مساحة للهمس الرقيق ( عندما يأتي المساء)...

عندما يأتي المساء..

ظلمة تغشى الضياء، تخيم على قلبي، تغتال أنجمي..
تتوسدني نهاية يوم، ساعة، دقيقة، ثانية..
كل الأوقات لا تظل.. إلى زوال، إلى حيث لا نهاية
أعلمها.
اتخفى بليل أرخى سدوله، وأفاق العاشقين جلبة سكونه،
أرخى الأجفان وأغلقها بمصباحه الوهاج، فلا تبصر عيناي
سوى بياض قد خالطه السواد..
شخوص ظلال تتسلق الفكر، تهتك الستر..
تتمايل، تتزايل في اضطراب.
عندما يأتي المساء..
تصرخ أحلامي، تفيق آلامي، قدح بغير زناد..
سهاد بغير رقاد..
تحيلني أمنية، تسألني ألف ألف مرة..
أين ذاك؟ وأين تلك؟ أتراهما ركبا سفائن اليأس ومضيا
إلى غير عودة، أم ركبا أطواق النجاة؟
صمت يخيم بلا هوادة، يحار الفكر في كنه الجواب..
معاناة بحار أضاع هداه، وطفق يسأل موج اليم أين هداه...
أسير في ليل الحنادس ، كيلٌ واكس ، تيه حيث أنا،
لا أبصر أسراري، أغتال أفكاري، أوسدها قارعة المسير..
أسمعها هاتف الطارقين، أسمع غطيطهم، تتعالى أصواتهم،
شخير هادر يقض مضاجع النائمين، فيرجع لي صدى
يتقاطع مع الأصوات.
عندما يأتي المساء..
رغم الصخب، ما زلت هنا، لا أبرح مكاني..
أشتاق همسة حانية، تذكرني أيامنا الخالية..
تذكرني سعادة القلب، ونقاوة النفس..
أنني هنا رغم اليأس، رغم البأس..
أحييها أمسية.