يشتهر أن الصحابي الجليل بلال بن رباح هو " مؤذن الرسول" صلى الله عليه وسلم، ولكن كان هناك مؤذنون للرسول غير الصحابي بلال لأنه هو الأشهر بينهم.
وكان المؤذنون لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة: اثنان بالمدينة: بلال بن رباح، وهو أول من أذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمرو بن أم مكتوم القرشي العامري الأعمى.
وبقباء: سعد القَرَظ مولى عمار بن ياسر، وبمكة: أبو محذورة، واسمه أوس بن مغيرة الجمحي، وكان أبو محذورة منهم يرجّع الأذان، ويثني الإقامة، وبلال لا يرجع، ويفرد الإقامة، فأخذ الشافعي رحمه الله وأهل مكة بأذان أبي محذورة، وإقامة بلال، وأخذ أبو حنيفة رحمه الله، وأهل العراق بأذان بلال، وإقامة أبي محذورة، وأخذ الإمام أحمد رحمه الله، وأهل الحديث، وأهل المدينة بأذان بلال وإقامته، وخالف مالك رحمه الله في الموضعين: إعادة التكبير: وتثنية لفظ الإقامة، فإنه لا يكررها.
والأصل في قصة الأذان، هو رؤيا الصحابي عبد الله بن زيد، حيث قال: لما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالناقوس يعمل ليضرب به لجمع الناس للصلاة، طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوسا في يده، فقلت: يا عبد الله، أتبيع الناقوس؟ فقال: وما تصنع به؟ قلت: ندعو به إلى الصلاة. قال: أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ فقلت له: بلى، فقال: تقول: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.
قال: ثم استأخر عني غير بعيد، ثم قال: تقول إذا أقمت الصلاة: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.
فلما أصبحت أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته بما رأيت، فقال: إنها رؤيا حق، إن شاء الله، فقم مع بلال، فألق عليه ما رأيت، فليؤذن به، فإنه أندى صوتا منك، فقمت مع بلال، فجعلت ألقيه عليه، ويؤذن به، فسمع ذلك عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وهو في بيته، فخرج يجر رداءه، فقال يا رسول الله، والذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل الذي رأى. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فلله الحمد".
وسعد القرظ مؤذن قباء سمي بذلك، لأن أباه كان يتاجر في " القَرَظ" فسمي بذلك، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأذّن في حياته بمسجد قُبَاء. وروى عنه ابناه عمار وعمر، ونقله أبو بكر من قُباء إلى المسجد النبويّ، فأذّن فيه بعد بلال، وتوارث عنه بنوه الأذان.