ذاقوا وما ينتظرهم. فكيف يكذب بعد هذا النبأ مكذبون جدد؟ أليلقوا مصيرا كهذا المصير؟



والمقطع الثالث بقية للمقطع الثاني يحكي تكذيب الذين كفروا بالبعث - وظاهر أن الذين كفروا هم المشركون الذين كان الرسول - صلى اللّه عليه وسلم - يواجههم بالدعوة - وفيه توجيه للرسول أن يؤكد لهم أمر البعث توكيدا وثيقا. وتصوير لمشهد القيامة ومصير المكذبين والمصدقين فيه ودعوة لهم إلى الإيمان والطاعة ورد كل شيء للّه فيما يقع لهم في الحياة.



«زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا. قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ، ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ. وَذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ. فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا. وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ. يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ، ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ ، وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ ، وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً. ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ خالِدِينَ فِيها وَبِئْسَ الْمَصِيرُ. ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ، وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ، وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ، وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ، فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ. اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ، وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ» ..



ومنذ البدء يسمي مقالة الذين كفروا عن عدم البعث زعما ، فيقضي بكذبه من أول لفظ في حكايته. ثم يوجه الرسول - صلى اللّه عليه وسلم - إلى توكيد أمر البعث بأوثق توكيد ، وهو أن يحلف بربه. وليس بعد قسم الرسول بربه توكيد : «قل : بلى وربي لتبعثن» .. «ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ» .. فليس شيء منه بمتروك. واللّه أعلم منهم بعملهم حتى لينبئهم به يوم القيامة! «وَذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ» .. فهو يعلم ما في السماوات والأرض ويعلم السر والعلن وهو عليم بذات الصدور. وهو على كل شيء قدير. كما جاء في مطلع السورة تمهيدا لهذا التقرير.
وفي ظل هذا التوكيد الوثيق يدعوهم إلى الإيمان باللّه ورسوله والنور الذي أنزله مع رسوله. وهو هذا القرآن.


ويعقب على دعوتهم إلى الإيمان ، بما يشعرهم أنهم مكشوفون لعين اللّه لا يخفى عليه منهم شي ء : «وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ» ..
وبعد هذه الدعوة يعود إلى استكمال مشهد البعث الذي أكده لهم أوثق توكيد :
«يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ : ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ» ..



فأما أنه يوم الجمع فلأن جميع الخلائق في جميع الأجيال تبعث فيه ، كما يحضره الملائكة وعددهم لا يعلمه إلا اللّه. ولكن قد يقربه إلى التصور ما جاء في حديث رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - عن أبي ذر رضي اللّه عنه - قال : قال رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - : «إني أرى ما لا ترون ، وأسمع ما لا تسمعون.
أطت السماء وحق لها أن تيط ، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك واضع جبهته للّه تعالى ساجدا. واللّه لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ، ولبكيتم كثيرا ، ولما تلذذتم بالنساء على الفرش ، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى اللّه تعالى. لوددت أني شجرة تعضد والسماء التي ليس فيها موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك. هي هذا الاتساع الهائل الذي لا يعرف له البشر حدودا. والذي تبدو فيه شمس كشمسنا ذرة كالهباءة الطائرة في الفضاء! فهل هذا يقرب شيئا للتصور البشري عن عدد الملائكة؟ إنهم من بين الجمع في يوم الجمع! وفي مشهد من هذا الجمع يكون التغابن! والتغابن مفاعلة من الغبن. وهو تصوير لما يقع من فوز المؤمنين بالنعيم وحرمان الكافرين من كل شيء منه ثم صيرورتهم إلى الجحيم. فهما نصيبان متباعدان. وكأنما كان هناك سباق للفوز بكل شي ء ، وليغبن كل فريق مسابقه! ففاز فيه المؤمنون وهزم فيه الكافرون! فهو تغابن بهذا المعنى المصور المتحرك! يفسره ما بعده :
«وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً. ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ خالِدِينَ فِيها وَبِئْسَ الْمَصِيرُ» ..

وقبل أن يكمل نداءه إليهم بالإيمان يقرر قاعدة من قواعد التصور الإيماني في القدر ، وفي أثر الإيمان باللّه في هداية القلب :
«ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ. وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ، وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» ..
ولعل مناسبة ذكر هذه الحقيقة هنا هي مجرد بيانها في صدد عرض حقيقة الإيمان الذي دعاهم إليه في هذا المقطع. فهو الإيمان الذي يرد كل شيء إلى اللّه ، ويعتقد أن كل ما يصيب من خير ومن شر فهو بإذن اللّه.
وهي حقيقة لا يكون إيمان بغيرها. فهي أساس جميع المشاعر الإيمانية عند مواجهة الحياة بأحداثها خيرها وشرها. كما يجوز أن تكون هناك مناسبة حاضرة في واقع الحال عند نزول هذه السورة. أو هذه الآية من السورة ، فيما كان يقع بين المؤمنين والمشركين من وقائع.

وعلى أية حال فهذا جانب ضخم من التصور الإيماني الذي ينشئه الإسلام في ضمير المؤمن. فيحس يد اللّه في كل حدث ، ويرى يد اللّه في كل حركة ، ويطمئن قلبه لما يصيبه من الضراء ومن السراء. يصبر للأولى ويشكر للثانية. وقد يتسامى إلى آفاق فوق هذا ، فيشكر في السراء وفي الضراء إذ يرى في الضراء كما في السراء فضل اللّه ورحمته بالتنبيه أو بالتكفير أو بترجيح ميزان الحسنات ، أو بالخير على كل حال.
وفي الحديث المتفق عليه : «عجبا للمؤمن! لا يقضي اللّه قضاء إلا كان خيرا له. إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له. وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له. وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن» ..
«وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ» ..
وقد فسرها بعض السلف بأنها الإيمان بقدر اللّه والتسليم له عند المصيبة. وعن ابن عباس يعني يهدي قلبه هداية مطلقة. ويفتحه على الحقيقة اللدنية المكنونة. ويصله بأصل الأشياء والأحداث ، فيرى هناك منشأها وغايتها. ومن ثم يطمئن ويقر ويستريح. ثم يعرف المعرفة الواصلة الكلية فيستغني عن الرؤية الجزئية المحفوفة بالخطأ والقصور.




وهو هذا الدين الذي يبشر به القرآن. وهو نور في حقيقته بما أنه من عند اللّه. واللّه نور السماوات والأرض.
وهو نور في آثاره إذ ينير القلب فيشرق بذاته ويبصر الحقيقة الكامنة فيه هو ذاته.


ومن ثم يكون التعقيب عليها :
«وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» ..
فهي هداية إلى شيء من علم اللّه ، يمنحه لمن يهديه ، حين يصح إيمانه فيستحق إزاحة الحجب ، وكشف الأسرار .. بمقدار ..
ويتابع دعوتهم إلى الإيمان فيدعوهم إلى طاعة اللّه وطاعة الرسول :
«وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ، فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ» ..
وقد عرض عليهم من قبل مصير الذين تولوا. وهنا يقرر لهم أن الرسول مبلغ. فإذا بلغ فقد أدى الأمانة ، ونهض بالواجب ، وأقام الحجة. وبقي ما ينتظرهم هم من المعصية والتولي ، مما ذكروا به منذ قليل.

ثم يختم هذا المقطع بتقرير حقيقة الوحدانية التي ينكرونها ويكذبونها ، ويقرر شأن المؤمنين باللّه في تعاملهم مع اللّه :
«اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ، وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ» ..
وحقيقة التوحيد هي أساس التصور الإيماني كله. ومقتضاها أن يكون التوكل عليه وحده. فهذا هو أثر التصور الإيماني في القلوب.
وبهذه الآية يدخل السياق في خطاب المؤمنين. فهي وصلة بين ما مضى من السورة وما يجيء.
وفي النهاية يوجه الخطاب إلى المؤمنين يحذرهم فتنة الأزواج والأولاد والأموال ، ويدعوهم إلى تقوى اللّه ، والسمع والطاعة والإنفاق ، كما يحذرهم شح الأنفس ، ويعدهم على ذلك مضاعفة الرزق والمغفرة والفلاح.




ويذكرهم في الختام بعلم اللّه للحاضر والغائب ، وقدرته وغلبته ، مع خبرته وحكمته :
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ، وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ، وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ. فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ، وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا ، وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ ، وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ ، وَيَغْفِرْ لَكُمْ ، وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ. عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» ..

وقد ورد عن ابن عباس - رضي اللّه عنه - في الآية الأولى من هذا السياق وقد سأله عنها رجل فقال : فهؤلاء رجال أسلموا من مكة ، فأرادوا أن يأتوا إلى رسول اللّه - صلى اللّه تعالى عليه وسلم - فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم. فلما أتوا رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - رأوا الناس قد فقهوا في الدين ، فهموا أن يعاقبوهم ، فأنزل اللّه هذه الآية : «وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» .. وهكذا رواه الترمذي بإسناد آخر وقال : حسن صحيح. وهكذا قال عكرمة مولى ابن عباس.

ولكن النص القرآني أشمل من الحادث الجزئي وأبعد مدى وأطول أمدا. فهذا التحذير من الأزواج والأولاد كالتحذير الذي في الآية التالية من الأموال والأولاد معا : ِإنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ»
.. والتنبيه إلى أن من الأزواج والأولاد من يكون عدوا .. إن هذا يشير إلى حقيقة عميقة في الحياة البشرية. ويمس وشائج متشابكة دقيقة في التركيب العاطفيو في ملابسات الحياة سواء. فالأزواج والأولاد قد يكونون مشغلة وملهاة عن ذكر اللّه. كما أنهم قد يكونون دافعا للتقصير في تبعات الإيمان اتقاء للمتاعب التي تحيط بهم لو قام المؤمن بواجبه فلقي ما يلقاه المجاهد في سبيل اللّه! والمجاهد في سبيل اللّه يتعرض لخسارة الكثير ، وتضحية الكثير. كما يتعرض هو وأهله للعنت. وقد يحتمل العنت في نفسه ولا يحتمله في زوجه وولده. فيبخل ويجبن ليوفر لهم الأمن والقرار أو المتاع والمال! فيكونون عدوا له ، لأنهم صدوه عن الخير ، وعوقوه عن تحقيق غاية وجوده الإنساني العليا. كما أنهم قد يقفون له في الطريق يمنعونه من النهوض بواجبه ، اتقاء لما يصيبهم من جرائه ، أو لأنهم قد يكونون في طريق غير طريقه ، ويعجز هو عن المفاصلة بينه وبينهم والتجرد للّه .. وهي كذلك صور من العداوة متفاوتة الدرجات .. وهذه وتلك مما يقع في حياة المؤمن في كل آن.

( يتبع )









 

رد مع اقتباس
قديم 01-29-2021, 11:45 AM   #132


مديح ال قطب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1751
 تاريخ التسجيل :  06-03-2020
 أخر زيارة : 08-13-2021 (12:56 PM)
 المشاركات : 34,369 [ + ]
 التقييم :  22241
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Coral
افتراضي


























تابع – سورة التغابن

محور مواضيع السورة :


ومن ثم اقتضت هذه الحال المعقدة المتشابكة ، التحذير من اللّه ، لإثارة اليقظة في قلوب الذين آمنوا ، والحذر من تسلل هذه المشاعر ، وضغط هذه المؤثرات.
ثم كرر هذا التحذير في صورة أخرى من فتنة الأموال والأولاد. وكلمة فتنة تحتمل معنيين :
الأول أن اللّه يفتنكم بالأموال والأولاد بمعنى يختبركم ، فانتبهوا لهذا ، وحاذروا وكونوا أبدا يقظين لتنجحوا في الابتلاء ، وتخلصوا وتتجردوا للّه. كما يفتن الصائغ الذهب بالنار ليخلصه من الشوائب! والثاني أن هذه الأموال والأولاد فتنة لكم توقعكم بفتنتها في المخالفة والمعصية ، فاحذروا هذه الفتنة لا تجرفكم وتبعدكم عن اللّه.
وكلا المعنيين قريب من قريب.

وقد روى الإمام أحمد - بإسناده - عن عبد اللّه بن بريدة : سمعت أبي بريدة يقول : «كان رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - يخطب ، فجاء الحسن والحسين - رضي اللّه عنهما - عليهما قميصان أحمران ، يمشيان ويعثران فنزل رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - من المنبر فحملهما ، فوضعهما بين يديه. ثم قال : «صدق اللّه ورسوله. إنما أموالكم وأولادكم فتنة. نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران ، فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما» .. ورواه أهل السنة من حديث ابن واقد. فهذا رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - وهذان ابنا بنته .. وإنه لأمر إذن خطير. وخطر. وإن التحذير والتنبيه فيه لضرورة يقدرها من خلق قلوب الناس ، وأودعها هذه المشاعر ، لتكفكف نفسها عن التمادي والإفراط ، وهي تعلم أن هذه الوشائج الحبيبة قد تفعل بها ما يفعل العدو ، وتؤدي بها إلى ما تؤدي إليه مكايد الأعداء! ومن ثم يلوح لها بما عند اللّه بعد التحذير من فتنة الأموال والأولاد ، والعداوة المستسرة في بعض الأبناء والأزواج. فهذه فتنةَ اللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ»


ويهتف للذين آمنوا بتقوى اللّه في حدود الطاقة والاستطاعة ، وبالسمع والطاعة :
«فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ - وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا» ..
وفي هذا القيد : «مَا اسْتَطَعْتُمْ» يتجلى لطف اللّه بعباده ، وعلمه بمدى طاقتهم في تقواه وطاعته. وقد قال رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - : «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فاجتنبوه» فالطاعة في الأمر ليس لها حدود ، ومن ثم يقبل فيها ما يستطاع. أما النهي فلا تجزئة فيه فيطلب بكامله دون نقصان.
ويهيب بهم إلى الإنفاق :



«وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ» ..

فهم ينفقون لأنفسهم. وهو يأمرهم أن ينفقوا الخير لأنفسهم. فيجعل ما ينفقونه كأنه نفقة مباشرة لذواتهم ، ويعدها الخير لهم حين يفعلون.


ويريهم شح النفس بلاء ملازما. السعيد السعيد من يخلص منه ويوقاه والوقاية منه فضل من اللّه :
«وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» ..


ثم يمضي في إغرائهم بالبذل وتحبيبهم في الإنفاق ، فيسمي إنفاقهم قرضا للّه. ومن ذا الذي لا يربح هذه الفرصة التي يقرض فيها مولاه؟ وهو يأخذ القرض فيضاعفه ويغفر به ، ويشكر المقرض ، ويحلم عليه حين يقصر في شكره. وهو اللّه! «إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ. وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ» ..

وتبارك اللّه. ما أكرمه! وما أعظمه! وهو ينشئ العبد ثم يرزقه. ثم يسأله فضل ما أعطاه. قرضا. يضاعفه ..


ثم .. يشكر لعبده الذي أنشأه وأعطاه! ويعامله بالحلم في تقصيره هو عن شكر مولاه ..! يا للّه!!! إن اللّه يعلمنا - بصفاته - كيف نتسامى على نقصنا وضعفنا ، ونتطلع إلى أعلى دائما لنراه - سبحانه - ونحاول أن نقلده في حدود طاقتنا الصغيرة المحدودة. وقد نفخ اللّه في الإنسان من روحه. فجعله مشتاقا أبدا إلى تحقيق المثل الأعلى في حدود طاقته وطبيعته ، ومن ثم تبقى الآفاق العليا مفتوحة دائما ليتطلع هذا المخلوق إلى الكمال المستطاع ، ويحاول الارتفاع درجة بعد درجة ، حتى يلقى اللّه بما يحبه له ويرضاه.
ويختم هذه الجولة بعد هذا الإيقاع العجيب ، بصفة اللّه التي بها الإطلاع والرقابة على القلوب :
«عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» ..

فكل شيء مكشوف لعلمه ، خاضع لسلطانه ، مدبر بحكمته. كي يعيش الناس وهم يشعرون بأن عين اللّه تراهم ، وسلطانه عليهم ، وحكمته تدبر الأمر كله حاضره وغائبه. ويكفي أن يستقر هذا التصور في القلوب ، لتتقي اللّه وتخلص له وتستجيب.

( يتبع )







 

رد مع اقتباس
قديم 01-29-2021, 11:46 AM   #133


مديح ال قطب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1751
 تاريخ التسجيل :  06-03-2020
 أخر زيارة : 08-13-2021 (12:56 PM)
 المشاركات : 34,369 [ + ]
 التقييم :  22241
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Coral
افتراضي






















تابع – سورة التغابن

محور مواضيع السورة :




قال الصابوني:

* سورة التغابن من السور المدنية التي تعنى بالتشريع، ولكن جوها جو السور المكية التي تعالج أصول العقيدة الإسلامية.

* تحدثت السورة الكريمة عن جلال الله وعظمته وآثار قدرته، ثم تناولت موضوع الإنسان المعترف بربه، والإنسان الكافر الجاحد بآلاء الله {يسبح لله ما في السموات وما في الأرض له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن..} الآيات.

* وضربت الأمثال بالقرون الماضية، والأمم الخالية، التي كذبت رسل الله، وما حل بهم من العذاب والدمار، نتيجة لكفرهم وعنادهم وضلالهم {ألم يأتكم نبأ الذين كفروا من قبل فذاقوا وبال أمرهم..} الآيات.

* وأقسمت السورة على أن البعث حق لابد منه، أقر به المشركون أو أنكروه {زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربى لتبعثن..} الآيات.

* وأمرت بطاعة الله وطاعة رسوله، وحذرت من الإعراض عن دعوة الله {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين}.

* كما حذرت من عداوة بعض الزوجات والأولاد، فإنهم كثيرا ما يمنعون الإنسان عن الجهاد والهجرة {يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم..} الآيات.

* وختمت السورة بالأمر بالإنفاق في سبيل الله لإعلاء دينه، وحذرت من الشح والبخل، فإن من صفات المؤمن، الإنفاق في سبيل الله ابتغاء مرضاته، وهو شطر الجهاد، حيث ينقسم إلى قسمين: جهاد بالنفس، وجهاد بالمال {وأنفقوا خيرا لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون..} الآيات إلى نهاية السورة الكريمة.

قال محمد الغزالي:

{يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير}
الكون يعرف ربه، يعرف أن وجوده منه وبقاءه به، ولذلك يسبح بحمده وينقاد لأمره أما الناس فلهم شأن آخر. ما أكثر الذين يتجرءون عليه ويجحدون حقوقه ويحاربون رسله: {خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين}. أى عقوق هذا وأى إسفاف؟! فيا عجبا، كيف يعصى الإله أم كيف يجحده الجاحد؟ وفي كل شيء له آية! تدل على أنه الواحد! وقد بدأت سورة (التغابن) بهذا التسبيح تنبيها إلى شذوذ المعصية ووضاعة متركبها {هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير}. ومن النقائض أن يحسن الله تصويرك فتسيء تقديره! وأن يسبغ عليك النعمة فتطيل الغفلة والإنكار! وقد أنكر الناس الوحى لأن حملته بشر مثلهم. حتى عاد وثمود في القرون الغابرة قالوا: {لو شاء ربنا لأنزل ملائكة..}. إنه صعب على الإنسان أن يعترف بامتياز شخص آخر. إنه يريد أن يذهب بنفسه ويتطاول على غيره! خصوصا الأغبياء، فإن لذتهم في احتقار الذكاء وإهانة أهله {ألم يأتكم نبأ الذين كفروا من قبل فذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد}.





إن استكثار التفوق على الغير والسعى في هدمه وهزيمته طبيعة في بعض الأفراد، بل يخيل إلى أنه طبيعة في بعض الشعوب! ولو أن الأنبياء والمصلحين يدلون بما أوتوا من مواهب ويجنحون إلى الكبر والاستعلاء، لقلنا إنهم استثاروا غيرهم وألجئوه إلى الكبر والكفر. أما والرسل من أشد الناس تواضعا وألينهم عريكة، فإن تحديهم منكر مضاعف ومعصية سافرة..


{زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير}. إنكار البعث جريمة قديمة. ولكنها لم تلق الانتشار الذي أتيح لها في هذا العصر، فالحضارة التي تظلنا زينت الحياة الدنيا وأهالت التراب على ما بعدها، بل إن الكلام عن اليوم الآخر وهم لا يجوز أن يجرى على ألسنة العقلاء! وأهل الكتاب يقودهم اليهود في هذا الإنكار، وملاحدة العرب يجرئون الجماهير على نسيان الله وجحد لقائه، ويضيقون بالقرآن وهو يصور مشاهد الآخرة. إن قضايا الدين كلها تحتاج إلى عرض جديد يقاوم الإلحاد السائد. {فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا}. النور هو القرآن، وقد سقى كذلك في آيات كثيرة {ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا}. ولا يوجد كلام موثق من ألفه إلى يائه صادر عن الله سبحانه إلا هذا الكتاب، وقد أحصى العقائد المنجية وساقها في حشد من الأدلة تورث اليقين. وليت المسلمين يرتفعون إلى مستوى كتابهم ويؤدون رسالته. {يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن}. شعور الناس يوم البعث يحتاج إلى شرح. سيقول البعض {يا ليتني قدمت لحياتي}. وسيندم كثير على أنهم أضاعوا أوقاتا طويلة في غير طائل وأوتوا الصحة فلم ينتفعوا بها في طاعة، كما جاء في الحديث: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ». وسيندم آخرون على أنهم صادقوا فلانا الكبير وخاصموا فلانا الضعيف! إن فرصا كثيرة للنجاة أفلتت منهم بغباء شديد! {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين}. وهيهات لقد مضت أيام العمل وأتت أيام الحساب..



ولما كانت السورة مدنية، وكان المهاجرون والأنصار مكلفين بإقامة دولة الإسلام في وجه صعوبات بالغة وخصومات عنيفة، فقد قال! الله تعالى تصبيرا للقوم وتقوية للإيمان: {ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم}. إن إكراه المرء على ترك وطنه نصرة لدينه شيء شاق، وليس يتحمل ذلك كل إنسان.


قال أبو الطيب:

لولا المشقة ساد الناس كلهم
الجود يفقر والإقدام قتال!!

وقد لبى نداء الهجرة أناس فسبقوا سبقا بعيدا، وتقاعس آخرون ليستريحوا مع زوجاتهم وأولادهم ففقدوا هذا الشرف. وكثير أولئك الذين يصفون آذانهم عن نداء الواجب ليحيوا مع من يحبون! لهؤلاء يقول الله: {يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم}. قد يكون التعلق بالحياة طريق الخيانة والضياع {إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم}.

والحق أن مقاومة الضلال! والعدوان تحتاج إلى مغارم وتضحيات ينبغي أن يتحملها أهل الإيمان بجلد ورضا. وقد رأينا في عصرنا مبطلين لا يبالون بشيء يستحيل أن يقهرهم إلا رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه. أما أن يتجرأ اللصوص ويتقهقر رجال الشرطة، فلا أمان ولا إيمان!! ولذلك ختمت السورة بضرورة البذل والكفاح {فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيرا لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون}.


( يتبع - سورة الطلاق )









 

رد مع اقتباس
قديم 01-29-2021, 11:58 AM   #134


مديح ال قطب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1751
 تاريخ التسجيل :  06-03-2020
 أخر زيارة : 08-13-2021 (12:56 PM)
 المشاركات : 34,369 [ + ]
 التقييم :  22241
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Coral
افتراضي






















تابع – سورة التغابن

محور مواضيع السورة :




قال الصابوني:

* سورة التغابن من السور المدنية التي تعنى بالتشريع، ولكن جوها جو السور المكية التي تعالج أصول العقيدة الإسلامية.

* تحدثت السورة الكريمة عن جلال الله وعظمته وآثار قدرته، ثم تناولت موضوع الإنسان المعترف بربه، والإنسان الكافر الجاحد بآلاء الله {يسبح لله ما في السموات وما في الأرض له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن..} الآيات.

* وضربت الأمثال بالقرون الماضية، والأمم الخالية، التي كذبت رسل الله، وما حل بهم من العذاب والدمار، نتيجة لكفرهم وعنادهم وضلالهم {ألم يأتكم نبأ الذين كفروا من قبل فذاقوا وبال أمرهم..} الآيات.

* وأقسمت السورة على أن البعث حق لابد منه، أقر به المشركون أو أنكروه {زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربى لتبعثن..} الآيات.

* وأمرت بطاعة الله وطاعة رسوله، وحذرت من الإعراض عن دعوة الله {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين}.

* كما حذرت من عداوة بعض الزوجات والأولاد، فإنهم كثيرا ما يمنعون الإنسان عن الجهاد والهجرة {يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم..} الآيات.

* وختمت السورة بالأمر بالإنفاق في سبيل الله لإعلاء دينه، وحذرت من الشح والبخل، فإن من صفات المؤمن، الإنفاق في سبيل الله ابتغاء مرضاته، وهو شطر الجهاد، حيث ينقسم إلى قسمين: جهاد بالنفس، وجهاد بالمال {وأنفقوا خيرا لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون..} الآيات إلى نهاية السورة الكريمة.

قال محمد الغزالي:

{يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير}
الكون يعرف ربه، يعرف أن وجوده منه وبقاءه به، ولذلك يسبح بحمده وينقاد لأمره أما الناس فلهم شأن آخر. ما أكثر الذين يتجرءون عليه ويجحدون حقوقه ويحاربون رسله: {خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين}. أى عقوق هذا وأى إسفاف؟! فيا عجبا، كيف يعصى الإله أم كيف يجحده الجاحد؟ وفي كل شيء له آية! تدل على أنه الواحد! وقد بدأت سورة (التغابن) بهذا التسبيح تنبيها إلى شذوذ المعصية ووضاعة متركبها {هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير}. ومن النقائض أن يحسن الله تصويرك فتسيء تقديره! وأن يسبغ عليك النعمة فتطيل الغفلة والإنكار! وقد أنكر الناس الوحى لأن حملته بشر مثلهم. حتى عاد وثمود في القرون الغابرة قالوا: {لو شاء ربنا لأنزل ملائكة..}. إنه صعب على الإنسان أن يعترف بامتياز شخص آخر. إنه يريد أن يذهب بنفسه ويتطاول على غيره! خصوصا الأغبياء، فإن لذتهم في احتقار الذكاء وإهانة أهله {ألم يأتكم نبأ الذين كفروا من قبل فذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد}.





إن استكثار التفوق على الغير والسعى في هدمه وهزيمته طبيعة في بعض الأفراد، بل يخيل إلى أنه طبيعة في بعض الشعوب! ولو أن الأنبياء والمصلحين يدلون بما أوتوا من مواهب ويجنحون إلى الكبر والاستعلاء، لقلنا إنهم استثاروا غيرهم وألجئوه إلى الكبر والكفر. أما والرسل من أشد الناس تواضعا وألينهم عريكة، فإن تحديهم منكر مضاعف ومعصية سافرة..


{زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير}. إنكار البعث جريمة قديمة. ولكنها لم تلق الانتشار الذي أتيح لها في هذا العصر، فالحضارة التي تظلنا زينت الحياة الدنيا وأهالت التراب على ما بعدها، بل إن الكلام عن اليوم الآخر وهم لا يجوز أن يجرى على ألسنة العقلاء! وأهل الكتاب يقودهم اليهود في هذا الإنكار، وملاحدة العرب يجرئون الجماهير على نسيان الله وجحد لقائه، ويضيقون بالقرآن وهو يصور مشاهد الآخرة. إن قضايا الدين كلها تحتاج إلى عرض جديد يقاوم الإلحاد السائد. {فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا}. النور هو القرآن، وقد سقى كذلك في آيات كثيرة {ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا}. ولا يوجد كلام موثق من ألفه إلى يائه صادر عن الله سبحانه إلا هذا الكتاب، وقد أحصى العقائد المنجية وساقها في حشد من الأدلة تورث اليقين. وليت المسلمين يرتفعون إلى مستوى كتابهم ويؤدون رسالته. {يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن}. شعور الناس يوم البعث يحتاج إلى شرح. سيقول البعض {يا ليتني قدمت لحياتي}. وسيندم كثير على أنهم أضاعوا أوقاتا طويلة في غير طائل وأوتوا الصحة فلم ينتفعوا بها في طاعة، كما جاء في الحديث: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ». وسيندم آخرون على أنهم صادقوا فلانا الكبير وخاصموا فلانا الضعيف! إن فرصا كثيرة للنجاة أفلتت منهم بغباء شديد! {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين}. وهيهات لقد مضت أيام العمل وأتت أيام الحساب..



ولما كانت السورة مدنية، وكان المهاجرون والأنصار مكلفين بإقامة دولة الإسلام في وجه صعوبات بالغة وخصومات عنيفة، فقد قال! الله تعالى تصبيرا للقوم وتقوية للإيمان: {ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم}. إن إكراه المرء على ترك وطنه نصرة لدينه شيء شاق، وليس يتحمل ذلك كل إنسان.


قال أبو الطيب:

لولا المشقة ساد الناس كلهم
الجود يفقر والإقدام قتال!!

وقد لبى نداء الهجرة أناس فسبقوا سبقا بعيدا، وتقاعس آخرون ليستريحوا مع زوجاتهم وأولادهم ففقدوا هذا الشرف. وكثير أولئك الذين يصفون آذانهم عن نداء الواجب ليحيوا مع من يحبون! لهؤلاء يقول الله: {يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم}. قد يكون التعلق بالحياة طريق الخيانة والضياع {إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم}.

والحق أن مقاومة الضلال! والعدوان تحتاج إلى مغارم وتضحيات ينبغي أن يتحملها أهل الإيمان بجلد ورضا. وقد رأينا في عصرنا مبطلين لا يبالون بشيء يستحيل أن يقهرهم إلا رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه. أما أن يتجرأ اللصوص ويتقهقر رجال الشرطة، فلا أمان ولا إيمان!! ولذلك ختمت السورة بضرورة البذل والكفاح {فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيرا لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون}.


( يتبع - سورة الطلاق )









 

رد مع اقتباس
قديم 01-29-2021, 11:59 AM   #135


مديح ال قطب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1751
 تاريخ التسجيل :  06-03-2020
 أخر زيارة : 08-13-2021 (12:56 PM)
 المشاركات : 34,369 [ + ]
 التقييم :  22241
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Coral
افتراضي






















سورة الطلاق

التعريف بالسورة

مدنية .
من المفصل .
آياتها 12 .
ترتيبها الخامسة والستون .
نزلت بعد الإنسان .
بدأت باسلوب النداء " يا أيها النبي " .

سبب التسمية

سميت ‏بهذا ‏الاسم ‏حيث ‏تضمنت ‏السورة ‏ ‏أحكام ‏الطلاق ‏‏ ‏الطلاق ‏السني ‏‏، ‏والطلاق ‏البدعي ‏‏ ‏‏. ‏وتسمى ‏النساء ‏القُصرى‎ .‎‏

سبب نزول السورة

1) روى قتادة عن أنس قال طلق رسول الله حفصة فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وقيل له : " راجعها فإنها صوامة قوامة " وهى من إحدى أزواجك ونسائك في الجنة وقال السدي : نزلت في عبد الله بن عمر وذلك أنه طلق امرأته حائضا ، فأمره رسول الله أن يراجعها ويمسكها حتى تطهر ثم تحيض حيضة أخرى فإذا طهرت طلقها إن شاء قبل أن يجامعها فإنها العدة التي أمر الله بها .

2) نزلت الآية في عوف بن مالك الأشجعي وذلك أن المشركين أسروا ابنا له فأتى رسول الله وشكا إليه الفاقة ، وقال : إن العدو أسر ابني وجزعت الأم فما تأمرني فقال النبي اتق الله واصبر وآمرك وإياها أن تستكثر من قول لا حول ولا قوة الا بالله فعاد إلى بيته ، وقال لامرأته : إن رسول الله أمرني وإياك أن نستكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله . فقالت : نِعْمَ ما أمرنا به . فجعلا يقولان فغفل العدو عن ابنه فساق غنمهم وجاء بها إلى أبيه ، وهى أربعة آلاف شاة فنزلت هذه الآية .

3) عن جابر بن عبد الله قال نزلت هذه الآية ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ) في رجل من أشجع كان فقيرا خفيف ذات اليد ، كثير العيال فأتى رسول الله فسأله فقال : اتق الله واصبر فرجع إلى أصحابه فقالوا : ما أعطاك رسول الله فقال ما أعطاني شيئا . قال : اتق الله واصبر . فلم يلبث إلا يسيرا حتى جاء ابن له بغنم ، وكان العدو أصابوه ، فأتى رسول الله فسأله عنها وأخبره خبرها . فقال رسول الله إياكها .

4) قال مقاتل لما نزلت ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ) الآية قال خلاد بن النعمان بن قيس الأنصاري : يا رسول الله فما عدة التي لا تحيض ، وعدة التي لم تحض وعدة الحبلى ؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية .

5) عن أبي عثمان عمرو بن سالم قال لما نزلت عدة النساء في سورة البقرة في المطلقة والمتوفي عنها زوجها قال أبي ابن كعب يا رسول الله إن نساء من أهل المدينة يقلن قد بقى من النساء من لم يذكر فيها شيء ! قال : وما هو . قال : الصغار والكبار وذوات الحمل . فنزلت هذه الآية ( واللائي يئسن ) إلى آخرها .


تناولت السورة بعض الأحكام التشريعية المتعلقة بأحوال الزوجين كبيان أحكام الطلاق السني وكيفيته وما يترتب على الطلاق من العدة والنفقة والسكنى وأجر المرضع إلى غير ما هنالك من أحكام .


ومقصودها تقدير حسن التدبير في المفارقة والمهاجرة بتهذيب الأخلاق، بالتقوى لاسيما في الإنفاق، لاسيما إن كان ذلك عند الشقاق، لاسيما إن كان في أمر النساء لاسيما عند الطلاق، ليكون الفراق على نحو التواصل والتلاق، واسمها الطلاق أجمع ما يكون لذلك، فلذا سميت به وكذا سورة النساء القصرى لأن العدل في الفراق بعض مطلق العدل الذي هو محط مقصود سورة النساء.

ومعظم مقصود السّورة بيان طلاق السُنّة، وأحكام العِدّة، والتّوكُّل على الله تعالى في الأُمور، وبيان نفقة النِّساءِ حال الحمل والرّضاع، وبيان عُقُوبة المتعدِّين وعذابِهم، وأنّ التّكليف على قدْر الطاقة، وللصّالحين الثوابُ والكرامة، وبيان إِحاظة العلم، والقُدْرة، في قوله: {لتعْلمُواْ}

قال ابن عاشور:

سورة {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء} [الطلاق: 1] إلخ شاعت تسميتها في المصاحف وفي كتب التفسير وكتب السنة: سورة الطلاق ولم ترد تسميتها بهذا في حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم موسوم بالقبول.
وذكر في (الإتقان) أن عبد الله بن مسعود سماها سورة النساء القُصرى أخذا مما أخرجه البخاري وغيره عن مالك بن عامر قال: كنّا عند عبد الله بن مسعود فذُكر عنده أن الحامل المتوفى عنها تعتد أقصى الأجلين (أي أجل وضع الحمل إن كان أكثر من أربعة أشهر وعشرٍ، وأجلل الأربعة الأشهر وعشرٍ) فقال: أتجعلون عليها التغليظ ولا تجعلون عليها الرخصة لنزلتْ سورة النساء القُصرى بعد الطُّولى {وأولاتُ الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن} (الطلاق: 4).

وفي (الإتقان) عن الداودي إنكار أن تُدعى هذه السورة بالقصرى للتنزه عن وصف القرآن بصفة نقص، ورده ابن حجر بأن القِصر أمر نسبي أي ليس مشعرا بنقص على الإطلاق. وابن مسعود وصفها بالقُصرى احترازا عن السورة المشهورة باسم سورة النساء التي هي السورة الرابعة في المصحف التي أولها{يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة}(النساء: 1). وأما قوله الطُولى فهو صفة لموصوف محذوف أي بعد السورة الطولى يعني سورة البقرة لأنها أطول سور القرآن ويتعين أن ذلك مراده لأن سورة البقرة هي التي ذكرت فيها عدة المتوفى عنها. وقد يُتوهم أن سورة البقرة تسمى سورة النساء الطولى من مقابلتها بسورة النساء القصرى في كلام ابن مسعود. وليس كذلك كما تقدم في سورة النساء.
وهي مدنية بالاتفاق.
وعدد آيها اثنتا عشرة آية في عدد الأكثر. وعدها أهل البصرة إحدى عشرة آية.
وهي معدودة السادسة والتسعين في ترتيب نزول السور عند جابر بن زيد نزلت بعد سورة الإِنسان وقبل سورة البينة.

وسبب نزولها ما رواه مسلم عن طريق ابن جريج عن أبي الزبير أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن يسأل ابن عمر كيف ترى في الرجل طلق امرأته حائضا؟ فقال: طلق ابنُ عمر امرأته حائضا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عمرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: ليراجعها، فردّها وقال: إذا طهرت فليطلق أو ليُمسك. قال ابن عمر وقرأ النبي: {يأيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن} (الطلاق: 1).

وظاهر قوله: وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم إلخ. إنها نزلت عليه ساعتئذٍ. ويحتمل أن تكون نزلت قبل هذه الحادثة. وقال الواحدي عن السدي: إنها نزلت في قضية طلاق ابن عمر، وعن قتادة أنها نزلت بسبب أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق حفصة ولم يصح. وجزم أبو بكر بن العربي بأن شيئا من ذلك لم يصح وأن الأصح أن الآية نزلت بيانا لشرع مبتدإ.

قال سيد قطب
هذه سورة الطلاق ، يبين اللّه فيها أحكامه ، ويفصل فيها الحالات التي لم تفصل في السورة الأخرى (سورة البقرة) التي تضمنت بعض أحكام الطلاق ويقرر فيها أحكام الحالات المتخلفة عن الطلاق من شؤون الأسرة.
وقد تضمنت هذه السورة بيان الوقت الذي يمكن أن يقع فيه الطلاق الذي يقبله اللّه ويجري وفق سنته : «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ» ..

وحق المطلقة وواجبها في البقاء في بيتها - وهو بيت مطلقها - فترة العدة لا تخرج ولا تخرج إلا أن تأتي بفاحشة مبينة : «لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ» ..
وحقها بعد انقضاء العدة في الخروج لتفعل بنفسها ما تشاء ، ما لم يكن الزوج قد راجعها وأمسكها في فترة العدة ، لا ليضارها ويؤذيها بهذا الإمساك ويعطلها عن الزواج ، ولكن لتعود الحياة الزوجية بينهما بالمعروف :
«فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ» .. وهذا مع الإشهاد على الإمساك أو الفراق :
«وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ» ..

وفي سورة البقرة بين مدة العدة للمطلقة ذات الحيض - وهي ثلاثة قروء بمعنى ثلاث حيضات أو ثلاثة أطهار من الحيضات على خلاف فقهي - وهنا بين هذه المدة بالنسبة للآيسة التي انقطع حيضها وللصغيرة التي لم تحض : «وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ» ..
وبين عدة الحامل : «وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ» ..

ثم فصل حكم المسكن الذي تعتد فيه المعتدة ونفقة الحمل حتى تضع : «أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ ، وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ. وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ» ..
ثم حكم الرضاعة لولد المطلقة حين تضعه ، وأجر الأم على الرضاعة في حالة الاتفاق بينها وبين أبيه على مصلحة الطفل بينهما ، وفي حالة إرضاعه من أخرى : «فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ. وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى » ..

ثم زاد حكم النفقة والأجر في جميع الحالات تفصيلا ، فجعله تابعا لحالة الزوج وقدرته : «لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ ، وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ. لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها» ..
وهكذا تتبعت النصوص سائر الحالات ، وما يتخلف عنها ، بأحكام مفصلة دقيقة ، ولم تدع شيئا من أنقاض الأسرة المفككة بالطلاق إلا أراحته في مكانه ، وبينت حكمه ، في رفق وفي دقة وفي وضوح ..
ويقف الإنسان مدهوشا أمام هذه السورة وهي تتناول أحكام هذه الحالة ومتخلفاتها. وهي تحشد للأمر هذا الحشد العجيب من الترغيب والترهيب ، والتعقيب على كل حكم ، ووصل هذا الأمر بقدر اللّه في السماوات والأرضين ، وسنن اللّه في هلاك العاتين عن أمره ، وفي الفرج والسعة لمن يتقونه. وتكرار الأمر بالمعروف والسماحة والتراضي ، وإيثار الجميل. والإطماع في الخير. والتذكير بقدر اللّه في الخلق وفي الرزق ، وفي اليسر والعسر ..

( يتبع )









 

رد مع اقتباس
قديم 01-29-2021, 07:22 PM   #136


عطر الزنبق متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1482
 تاريخ التسجيل :  27-05-2018
 العمر : 28
 أخر زيارة : يوم أمس (11:46 PM)
 المشاركات : 100,502 [ + ]
 التقييم :  35940
 الدولهـ
Morocco
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
 Awards Showcase
لوني المفضل : White
افتراضي






بارك الله فيك
وجزاك الله خير الجزاء

وأثابك على ماقدمت
وأظلك الله يوم لا ظل الا ظله


 

رد مع اقتباس
قديم 01-30-2021, 01:36 PM   #137


مديح ال قطب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1751
 تاريخ التسجيل :  06-03-2020
 أخر زيارة : 08-13-2021 (12:56 PM)
 المشاركات : 34,369 [ + ]
 التقييم :  22241
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Coral
افتراضي





 

رد مع اقتباس
قديم 01-31-2021, 12:46 PM   #138


مديح ال قطب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1751
 تاريخ التسجيل :  06-03-2020
 أخر زيارة : 08-13-2021 (12:56 PM)
 المشاركات : 34,369 [ + ]
 التقييم :  22241
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Coral
افتراضي




















تابع – سورة الطلاق

محور مواضيع السورة :

يقف الإنسان مدهوشا أمام هذا الحشد من الحقائق الكونية الكبرى في معرض الحديث عن الطلاق أمام هذا الاحتفال والاهتمام - حتى ليوجه الخطاب إلى النبي - صلى اللّه عليه وسلم - بشخصه ، وهو أمر عام للمؤمنين وحكم عام للمسلمين ، زيادة في الاهتمام وإشعارا بخطورة الأمر المتحدث فيه. وأمام هذا التفصيل الدقيق للأحكام حالة حالة ، والأمر المشدد في كل حكم بالدقة في مراعاته ، وتقوى اللّه في تنفيذه ، ومراقبة اللّه في تناوله. والإطالة في التعقيب بالترغيب والترهيب ، إطالة تشعر القلب كأن هذا الأمر هو الإسلام كله! وهو الدين كله! وهو القضية التي تفصل فيها السماء ، وتقف لتراقب تنفيذ الأحكام! وتعد المتقين فيها بأكبر وأسمى ما يتطلع إليه المؤمن وتوعد الملتوين والمتلكئين والمضارّين بأعنف وأشد ما يلقاه عاص وتلوح للناس بالرجاء الندي والخير المخبوء وراء أخذ الأمر بالمعروف والسماحة والتجمل والتيسير.

ويقرأ القارئ في هذه السورة .. «وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ» .. «وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ» .. «لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً» .. «وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ» ..
«ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ» .. «وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ .. وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ. قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً» .. «وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً». «ذلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ» «وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً» ..
«سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً» ..

كما يقرأ ذلك التهديد العنيف الطويل المفصل : «وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً ، وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً. فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً. أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً» ..
يعقبه التحذير من مثل هذا المصير ، والتذكير بنعمة اللّه بالرسول وما معه من النور ، والتلويح بالأجر الكبير : «فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا ، قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً : رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللَّهِ مُبَيِّناتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ. وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً» ..


ثم يقرأ هذا الإيقاع الهائل الضخم في المجال الكوني الكبير : «اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ ، يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ ، لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً» ..

يقرأ هذا كله تعقيبا على أحكام الطلاق. ويجد سورة كاملة في القرآن ، من هذا الطراز ، كلها موقوفة على تنظيم هذه الحالة ومتخلفاتها كذلك! وربطها هكذا بأضخم حقائق الإيمان في المجال الكوني والنفسي.

وهي حالة تهدم لا حالة بناء ، وحالة انتهاء لا حالة إنشاء .. لأسرة .. لا لدولة .. وهي توقع في الحس أنها أضخم من إنشاء دولة! علام يدل هذا؟

إن له عدة دلالات تجتمع كلها عند سمو هذا الدين وجديته وانبثاقه من نبع غير بشري على وجه التأكيد.
حتى لو لم تكن هناك دلالة أخرى سوى دلالة هذه السورة! إنه يدل ابتداء على خطورة شأن الأسرة في النظام الإسلامي :
فالإسلام نظام أسرة. البيت في اعتباره مثابة وسكن ، في ظله تلتقي النفوس على المودة والرحمة والتعاطف والستر والتجمل والحصانة والطهر وفي كنفه تنبت الطفولة ، وتدرج الحداثة ومنه تمتد وشائج الرحمة وأواصر التكافل.

ومن ثم يصور العلاقة البيتية تصويرا رفافا شفيفا ، يشع منه التعاطف ، وترف فيه الظلال ، ويشيع فيه الندى ، ويفوح منه العبير : «وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً» .. «هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ» .. فهي صلة النفس بالنفس ، وهي صلة السكن والقرار ، وهي صلة المودة والرحمة ، وهي صلة الستر والتجمل. وإن الإنسان ليحس في الألفاظ ذاتها حنوا ورفقا ، ويستروح من خلالها نداوة وظلا. وإنها لتعبير كامل عن حقيقة الصلة التي يفترضها الإسلام لذلك الرباط الإنساني الرفيق الوثيق. ذلك في الوقت الذي يلحظ فيه أغراض ذلك الرباط كلها ، بما فيها امتداد الحياة بالنسل ، فيمنح هذه الأغراض كلها طابع النظافة والبراءة ، ويعترف بطهارتها وجديتها ، وينسق بين اتجاهاتها ومقتضياتها. ذلك حين يقول : «نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ». فيلحظ كذلك معنى الإخصاب والإكثار.

ويحيط الإسلام هذه الخلية ، أو هذا المحضن ، أو هذه المثابة بكل رعايته وبكل ضماناته. وحسب طبيعة الإسلام الكلية ، فإنه لا يكتفي بالإشعاعات الروحية ، بل يتبعها التنظيمات القانونية والضمانات التشريعية .

الذي ينظر في تشريعات الأسرة في القرآن والسنة في كل وضع من أوضاعها ولكل حالة من حالاتها ، وينظر في التوجيهات المصاحبة لهذه التشريعات ، وفي الاحتشاد الظاهر حولها بالمؤثرات والمعقبات وفي ربط هذا الشأن باللّه مباشرة في كل موضع ، كما هو الحال في هذه السورة وفي غيرها .. يدرك إدراكا كاملا ضخامة شأن الأسرة في النظام الإسلامي ، وقيمة هذا الأمر عند اللّه ، وهو يجمع بين تقواه - سبحانه - وتقوى الرحم في أول سورة النساء حيث يقول : «يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ، وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً وَنِساءً ، وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ. إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً» ..

كما يجمع بين عبادة اللّه والإحسان للوالدين في سورة الإسراء وفي غيرها : «وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً» .. وبين الشكر للّه والشكر للوالدين في سورة لقمان : «أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ» ..

وإن هذه العناية القصوى بأمر الأسرة لتتناسق مع مجرى القدر الإلهي بإقامة الحياة البشرية ابتداء على أساس الأسرة ، حين جرى قدر اللّه أن تكون أول خلية في الوجود البشري هي أسرة آدم وزوجه ، وأن يتكاثر الناس بعد ذلك من هذه الخلية الأولى. وكان اللّه - سبحانه - قادرا على أن يخلق الملايين من الأفراد الإنسانيين دفعة واحدة. ولكن قدره جرى بهذا لحكمة كامنة في وظيفة الأسرة الضخمة في حياة هذا المخلوق ، حيث تلبي حياة الأسرة فطرته واستعداداته ، وحيث تنمي شخصيته وفضائله ، وحيث يتلقى فيها أعمق المؤثرات في حياته.

ثم جرت هذه العناية في النظام الإسلامي - منهج اللّه الأخير في الأرض - مع القدر الإلهي في خلقة الإنسان ابتداء. كما هو الشأن في تناسق كل ما يصدر عن اللّه بلا تفاوت ولا اختلاف.

والدلالة الثانية لسياق السورة ، وللاحتفال بشأن العلاقات الزوجية والعائلية هذا الاحتفال في القرآن كله ، هي اتجاه النظام الإسلامي لرفع هذه العلاقات الإنسانية إلى مستوى القداسة المتصلة باللّه واتخاذها وسيلة للتطهر الروحي والنظافة الشعورية - لا كما كان ينظر إليها في العقائد الوثنية ، وعند أتباع الديانات المحرفة ، البعيدة بهذا التحريف عن فطرة اللّه التي فطر الناس عليها.


إن الإسلام لا يحارب دوافع الفطرة ولا يستقذرها ، إنما ينظمها ويطهرها ، ويرفعها عن المستوي الحيواني ، ويرقيها حتى تصبح هي المحور الذي يدور عليه الكثير من الآداب النفسية والاجتماعية. ويقيم العلاقات الجنسية على أساس من المشاعر الإنسانية الراقية ، التي تجعل من التقاء جسدين ، التقاء نفسين وقلبين وروحين. وبتعبير شامل التقاء إنسانين ، تربط بينهما حياة مشتركة ، وآمال مشتركة ، وآلام مشتركة ، ومستقبل مشترك ، يلتقي في الذرية المرتقبة ، ويتقابل في الجيل الجديد ، الذي ينشأ في العش المشترك ، الذي يقوم عليه الوالدان حارسين لا يفترقان.

ويعد الإسلام الزواج وسيلة للتطهر والارتفاع فيدعو الأمة المسلمة لتزويج رجالها ونسائها إذا قام المال عقبة دون تحقيق هذه الوسيلة الضرورية لتطهير الحياة ورفعها : «وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ ، إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ. وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ» .. ويسمي الزواج إحصانا أي وقاية وصيانة. ويستقر في أخلاد المؤمنين أن البقاء بدون إحصان ولو فترة قصيرة لا ينال رضى اللّه. فيقول الإمام علي - كرم اللّه وجهه - وقد سارع بالزواج عقب وفاة زوجه فاطمة بنت الرسول - صلى اللّه عليه وسلم - : «لقد خشيت أن ألقى اللّه وأنا عزب» .. فيدخل الزواج في عرف المؤمن في الطاعات التي يتقرب بها إلى ربه. وترتفع هذه الصلة إلى مكان القداسة في ضميره بما أنها إحدى الطاعات لربه.

والدلالة الثالثة لسياق سورة الطلاق ونظائرها هي واقعية هذا النظام الإسلامي ومعاملته للحياة وللنفس البشرية كما هي في فطرتها ، مع محاولة رفعها إلى ذلك المستوي الكريم ، عن طريق استعداداتها وملابسات حياتها.
ومن ثم لا يكتفي بالتشريع الدقيق في هذا الأمر الموكول إلى الضمير. ولا يكتفي بالتوجيه. ويستخدم هذا وذاك في مواجهة واقع النفس وواقع الحياة.

( يتبع )





 

رد مع اقتباس
قديم 01-31-2021, 12:53 PM   #139


مديح ال قطب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1751
 تاريخ التسجيل :  06-03-2020
 أخر زيارة : 08-13-2021 (12:56 PM)
 المشاركات : 34,369 [ + ]
 التقييم :  22241
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Coral
افتراضي

























تابع – سورة الطلاق
محور مواضيع السورة :

إن الأصل في الرابطة الزوجية هو الاستقرار والاستمرار. والإسلام يحيط هذه الرابطة بكل الضمانات التي تكفل استقرارها واستمرارها. وفي سبيل هذه الغاية يرفعها إلى مرتبة الطاعات ، ويعين على قيامها بمال الدولة للفقراء والفقيرات ، ويفرض الآداب التي تمنع التبرج والفتنة كي تستقر العواطف ولا تتلفت القلوب على هتاف الفتنة المتبرجة في الأسواق! ويفرض حد الزنا وحد القذف ويجعل للبيوت حرمتها بالاستئذان عليها والاستئذان بين أهلها في داخلها.

وينظم الارتباطات الزوجية بشريعة محددة ، ويقيم نظام البيت على أساس قوامة أحد الشريكين وهو الأقدر على القوامة ، منعا للفوضى والاضطراب والنزاع .. إلى آخر الضمانات والتنظيمات الواقية من كل اهتزاز.
فوق التوجيهات العاطفية. وفوق ربط هذه العلاقة كلها بتقوى اللّه ورقابته.

ولكن الحياة الواقعية للبشر تثبت أن هناك حالات تتهدم وتتحطم على الرغم من جميع الضمانات والتوجيهات.
وهي حالات لا بد أن تواجه مواجهة عملية ، اعترافا بمنطق الواقع الذي لا يجدي إنكاره حين تتعذر الحياة الزوجية ، ويصبح الإمساك بالزوجية عبثا لا يقوم على أساس! «والإسلام لا يسرع إلى رباط الزوجية المقدسة فيفصمه لأول وهلة ، ولأول بادرة من خلاف. إنه يشد على هذا الرباط بقوة ، فلا يدعه يفلت إلا بعد المحاولة واليأس.

إنه يهتف بالرجال : «وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ، فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً» .. فيميل بهم إلى التريث والمصابرة حتى في حالة الكراهية ، ويفتح لهم تلك النافذة المجهولة :
«فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً» فما يدريهم أن في هؤلاء النسوة المكروهات خيرا ، وأن اللّه يدخر لهم هذا الخير. فلا يجوز أن يفلتوه. إن لم يكن ينبغي لهم أن يستمسكوا به ويعزوه! وليس أبلغ من هذا في استحياء الانعطاف الوجداني واستثارته ، وترويض الكره وإطفاء شرته.

فإذا تجاوز الأمر مسألة الحب والكره إلى النشوز والنفور ، فليس الطلاق أول خاطر يهدي إليه الإسلام.

بل لا بد من محاولة يقوم بها الآخرون ، وتوفيق يحاوله الخيرون : «وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ ، وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما. إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً» .. «وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً. فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ» ..

فإذا لم تجد هذه الوساطة ، فالأمر إذن جد ، وهناك ما لا تستقيم معه هذه الحياة ، ولا يستقر لها قرار.
وإمساك الزوجية على هذا الوضع إنما هو محاولة فاشلة ، يزيدها الضغط فشلا ، ومن الحكمة التسليم بالواقع ، وإنها هذه الحياة على كره من الإسلام ، فإن أبغض الحلال إلى اللّه الطلاق .

فإذا أراد أن يطلق فليس في كل لحظة يجوز الطلاق. إنما السنة أن يكون في طهر لم يقع فيه وطء .. وفي هذا ما يؤجل فصم العقدة فترة بعد موقف الغضب والانفعال. وفي خلال هذه الفترة قد تتغير النفوس ، وتقر القلوب ، ويصلح اللّه بين المتخاصمين فلا يقع الطلاق! ثم بعد ذلك فترة العدة. ثلاثة قروء للتي تحيض وتلد. وثلاثة أشهر للآيسة والصغيرة. وفترة الحمل للحوامل.

وفي خلالها مجال للمعاودة إن نبضت في القلوب نابضة من مودة ، ومن رغبة في استئناف ما انقطع من حبل الزوجية.

ولكن هذه المحاولات كلها لا تنفي أن هناك انفصالا يقع ، وحالات لا بد أن تواجهها الشريعة مواجهة عملية واقعية ، فتشرع لها ، وتنظم أوضاعها ، وتعالج آثارها. وفي هذا كانت تلك الأحكام الدقيقة المفصلة ، التي تدل على واقعية هذا الدين في علاجه للحياة ، مع دفعها دائما إلى الأمام. ورفعها دائما إلى السماء.

والدلالة الرابعة للسورة وما فيها من الترغيب والترهيب والتعقيب والتفصيل الشديد والتوكيد ، هو أنها كانت تواجه حالات واقعة في الجماعة المسلمة متخلفة من رواسب الجاهلية ، وما كانت تلاقيه المرأة من العنت والخسف ، مما اقتضى هذا التشديد ، وهذا الحشد من المؤثرات النفسية ، ومن التفصيلات الدقيقة ، التي لا تدع مجالا للتلاعب والالتواء مع ما كان مستقرا في النفوس من تصورات متخلفة عن علاقات الجنسين ، ومن تفكك وفوضى في الحياة العائلية

ولم يكن الحال هكذا في شبه الجزيرة وحدها ، إنما كان شائعا في العالم كله يومذاك. فكان وضع المرأة هو وضع الرقيق أو ما هو أسوأ من الرقيق في جنبات الأرض جميعا. فوق ما كان ينظر إلى العلاقات الجنسية نظرة استقذار ، وإلى المرأة كأنها شيطان يغري بهذه القذارة.


من هذه الوهدة العالمية ارتفع الإسلام بالمرأة وبالعلاقات الزوجية إلى ذلك المستوي الرفيع الطاهر الكريم الذي سبقت الإشارة إليه. وأنشأ للمرأة ما أنشأ من القيمة والاعتبار والحقوق والضمانات .. وليدة لا توأد ولا تهان. ومخطوبة لا تنكح إلا بإذنها ثيبا أو بكرا. وزوجة لها حقوق الرعاية فوق ضمانات الشريعة. ومطلقة لها هذه الحقوق المفصلة في هذه السورة وفي سورة البقرة وغيرها ..

شرع الإسلام هذا كله. لا لأن النساء في شبه الجزيرة أو في أي مكان في العالم حينذاك شعرن بأن مكانهن غير مرض! ولا لأن شعور الرجال كذلك قد تأذى بوضع النساء. ولا لأنه كان هناك اتحاد نسائي عربي أو عالمي! ولا لأن المرأة دخلت دار الندوة أو مجلس الشورى! ولا لأن هاتفا واحدا في الأرض هتف بتغيير الأحوال .. إنما كانت هي شريعة السماء للأرض. وعدالة السماء للأرض. وإرادة السماء بالأرض .. أن ترتفع الحياة البشرية من تلك الوهدة ، وأن تتطهر العلاقات الزوجية من تلك الوصمة ، وأن يكون للزوجين من نفس واحدة حقوق الإنسان وكرامة الإنسان.
..
هذا دين رفيع .. لا يعرض عنه إلا مطموس. ولا يعيبه إلا منكوس ، ولا يحاربه إلا موكوس. فإنه لا يدع شريعة اللّه إلى شريعة الناس إلا من أخلد إلى الأرض واتبع هواه.


والآن نستعرض الأحكام في سياق السورة - بعد هذا الاستطراد الذي لا يبعد كثيرا عن جو هذا الجزء وما فيه من تنظيم وبناء للجماعة المسلمة - والأحكام في سياق السورة شيء آخر غير ذلك التلخيص. شيء حي. فيه روح. وفيه حركة. وفيه حياة. وفيه إيحاء .. وله إيقاع. وهذا هو الفارق الأصيل بين مدارسة الأحكام في القرآن ومدارستها في كتب الفقه والأصول.

«يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ، وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ، وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ، لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ ، وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ. وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ، وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ. لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً» ..

هذه هي أول مرحلة وهذا هو أول حكم يوجه الخطاب به إلى النبي - صلى اللّه عليه وسلم - «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ» ..
ثم يظهر أن الحكم خاص بالمسلمين لا بشخصه - صلى اللّه عليه وسلم - : «إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ... إلخ» فيوحي هذا النسق من التعبير بما وراءه ، وهو إثارة الاهتمام ، وتصوير الجدية. فهو أمر ذو بال ، ينادي اللّه نبيه بشخصه ليلقي إليه فيه بأمره ، كما يبلغه لمن وراءه. وهي إيحاءات نفسية واضحة الدلالة على ما يراد بها من احتفال واحتشاد.
«إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ» ..

وقد ورد في تحديد معنى هذا النص حديث صحيح رواه البخاري ولفظه : «حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا الليث ، حدثني عقيل ، عن ابن شهاب ، أخبرني سالم ، أن عبد اللّه بن عمر أخبره أنه طلق امرأة له وهي حائض ، فذكر عمر لرسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - فتغيظ رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - ثم قال : «ليراجعها ، ثم يمسكها حتى تطهر ، ثم تحيض فتطهر ، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا قبل أن يمسها ، فتلك العدة التي أمر بها اللّه عز وجل» ..
ورواه مسلم ولفظه : «فتلك العدة التي أمر اللّه أن يطلق لها النساء» ..

( يتبع )



مديح





 

رد مع اقتباس
قديم 01-31-2021, 12:54 PM   #140


مديح ال قطب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1751
 تاريخ التسجيل :  06-03-2020
 أخر زيارة : 08-13-2021 (12:56 PM)
 المشاركات : 34,369 [ + ]
 التقييم :  22241
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Coral
افتراضي




























تابع – سورة الطلاق
محور مواضيع السورة :

ومن ثم يتعين أن هناك وقتا معينا لإيقاع الطلاق وأنه ليس للزوج أن يطلق حينما شاء إلا أن تكون امرأته في حالة طهر من حيض ، ولم يقع بينهما في هذا الطهر وطء. وتفيد آثار أخرى أن هناك حالة ثانية يجوز فيها الطلاق ، وهو أن تكون الزوجة حاملا بينة الحمل. والحكمة في ذلك التوقيت هي أولا إرجاء إيقاع الطلاق فترة بعد اللحظة التي تتجه فيها النفس للطلاق وقد تسكن الفورة إن كانت طارئة وتعود النفوس إلى الوئام.

كما أن فيه تأكدا من الحمل أو عدمه قبل الطلاق. فقد يمسك عن الطلاق لو علم أن زوجه حامل. فإذا مضى فيه وقد تبين حملها دل على أنه مريد له ولو كانت حاملا. فاشتراط الطهر بلا وطء هو للتحقيق من عدم الحمل ، واشتراط تبين الحمل هو ليكون على بصيرة من الأمر.

وهذه أول محاولة لرأب الصدع في بناء الأسرة ، ومحاولة دفع المعول عن ذلك البناء.
وليس معنى هذا أن الطلاق لا يقع إلا في هذه الفترة. فهو يقع حيثما طلق . ولكنه يكون مكروها من اللّه ، مغضوبا عليه من رسول اللّه. وهذا الحكم يكفي في ضمير المؤمن ليمسك به حتى يأتي الأجل. فيقضي اللّه ما يريد في هذه المسألة.

«وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ» ..
كي لا يكون في عدم إحصائها إطالة للأمد على المطلقة ، ومضارة لها بمنعها من الزواج بعد العدة. أو نقص في مدتها لا يتحقق به الغرض الأول ، وهو التأكد من براءة رحم المطلقة من الحمل المستكن حفظا للأنساب.
ثم هو الضبط الدقيق الذي يوحي بأهمية الأمر ، ومراقبة السماء له ، ومطالبة أصحابه بالدقة فيه! «وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ. لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ ، وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ».

وهذا أول تنبيه - بعد وهلة النداء الأول - وأول تحذير من اللّه وتقديم تقواه. قبل الأمر بعدم إخراجهن من بيوتهن - وهي بيوت أزواجهن ولكنه يسميها بيوتهن لتوكيد حقهن في الإقامة بها فترة العدة - لا يخرجن منها ولا يخرجن ، إلا في حالة وقوع فاحشة ظاهرة منهن. وقد ورد أن هذه الفاحشة قد تكون الزنا فتخرج للحد : وقد تكون إيذاء أهل الزوج. وقد تكون هي النشوز على الزوج - ولو أنه مطلق - وعمل ما يؤذيه.

ذلك أن الحكمة من إبقاء المطلقة في بيت الزوج هي إتاحة الفرصة للرجعة ، واستثارة عواطف المودة ، وذكريات الحياة المشتركة. حيث تكون الزوجة بعيدة بحكم الطلاق قريبة من العين فيفعل هذا في المشاعر فعله بين الاثنين! فأما حين ترتكس في حمأة الزنا وهي في بيته! أو تؤذي أهله ، أو تنشز عليه ، فلا محل لاستحياء المشاعر الطيبة ، واستجاشة المودة الدفينة. ولا حاجة إلى استبقائها في فترة العدة. فإن قربها منه حينذاك يقطع الوشائج ولا يستحييها! «وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ. وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ» ..

وهذا هو التحذير الثاني. فالحارس لهذا الحكم هو اللّه. فأي مؤمن إذن يتعرض لحد يحرسه اللّه؟! إنه الهلاك والبوار .. «وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ» .. ظلم نفسه لتعريضها هكذا لبأس اللّه القائم على حدوده يحرسها ويرعاها. وظلم نفسه بظلم زوجه. وهي وهو من نفس واحدة ، فما يظلمها يظلمه كذلك بهذا الاعتبار .. ثم ..
«لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً».


إنها لمسة موحية مؤثرة. فمن ذا الذي يعلم غيب اللّه وقدره المخبوء وراء أمره بالعدة ، وأمره ببقاء المطلقات في بيوتهن .. إنه يلوح هناك أمل ، ويوصوص هناك رجاء. وقد يكون الخير كله. وقد تتغير الأحوال وتتبدل إلى هناءة ورضى. فقدر اللّه دائم الحركة ، دائم التغيير ، ودائم الأحداث. والتسليم لأمر اللّه أولى ، والرعاية له أوفق ، وتقواه ومراقبته فيها الخير يلوح هناك! والنفس البشرية قد تستغرقها اللحظة الحاضرة ، وما فيها من أوضاع وملابسات ، وقد تغلق عليها منافذ المستقبل ، فتعيش في سجن اللحظة الحاضرة ، وتشعر أنها سرمد ، وأنها باقية ، وأن ما فيها من أوضاع وأحوال سيرافقها ويطاردها .. وهذا سجن نفسي مغلق مفسد للأعصاب في كثير من الأحيان.

وليست هذه هي الحقيقة. فقدر اللّه دائما يعمل ، ودائما يغير ، ودائما يبدل ، ودائما ينشئ ما لا يجول في حسبان البشر من الأحوال والأوضاع. فرج بعد ضيق. وعسر بعد يسر. وبسط بعد قبض. واللّه كل يوم هو في شأن ، يبديه للخلق بعد أن كان عنهم في حجاب.

ويريد اللّه أن تستقر هذه الحقيقة في نفوس البشر ، ليظل تطلعهم إلى ما يحدثه اللّه من الأمر متجددا ودائما.

ولتظل أبواب الأمل في تغيير الأوضاع مفتوحة دائمة. ولتظل نفوسهم متحركة بالأمل ، ندية بالرجاء ، لا تغلق المنافذ ولا تعيش في سجن الحاضر. واللحظة التالية قد تحمل ما ليس في الحسبان .. «لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً» ..





«فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ، وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ، وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ. ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ. وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ. قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً» ..

وهذه هي المرحلة الثانية وهذا هو حكمها. وبلوغ الأجل آخر فترة العدة. وللزوج ما دامت المطلقة لم تخرج من العدة - على آجالها المختلفة التي سبق بيانها - أن يراجعها فتعود إلى عصمته بمجرد مراجعتها - وهذا هو إمساكها - أو أن يدع العدة تمضي فتبين منه ولا تحل له إلا بعقد جديد كالزوجة الجديدة. وسواء راجع أم فارق فهو مأمور بالمعروف فيهما. منهي عن المضارة بالرجعة ، كأن يراجعها قبيل انتهاء العدة ثم يعود فيطلقها الثانية ثم الثالثة ليطيل مدة بقائها بلا زواج! أو أن يراجعها ليبقيها كالمعلقة ، ويكايدها لتفتدي منه نفسها - وكان كلاهما يقع عند نزول هذه السورة ، وهو ما يزال يقع كلما انحرفت النفوس عن تقوى اللّه. وهي الضمان الأول لأحكامه في المعاشرة والفراق. كذلك هو منهي عن المضارة في الفراق بالسب والشتم والغلظة في القول والغضب ، فهذه الصلة تقوم بالمعروف وتنتهي بالمعروف استبقاء لمودات القلوب فقد تعود إلى العشرة ، فلا تنطوي على ذكرى رديئة ، لكلمة نابية ، أو غمزة شائكة ، أو شائبة تعكر صفاءها عند ما تعود. ثم هو الأدب الإسلامي المحض الذي يأخذ الإسلام به الألسنة والقلوب.

وفي حالتي الفراق أو الرجعة تطلب الشهادة على هذه وذاك. شهادة اثنين من العدول. قطعا للريبة. فقد يعلم الناس بالطلاق ولا يعلمون بالرجعة ، فتثور شكوك وتقال أقاويل. والإسلام يريد النصاعة والطهارة في هذه العلاقات وفي ضمائر الناس وألسنتهم على السواء. والرجعة تتم وكذلك الفرقة بدون الشهادة عند بعض الفقهاء ولا تتم عند بعضهم إلا بها. ولكن الإجماع أن لا بد من الشهادة بعد أو مع الفرقة أو الرجعة على القولين.

( يتبع )


مديح







 

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:18 AM

أقسام المنتدى

۩۞۩{ نفحات سكون القمر الإسلامية }۩۞۩ @ ۩۞۩{ الشريعة الإسلامية والحياة }۩۞۩ @ ۩۞۩{ أرصفة عامة}۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون للنقاش والحوار الجاد }۩۞۩ @ ۩۞۩{ مرافئ الترحيب والإستقبال }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سعادة الأسرة بــ سكون القمر }۩۞۩ @ ۩۞۩{ لأنني أنثى نقية }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لـ النكهات المطبخية وفن الوصفات}۩۞۩ @ ۩۞۩{ آفاق إجتماعية في حياة الطفل }۩۞۩ @ ۩۞۩{ الطب والحياة }۩۞۩ @ ۩۞۩{ جنة الأزواج }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لـ الديكور والأثاث المنزلي }۩۞۩ @ ۩۞۩{ متنفسات شبابية في رحاب سكون القمر }۩۞۩ @ ۩۞۩{ لأنني رجل بـ كاريزما }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون صدى الملاعب }۩۞۩ @ ۩۞۩{ عالم الإبداع والتكنولوجيا }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لـ الكمبيوتر والبرامج }۩۞۩ @ ღ مـنـتـدى البـرامــج ღ @ ღ منتدى التصاميم والجرافكس والرسم ღ @ ۩۞۩{ مرافي التبريكات والتهاني }۩۞۩ @ ۩۞۩{ شرفات من ضوء لـ سكون القمر }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لـ الصور والغرائب }۩۞۩ @ ღ سكون قسم الألعاب والتسلية والمرح ღ @ ღ المواضيع المكررة والمحذوفه والمقفله ღ @ ۩۞۩{ محكمة سكون القمر الإدارية }۩۞۩ @ ۩۞۩{ قسم الإدارة }۩۞۩ @ ۩۞۩{ رطب مسمعك ومتع عينيك }۩۞۩ @ ۩۞۩{ القسم السري }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لـ الفعاليات والمسابقات }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لـ السياحة والسفر }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لـ الأخبار المحلية والعالمية }۩۞۩ @ ۩۞۩{سكون اليوتيوب YouTube }۩۞۩ @ ۩۞۩{ تاجك يا عروس شكل تاني }۩۞۩ @ الآطباق الرئسية والمعجنات والصائر @ أزياء ألاطفال @ ۩۞۩{ ملتقى الأرواح في سماء سكون القمر}۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لـ شؤون إدآرية }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لـ الرسول والصحابة الكرام }۩۞۩ @ ۩۞۩{ منتدى المنوعات }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لـ الشخصيات والقبائل العربية والانساب }۩۞۩ @ البرامج وملحقات الفوتوشوب @ ۩۞۩{قسم التعازي والمواساه والدعاء للمرضى }۩۞۩ @ ۩۞۩{سكون لـ تطوير الذات وعلم النفس }۩۞۩ @ ღ خاص بالزوار ღ @ ۩۞۩{ سكون خاص لعدسة الأعضاء }۩۞۩ @ ۩۞۩{ فصول من قناديل سكون القمر }۩۞۩ @ منتدى كلمات الاغاني @ خدمة الاعضاء وتغيير النكات والاقتراحات والشكاوي @ ۩۞۩{ الهطول المميز بقلم العضو}۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لاعجاز وعلوم وتفسير القرآن الكريم}۩۞۩ @ ۩۞۩{ ساحة النون الحصرية }۩۞۩ @ ۩۞۩{ القصيد الحصري بقلم العضو }۩۞۩ @ ۩۞۩{ المقالات الحصرية بقلم العضو }۩۞۩ @ ۩۞۩{القصص الحصرية}۩۞۩ @ ۩۞۩{ متحف سكون ( لا للردود هنا) }۩۞۩ @ ۩۞۩{ دواوين الأعضاء الأدبية }۩۞۩ @ ۩۞۩{ منوعات أدبية}۩۞۩ @ ۩۞۩{ماسبق نشره بقلم الأعضاء }۩۞۩ @ ۩۞۩{الخواطر وعذب الكلام }۩۞۩ @ ۩۞۩{ الشعر والقصائد}۩۞۩ @ ۩۞۩{عالم القصة والرواية }۩۞۩ @ ۩۞۩{ المقالات الأدبية}۩۞۩ @ ۩۞۩{فنجان قهوة سكون }۩۞۩ @ ۩۞۩{ مدونات الأعضاء المميزة }۩۞۩ @ ۩۞۩{ تقنية المواضيع }۩۞۩.! @ ۩۞۩{ نزار قباني }۩۞۩.! @ ۩۞۩{الشلات والقصائد الصوتية }۩۞۩ @ ۩۞۩{ركن الكاتبة شايان}۩۞۩ @ ۩۞۩{ ركن الكاتبة منى بلال }۩۞۩ @ ۩۞۩{ ركن الكاتبة أنثى برائحة الورد }۩۞۩ @ ۩۞۩{ الردود المميزة }۩۞۩ @ ۩۞۩{في ضيافتي }۩۞۩ @ ۩۞۩{كرسي الاعتراف }۩۞۩ @ ۩۞۩{ ركن الادبية عطاف المالكي شمس }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لــ الفتاوى والشبهات }۩۞۩ @ ۩۞۩{حصريات مطبخ الأعضاء }۩۞۩ @ قسم النكت @ ۩۞۩{ المجلس الإداري }۩۞۩ @ ۩۞۩{ركن الاديب نهيان }۩۞۩ @ ۩۞۩{سكون لـ الطب والحياه }۩۞۩ @ ۩۞۩{ القسم الترفيهي}۩۞۩ @ ۩۞۩{ مدونات خاصة }۩۞۩ @ ۩۞۩{دواووين شعراء الشعر الحديث والجاهلي }۩۞۩ @ ۩۞۩{ركن الكاتب مديح ال قطب}۩۞۩ @ ۩۞۩{ الخيمة الرمضانية }۩۞۩ @ ۩۞۩{ المسابقات والفعاليات الرمضانية }۩۞۩ @ ۩۞۩{ رمضان كريم}۩۞۩ @ ۩۞۩{ الفتاوي الرمضانية }۩۞۩ @ ۩۞۩{ المطبخ الرمضاني}۩۞۩ @ ۩۞۩{ يلا نٍسأل }۩۞۩ @ قسم الزوار @ مشاكل الزوار @ الارشيف @ دروس الفوتوشوب @ تنسيق وتزيين المواضيع @



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

 ملاحظة: كل مايكتب في هذا المنتدى لا يعبر عن رأي إدارة الموقع أو الأعضاء بل يعبر عن رأي كاتبه فقط

دعم وتطوير نواف كلك غلا