|
ღ المواضيع المكررة والمحذوفه والمقفله ღ يخص كل المواضيع المكررة المنتهي تاريخهاا |
#1
|
|||||||||||||
|
|||||||||||||
وقفة مع حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الشفاعة وحال أهل الموقف
وقفة مع حديث أبي هريرة رضي الله عنه
في الشفاعة وحال أهل الموقف حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي تقدَّم وفيه بيان حال أهل الموقف، وطلبهم للشفاعة، جاء بروايات كثيرة وأحاديث مماثلة، وقد تكون الشفاعات في الحديث متداخلة من حيث الظاهر، فمثلًا جاء هذا الحديث في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه أيضًا، وفيه من الزيادات: " ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا. فَيُقَالُ لِي: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رأْسكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُولُ: رَبِّ أُمَّتِي، أُمَّتِي، فَيُقَالُ: انْطَلِقْ، فَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ بُرَّةٍ، أَوْ شَعِيرَةٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ مِنْهَا، فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ. ثُمَّ أَرْجِعُ إِلَى رَبِّي فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيُقَالُ لِي: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُولُ: أُمَّتِي، أُمَّتِي، فَيُقَالُ لِيَ: انْطَلِقْ، فَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ مِنْهَا، فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ. ثُمَّ أَعُودُ إِلَى رَبِّي فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ. ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا. فَيُقَالُ لِي: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ. وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ. وَسَلْ تُعْطَهْ. وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُمَّتِي. أُمَّتِي. فَيُقَالُ لِيَ: انْطَلِقْ. فَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى، أَدْنَى، أَدْنَى مِنْ مِثْقَالِ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ مِنَ النَّارِ. فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ ". وفيه: "ثُمَّ أَرْجِعُ إِلَى رَبِّي فِي الرَّابِعَةِ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ. ثُمَّ أُخِرُّ لَهُ سَاجِدًا. فَيُقَالُ لِي: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسُكَ. وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ. وَسَلْ تُعْطَ. وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. "فَأَقُولُ: يَا رَبِّ ائْذَنْ لِي فِيمَنْ قَالَ: لاَ إِلٰهَ إِلاَّ الله. قَالَ: لَيْسَ ذَاكَ لَكَ وَلٰكِنْ، وَعِزَّتِي وَكِبْرِيَائِي وَعَظَمَتِي وَجِبْرِيَائِي لأُخْرِجَنَّ مَنْ قَالَ: لاَ إِلٰهَ إِلاَّ الله". وفيه: وَذَكَرَ فِي الرَّابِعَةِ: " فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، مَا بَقِيَ فِي النَّارِ إلاَّ مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ. أَيْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُلُودُ"[1]. وعند البخاري معلقا: " ثم تلا الآية: ﴿ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا ﴾، قال: وهذا المقامُ المحمودُ الذي وُعِدَهُ نَبيكم صلى الله عليه وسلم"[2]. وفي حديث أبي هريرة، وحذيفة رضي الله عنهما: " فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا، فَيَقُومُ فَيُؤْذَنُ لَهُ، وَتُرْسَلُ الأَمَانَةُ وَالرَّحِمُ، فَتَقُومَانِ جَنَبَتَيِ الصِّرَاطِ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَيَمُرُّ أَوَّلُكُمْ كَالْبَرْقِ... "[3]. وللبخاري من حديث ابن عمرَ رضي الله عنهما: " إِنَّ النَّاسَ يَصِيرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جُثًا، كُلُّ أُمَّةٍ تَتْبَعُ نَبِيَّهَا، يَقُولُونَ: يَا فُلَانُ اشْفَعْ، يَا فُلَانُ اشْفَعْ حَتَّى تَنْتَهِيَ الشَّفَاعَةُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَذَلِكَ يَوْمَ يَبْعَثُهُ اللَّهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ "[4]. وعند مسلم من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَنَا أَوَّلُ النَّاسِ يَشْفَعُ فِي الْجَنَّةِ. وَأَنَا أَكْثَرُ الأَنْبِيَاءِ تَبَعًا"[5]. وفي الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لِكُلِّ نَبِيَ دَعْوَةٌ يَدْعُوهَا. فَأُرِيدُ أَنْ أَخْتَبِىءَ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأِمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ"[6]. ولمسلم في رواية: " فَهِيَ نَائِلَةٌ، إِنْ شَاءَ الله، مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لاَ يُشْرِكُ بِالله شَيْئًا"[7]. وبنحو هذا الحديث في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه[8]، ولمسلم بنحوه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه[9]. إذا تأملت هذه الروايات وغيرها مما لم أذكره، وجدت أن الشَّفاعة في أول الحديث تكون لأهل الموقف، وما بلغهم من الهم والغم، فيشفع لهم النَّبي صلى الله عليه وسلم لأجل تخليصهم من الكربات، ولأجل مجيء القضاء والحساب، ثم في آخر هذه الأحاديث تكون شفاعة في دخول أهل الجنة الجنة، وكذا شفاعة في تخليص الموحدين وإخراجهم من النار إلى الجنة. ولا شك أن هذه الشفاعات في ترتيبها الزمني غير مراد هنا، فالشفاعة لأهل الموقف متقدمة جدًا، وبقية الشفاعات متأخرة، فما الجواب عن إشكال ورودها في حديث واحد؟ أجاب العلماء بعدة أجوبة، أحسنها جوابان: الأول: أن هذا تصرف من الرواة والسلف رحمهم الله في جمع الأحاديث تحت موطن واحد؛ لأن مقصودهم من ذلك الرد على الخوارج، ومن تابعهم من المعتزلة؛ الذين أنكروا خروج أحد من النار بعد دخولها. واختار هذا الجمع شارح الطحاوية ابن أبي العز الحنفي رحمه الله، حيث قال: " والعجب كل العجب، من إيراد الأئمة لهذا الحديث من أكثر طرقه، لا يذكرون أمر الشفاعة الأولى، في مأتى الرب - سبحانه وتعالى - لفصل القضاء، كما ورد هذا في حديث الصور، فإنه المقصود في هذا المقام، ومقتضى سياق أول الحديث، فإن النَّاس إنَّما يستشفعون إلى آدم فمن بعده من الأنبياء في أن يفصل بين الناس، ويستريحوا من مقامهم، كما دلت عليه سياقاته من سائر طرقه، فإذا وصلوا إلى الجزاء إنما يذكرون الشفاعة في عصاة الأمة، وإخراجهم من النار، وكان مقصود السلف - في الاقتصار على هذا المقدار من الحديث - هو الرد على الخوارج، ومن تابعهم من المعتزلة، الذين أنكروا خروج أحد من النار بعد دخولها، فيذكرون هذا القدر من الحديث الذي فيه النص الصريح في الرد عليهم " ا. هـ[10]. الثاني: هناك روايات تدل على أن الله - تعالى- إذا أراد أن يشفع لأهل الموقف، أمر أن تتبع كل أمة ما كانت تعبد، وهذا هو أول فصل القضاء، والإراحة من كرب الموقف ويكون معه الحساب، ثم بعد ذلك تأتي الروايات التي في الأحاديث السابقة التي فيها الشَّفاعة، بعد وضع الصراط والمرور عليه، والشَّفاعة بدخول الجنَّة، والشَّفاعة بخروج الموحدين من النَّار، وهذا راجع لاختلاف الرواة في حفظهم لروايات الحديث، فبعضهم حفظ ما لم يحفظ الآخر. ففي الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَجْمَعُ الله النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. فَيَقُولُ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْهُ. فَيَتَّبِعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ الشَّمْسَ. وَيَتَّبِعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الْقَمَرَ الْقَمَرَ. وَيَتَّبِعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الطَّواغِيتَ الطَّوَاغِيتَ. وَتَبْقَى هٰذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا. فَيَأْتِيهِمُ الله، - تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، فِي صُورَةٍ غيرِ صورتِهِ التي يَعْرِفُونَ. فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِالله مِنْكَ. هٰذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا. فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ. فَيَأْتِيهِمُ الله تَعَالَى فِي صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ. فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا. فَيَتَّبِعُونَهُ. وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ. فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُ.... " الحديث؛ وفيه: " حَتَّى إِذَا فَرَغَ الله مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ، وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ بِرَحْمَتِهِ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، أَمَرَ الْمَلاَئِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ لاَ يُشْرِكُ بِالله شَيْئًا، مِمَّنْ أَرَادَ الله - تَعَالَى- أَنْ يَرْحَمَهُ، مِمَّنْ يَقُولُ: لاَ إِلٰهَ إِلاَّ الله.... "[11]، وبه تجتمع الأدلة ويتضح الإشكال، واختار هذا الجمع القاضي: عياض والنووي، وابن حجر - رحمة الله تعالى عليهم[12]، وهذا الجمع أوفق، وأظهر من الذي قبله - والله أعلم -. قال ابن حجر رحمه الله: " قال عياض: فبهذا يتصل الكلام؛ لأن الشفاعة التي لجأ الناس إليه فيها: هي الإِراحة من كرب الموقف، ثم تجيء الشفاعة في الإِخراج، وقد وقع في حديث أبي هريرة - يعني الآتي في الباب الذي يليه بعد ذكر الجمع في الموقف - الأمر باتباع كل أمة ما كانت تعبد، ثم تمييز المنافقين من المؤمنين، ثم حلول الشفاعة بعد وضع الصراط والمرور عليه، فكان الأمر باتباع كل أمة ما كانت تعبد هو أول فصل القضاء والإراحة من كرب الموقف، قال: وبهذا تجتمع متون الأحاديث وتترتب معانيها، قلت: فكأن بعض الرواة حفظ ما لم يحفظ الآخر "[13]. وأستبيحك عذرًا أخي القارئ أن أقطع الترتيب الزمني هنا؛ لأعرض مباحث في الشفاعة وأنواعها، فإن هناك شفاعات متأخرة ليس هذا هو موضعها، ولكن لأجل جمع مسائل الشفاعة تحت هذا الفصل؛ لتتوحد أدلتها، ولحصر المسائل في موضع واحد، ثم بعد ذلك نرجع لما توقفنا عنده، وهو مجيء الله - تعالى- للفصل بين العباد، والكلام عن الحساب. (... يتبع). مستلة من: "فقه الانتقال من دار الفرار إلى دار القرار" [1] رواه البخاري برقم (7510)، رواه مسلم برقم (193). [2] رواه البخاري برقم (7440). [3] رواه مسلم برقم (195). [4] رواه البخاري برقم (4718). [5] رواه مسلم برقم (196). [6] رواه البخاري برقم (6304)، رواه مسلم برقم (198). [7] رواه مسلم برقم (199). [8] رواه البخاري برقم (6305)، رواه مسلم برقم (200). [9] انظر: شرح الطحاوية (ص 255 ). [10] انظر: شرح الطحاوية (ص 285). [11] رواه البخاري برقم (7473)، رواه مسلم برقم (182). [12] انظر: فتح الباري (11/ 438). [13] انظر: المرجع السابق. |
12-19-2024, 02:05 PM | #2 |
|
|
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|