ننتظر تسجيلك هـنـا


{ اعلانات سكون القمر ) ~
  <
 
بأيدينا نعلوا بمنتدانا وبمشاركاتكم وكلماتكم نرتقي فلا تقرأ وتمضي ..... الى من يواجه اي مشكلة للدخول وعدم استجابة الباسورد ان يطرح مشكلته في قسم مشاكل الزوار او التواصل مع الاخ نهيان عبر التويتر كلمة الإدارة


الإهداءات



۩۞۩{ سكون لاعجاز وعلوم وتفسير القرآن الكريم}۩۞۩ قسم يهتم بالقرآن والتفسير والقراءات ، والدراسات الحديثية ويهتم بالأحاديث والآثار وتخريجها.


تأملات في آيات من القرآن الكريم (سورة الكهف)

قسم يهتم بالقرآن والتفسير والقراءات ، والدراسات الحديثية ويهتم بالأحاديث والآثار وتخريجها.


إضافة رد
#1  
قديم 12-06-2021, 01:40 AM
نبراس القلم غير متواجد حالياً
Saudi Arabia     Male
Awards Showcase
لوني المفضل ظپط§ط±ط؛
 رقم العضوية : 1532
 تاريخ التسجيل : 23-09-2018
 فترة الأقامة : 2035 يوم
 أخر زيارة : 04-01-2022 (11:49 PM)
 الإقامة : جدة
 المشاركات : 4,103 [ + ]
 التقييم : 2291
 معدل التقييم : نبراس القلم has a reputation beyond reputeنبراس القلم has a reputation beyond reputeنبراس القلم has a reputation beyond reputeنبراس القلم has a reputation beyond reputeنبراس القلم has a reputation beyond reputeنبراس القلم has a reputation beyond reputeنبراس القلم has a reputation beyond reputeنبراس القلم has a reputation beyond reputeنبراس القلم has a reputation beyond reputeنبراس القلم has a reputation beyond reputeنبراس القلم has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]
Dsd تأملات في آيات من القرآن الكريم (سورة الكهف)




1- ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ﴾ [الكهف: 1].
تبدأ سورة الكهف بـ ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ، وهي واحدة من خمس سور مباركات تبدأ به، وهي:
الفاتحة، والأنعام، والكهف، وسبأ، وفاطر، ولـ ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ ﴾ في كلٍّ منها سياق مخصوص؛ فهو يجيء في سورة الفاتحة في سياق بيان ربوبية الله تعالى: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2]، ولأن الإقرار بهذه الربوبية هو رأس الإيمان، وأن له الأولوية في أصل الإيجاد، وينبغي من ثَمَّ أن تكون له الأولوية في حياة الناس؛ كان ترتيبها الأول من بين سور القرآن الكريم، ووجبت تلاوتُها في كل ركعة؛ لإغذاء شعور الإنسان بربوبية ربه، وتجديد صلة عبوديته به سبحانه وتعالى عدة مرات في اليوم الواحد.
و"الْحَمْدُ لِلَّهِ" في سورة الأنعام في سياق الخالق: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ * هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ ﴾ [الأنعام: 1، 2].
والخلق هو الإيجاد، وقد يكون إيجادًا من شيء سابق، فالإنسان مثلًا مخلوق جديد من مخلوق سابق، هو الطين. وأما في ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [فاطر: 1]، فإن الحمد لنوع آخرَ من الخلق، وهو الإيجاد من عدم. وملكية هذه المخلوقات لله تعالى وحده، وحمدُه سبحانه في سورة سبأ ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴾ [سبأ: 1] آتٍ لعائدية هذا الملك إليه، ومن ثم لكونه المتصرفَ الوحيد فيها، فيدبِّرها برحمته وحكمته.
ولم يكن الإنسان على علم بهذه المعاني الجليلة والحكمة منها - أي: الربوبية والخلق بمعنيَيْه والمُلْك، وغيرها من أسماء الله تعالى وصفاته - لولا فضلُه سبحانه ولولا إنزال الكتاب لهداية الإنسان إلى جنابه العليِّ، فـكان ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ ﴾ في أول هذه السورة؛ لأنه سبحانه هدى الإنسان إلى سبيل الخروج من العَمَايَة.
والتعبير بلفظ الكتاب عن القرآن الكريم كامن - كما يقول محمد رشيد رضا في سياق تفسير سورة المائدة ( تفسير المنار 6: 339) - في أنه الوحيد الجدير بانصراف معنى الكتاب الإلهي إليه عند الإطلاق؛ لأن ما قبله، وقد سماه القرآن الكريم بأسمائه، وهو التوراة والإنجيل، وما أودع الله فيهما من هدى ونور - كانت مقدماتٍ ووسائلَ، بينما كان القرآن الكريم مقصدًا ونتيجة، فبه أكمل الله تعالى الدين، وهو الكامل الهادي إلى الحق، وهو الشاهد على صدق الأنبياء السابقين في أنهم جاؤوا بالهدى من عنده سبحانه. ولهذا ولشمولية القرآن الكريم على هدى الكتب السابقة وحفظه مما تعرَّضت له تلك الكتب من تغيير؛ صار القرآن الكريم حقيقًا بأن يسمى الكتاب، فلدِينِ الله تعالى كتابٌ واحد؛ أي: منهج واحد، وإن تعدَّدت الرسل. والقرآن الكريم الحاوي على ما خص الله تعالى به الأمة المحمدية، والشامل لهدى الكتب السابقة - هو الكتاب الوحيد المحتفظ شكلًا ومضمونًا بما أراده الله تعالى، فلا كتاب غيره يصح أن يقال عنه: ﴿ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا * قَيِّمًا ﴾.
2- ﴿ قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا * مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا * وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا * مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا ﴾ [الكهف: 2 - 5].
إن هذا الكتاب هو الحق، ويُرشد الإنسانَ بهدْيٍ قويم، ولكن الله تعالى المحيط بكوامن الإنسان يعلم أن من الناس من يتنكب عن هذا الإرشاد وأن منهم من يتقبلها، فكانت رسالته إنذارًا وبشارة على عمومهما وبدون تخصيص؛ فمن الناس من يصحو بالإنذار، ومنهم من يستجيب بالبشرى، وقدَّم الإنذار؛ لأن النفوس - عادةً - لا تذعن من أول الأمر، ثم إنه كرر الإنذار وخَصَّ به من قال: ﴿ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ﴾، وهم اليهود والنصارى وقسم من الكافرين الذين كانوا يعتقدون أن الملائكة بنات الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴾ [التوبة: 30]، ﴿ أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا ﴾ [الإسراء: 40].
وتخصيص ناسبي الولدِ إليه سبحانه بالإنذار مرة أخرى بعد الإنذار العام الذي ورد في صدر الآية والذي هم مُضمَّنون فيه - راجعٌ، والله أعلم، إلى أمرين؛ أولهما: أن اليهود هم الذين نصحوا مشركي مكة بسؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشياء جاء الجواب عن بعضها في هذه السورة، كما ذُكر في أسباب التنزيل، وهم صنف من ناسبي الولد إليه سبحانه. وثانيهما: هو أن مَن قال: إن لله ولدًا، سبحانه، لا يكفرون وحسب؛ بل ويصِفونه جل وعلا بصفات النقص، ويعزون إليه ما لا يليق من صفات بشرية. وهم بهذا يختلفون عن المشركين الآخرين الذين بدَوا وكأنهم كانوا يراعون صفة الكمال في علو الله تعالى، ونزَّهوه عن الشهوات التي ألصقها به الآخَرون وإن وقَعوا في صفة نقص أخرى، وهي إشراك غيره معه في الربوبية. والفئتان منكوستان؛ فالمشركون اعتقدوا لعقولهم القاصرة أن مقاماتهم البشرية أحَطُّ من أن تمكِّنهم من عبادة الله مباشرة؛ فاتخَذوا له سبحانه وتعالى شركاءَ تقرِّبهم إليه زلفى، وقد أنكر الله تعالى عليهم مذهبهم الفاسد، ومعتقدو الولد له سبحانه زادوا على ذلك في عدم التورع عن عزو صفات النقص البشري إليه جل وعلا؛ ولهذا شنع القرآن الكريم عليهم معتقدهم بالعموم وبالتخصيص على حد سواء في مواضع مختلفة؛ كآيتي التوبة والإسراء السابقتين، والآية الخامسة من سورة الكهف، وفي قوله تعالى: ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ﴾ [مريم: 88 - 93].
إن هدف إنزال هذا الكتاب هو:
﴿ لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ ﴾.
﴿ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا ﴾.
﴿ وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ﴾.
ومع أن الهدف متمثل بأمرين، هما: الإنذار والبشارة، وهذا واضح في القرآن الكريم كله، وفي قوله تعالى من هذه السورة مثلًا: ﴿ وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ﴾ [الكهف: 56]، فإنه وبتكرار الإنذار دون البشارة صار الهدف في قالبٍ من الصياغة الثلاثية.
وتمثِّل الثنائية والثلاثية أحدَ مباني هذه السورة المباركة، ويمكن ملاحظة هذه البنية المخصوصة في العِبَر والحوادث التي وردت فيها، وفي عددٍ من صيَغِها التعبيرية.
إن السورة تتناول قضية الإيمان والكفر وهي ثنائية، ولكن الله تعالى أورَدَ لهذه الثنائية ثلاثة أمثال، هي: قصة أصحاب الكهف، وقصة الرجلينِ اللذين جعل لأحدهما جنتين من أعناب، ومَثَلُ الحياة الدنيا. ثم إن قضية الإيمان شُطرت شطرين: أولهما: هو الإيمان بالله تعالى بوصفه القادرَ المدلَّل عليه بالأمثلة الثلاثة السابقة، وشطره الثاني: هو الإيمان باليوم الآخر، ولأن اليوم الآخر حدثٌ غيبي؛ قص الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم ثلاثَ حوادث غيبية، أو تنطوي على حِكَمٍ غيبية، وهي: أمره للملائكة بالسجود لآدم، وقصة موسى مع العبد الصالح، وقصة ذي القرنين أو الجزء الخاص بالسَّدِّ منها.
وإذا تلمَّسْنا ثلاثية التعبير، فإننا نراها في آيات كثيرة من هذه السورة، ومن أمثلتها قولُه تعالى: ﴿ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا ﴾ [الكهف: 5]:
﴿ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ ﴾.
﴿ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ﴾.
﴿ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا ﴾.
وفي قوله تعالى - وقد وضعت العلامة # أحيانًا بين عناصر الثلاثية -: ﴿ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ﴾ # ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ # ﴿ وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا ﴾ [الكهف: 6 - 8]؛ إذ إن كل آية من هذه الآيات الثلاث هي أحد أعمدة هذه الثلاثية المشار إليها.
وفي قصة أصحاب الكهف تتناوب الثنائية والثلاثية، ويمكن استشفافُ الثنائية في قوله تعالى: ﴿ أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا * إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا * فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا * ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا ﴾ [الكهف: 9 - 12].
فسمى أصحاب الكهف بـ ﴿ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ ﴾، وهي تسمية ثنائية للمكان، ثم: ﴿ فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا * ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ ﴾، وهو ثنائية زمنية للنوم واليقظة، أو الموت والحياة، ﴿ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا ﴾، وهي ثنائية لجماعتي الكفر والإيمان.
وفي هذه الآيات ثنائية أخرى تظهر في: التجاء الفتية إلى الكهف وفي دعائهم لله ﴿ إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ # فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ﴾ [الكهف: 10]، وكان دعاؤهم ثنائيًّا:
﴿ رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً ﴾.
﴿ وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ﴾.
وكانت استجابة الله تعالى لهم ثنائية أيضًا بأنْ أنامَهم ثم بعَثَهم.
والصيغ التعبيرية التي تسرد قصة هؤلاء ثلاثيةٌ، من ذلك مثلًا قوله تعالى: ﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى * وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ﴾ [الكهف: 13، 14]، وهذه الثلاثية هي:
﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ ﴾.
﴿ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى * وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ ﴾.
﴿ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ﴾.
كما توجد فيها ثلاثيتان أُخريانِ، هما:
﴿ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ ﴾.
﴿ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ﴾.
﴿ وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ ﴾.
﴿ إِذْ قَامُوا ﴾.
﴿ فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾.
﴿ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ﴾.
وكذلك في قوله تعالى: ﴿ هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴾ [الكهف: 15]:
﴿ هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً ﴾.
﴿ لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ ﴾.
﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴾.
وفي قوله تعالى: ﴿ وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا ﴾ [الكهف: 17] ثلاثيتان، وهما:
الثلاثية الأولى:
﴿ وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ ﴾.
﴿ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ ﴾.
﴿ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ﴾.
والثلاثية الثانية هي:
﴿ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ ﴾.
﴿ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ ﴾.
﴿ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا ﴾.
ومن الواضح أن هذه الثلاثية الأخيرة تقوم على ثنائية الهدى والضلال.
وتشتمل الآية ﴿ وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا ﴾ [الكهف: 18] على ثلاثيتين؛ تدور أُولاهما على وصف ما كان عليه أصحاب الكهف:
﴿ وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا ﴾.
﴿ وَهُمْ رُقُودٌ ﴾.
﴿ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ﴾.
وتختص ثانيتهما بحالة رائيهم:
﴿ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ ﴾.
﴿ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا ﴾.
﴿ وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا ﴾.
وقد تم الفصل بين الثلاثيتين - الأُولى الخاصة بشخوص أصحاب الكهف، والثانية الخاصة بشخوص مَن يقع نظرُه عليهم لو تهيأ له أن يراهم - بذكر الكلب الذي هو ليس من جنس أيٍّ من الطرفين ﴿ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ ﴾.
إن هذه الثلاثية ملحوظة أيضًا في الأقوال الثلاثة التي قيلت عن عدد أصحاب الكهف، وفي المدة التي مكثوها نائمين، وهي ثلاثمائة سنة أو ثلاثمائة وتسع؛ فهما من مضاعفات الثلاثة من غير ربطهما بالإعجاز العددي. وكذلك يمكن ملاحظتها في الآيات التي أمَر الله تعالى نبيَّه صلى الله عليه وسلم فيها بملازمة من يريد وجهَه ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28]:
﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ﴾.
﴿ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾.
﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾.
وللركنين الأوَّلينِ من هذه الأركان الثلاثة ثنائيةٌ خاصة:
﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ ﴾.
﴿ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ﴾.
ثم:
﴿ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ ﴾.
﴿ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾.
وأما الركن الثالث، فيقوم على الثلاثية الآتية:
﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا ﴾.
﴿ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ﴾.
﴿ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾.
وفي آيات من قصة أصحاب الجنتين ﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا * كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا ﴾ [الكهف: 32، 33].
وفي هذا المثل المعطى في الآية 32 ثنائية الرجلينِ والجنتينِ، وثلاثية هي:
﴿ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ ﴾.
﴿ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ ﴾.
﴿ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا ﴾.
وفي الآية 33 ثنائية الجنتين، وثلاثية هي:
﴿ آتَتْ أُكُلَهَا ﴾.
﴿ وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا ﴾.
﴿ وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا ﴾.
وتدور قصة موسى عليه السلام على ثنائية الأشخاص وثلاثية الأحداث؛ فقد كان موسى عليه السلام مع فتاه، وهما كانا البارزين في المشهد، إلى أن التقى موسى بالعبد الصالح، فاختفى الفتى أو اختفى ذِكرُه، وظهر موسى والعبد الصالح فيما جرى، فظل بقاء شخصين في المشهد، والحوادثُ التي جرَتْ على يد العبد الصالح كانت ثلاثة.
وهذه الثنائية؛ موسى والفتى، ولربما مجمع البحرين أيضًا، والثلاثية؛ في القول والفعل - جليةٌ وواضحة في الآيات الآتية: ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا * فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ﴾ [الكهف: 60، 61]:
﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا ﴾.
﴿ فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا ﴾.
﴿ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ﴾.
وثنائية القول والفعل وثلاثيتهما تظهران في الآيات التالية أيضًا ﴿ فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا * قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا * قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا * فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا ﴾ [الكهف: 62 - 65].
والثلاثية هنا متداخلة، فهي من جهة ممثلة بـ:
تجاوز المكان.
التنبه بالعلامة إلى فوات الموضع الذي كان يريده.
الالتقاء بالعبد الصالح.
ومن جهة أخرى، فإن في كل فقرة ثلاثيةً مستقلة:
﴿ فَلَمَّا جَاوَزَا ﴾.
﴿ قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا ﴾.
﴿ لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ﴾.
واشتمل رد الفتى على ثلاثية أخرى، وهي:
﴿ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ ﴾.
﴿ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ﴾.
﴿ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ﴾.
وكان تعقيب موسى عليه السلام بثلاثية أخرى، وهي:
﴿ قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ ﴾.
﴿ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ﴾.
﴿ فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا ﴾.
وأثمر لقاؤه بالعبد الصالح عليهما السلام شهود ثلاثة أفعال غابت حكمتُها عنه إلى أن بيَّنها له العبد الصالح، وهي خرق السفينة، وقتل الغلام، وإقامة الجدار.
وأما ذو القرنين، والتثنية في لقبه لافتة هنا، فبدأت حكايته بسؤالٍ عنه وجَّهَه المنكرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثنائيةُ الطرف واضحة في فريقَي المنكرين والمؤمنين، ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا ﴾ [الكهف: 83]، وابتداء ذكره كان بثلاثة أشياء، وهي: تمكين الله تعالى له، وإيتاؤه القوة، وانطلاقه؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا * فَأَتْبَعَ سَبَبًا ﴾ [الكهف: 84، 85]، وكانت انطلاقته إلى ثلاث جهات، هي: مغرب الشمس، ومطلعها، وبين السدَّين. وما عرَضَه أهل السدَّينِ في قوله تعالى: ﴿ قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ﴾ [الكهف: 94]، كان ثلاثة أشياء: النداء ﴿ قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ ﴾، والإخبار ﴿ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ ﴾، والالتماس ﴿ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ﴾، وكانت استجابة ذي القرنين التي حكاها القرآن الكريم ﴿ قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ﴾ [الكهف: 95] قائمةً على ثلاثة أشياء: خبر ﴿ قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ ﴾، وطلب ﴿ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ ﴾، وتعليل ﴿ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ﴾، وقام التنفيذ على ثلاثة أوامر، هي: طلب الإتيان بزبر الحديد، والنفخ، وإفراغ النحاس، وعلى ثلاثة أفعال؛ صرح باثنين منها، وهما: التسوية بين الصَّدَفَيْنِ، وإشعال النار، وترك الثالث مفهومًا، وهو إفراغ النحاس: ﴿ آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا ﴾ [الكهف: 96]، ثم عندما انتهى من الردم عقَّب بثلاثة أقوال، هي: أن هذا البناء رحمة من ربه، وأنه سيُدَكُّ في وقته المحدَّد الذي يحين، وأن وعد الله حق: ﴿ قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ﴾ [الكهف: 98].
ثم تنتقل السورة في أواخرها إلى مَشاهدِ يوم القيامة، وهي ثلاثية التصوير، كما في قوله تعالى: ﴿ وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ ﴾ # ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ﴾ # ﴿ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا ﴾ [الكهف: 99]، وتتحدث عن عَرْضِ جهنم للكافرين، وهم أحد فريقَي الخلاف العقدي، والفريق الآخر هم المؤمنون، فتصفهم بثنائيةٍ ضمن ثلاثية العَرْضِ: ﴿ وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا * الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي ﴾ # ﴿ وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا ﴾ [الكهف: 100، 101]. وقد أبرزت الآياتُ الأخيرة أولئك الذين أُنذِروا في بداية السورة ممَّن نسَبَ الولدَ إليه سبحانه وعبَدَه من دون الله، فخصَّتهم بذكر جهنم مثوى لهم، وجاء على ذكر الصنف الآخر من الكافرين وبيَّن ضلال سعيهم، وذلك في الآيات الآتية: ﴿ أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا * قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾ [الكهف: 102 - 104]، وجمَعَهما في صعيد واحد وبيَّن مآلهم بخبرينِ، فصار الجمع والخبران ثلاثيةً من الثلاثيات التي ذكرناها في هذه السورة، فقال سبحانه: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ ﴾ # ﴿ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ ﴾ # ﴿ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ﴾ [الكهف: 105].
أما المؤمنون، فقد جاء ذِكرُ جزائهم في آيتينِ بثلاثِ لوحات: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا ﴾ # ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا ﴾ # ﴿ لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا ﴾ [الكهف: 107، 108]، وإن الطريق إلى هذا يمُرُّ برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما يوحَى إليه في ثنائية في صدر الآية الأخيرة: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ﴾ # ﴿ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ﴾ [الكهف: 110]، وثلاثية في آخرها: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ ﴾ # ﴿ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا ﴾ # ﴿ وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110]، جامعًا الإيمان بالله تعالى والعمل الصالح، وتوحيده وإفراده بالعبودية والعمل.
3- ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا * وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا ﴾ [الكهف: 7، 8].
واستعمال ﴿ زِينَةً ﴾ لما على الأرض؛ إنما هو للإشارة إلى أنه جمالٌ ظاهري زائل لا بقاء له، وبهذا المعنى تَرِدُ كلمة (زينة) في جميع المواضع التي وردت فيها في القرآن الكريم، وهذا العرض الزائل هو مادة الاختبار؛ فمن انجرف معه، زال بزواله الذي قد يكون في غمضة عين؛ ولهذا فإن قوله تعالى: ﴿ وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا ﴾ بدأ بالواو التي تدل على المشاركة مع الآية السابقة؛ أي: إن جعل ﴿ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا ﴾ ليس من الضرورة أن يكون في يوم القيامة؛ بل قد يحصل في هذه الدنيا كما حصل للأمم السابقة الجاحدة.
4- ﴿ إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ﴾ [الكهف: 10].
الفتى هو الشاب اليافع، فكان أصحاب الكهف من هذه الفئة العمرية التي بلغت الرجولة توًّا، وامتازوا بصلابة العقيدة ورباطة الجأش. ومن الملاحَظ أن الله تعالى ينوِّه بدَورِ هذه الفئة لا في هذه السورة وحسب حيث تصدى الفتيان للطغيان دون خوف أو وجَلٍ؛ بل في سياق قصة إبراهيم أيضًا عليه السلام؛ حيث قال تعالى: ﴿ قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ * قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ﴾ [الأنبياء: 59، 60]، كما أن موسى عليه السلام اصطحب فَتَاهُ حين ذهب لملاقاة العبد الصالح، والمراد بـ (فَتَاهُ) هو تابعه، ولكن اختيار كلمة الفتى للتابع دالٌّ على أنه كان في مقتبل فتوته ورجولته ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا ﴾ [الكهف: 60]، وكان اختياره له؛ لثقته به، ولقدرته على تحمُّل مشقة الرحلة التي عزم عليها حتى وإن استغرقتْ منه حقبًا.
وفي هذه الآيات ومثيلاتها ما يُبرِزُ دَورَ الشباب في كونهم أحيانًا - على الأقل - رأسَ الرمح في التغيير وإشاعة العقيدة الصحيحة، وقد عرَف رسولُ الله صلى الله عليه وسلم للمؤمنين به من الشبان دورَهم هذا، فأَولاهم أمانته وثقته، وحفظ لنا التاريخ شيئًا من ذلك؛ كاختياره عليه الصلاة والسلام دارَ الأرقم بن أبي الأرقم في دعوته السرِّية في مكة حين كان الأرقم ابن سبعَ عشْرةَ سنة، وتكليفِه لعلي بن أبي طالب حين كان في أوائل العشرينات من عمره في أن يمكث في فراشه ليلة هجرته، وكتسميته أسامة بن زيد قائدًا لجيشٍ أعَدَّه وفيه كبار الصحابة وهو ابن ثماني عشرة سنة، وغير ذلك.
5- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا * أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا ﴾ [الكهف: 30، 31].
ورد ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ على العموم من غير تخصيص بزمن أو بفئة من المؤمنين أو من الصحابة؛ ولهذا وصف الله تعالى جزاءهم بـ: ﴿ أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ ﴾.
ووُصِفتْ الجنات في القرآن الكريم بأنها ﴿ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ﴾، وهو الأكثر، أو ﴿ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ ﴾، وترد هاتان الصيغتان في سياق جزاء المؤمنين بشكل عام، وليس في سياق جزاء فئة مخصوصة منهم، وأشار بعض العلماء من المفسرين ومن المعاصرين إلى أن ﴿ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾ وصفٌ لجنات ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾، ولأن المؤمنين مذكورون على وجه العموم، فإن فيهم الأنبياء ورسول الله صلى الله عليه وسلم، والأنبياءُ والرسل أعلى مقامًا منالمهاجرين والأنصار الذين وُصفت جناتهم في سورة التوبة بـ: ﴿ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ ﴾ مجردة من (مِن) في قوله تعالى: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 100].
ولبيان الفرق بين الصيغتين؛ ذكَر أولئك العلماء أن هذه الجنات المقترن وصفها بـ (مِن) تنبع الأنهار من تحتها، ولا تنبع من موضع آخر، مُوحِينَ بذلك إلى أنها جنات كائنة في وسط الأنهار، وهي من ثم أسمى من الجنات التي لم يقترن وصفها بـ (مِن) في سورة التوبة، والتي تمر بها الأنهار النابعة من موضع آخر، مما يعني أنها ليست كائنة في وسط الأنهار كما كان الشأن مع سابقتها.
ولم أهتدِ في كلامهم إلى كيفية جمع الأنبياء والمؤمنين ومنهم الصحابة في نوع من الجنات، ثم وضْع السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ومن تبعهم بإحسان بعد ذلك في نوع آخر من الجنان، كما أن حديثهم عن الآية المقصودة في سورة التوبة يوحي باستثناء رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين، ولولا ذلك لما ظَنُّوا أن الجنات المذكورة في سورة التوبة المجردة من (مِن) أقلُّ مقامًا من الجنات التي وردت مشفوعةً بها.
وبدا لي هذا إشكالًا يمكن حله من جانبين؛ أولهما: هو أن قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ لا ينصرف إلى الأنبياء، بل إلى أتباعهم من المؤمنين وإلى الذين تلقوا القرآن الكريم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، والسياقُ في كل الآيات التي تتحدث عن المؤمنين وجناتهم واضحٌ اتصالُه بهؤلاء إلا فيما ندر؛ كقوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴾ [المائدة: 12]، ثم إن القرآن الكريم ميَّزَ من بين هؤلاء المؤمنين مَن هم الأعلى رتبة: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 100]، ووصفَ جناتهم مشفوعةً بـ (مِن) أو مجردةً منها. وأما الأنبياء أنفسهم، فيمكن تخيُّلُ عظيم جنانهم من خلال وصف جنات الأتباع، فإذا كان الأتباع في ذلك النعيم العظيم، ففي أي مقام سيكون الأنبياء الذين هم أعلى وأرفع؟ وفي أي مقام سيكون رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو سيد أُولي العزم من الرسل؟
وثاني الجانبين: هو قوله تعالى على لسان فرعون: ﴿ وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ [الزخرف: 51]، ولا شك في أن ليس المراد به جريان الأنهار من تحت فرعون مباشرة. ويُفهم من ﴿ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي ﴾ أمران: أولهما: هو القدرة على التصرُّف الحر في ما في مصر من حجرٍ ونهر، وبهذه القدرة على التصرف يستقيم عطف ﴿ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي ﴾ على ﴿ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ ﴾، وثانيهما: هو تباهي فرعون بأُبَّهتِه، ومن مظاهر تلك الأبهة التي أراد تذكير أتباعه بها أن قصره مشرفٌ على النهر أو أنه على شاطئ النهر، وليس في الآية ما يعني أن قصره في داخل النهر. وعلى النحو نفسه يُفهَم - فيما أحسب - قوله تعالى: ﴿ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ﴾ أو قوله تعالى: ﴿ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ ﴾ أو قوله تعالى: ﴿ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ ﴾؛ فهذا الوصف يعكس منازل أصحاب هذه الجنات من جهة، ويعني تصرُّفهم المطلق فيها من جهة أخرى.
ويبدو - والله أعلم - أن ﴿ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ ﴾ ليس إلا وصفًا لجنات مخصوصة لفئة مخصوصة من المؤمنين، هم ﴿ السَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ ﴾ فقط، وليس لجنات كلِّ من دخل الجنة. وهذا يعني أن هذه الفئة المخصوصة أعلى مقامًا من عموم المؤمنين الآخرين، وأن جناتهم تقع على الأنهار مباشرة؛ ولهذا أسقطت (مِن) في وصفها، وأما الآخرون، فهم يلُونهم في المرتبة، وقريبون من الأنهار، ولكن ليسوا على شاطئها مباشرة كسابقيهم؛ فوُصفت جناتهم بأنها ﴿ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ﴾؛ لتعكس (مِن) هذه الفاصلَ المكاني، الذي هو فاصل مقامٍ ومنزلة، ولئن جاز لنا التصور فإن جنات الأنبياء عليهم السلام كائنة في وسط الأنهار، وحينئذٍ يكون الأنبياء في مركز الدائرة وحولهم ﴿ السَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ ﴾، وحولهم المؤمنون الآخرون، والله أعلى وأعلم.
﴿ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا ﴾، فقد تكون الثياب خضراء في اللون، وهو لون يبعث راحة وطمأنينة في النفس، ولكن المعنى الذي يكون أقرب إلى دوام النعيم ودوام الشعور به هو أن تكون ﴿ خُضْرًا ﴾ دالةً على الجدة؛ أي: وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا جديدةً، وحينئذٍ يُفسح المجال أمام تنوع الألوان أيضًا ليزيد أهل الجنة بهجة وسرورًا، وكذلك - فيما أحسب - ينبغي أن يُفهم قوله تعالى في سورة الرحمن: ﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ﴾ [الرحمن: 76]، وقوله تعالى: ﴿ عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ ﴾ [الإنسان: 21]، والله أعلم.
6- ﴿ وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا ﴾ [الكهف: 52].
والغريب أن هؤلاء الضالين الذين لم يستجيبوا لله في حياتهم الدنيا - يستجيبون لأمره الصادر إليهم على سبيل التقريع في اليوم الآخر، ﴿ وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ ﴾، وليست استجابتهم هذه في حقيقتها نابعةً من الامتثال والخضوع للأمر؛ بل من فساد الجوهر؛ فهم ما يزالون يعتقدون النفع والنجدة من الشركاء ﴿ فَدَعَوْهُمْ ﴾، وكان حريًّا بهم وقد انكشف لهم بطلان معتقدهم أن يعتذروا لربِّهم عما كانوا فيه من جهل وغَواية حين أمَرَهم بدعوة شركائهم، لا أن يدْعُوهم. وإذ كانت هذه حالهم؛ فقد شهدوا على أنفسهم بدوامهم على الكفر حتى بعد رؤيتهم العيانية لضلالهم، فكان أن أيقَنوا أنهم واردو النار لا محالة ﴿ وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا ﴾ [الكهف: 53].
7- ﴿ قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا * قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا * وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا * قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا * قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا * فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا ﴾ [الكهف: 66 - 71].
تبيِّن هذه الآيات المباركات أدبَ التلمذة وحدَب الأستاذ، فموسى عليه السلام موعود بلقاء الرجل الصالح، ولكنه يستأذنه في اتباعه ليتعلم منه؛ أي: إنه - وهو نبي - يُظهر تواضُعَه للرجل ويُقِر له أنه أعلم منه، وبهاتين الخصيصتين يُستحصل العلم: التواضع مهما كان الشأن عاليًا، ومعرفة الفضل لأصحابه. وتبين أيضًا أن الرجل الصالح لم يحجب علمه، وأنه يبذله بشرطه، وبتبصير (طالبه) بوعورة ما هو مقدم عليه، فأبدى إشفاقه من ألا يتحمل موسى عليه السلام مجرياته، وتِبيانُ مشقة الطريق ينطوي على ضرورة عدم التغرير بالسالك الراغب في معرفة الحق، بل بتبصيره بما سيواجهه، فوعد موسى عليه السلام بالصبر والطاعة، وهما عُدَّةُ طلبة العلم، وبيَّن (الأستاذ) شرطه، وهو أن لكل شيء أوانًا، وأن على موسى أن يصبر إلى أن يأتيه تأويل ما يرى، وانطلق الاثنان بمجرد أن اتفَقا، ولأن صيغة حركتهما مثناة وليست جمعًا ﴿ فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ ﴾؛ فمن المحتمل أن الفتى لم يكن معهما، وربما ظل في مكانه في مجمع البحرين ينتظر عودة موسى عليه السلام.
وبدأ الدرس الأول بمجرد ركوب السفينة التي شرع العبد الصالح في خرقها، ولكن موسى عليه السلام تدخَّل؛ إذ لم يحتمل ما حصل، ولم يسأل العبدَ الصالح عن فعله بالقول مثلًا: لماذا خرقتَ السفينة؟ بل تجاوزه إلى ما هو أشد، فأنكَرَ الفعل بصيغة الاستفهام الإنكاري، وحكم عليه حكمًا سلبيًّا من غير أن ينتظر جواب الفاعل! ﴿ قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا ﴾؟! وتكرر منه الاستفهام الإنكاري والحكم في المرة الثانية أيضًا: ﴿ فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا ﴾ [الكهف: 74]، وأما في المرة الثالثة، فإنه وإن لم يستطع السكوت إلا أنه تمالك نفسه فلم ينكر ولم يحكم، بل أبدى اقتراحًا ﴿ فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾ [الكهف: 77]، ولكن هذا الاقتراح عكس ما يجول في الخاطر من نفاد الصبر، فأصبح (الأستاذ) في حلٍّ من المواصلة بعد أن استنفد الفرص التي منحها "لتلميذه"، وأخبَرَه بالفِراق، وبيَّن له حكمة ما جرى ﴿ قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ﴾ [الكهف: 78].
ولأن الحكمة لم تكن مكشوفة لموسى عليه السلام بعدُ؛ فقد استعمل العبد الصالح عبارة ﴿ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ ﴾ بتكرير التاء في ﴿ تَسْتَطِعْ ﴾؛ ليكون جرس الكلمة بهما وبالطاء دالًّا على المشقة، وقد خفف الكلمة بحذف التاء الثانية بعد تأويل الأحداث ﴿ ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ﴾ [الكهف: 82]؛ للإشارة إلى أن الأمر أخف من المشقة التي أبداها موسى عليه السلام، كما أن لفظة ﴿ تَسْطِع ﴾ كانت أخف من ﴿ تَسْتَطِع ﴾.
وتكررت هذه الكلمة بصيغتي الخفة والثقل في قصة ذي القرنين وبناء السدِّ ﴿ فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ﴾ [الكهف: 97]؛ أما الأُولى - أي: ﴿ اسْطَاعُوا ﴾ - فإنها تعكس الانزلاق الذي يصاحب السعي لتسلق سطح أملس، وأما الثانية - أي: ﴿ اسْتَطَاعُوا ﴾ - فإنها تعكس الجهد المبذول لإحداث ثقب في جسم صلب.
8- ﴿ أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا * وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا * فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا * وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ﴾ [الكهف: 79 - 82].
لقد ذكر العبد الصالح أن كل ما فعله لم يكن عن أمره هو ﴿ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ﴾، ولكنه كان ينفذ إرادة الله ومراده، وقد عبَّر عن هذه الإرادة بثلاث صيغ: أُولاها هي ﴿ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا ﴾، فنسب الإرادة إلى نفسه وكأنها إرادته هو، وكذلك كان حاله في نسبة الفعل؛ لأنه ألحق عيبًا بالسفينة يجعلها غير صالحة للمصادرة، فهو لكمال أدبه مع الله تعالى؛ لم يشأ أن ينسب ذلك العيب إليه سبحانه. وعبَّر في حادثة الغلام بأفعال الجمع ﴿ فَخَشِينَا ﴾... ﴿ فَأَرَدْنَا ﴾؛ مشيرًا إلى توحد إرادته بإرادة الله تعالى الذي هو وحده يقبض الروح ويرزق الولد، ولكن التعبير كان بصيغةٍ تجعل العبد الصالح في الواجهة، وفي هذا أيضًا مراعاة للأدب مع الله تعالى، فالخشية تناسبه هو، وأن قضاء الله بشأن الغلام جرى على يده هو، فصاغ الفعل بما يُظهر نسبته إليه هو. وأما في الحالة الثالثة، فقد نسب الإرادة إلى الله تعالى، واختفَتْ ذات العبد الصالح: ﴿ فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ﴾؛ لأن مجريات هذه الحادثة كانت رحمة خالصة، ولم تحتمل الإيحاء بما من شأنه أن يكون عيبًا أو نقصًا.
وفعَل ذو القرنين بعد الانتهاء من السد الشيءَ ذاته؛ إذ جعل ما فعله رحمة من الله تعالى، فـ ﴿ قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ﴾ [الكهف: 98]، وكذلك هو شعور العاملين المؤمنين بما يقومون به في صالح العباد؛ إذ لا يرون أنفسهم، بل يرون الله تعالى وحده، وإليه ينسُبون ما وفقهم إلى فعله.
أ. د. عباس توفيق





رد مع اقتباس
قديم 12-06-2021, 02:15 AM   #2


نهيان متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  15-07-2013
 أخر زيارة : اليوم (12:12 AM)
 المشاركات : 172,177 [ + ]
 التقييم :  6618102
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
لوني المفضل : Azure
افتراضي



جزاك الله بخير الجزاء والجنه
بارك الله فيك ونفع بك
وجعله في ميزان حسناتك


 

رد مع اقتباس
قديم 12-06-2021, 10:30 PM   #3


بياض الثلج غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1700
 تاريخ التسجيل :  27-12-2019
 أخر زيارة : 02-03-2023 (03:48 AM)
 المشاركات : 2,435 [ + ]
 التقييم :  90
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



يعطيك العافيه على الطرح القيم والرائع
جزاك الله كل خير
وجعله فى ميزان حسناتك يوم القيمه
تسلم الايادى وبارك الله فيك
دمت بحفظ الرحمن
....


 

رد مع اقتباس
قديم 12-07-2021, 12:38 PM   #4


انثى برائحة الورد متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1718
 تاريخ التسجيل :  08-02-2020
 أخر زيارة : يوم أمس (03:27 PM)
 المشاركات : 129,349 [ + ]
 التقييم :  102488
 الدولهـ
Morocco
 الجنس ~
Female
 SMS ~
لوني المفضل : Blueviolet
افتراضي



جزاك الله خيرا
ولاحرمك الأجر


 

رد مع اقتباس
قديم 12-08-2021, 02:56 AM   #5


شايان متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1716
 تاريخ التسجيل :  08-02-2020
 أخر زيارة : يوم أمس (04:59 PM)
 المشاركات : 160,281 [ + ]
 التقييم :  179769
 الدولهـ
Palestine
 الجنس ~
Female
 SMS ~



لوني المفضل : Blue
افتراضي



جَزْاك الله خَير الجًزاء
كُل الشُكْر والتَقْدِير لَك
ولطَرْحِك القَيْم ..
احترامي وَتقْديرْي


 

رد مع اقتباس
قديم 12-08-2021, 11:56 AM   #6


عطر الزنبق متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1482
 تاريخ التسجيل :  27-05-2018
 العمر : 28
 أخر زيارة : يوم أمس (05:04 PM)
 المشاركات : 98,424 [ + ]
 التقييم :  34053
 الدولهـ
Morocco
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : White
افتراضي



بارك الله فيك
وجزاك الله كل خير
على هذا الموضوع القييم
سلم لنا طرحك المفيد
وسلم لنا ذوقــــك
وجعل ماقدمت
بموازين حسناتك


 

رد مع اقتباس
قديم 12-11-2021, 11:14 PM   #7


مٌهُرِة أًلًخُلَيّجٌ ♕ غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1677
 تاريخ التسجيل :  25-10-2019
 أخر زيارة : 02-12-2023 (08:34 PM)
 المشاركات : 2,678 [ + ]
 التقييم :  488
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



جزاك الله خيرا
على الطرح الرائع
اثابك الله الاجروالثواب


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:36 AM

أقسام المنتدى

۩۞۩{ نفحات سكون القمر الإسلامية }۩۞۩ @ ۩۞۩{ الشريعة الإسلامية والحياة }۩۞۩ @ ۩۞۩{ أرصفة عامة}۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون للنقاش والحوار الجاد }۩۞۩ @ ۩۞۩{ مرافئ الترحيب والإستقبال }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سعادة الأسرة بــ سكون القمر }۩۞۩ @ ۩۞۩{ لأنني أنثى نقية }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لـ النكهات المطبخية وفن الوصفات}۩۞۩ @ ۩۞۩{ آفاق إجتماعية في حياة الطفل }۩۞۩ @ ۩۞۩{ الطب والحياة }۩۞۩ @ ۩۞۩{ جنة الأزواج }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لـ الديكور والأثاث المنزلي }۩۞۩ @ ۩۞۩{ متنفسات شبابية في رحاب سكون القمر }۩۞۩ @ ۩۞۩{ لأنني رجل بـ كاريزما }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون صدى الملاعب }۩۞۩ @ ۩۞۩{ عالم الإبداع والتكنولوجيا }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لـ الكمبيوتر والبرامج }۩۞۩ @ ღ مـنـتـدى البـرامــج ღ @ ღ منتدى التصاميم والجرافكس والرسم ღ @ ۩۞۩{ مرافي التبريكات والتهاني }۩۞۩ @ ۩۞۩{ شرفات من ضوء لـ سكون القمر }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لـ الصور والغرائب }۩۞۩ @ ღ سكون قسم الألعاب والتسلية والمرح ღ @ ღ المواضيع المكررة والمحذوفه والمقفله ღ @ ۩۞۩{ محكمة سكون القمر الإدارية }۩۞۩ @ ۩۞۩{ قسم الإدارة }۩۞۩ @ ۩۞۩{ رطب مسمعك ومتع عينيك }۩۞۩ @ ۩۞۩{ القسم السري }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لـ الفعاليات والمسابقات }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لـ السياحة والسفر }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لـ الأخبار المحلية والعالمية }۩۞۩ @ ۩۞۩{سكون اليوتيوب YouTube }۩۞۩ @ ۩۞۩{ تاجك يا عروس شكل تاني }۩۞۩ @ الآطباق الرئسية والمعجنات والصائر @ أزياء ألاطفال @ ۩۞۩{ ملتقى الأرواح في سماء سكون القمر}۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لـ شؤون إدآرية }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لـ الرسول والصحابة الكرام }۩۞۩ @ ۩۞۩{ منتدى المنوعات }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لـ الشخصيات والقبائل العربية والانساب }۩۞۩ @ البرامج وملحقات الفوتوشوب @ ۩۞۩{قسم التعازي والمواساه والدعاء للمرضى }۩۞۩ @ ۩۞۩{سكون لـ تطوير الذات وعلم النفس }۩۞۩ @ ღ خاص بالزوار ღ @ ۩۞۩{ سكون خاص لعدسة الأعضاء }۩۞۩ @ ۩۞۩{ فصول من قناديل سكون القمر }۩۞۩ @ منتدى كلمات الاغاني @ خدمة الاعضاء وتغيير النكات والاقتراحات والشكاوي @ ۩۞۩{ الهطول المميز بقلم العضو}۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لاعجاز وعلوم وتفسير القرآن الكريم}۩۞۩ @ ۩۞۩{ ساحة النون الحصرية }۩۞۩ @ ۩۞۩{ القصيد الحصري بقلم العضو }۩۞۩ @ ۩۞۩{ المقالات الحصرية بقلم العضو }۩۞۩ @ ۩۞۩{القصص الحصرية}۩۞۩ @ ۩۞۩{ متحف سكون ( لا للردود هنا) }۩۞۩ @ ۩۞۩{ دواوين الأعضاء الأدبية }۩۞۩ @ ۩۞۩{ منوعات أدبية}۩۞۩ @ ۩۞۩{ماسبق نشره بقلم الأعضاء }۩۞۩ @ ۩۞۩{الخواطر وعذب الكلام }۩۞۩ @ ۩۞۩{ الشعر والقصائد}۩۞۩ @ ۩۞۩{عالم القصة والرواية }۩۞۩ @ ۩۞۩{ المقالات الأدبية}۩۞۩ @ ۩۞۩{فنجان قهوة سكون }۩۞۩ @ ۩۞۩{ مدونات الأعضاء المميزة }۩۞۩ @ ۩۞۩{ تقنية المواضيع }۩۞۩.! @ ۩۞۩{ نزار قباني }۩۞۩.! @ ۩۞۩{الشلات والقصائد الصوتية }۩۞۩ @ ۩۞۩{ركن الكاتبة شايان}۩۞۩ @ ۩۞۩{ ركن الكاتبة منى بلال }۩۞۩ @ ۩۞۩{ ركن الكاتبة أنثى برائحة الورد }۩۞۩ @ ۩۞۩{ الردود المميزة }۩۞۩ @ ۩۞۩{في ضيافتي }۩۞۩ @ ۩۞۩{كرسي الاعتراف }۩۞۩ @ ۩۞۩{ ركن الادبية عطاف المالكي شمس }۩۞۩ @ ۩۞۩{ سكون لــ الفتاوى والشبهات }۩۞۩ @ ۩۞۩{حصريات مطبخ الأعضاء }۩۞۩ @ قسم النكت @ ۩۞۩{ المجلس الإداري }۩۞۩ @ ۩۞۩{ركن الاديب نهيان }۩۞۩ @ ۩۞۩{سكون لـ الطب والحياه }۩۞۩ @ ۩۞۩{ القسم الترفيهي}۩۞۩ @ ۩۞۩{ مدونات خاصة }۩۞۩ @ ۩۞۩{دواووين شعراء الشعر الحديث والجاهلي }۩۞۩ @ ۩۞۩{ركن الكاتب مديح ال قطب}۩۞۩ @ ۩۞۩{ الخيمة الرمضانية }۩۞۩ @ ۩۞۩{ المسابقات والفعاليات الرمضانية }۩۞۩ @ ۩۞۩{ رمضان كريم}۩۞۩ @ ۩۞۩{ الفتاوي الرمضانية }۩۞۩ @ ۩۞۩{ المطبخ الرمضاني}۩۞۩ @ ۩۞۩{ يلا نٍسأل }۩۞۩ @ قسم الزوار @ مشاكل الزوار @ الارشيف @



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
هذا الموقع يستخدم منتجات Weblanca.com
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

 ملاحظة: كل مايكتب في هذا المنتدى لا يعبر عن رأي إدارة الموقع أو الأعضاء بل يعبر عن رأي كاتبه فقط

دعم وتطوير نواف كلك غلا

vEhdaa 1.1 by NLP ©2009